ترجمات عبرية

هآرتس: في الظروف الحالية لا نتنياهو ولا حماس يريدان صفقة

هآرتس 23/5/2024، عاموس هرئيلفي الظروف الحالية لا نتنياهو ولا حماس يريدان صفقة

على الرغم من أن جزء من المشاهد الفظيعة التي وثقت تم حذفها، إلا أن مشاهدة الفيلم المعاد تحريره والذي تظهر فيه الخمس مراقبات المخطوفات هو حدث صادم. بعد سبعة اشهر ونصف على اندلاع الحرب كشف أمس توثيق صادم للحظة التأسيسية لهذه الحرب – الهجوم الارهابي في 7 اكتوبر – في احد المواقع التي تعرضت للضرر الاشد. القوة المحاربة في معسكر ناحل عوز وجدت نفسها في موقف متدني من ناحية عددة بشكل فظيع، امام مئات مخربي حماس الذين انقضوا عليه بدون أي انذار استخباري مسبق. المخربون قتلوا الجنود، وقتلوا بدم بارد معظم المجندات غير المسلحات اللواتي بقين في المكان.

اغلبية الذين بقوا على قيد الحياة هي مجموعة من مجندات المراقبة اللواتي ظهرن في الفيلم، وهن مصابات وعاجزات، في حين أن رجال حماس يتعاملون معهن كبضاعة وليس كبشر. هؤلاء لسن مقاتلات بل فتيات غير مسلحات، حافيات، بعضهن يرتدين البيجامات، اللواتي أخذن خلال دقائق الى حدث وحشي ازاء اهمال الجيش والدولة.

قضية ناحل عوز موثقة بتوسع في وسائل الاعلام، لا سيما في برنامج كيرن نويباخ اليومي في “كان”. آباء المقاتلات، الاحياء والاموات، يجمعون بعناية كبيرة أدلة وشهادات للهجوم على الموقع. والاستماع لتسجيلات الاتصال لثلاث مراقبات اللواتي كن في نوبة حراسة عند الهجوم ولم ينجين من المعركة، كان تجربة تقشعر لها الابدان. الآن اضيف الى ذلك ايضا مشاهد مرئية. وبصورة معينة هذه المشاهد مقلقة اكثر وحتى أن توثيق لحظات العنف نفسها تم حذف معظمها.

العائلات حصلت على الفيلم قبل شهرين تقريبا من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، العميد دانيال هاجري. هذه عدة افلام تم تحريرها معا في فيلم قصير واحد بعد أن تم العثور عليها في كاميرات كانت موجودة على اجسام مخربي حماس، الذين قتلوا في العملية البرية في شمال القطاع. قبل شهر تم عرض الفيلم بتوجيه من وزير الدفاع يوآف غالنت على وزراء الكابنت الامني. فقط عدد قليل منهم استجاب لمشاهدته (وزير المالية سموتريتش تم اقتباسه عندما قال إنه لا يريد مشاهدة الفيلم كي يتمكن من النوم في الليل). آباء المراقبات الخمسة قرروا الآن نشر الفيلم على الملأ.

العملية استهدفت محاولة التأثير على الرأي العام الدولي، وايضا من اجل اثارة بشكل قليل الجمهور في البلاد. الاجواء في المظاهرات لتحرير المخطوفين تصبح اكثر فأكثر أجواء بائسة، معظم الجمهور يظهر مشاركة متدنية في القضية في حين أن بعض المؤيدين المتطرفين لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ينكلون بشكل منهجي بأبناء العائلات الذين يأتون للمشاركة في المظاهرات، احيانا من خلال استخدام العنف. الفيلم استهدف احداث صدمة. فعرض المجندات بكامل العجز مع الألم المقرون بذلك للعائلات.

كل ذلك يحدث على خلفية الجمود المطلق للمفاوضات. الحقيقة هي أن نتنياهو لا يريد صفقة بالشروط القائمة. وأي عملية اخرى لتحرير سجناء فلسطينيين مقابل مخطوفين يمكن أن تكلفه حل حكومته. هو بصعوبة اقنع شركاءه المتطرفين، سموتريتش وبن غفير، على الموافقة على عدم تخريب الصفقة الاولى التي تم التوقيع عليها في نهاية تشرين الثاني الماضي وكلفت اسرائيل ثمنا ضئيلا. يصعب التصديق أن هذين الاثنين سيوافقان على صفقة اخرى ستكلف في هذه المرة اسرائيل تقديم تنازلات اكبر. الاهم من بينها هو مطالبة حماس الاساسية في المفاوضات، وقف اطلاق النار. بدون ذلك فان قيادة حماس في القطاع لن تضمن بقاءها، ولذلك فانه ليس لديها أي سبب للموافقة. من جهة اخرى، هذا ثمن سيجد ننتنياهو صعوبة في دفعه، لأنه بذلك يعترف بأنه غير قادر على تحقيق اهداف الحرب كما وعد الجمهور. الآن حتى حماس غير متحمسة للدفع قدما بالصفقة لأن قادتها يشعرون أن وضعهم الاستراتيجي تحسن.

المشاورات الاخيرة حول المفاوضات تناولت مسألة اذا كان يمكن مناقشة اقتراح جديد. حماس تضع عقبات امام المفاوضات مع الادعاء بأن عدد المخطوفين الاحياء الذين يوجدون لديها والذين يوجدون تحت فئة الانسانية، التي يمكن أن تكون المرحلة الاولى في الصفقة الجديدة (النساء وكبار السن والمرضى والجرحى)، هو أصغر بكثير، وحماس فقدت الاتصال مع الخلايا التي تقوم باحتجازهم.

في هذه الاثناء يضيع المزيد من الوقت. مجلس الحرب عقد فقط أمس لمناقشة الصفقة مرة اخرى. يمكن الافتراض بأن الرياح في هذه المرة كانت عاصفة اكثر على خلفية التوتر بين نتنياهو الوزير يوآف غالنت والوزير بني غانتس والوزير غادي ايزنكوت، وعلى خلفية انتقاد رئيس طاقم الاسرى والمفقودين، الجنرال احتياط نيتسان الون، ونشر الفيلم. أمس في الوقت الذي عقد فيه مجلس الحرب في القدس اجتمع المئات في مظاهرة لم يتم التخطيط لها مسبقا امام شاعر بيغن على مدخل مبنى وزارة الدفاع في تل ابيب. ايضا امام اجتماع الكابنت تجمع المتظاهرون وطالبوا بتحريك عملية لتحرير المخطوفين. في نهاية الجلسة تم اصدار توجيهات للوفد الاسرائيلي لاستئناف المفاوضات حول عقد الصفقة.

سلسلة ردود نتنياهو على نشر الفيلم كانت مفاجئة. العائلات سلمت الفيلم من اجل بثه في وسائل الاعلام في الساعة السادسة مساء. بعد فترة قصيرة نشر مكتب رئيس الحكومة فيلم، لكنه لم يتطرق أبدا للمخطوفات. في الوقت الذي شاهد فيه المشاهدون مرة تلو الاخرى المخطوفات المضروبات والمهانات فان نتنياهو اختار العودة الى التحدث عن الخلافات حول اقامة الدولة الفلسطينية. مرت ساعة قبل نشر بيان قصير اعلن فيه أنه “مصدوم” من التوثيق في ناحل عوز ووعد بـ “فعل كل شيء من اجل اعادتهن الى بيوتهن”. في الوقت الذي فيه من الواضح للجميع أنه يفعل اقل من ذلك. 

بعد فترة قصيرة تم تسريب لـ “اخبار 12″، بالتحديد في هذا الوقت، بأن نتنياهو يطالب بنشر صيغة قصيرة لـ “فيلم الفظائع” الذي أنتجه المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي عن يوم المذبحة من اجل تسويقه في العالم. ربما الامر الملح لرئيس الحكومة الآن هو اعادة ترميم مكانة الاعلام الاسرائيلي البائسة على خلفية الاحداث في لاهاي. وربما أن شيء ما حوله بحث عن حرف انظار الاعلام من اجل أن ينسى الناس الانطباع الفظيع الذي خلفه فيلم المخطوفات. في هذه الاثناء تم تشغيل صافرة انذار الابواق. أحد روادها اوضح في اذاعة راديو متماهية مع المستوطنين بأنه توجد في الحقيقة أمامنا مؤامرة دولية: امريكا، مصر، غانتس، ايزنكوت، المحتج من كابلان نيتسان الون، عائلات المجندات – جميعهم اتفقوا معا من اجل فرض على نتنياهو البطل صفقة توقف الحرب وتعيد المخطوفين.

هم غير مستعجلين

كل اسرائيلي شاهد أمس الفيلم شعر بالتأكيد بمشاعر مختلطة: الغضب الكبير من وحشية مخربي حماس، خيبة الأمل من الدولة والحكومة التي تخلت عنهم، ذنب معين بأنه مرت فترة طويلة والـ 129 مدني وجندي، عدد كبير منهم اموات، ما زالوا محتجزين في ظروف كارثية في القطاع. ولكن لا يمكن تجاهل مشاعر اخرى مهمة. الامر يتعلق في الحقيقة بأكثر من مجرد المشاعر. 

الامر البارز في الفيلم، الى جانب الخوف من الموت الذي تتم رؤيته على وجوه الفتيات الشابات هو السلوك اللامبالي والواثق للخاطفين. القتلة من حماس لم يكونوا مستعجلين. فهم تحركوا بكسل وعبأوا الرصاص في البنادق وتناولوا الطعام ونكلوا قليلا بالمخطوفات وتفاخروا باحتلال الموقع. ولكن كان من الواضح أنهم لا يشعرون بأن الجيش الاسرائيلي سيأتي على الفور لقتلهم وطردهم من هناك. امور مشابهة حدثت لساعات كثيرة اخرى في كيبوتسات وقرى قريبة، ولا نريد التحدث عن حفلة “نوفا”.

هنا توجد نقطة حاسمة. فهناك اسباب كثيرة للفشل، بدءا من نقل حقائب الاموال لحماس وانتهاء بالانضباط العملياتي الضئيل في عدد من وحدات الجيش الاسرائيلي التي تم نشرها على طول الحدود. ولكن الموضوع المقلق اكثر، حسب رأيي، هو الفترة الطويلة التي استغرقت الجيش في الوصول الى هذه البلدات والاماكن، الى أن بدأ يدير بشكل ناجع هجوم مضاد من اجل تحريرهم وقتل المتسللين. ايضا بعد مرور فترة طويلة نحن حتى الآن لم نحصل على أي تفسير مقنع عما حدث في اليوم الاول. بدون التقليل من فشل الاستخبارات فانه يكمن هنا فشل لا يقل خطرا، وهو أن المسؤولين عن الفشل لا يمكنهم أن يبقوا في مناصبهم لفترة طويلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى