ترجمات عبرية

هآرتس: في الجيش يتحدثون عن احتمالية حدوث “أيام قتال” مع حزب الله

هآرتس 21/11/2025، عاموس هرئيل: في الجيش يتحدثون عن احتمالية حدوث “أيام قتال” مع حزب الله

بعد اكثر من شهر على اتفاق وقف اطلاق النار، الذي انهى الحرب كما يبدو في قطاع غزة، فان وضع إسرائيل الإقليمي يشبه سطح مكتب الحاسوب الذي تم فيه ترك كل علامات التبويب مفتوحة. رغم الاتفاق الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إسرائيل وحماس، ورغم الإنجازات العسكرية الواضحة في جبهات أخرى، الا انه لم يتم اغلاق أي شيء وبحق.

الإنجازات العسكرية لم تترجم الى اتفاقات سياسية ملزمة. بعد كمية السلاح الهستيرية التي اطلقتها والقتها إسرائيل في ارجاء المنطقة، الا ان معظم مشكلاتها الاستراتيجية بقيت على حالها. الأسلوب المحموم والمتناقض الذي تدار فيه السياسة الخارجية الامريكية، والقيود السياسية المفروضة على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وخوفا مما يمكن ان يعتبره اليمين تنازل وضعف – كل ذلك يصعب على حل المشكلات التي ما زالت مشتعلة. يتجلى عدم اليقين وعدم الاستقرار العميق في كل مكان، الى جانب التراجع الواضح لتاثير إسرائيل في السياسة الامريكية في المنطقة.

العامل الكابح الرئيسي بقي هو الخوف المشترك، الذي تتقاسمه جميع الأطراف في الشرق الأوسط، من ردود فعل ترامب. الى جانب الرئيس جميعهم، حتى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي استقبل بحفاوة ملكية في البيت الأبيض في هذا الأسبوع، يفضلون الحذر. ايضا تحاول قطر وتركيا، المستفيدتان الرئيسيتان من تحركات ترامب في الأشهر الأخيرة، عدم اغضاب الرئيس. المشكلة هي ان الإدارة الامريكية نفسها ما زالت تعاني من فوضى هيكلية، تتارجح حسب اهواء ترامب وتفضيلاته الشخصية، وتتجلى قوة الرئيس في الشرق الأوسط خلافا لتقاعسه في مواجهة الرئيس الروسي فلادمير بوتين، وتتفوق قوته في المنطقة على أي انجاز حققه سلفه جو بايدن. ولكن الأمريكيين يواجهون سلسلة من المشكلات المستمرة، التي يبدو ان الإدارة ليس لديها أي فكرة عن كيفية التخلص منها.

الموضوع الملح الان هو لبنان وليس غزة. قبل بضعة اشهر كان ينظر الى لبنان على انه قصة نجاح أمريكية – إسرائيلية. وعلى النقيض تماما من هجوم حماس على غلاف غزة في 7 أكتوبر، فانه في الساحة الشمالية كانت إسرائيل هي التي بادرت واخطأ عدوها حزب الله في فهم نواياها. النتيجة كانت فشل عسكري كبير لحزب الله. في تموز – تشرين اول 2024 تم القضاء على معظم القيادة العليا في حزب الله، وعلى راسها حسن نصر الله. ويعتبر نائبه نعيم قاسم، الذي استبدله، شخصية شاحبة يصعب عليها تولي منصب القائد. أيضا تضررت القدرة العسكرية لحزب الله بشدة، والأكثر من ذلك هو ان الحكومة والجيش في بيروت، تحت إدارة جديدة، بتشجيع امريكي، ظهروا مستعدين لأول مرة لمواجهة حزب الله ومحاولة نزع سلاحه، على الأقل في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني.

هذا الامل تلاشى في الصيف الأخير. حزب الله تبين انه عدو عنيد وذكي اكثر مما اعتقدوا في واشنطن. هذا الحزب لم يسارع الى الخضوع للضغوط، وفي هذه الاثناء استانف جهود التسلح وزاد حضور رجاله السري، أيضا جنوب نهر الليطاني. إسرائيل ردا على ذلك قامت بتصعيد القصف الجوي، اكثر من 350 مقاتل من مقاتلي حزب الله قتلوا في هذه الهجمات منذ وقف اطلاق النار في نهاية تشرين الثاني السنة الماضية. وتيرة الهجمات وحجمها ازداد في الأشهر الأخيرة. في هذا الأسبوع، بشكل استثنائي، قصف أيضا هدف لحماس في جنوب لبنان، في مخيم عين الحلوة للاجئين قرب صيدا، 14 فلسطيني قتلوا.

للوهلة الأولى كل الدلائل تشير الى تصعيد جديد قريب من الجانب الإسرائيلي. وقد بدأ الجيش الإسرائيلي بالفعل بالتحدث عن احتمالية “أيام قتال”، أي بضعة أيام من المناوشات المركزة مع حزب الله، في محاولة لانعاش جهود فرض القانون ضده. من الواضح ان الحزب سيدخل الى هذا الصراع وهو اضعف مما كان عليه في السابق، لكن قيادته قد تعتقد انه لا يوجد امامها خيار. ومن المستحيل التقليل من الضرر المعنوي الذي سيسببه مثل هذا التصعيد للجبهة الداخلية الإسرائيلية، في ساحة معظم الجمهور فيها توقف عن متابعة ما يحدث فيها يوميا.

في الخلفية لا يمكن تجاهل السلوك السياسي لنتنياهو. تبريره، الذي لا يخلو من المنطق، يعتمد على دروس 7 أكتوبر: إسرائيل لن تضبط نفسها مرة أخرى وتستوعب الأمور إزاء بناء القوة العسكرية لاعدائها، من اجل ان لا تقابل تنظيمات إرهابية نمت ووصلت الى حجم الجيش. ولكن يوجد لرئيس الحكومة كما يبدو اعتبارات أخرى، حيث الانتخابات تقترب.

نتنياهو بانتظام يطور الوعي بوجود عدو خارجي في الفترة التي تسبق الانتخابات: من ايران (دائما) ومرورا بحماس والسلطة الفلسطينية وانتهاء بداعش. في غزة، وربما في ايران أيضا، يديه مقيدة حاليا. الظروف الاقتصادية قاتمة جدا، وهو يفكر الان في إقرار قانون الاعفاء من الخدمة غير الشعبي. وفي هذه الحالة يقيده الحفاظ على اجندة امنية ثابتة في الفترة التي تسبق الانتخابات، حتى لو ذكر الناخبين بانه لم يتم انجاز أي مهمة عسكرية. نتنياهو ما زال يمكنه تقديم نفسه كحامي الوطن، وانه هو الذي هزم ايران وحماس (لنفترض ذلك). لم تبق الا مسالة صغيرة لحسمها في بيروت، ولكنه سيقول من الذي يمكن الاعتماد عليه غيره؟.

اذا وصلنا الى أيام قتال في لبنان، فان المعنى هو ان نتنياهو قد حصل على ضوء اخضر على ذلك من ترامب. لا يجب استبعاد إمكانية انه يوجد هنا استخدام ضغط علني بمصادقة أمريكية، بهدف تحقيق مرونة من قبل الحكومة اللبنانية.

في سوريا، واشنطن بحاجة الى كبح وهي تامل الدفع قدما بخطوات سياسية في القناة الإسرائيلية. رئيس الحكومة قام في هذا الأسبوع بزيارة مغطاة إعلاميا مع وزراء وضباط في المناطق التي احتلتها إسرائيل قبل سنة في هضبة الجولان وجبل الشيخ، بدون تفسير مقنع. هذا يبدو كمحاولة لتسخين هذا القطاع والتلميح للرئيس السوري احمد الشرع بانه لا يوجد حقا ما يدور الحديث عنه رغم التوقعات من واشنطن.

أيضا النافذة الإيرانية غير مغلقة حقا. بعد إنجازات حرب الـ 12 يوم في حزيران الماضي. لقد الحقت إسرائيل ضرر كبير بالنظام ومشروعه النووي، وحصلت على دعم امريكي كبير، وكسرت الحاجز النفسي الذي منعها من مهاجمة ايران لعقدين من الزمن. من جهة أخرى، يبدو ان المرشد الأعلى علي خامنئي لا يظهر أي نية للتخلي عن المشروع النووي، إسرائيل تشعر بالقلق من تجدد انشغال ايران بالبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم، وتشعر بقلق خاص من الوتيرة السريعة لتعافي صناعة الصواريخ البالستية.

ايران ما زالت مكشوفة تماما امام الهجوم، إزاء الاضرار بمنظومة دفاعها الجوي. ازمة المياه الشديدة التي تصل الى درجة انقطاع التزويد لبضع ساعات في اليوم، تضع النظام في موقف محرج امام مواطنيه. ولكن اللمسة الأخيرة المطلوبة هنا هي أمريكية، وهي غائبة حتى الآن. وتتعلق بصياغة اتفاق نووي جديد يجدد الرقابة على تحركات ايران ويبقي النظام على مسافة آمنة من انتاج القنبلة النووية. في ظل غياب اتفاق فانه لا يوجد حديث عن اتفاق بعيد المدى في الملف النووي.

قواعد اللعب الجديدة تجسدت جيدا في لقاء ترامب وابن سلمان في هذا الأسبوع. في وسائل الاعلام الإسرائيلية نشر قبل اللقاء في واشنطن بخوف ان الرئيس من شانه ان يزود السعودية بطائرات اف35 المتقدمة مقابل الدفع قدما بالتطبيع مع إسرائيل (هكذا، المس بمبدأ ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل الذي حرصت كل الإدارات الامريكية عليه لخمسة عقود). تبين ان الامر ليس كما كانت تصرخ: ترامب مستعد بالفعل لبيع الطائرة للسعودية، لكن التطبيع غير مطروح على الاطلاق. ابن سلمان مستعد للمضي قدما في هذا الامر، نظريا، اذا تم تحديد مسار واضح لاقامة الدولة الفلسطينية في غضون خمس سنوات. ترامب مستعد لمنح ولي العهد هدايا أخرى، رغب فيها السعوديون جدا مثل حلف دفاع والموافقة على إقامة مشروع نووي مدني برعاية أمريكية. وهذا سيكون له ثمن أيضا، لكن ليس بالعملة التي تناسب إسرائيل.

الصداقة بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو لم تضعف بالضرورة، بل هي ببساطة يتم وضعها في سياقها الحقيقي في ضوء الانبهار الذي تثيره ميزانيات دول الخليج اللامتناهية في ترامب. أوهام اليمين المسيحاني – السيادة في الضفة الغربية، التهجير، إقامة المستوطنات في غزة – تلاشت تماما. ترامب يستمع لنتنياهو، لكنه هو الذي يحدد القواعد، بالضبط مثلما فرض عليه انهاء الحرب في ايران في شهر حزيران وفي غزة في تشرين الأول.

قبل استكمال صفقة الرهائن الثالثة والأخيرة قدروا في “امان” انه سيكون من الصعب جدا اقناع حماس بالتنازل عن المخطوف الأخير الحي. عمليا، العشرين مخطوف الاحياء تم تحريرهم دفعة واحدة، وبعدهم تمت إعادة جميع الجثث باستثناء ثلاثة، (عدد اعلى بكثير مما كان امتوقعا)، رغم ان الولايات المتحدة وإسرائيل تستمران في الضغط على حماس من اجل العثور على وإعادة الثلاثة الباقين. ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي يقول بان السؤال هو كيف فعل ترامب ذلك، أي ما الذي وعدت به أمريكا، قطر والوسطاء الاخرين، حماس في المقابل؟ المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف سبق له والتقى مع وعانق الشخصية القيادية الرفيعة في حماس، خليل الحية، عشية الصفقة. الإدارة الامريكية الحالية تسمح لنفسها بتقديم بادرات حسن نية ودية لحماس مثلما لم تخطر ببال أي إدارة ديمقراطية في واشنطن.

مجلس الامن مرر في هذا الأسبوع صيغة قرار طلبه الامريكيون، صادق على تشكيل قوة الاستقرار الأمني في القطاع. بدون ان يكون لها خيار، إسرائيل أدخلت من الباب الرئيسي وجود اجنبي الى المناطق الفلسطينية، وهو تنازل حذر منه نتنياهو منذ التسعينيات. هذا ليس مجرد تدويل للنزاع، الذي في حالة نجاح مفاجيء له في القطاع سيكون هناك رغبة في استنساخه أيضا في الضفة الغربية. القرار أيضا يخلق علاقة جديدة بين القطاع والضفة الغربية، وهو توجه آخر حاول نتنياهو وقفه في اطار سياسة “فرق تسد”، التي اتبعها خلال سنين بهدف التفريق بين حماس والسلطة الفلسطينية واثارة النزاع بينهما. هذا يحدث، سواء بواسطة الاعتراف بالخطة الفرنسية – السعودية أو تبني خطة ترامب، التي تعطي السلطة الفلسطينية موطيء قدم في القطاع (مثلا معبر رفح، كما حدث لفترة قصيرة في وقف اطلاق النار في كانون الثاني الماضي) بدون ربط ذلك بالإصلاحات المسبقة.

القوة الدولية ما زالت لغز. الدول العربية والإسلامية ستوافق على ارسال القوات من اجل إرضاء الأمريكيين، لكنها في الوقت الحالي غير مستعدة في أي حال من الأحوال المخاطرة بشعبها داخل نصف قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، حيث يتركز معظم السكان الفلسطينيين. لا احد في الشرق الأوسط يتطوع لنزع سلاح حماس: قد يكون الثمن باهظ على القادة، على جبهتهم الداخلية. لم تحل الإدارة الامريكية هذا التحدي بعد: ربما يكون اشراك قوة فلسطينية بديلة أمر ضروري، لكن يجب ان تكون مرتبطة بالسلطة الفلسطينية (إسرائيل تعارض ذلك، وتخاطر باحتكاك نشط مع حماس. السلطة غير متحمسة لذلك).

مع عدم احراز أي تقدم حقيقي على الأرض حتى الآن فانهم يصورون كبديل مركز التنسيق الدولي الذي أقيم في كريات غات. الامريكيون هم الذين يقررون، وهم أيضا يحرصون على تأكيد ذلك للاسرائيليين، لكنهم يتلمسون في الظلام صياغة الاتفاق الذي سيتم تطبيقه في نهاية المطاف في قطاع غزة. صندوق مساعدة غزة الذي لم يحقق أهدافه في توزيع الغذاء، الذي شهد مجازر جماعية قرب مواقعه اللوجستية لم يختف بالكامل. ما زال نشطاء مسيحيون افنغلستيون ورجال اعمال إسرائيليون وضباط في الاحتياط، معظمهم على صلة بنتنياهو، يثيرون المشاكل.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى