ترجمات عبرية

هآرتس: في الضفة يسود استقرار محدود والتهديد بالاشتعال يأتي الآن بالذات من إسرائيل

هآرتس 30/5/2024، عاموس هرئيل: في الضفة يسود استقرار محدود والتهديد بالاشتعال يأتي الآن بالذات من إسرائيل

مصطفى ابراهيم
ترجمة مصطفى ابراهيم

جنديان اسرائيليان قتلا أمس على المدخل الجنوبي لنابلس في عملية دهس من قبل سيارة فلسطينية. في الجيش يعتقدون أن الامر يتعلق بعملية متعمدة، وفي المنطقة بدأت مطاردة لسائق السيارة التي نفذت عملية الدهس. مع ذلك، خلال ثمانية اشهر الحرب في غزة تقريبا بقيت الضفة الغربية ساحة ثانوية للقتال. الجيش الاسرائيلي نشر فيها قوات كبيرة وبدأ في عمليات هجومية واسعة في جنين ونابلس وطولكرم. ورغم أنه حدثت في المناطق عمليات اطلاق نار كثيرة والفلسطينيون تكبدوا مئات القتلى في الاحداث، إلا أنه يبدو أن الوضع في الضفة الغربية بقي على بعد خطوة من نقطة الاشتعال الشامل. سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله بقيت مستقر نسبيا رغم التماهي الكبير للجمهور في الضفة مع حماس ومع المذبحة في غلاف غزة. ورغم الفساد الكبير والصراع على وراثة الرئيس العجوز محمود عباس، بقيت درجة من السيطرة على الوضع.

النتيجة حتى الآن، من ناحية اسرائيل، كانت اقل خطرا مما ظهر في 7 اكتوبر. وبمعان كثيرة فان السلطة والاجهزة الامنية الفلسطينية تواصل العمل كمقاول من الباطن لاسرائيل لصالح الامن في الضفة. وخوف السلطة الفلسطينية وحركة فتح من حماس، لا سيما الخوف من محاولتها احتلال بالقوة السلطة في الضفة، يفعل فعله. حتى الآن فان الاجهزة تواصل اعتقال اعضاء حماس والجهاد الاسلامي، وهناك درجة من التعاون الاستخباري الذي يؤدي الى احباط العمليات الارهابية ضد الاسرائيليين.

لكن حتى هذا الاستقرار المحدود يمكن أن يتضعضع في الاشهر القريبة القادمة، بالتحديد ازاء خطوات تخطط لها اسرائيل. ومثل عدد كبير من الصعوبات الاستراتيجية التي تعرضنا لها في حرب الاستنزاف المستمرة مع حماس وحزب الله فان سبب ذلك ينبع من الوضع السياسي الداخلي في الائتلاف. هذا يتعلق بالخطط الطموحة لوزير المالية والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، الذي منذ عشر سنوات على الاقل لا يخفي أن هدفه هو تقويض حكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. في الفوضى الحالية هو يلاحظ فرصة ويحاول دفع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الى هذا الاتجاه، وايضا يعمل ضد الاجماع الاستثنائي لكبار قادة الاجهزة الامنية. هذا سيكون نجاح مزدوج بالنسبة لأنه بذلك هو يأمل منع سيناريو آخر يخشى منه اليمين، وهو تدخل السلطة الفلسطينية في ترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة (التي تبدو الآن بعيدة لأن حماس لم تهزم بعد). 

سموتريتش حاول تمرير قرارات تؤدي الى انهيار السلطة قبل سنة تقريبا، في ذروة فترة الانقلاب النظامي. في حزيران 2023 تم عقد الكابنت الامني ومنع اتخاذ قرار حول تغيير السياسة تجاه السلطة والسعي العلني لتقويضها. نتنياهو رغم ضغط اليمين لم يستسلم في حينه لشركائه. الظروف الآن مرة اخرى هي اكثر صعوبة، ايضا على خلفية الوضع الامني. المتغير الاكثر حسما هو قرار الحكومة منع دخول العمال الفلسطينيين للعمل داخل اسرائيل منذ المذبحة في الغلاف. من بين الـ 150 ألف عامل الذين عملوا في البلاد حتى المذبحة فانه فقط 8 آلاف عامل فلسطيني في وظائف حيوية مثل فرع الغذاء والدفن والنظافة، مسموح لهم الدخول الآن (في المقابل، في اعقاب ضغط المستوطنين، تمت المصادقة في مرحلة مبكرة على دخول 10 آلاف عامل من الضفة الى المناطق الصناعية في المستوطنات رغم المخاطرة).

نسبة البطالة في الضفة تبلغ الآن 30 في المئة. وفي اسرائيل الحكومة تناقش خطة لاحضار عشرات آلاف العمال من الخارج، بالاساس لفرع البناء، كبديل دائم للعمال الفلسطينيين. ايضا الحركة بالاتجاه المعاكس محظورة. فقط مؤخرا تقرر السماح بدخول عرب اسرائيل الى الضفة الغربية للتسوق، وهذا عامل حاسم للاقتصاد الفلسطيني، بالتأكيد عندما يكون العمل داخل حدود الخط الاخضر محظور.

في الفترة القريبة القادمة ستتم مناقشة والدخول الى حيز التنفيذ عدة خطوات التي يمكن أن تزيد الاضرار بالسلطة الفلسطينية. في مركز هذا الموضوع يوجد دعم السلطة للسجناء الفلسطينيين الامنيين في السجون الاسرائيلية. هذا طلب قديم لاسرائيل، وقف هذا الدعم، الذي يرتكز الى الادعاء بأن السلطة الفلسطينية تستخدم بهذه الطريقة طريق التفافية لمساعدة الارهاب والتشجيع عليه. الآن هي تحصل على التعزيز على خلفية المذبحة في بلدات الغلاف – لكن تطبيقها سيفاقم الازمة الاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية. اسرائيل سبق لها واتخذت عدة خطوات لتجميد اموال الضرائب (خصم اموال الضرائب للعمال الفلسطينيين ردا على دعم السجناء وتحويل الاموال الى القطاع). مؤخرا تم العثور على مسار التفافي، تحويل الاموال عبر النرويج، لكن اسرائيل ترفض مواصلة ذلك بذريعة أن النرويج اعترفت هي ودول اوروبية اخرى بالدولة الفلسطينية. 

في نهاية السنة يمكن أن تصل السلطة الى عجز يبلغ 30 مليار شيكل (الميزانية السنوية لها هي 19 مليار). السلطة ستجد نفسها غير قادرة على تسديد الديون ولن تتمكن من دفع الرواتب. هكذا تعود الموظفون العامون، بدء برجال الامن وانتهاء بالمعلمين، على التسلم في السنة الاخيرة فقط نصف الراتب في الشهر. في المؤتمرات الاخيرة للدول المانحة لم يتم التوصل الى تفاهمات، وفي هذه الاثناء لا يلوح في الافق أي انعطافة في الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية.

في بداية شهر حزيران القادم يمكن أن يدخل الى حيز التنفيذ قانون تعويض جديد للمصابين في العمليات العدائية، الذي سيمكن كل مصاب في عملية ارهابية من الحصول بشكل تلقائي تقريبا على تعويض من اموال السلطة (10 ملايين شيكل لعائلة القتيل و5 ملايين شيكل لعائلة المصاب). عبء الاثبات بأن الامر لا يتعلق بعملية ارهابية سيكون على السلطة. في موازاة ذلك اسرائيل تقوم بخطوات تصعب على السلطة مواصلة علاقاتها مع البنوك الاسرائيلية. لكل هذه الاسباب التي جزء كبير منها اقتصادي فان السلطة الفلسطينية تقف على شفا الهاوية. في هذه الاثناء يبدو أن الحكومة الاسرائيلية مترددة بين دفعها بعدة خطوات الى الامام رغم تحذير جهاز الامن.

في غضون ذلك تثور عاصفة عامة صغيرة على خلفية اطلاق نار ممنهج لمخربي حماس في طولكرم على مستوطنة بيت حيفر، التي توجد وراء جدار الفصل غرب خط التماس. هذه المستوطنة تعاني من محاولات متكررة لاطلاق النار، وسكانها يشتكون من ضعضعة الشعور بالأمن، على خلفية الخوف من أن المذبحة في 7 اكتوبر ستتكرر ايضا في مستوطنات عيمق حيفر. الجيش الاسرائيلي الذي عمل في الاشهر الاخيرة بشكل عنيف في مخيمات اللاجئين القريبة، طولكرم ونور شمس، يجد صعوبة في هذه الاثناء في مواجهة ما يظهر كتهديد غير معقد بشكل خاص. سموتريتش بالمناسبة، يتعهد بحل بسيط. فقد هدد أمس بتحويل طولكرم الى غزة اذا لم يسد الهدوء.

عبء اكثر ومساواة أقل

طالما أن الحرب في غزة وعلى الحدود مع لبنان ترتدي صورة حرب الاستنزاف، فانه هكذا تتضح تأثيراتها الكبيرة على المجتمع وعلى الاقتصاد. مؤخرا النفوس هائجة بعد أن قام الجيش باستدعاء مئات الفتيات ومجندات احتياط خدمن الخدمة النظامية في الضفة الغربية وتقريبا لم يتم استدعاءهن منذ ذلك الحين للخدمة في الاحتياط، لمهمة حراسة مخربي حماس في السجون الاسرائيلية. الجيش الاسرائيلي القى هذه المهمة مع مهلة قصيرة للفتيات اللواتي لم يجتزن الاعداد المناسب لهذه المهمة. 

الاقل اغضابا من ذلك هو النظرة لجنود الوية الاحتياط الذين تم استدعاءهم مع مهلة لمدة اسبوع أو اسبوعين للخدمة في قطاع غزة. في هيئة الاركان يبدو أنه تم ارتكاب خطأ في التخطيط، وفي اعقاب ذلك تبين أنه للواء المشاة “كرميلي”، الموجود على ممر نتساريم في وسط القطاع، لم يتم اعداد أي بديل عندما سيتم تسريحه المخطط له (القصة نشرها للمرة الاولى المراسل شاي ليفي في موقع “ماكو”). وقد ثارت ضجة كبيرة في اعقابها تسلم آلاف الجنود في الوية مختلفة الأمر 8 للمثول السريع للخدمة. ايضا بعد أن تم الغاء جزء من هذه الاوامر نشأ وضع فيه كتائب خدمت في السابق لاشهر كثيرة في غزة وفي منطقة الشمال، التي ينتظرها تشغيل عملي آخر في الصيف، حصلت الآن على أمر الامتثال للخدمة.

هناك وحدات تتأرجح بدون تخطيط من مكان الى آخر. مؤخرا ظهرت ظاهرة غريبة اخرى، التي فيها الضابطات في السكرتاريا يبحثن في الفيس بوك عن متطوعين لوظائف معينة تنقص الوحدات، منها سائقون وموظفو تكنولوجيا ومعلومات. 

الجيش الاسرائيلي يستخدم الآن في القطاع تقريبا ربع القوات التي عملت هناك في ذروة الحرب. ايضا القوات على الحدود مع لبنان تم تقليصها. هذا العبء تتحمله الآن وحدات قليلة نسبيا، وضغوط كثيرة وتخطيط سيء يصعب على توزيع متساوي ويضر بدافعية الجنود في الخدمة. ويضاف الى ذلك الشكاوى المتجددة، وحتى المتزايدة، على نقص المعدات المناسبة لجنود الاحتياط. متطوعون يعملون في الدعم اللوجستي في الوحدات، الوسائل القتالية والمعدات منذ اليوم الاول للقتال، قاموا بجمع عدة طلبات لوحدات التي تم دمجها مؤخرا لخدمة اخرى في القطاع وفي منطقة الشمال وفي الضفة الغربية. من بين هذه الطلبات فان القادة يبحثون لوحداتهم عن مئات الخوذات التكتيكية والستر الواقية والزي المضاد للحريق لطواقم الدبابات والحوامات. 

في الاشهر الاولى للقتال قال الجيش الاسرائيلي دفاعا عن نفسه بأنه تفاجأ من سيناريو فيه مئات آلاف الجنود تم استدعاءهم للخدمة دفعة واحدة، وكان يتوقع أن يكون نقص محلي، الذي تم حله بعد فترة معينة. الآن عندما اصبح من الواضح أنه ما زالت تنتظرنا حرب استنزاف طويلة فانه يجب الأمل بأن الجيش سينزل الى عمق هذه الادعاءات ويعرض حلول على الارض. هذه ليست مشكلات لا يمكن للمواطنين المتطوعين وجنود الاحتياط حلها بأنفسهم. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى