هآرتس: في جنين، بيتا وقريوت، تم دفن الموتى، واسرائيل تثاءبت
هآرتس 8/9/2024، جدعون ليفي: في جنين، بيتا وقريوت، تم دفن الموتى، واسرائيل تثاءبت
ظهر أول أمس جرت جنازة في مخيم جنين للاجئين. ثمانية من الموتى كانوا من ابناء المخيم الذين قتلهم الجيش، وثلاثة ماتوا بشكل طبيعي. جميعهم لم يكن بالامكان دفنهم في الايام العشرية الاخيرة بسبب عملية الجيش الاسرائيلي الوحشية في المخيم. خمس جثث اخرى تم اختطافها من المخيم من قبل الجيش لاغراض خاصة.
في صباح يوم الجمعة خرج الجيش من المخيم بعد انتهاء العملية التي تحمل الاسم السادي “المخيمات الصيفية”. وسكان المخيم بدأوا في العودة الى بقايا بيوتهم بعد المخيم الصيفي للجيش. كانوا مصابين بالصدمة. شخص قال أمس إن المشاهد قاسية جدا، اكثر من المشاهد في عملية “السور الواقي”، ايضا سلوك الجنود لم يكن في أي وقت بهذا العنف مثلما في العشرة ايام الفظيعة هذه. روح الحرب في غزة اصبحت روح العصر في الجيش. من تحدثت معه، جمال الزبيدي، الذي فقد حتى الآن في النضال تسعة من ابناء العائلة المقربين، من بينهم ابنان له، وفي الاسبوع الماضي فقد حمودي ابن شقيقه زكريا الزبيدي. مرة اخرى عاد الى بيته المدمر. مثلما في 2002. في العشرة ايام للعملية اختبأ في بيت ابنته الذي يوجد على الجبل. ثلثا سكان المخيم الذي يبلغ عدد سكانه 12 ألف شخص تم اخراجهم منه. قادوهم في طوابير من اللاجئين تحت مراقبة الجنود مثلما حدث في قطاع غزة.
في الوقت الذي كانوا فيه في جنين يدفنون الاموات اطلق الجنود النار على طفلة في قرية قريوت، بانا البوم (13 سنة) قتلت في بيتها في القرية التي حاول سكانها الدفاع عن انفسهم بعد أن قام المستوطنون باحراق حقولهم. المستوطنون يشاغبون والجيش يأتي ويقتل بالتحديد الفلسطينيين. هذا يسمى في وسائل الاعلام “مواجهات”. من يتم اغتصابه يتشاجر مع مغتصبه، ومن تتم سرقته يتشاجر مع سارقه. بجنون اجهزة الاحتلال فان المعتدي يصبح هو الضحية والضحية هو المعتدي.
في نفس الوقت، غير بعيد عن قريوت، في قرية بيتا اطلق الجنود النار على متضامنة، وهي الناشطة لحقوق الانسان امريكية من اصل تركي ايزنور عزغي ايغي، في مظاهرة جرت ضد المستوطنة الوحشية افيتار التي اقيمت على اراضي القرية والتي كان ثمنها ليس اقل من حياة سبعة فلسطينيين. البيت الابيض اعلن عن “قلقه العميق” بسبب هذا “الموت المأساوي”، لكن الحديث لا يدور عن “موت مأساوي”. مراسل “هآرتس” يونتان بولك قال إنه شاهد أحد الجنود وهو يصوب السلاح من فوق سطح، وبعد ذلك سمع اطلاق نار في الوقت الذي لم تكن فيه أي مواجهات في المكان. “القلق الرئاسي” سيمر بسهولة. الرئيس الامريكي لم يقم بالاتصال مع عائلة المتضامنة مثلما قام بالاتصال مع عائلة غولدبرغ بولين، هي ايضا لن يتم تذكرها كبطلة امريكية مثل هيرش الذي تم اختطافه واعدامه.
في اليوم الذي تم فيه تنفيذ عمليات القتل الاجرامية هذه نشر غوش براينر فيلم (“هآرتس”، 6/9) من سجن مجدوا في ذاك الصباح، وقد ظهر فيه عشرات الفلسطينيين وهم مكبلون ومستلقون على الارض بالملابس الداخلية ووجوههم نحو الارض، والسجانون في مصلحة السجون يمرون بجانبهم مع كلاب تنبح بشكل مرعب، علم اسرائيل يرفرف فوق هذا المشهد المهين، وهو هدية لايتمار بن غفير.
حفنة المصدومين هدأتهم مصلحة السجون بالقول “الحديث يدور عن تمرين روتيني”. هذا روتين. تسلية سائدة في مصلحة السجون. نوع من استقبال السبت للسجانين الساديين.
كل ذلك حدث أول أمس في يوم عادي للعمل. اسرائيل تثاءبت واظهرت اللامبالاة. وقد صدمت من الاعتقال “المثير للغضب” لفتاة يهودية نثرت الرمال على وجه بن غفير، اكثر بكثير من اطلاق النار الذي قتل متظاهرة غير يهودية، مليئة بالقيم السامية التي لا تقل عن الفتاة من تل ابيب.
في مخيم جنين المدمر جلس جمال الزبيدي وحاول احصاء ابعاد الدمار في بيته، الذي تم رمي اثاثه في الشارع من قبل الجنود. لم تكن كهرباء في المخيم والظلام حل عليه. في هذه المرة الزبيدي ظهر يائسا اكثر من أي مرة خلال سنوات تعارفنا. “هم سيعودون ونحن سنعود. سيأتي جيل جديد. هذا الامر لن ينتهي بهذا الشكل”، قال.
انظروا الى ما حدث أول أمس في مخيم جنين وقريوت وبيتا وسجن مجدو. ربما في نهاية المطاف ستروننا.