ترجمات عبرية

هآرتس: في تسوية بين إسرائيل ولبنان بشار الأسد سيكون شريكا هادئا

هآرتس 19/11/2024، تسفي برئيلفي تسوية بين إسرائيل ولبنان بشار الأسد سيكون شريكا هادئا

عودة المبعوث الامريكي عاموس هوخشتين، الذي يتوقع أن يهبط اليوم في بيروت بعد تسلمه رد لبنان على مسودة اتفاق وقف اطلاق النار، يتم تفسيرها بأنها دليل آخر على تقدم حقيقي قبل استكمال الاتفاق. “المناخ الايجابي” و”التفاؤل”، حسب تعبير رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، الذي يتفاوض باسم حزب الله، وتفاصيل كثيرة التي تنشر حول مضمون الخطة، تدل كما يبدو على احتمالية التوقيع “خلال بضعة ايام”. 

للوهلة الاولى بقي “فقط” أمران مختلف عليهما بين اسرائيل ولبنان: مطالبة اسرائيل حرية العمل في لبنان في أي حالة يخرق فيها حزب الله الاتفاق، وطريقة اقامة وتشكيل لجنة الرقابة الدولية. ولكن على الاقل حسب ما نشر في لبنان، فان هناك ايضا حوالي 12 قضية، بعضها تصريحية وتهدف الى الحفاظ على كرامة لبنان كدولة سيادية، وبعضها عملياتية وتحتاج الى التسوية والموافقة قبل التوقيع.

من بين هذه القضايا مطالبة لبنان بمنع اسرائيل من القيام بطلعات المراقبة والتصوير في سماء لبنان، وحق كل طرف، ليس فقط اسرائيل، في الدفاع عن نفسه في حالة الخرق، حيث كل رد من أي طرف سيكون بحاجة الى التشاور مع لجنة الرقابة التي ستكون ملزمة بالتشاور مع الطرفين، تشكيلة لجنة الرقابة لن توسع، وهي ستشمل لبنان، اسرائيل، الامم المتحدة، الولايات المتحدة وفرنسا، قوة اليونفيل ستبقى في اطارها الذي تحدد في القرار 1701، سواء من ناحية الحجم أو الصلاحيات، طلب لبنان عدم السماح لاسرائيل بأن تطلب من لجنة الرقابة الاذن لاقتحام مواقع في لبنان أو العمل ضد نشاطات على اراضي لبنان لأن ذلك سيمثل مس بسيادة لبنان؛ السماح بعودة المهجرين اللبنانيين في الايام الاولى لدخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ من اجل منع اسرائيل من امكانية اقامة في جنوب لبنان منطقة امنية؛ تحرير جميع الاسرى الذين اعتقلتهم اسرائيل في الحرب في لبنان.

طلب آخر للبنان يشمل تعهد بحسبه يكون لبنان له صلاحية حصرية في كل قرار يتعلق باعادة الاعمار، دون أن يكون لاسرائيل حق التدخل في قضايا تتعلق بطبيعة التأهيل، أو المصدر الذي سيمول اعادة الاعمار. هذا بند حيوي بالنسبة لحزب الله الذي يستهدف تمكين ايران من ضخ الاموال لحزب الله بصورة شرعية بذريعة المساعدة في اعادة الاعمار، وهكذا زيادة مكانة الحزب باعتباره جهة تفي بالتزاماتها لمساعدة مواطني الدولة المتضررين من الحرب.

معظم هذه الطلبات، حتى قضية الرقابة وبند حرية عمل اسرائيل، الذي في السابق حصل في اسرائيل على وصف “الدفاع عن النفس”، ليست طلبات ستمنع الاتفاق، لأن اسرائيل ولبنان تطمحان الى التوصل الى التوقيع عليه. ولكن في الديناميكية المعروفة لادارة المفاوضات، التي فيها كل طرف يريد عرض نفسه على أنه الطرف الذي حقق انجازات واجبر الطرف الثاني على التنازل، يتوقع كما يبدو أننا سنكون بحاجة الى مزيد من ايام النقاشات وتبادل الرسائل. خلال ذلك سيتم توضيح الصياغة وتهذيبها وتدقيقها، وبالاساس سيتم تضييعها، وخلالها سيقتل المزيد من الجنود والمدنيين. مهم فقط التذكر بأن الدقة القانونية التي رافقت صياغة القرار 1701 في 2006 لم تساعد كثيرا عندما وضع هذا القرار على محك التطبيق. 

عندما سيتم استكمال الاتفاق سيكون موقع عليه من قبل حكومة لبنان، لكن في جوهره هو اتفاق بين اسرائيل وحزب الله وايران. اتفاق تم اعداده لتقييد بالاساس نشاطات حزب الله في جنوب لبنان والتمكين من عودة المهجرين على جانبي الحدود الى بيوتهم. مكانة حزب الله ومكانة ايران في لبنان كقوى سياسية مهمة يمكنها املاء سياسة لبنان، لا يتوقع أن تتضرر. الجيش اللبناني المعزز يتوقع أن يجند حوالي 6 آلاف جندي اضافي، والاستفادة من زيادة الميزانية من اجل الحصول على السلاح والذخيرة. هذا الجيش سينتشر على طول الحدود، وهكذا سيطبق البنود ذات الصلة المشمولة في القرار 1701 والقرار السابق 1559 من العام 2004، لكن مشكوك فيه اذا كان هذا الجيش يستطيع، أو يتخذ قرار، نزع سلاح حزب الله وتحييد تهديده العسكري الذي يفرضه في داخل لبنان.

هذه يتوقع أن تكون نقطة من نقاط الضعف في الاتفاق. في الواقع حكومة لبنان، ايضا حسب القرارات السابقة، مطلوب منها منع ادخال السلاح والذخيرة الى الدولة باستثناء ما هو مطلوب للجيش اللبناني. ولكن امتحان الدولة وامتحان الاتفاق المتبلور يكمن في قدرة الحكومة على العثور على ووقف انبوب تزويد السلاح الذي سيأتي الى حزب الله من سوريا وعبر البحر. السؤال الذي سيقف امام اسرائيل والدول الضامنة للاتفاق، لا سيما الولايات المتحدة، هو هل ادخال السلاح غير القانوني الى لبنان سيشكل خرق للاتفاق، الخرق الذي سيعطي اسرائيل شرعية رسمية للعمل في لبنان، وبهذا تعريض الاتفاق للخطر. 

روسيا غير مشاركة

من اجل تطبيق هذا البند في الاتفاق يجب على اسرائيل أن تجد “شريك هاديء”، الذي يجلس في دمشق. حتى الآن اسرائيل عملت تقريبا بدون تقييد، بالاساس في سوريا، ولكن ليس فقط فيها، من اجل اغلاق قنوات تزويد السلاح. مؤخرا نشر أنها حتى توجهت الى روسيا وطلبت العمل على منع نقل السلاح من سوريا. رد روسيا كان ردا باردا. المبعوث الروسي في سوريا، الكسندر لبرنتييف، اوضح بأن روسيا رفضت طلب اسرائيل لأن ذلك ليس دورها، وأن هذا الامر “خارج تفويض قوات روسيا التي تعمل في سوريا والتي هدفها مكافحة الارهاب”. اضافة الى ذلك الاستجابة لهذا الطلب ستلزم روسيا باقامة حواجز على الطرق والرقابة على المعابر الحدودية والقيام بالخطوات التي تحتاج الى موافقة نظام الاسد.

اسرائيل من ناحيتها وسعت مؤخرا حدود منطقة هجماتها في سوريا، وقصفت ضمن اهداف اخرى، اهداف في دمشق وفي ادلب وفي حمص وفي حماة، وهي حالات اصيب فيها جنود سوريون. هذا اضافة الى نشاطات محددة في سوريا التي فيها قامت بأسر ناشط في حزب الله أو تفجير منشآت معينة. بصورة استثنائية هاجمت اللاذقية قرب مطار حميميم، الذي يوجد تحت سيطرة روسيا.

الاسد ليس بحاجة الى اشارة سميكة جدا كي يعرف الخطر الذي يشكله وجود ايران في بلاده، أو أن سوريا اصبحت شارع سريع لنقل السلاح من ايران الى لبنان. ولكن اعتماده الاقتصادي على ايران التي توفر له ربع – نصف حاجته من الوقود، وخطوط اعتماد لتمويل نشاطات النظام، لا يمكنه من المطالبة بسحب قواتها. في المقابل، الاسد اوقف معظم محاولات قوة القدس وحزب الله لتحويل سوريا الى منصة لانطلاق الهجمات ضد اسرائيل، وبالاساس هو تبنى سياسة حيادية تجاه الحرب في غزة. ليس فقط أنه لم يشارك بالفعل في “وحدة الساحات” كجزء من “حلقة النار” الايرانية، بل هو ووسائل الاعلام السورية تجاهلوا تماما حماس، وقوات الامن السورية منعت اجراء مظاهرات تأييد في مخيمات اللاجئين في سوريا. عندما فحصت ايران امكانية انتقال قيادة حماس من قطر الى سوريا فان الاسد رفض ذلك بشكل حازم. 

الاسد الذي عاد في السنة الماضية الى “الحضن العربي” والجامعة العربية التي علقت عضوية سوريا فيها في 2011، يسيطر على 70 في المئة من اراضي الدولة بالاساس بفضل المساعدة العسكرية الكثيفة لروسيا وليس بفضل مساعدة ايران. ولكن يمكن أن يكون قد وجد الآن الفرصة لترميم مكانته ايضا امام الولايات المتحدة، بالتحديد بعد فوز ترامب. لأنه ليس فقط الدول العربية استأنفت علاقاتها مع دمشق. مؤخرا صاغت سبع دول اوروبية، على رأسها ايطاليا، مشروع قرار “اعادة فحص سياسة الاتحاد الاوروبي تجاه سوريا”، واستئناف العلاقات الدبلوماسية معها كقناة ستمكن من التخلص من ملايين اللاجئين السوريين الموجودين في اوروبا.

ترامب في الحقيقة كان الرئيس في 2019 عندما تمت المصادقة على “قانون القيصر”، الذي يفرض عقوبات شديدة بشكل خاص على سوريا، لكنه ايضا كان وما زال كما يبدو الرئيس الذي يطمح الى سحب حوالي الـ 900 جندي امريكي الموجودين في سوريا. تحقيق هذه الغاية سيقتضي من ترامب تجنيد مساعدة سوريا وتركيا من اجل حماية سلامة الاكراد في سوريا، حلفاء الولايات المتحدة في حربها ضد داعش. من غير المستبعد أن يقوم ترامب، هاوي “الصفقات الكبيرة”، بـ “اعادة فحص” سياسة امريكا تجاه سوريا، وأن يطرح خطوة ربما لن تبعد ايران من سوريا. ولكنه سيحاول ضمان أن السلاح لن يتم نقله من سوريا الى لبنان، وبالتالي، تحويل الاسد الى “شريك هاديء” في اتفاق لبنان.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى