هآرتس: في اسرائيل يعتقدون أن ايران قيدت نفسها بالرد على الهجوم عليها
هآرتس 4/11/2024، عاموس هرئيل: في اسرائيل يعتقدون أن ايران قيدت نفسها بالرد على الهجوم عليها
نافذة الفرص الايرانية آخذة في التقلص. منذ بضعة ايام وكبار الشخصيات في طهران تهدد اسرائيل بهجوم ردا على هجوم اسرائيل الاخير في 26 تشرين الاول الماضي (الذي من ناحيتها كان رد على هجوم سابق لايران في 1 تشرين الاول). في الغد ستجري الانتخابات الامريكية الرئاسية. وكلما اقترب الايرانيون من الانتخابات – قبلها وبعدها ايضا – يبدو انهم يأخذون مخاطرة اكبر. اذا قرروا العمل فان رد اسرائيل يمكن أن يكون شديد. وحسب الاشارات من واشنطن فان هذا الرد سيحصل على الدعم الامريكي.
في الايام التي اعقبت هجوم اسرائيل بذل النظام في ايران جهود كبيرة للتقليل من اهميته وبيع الجمهور في ايران وهم وكأن قصف سلاح الجو قد فشل. ولكن الواقع كان اقرب الى تقديرات اسرائيل بشأن الاضرار الكبيرة في منظومة الدفاع الجوي وخطوط انتاج الصواريخ والمسيرات. هذا ايضا هو الاستنتاج الذي توصل اليه بالتدريج جهاز الاستخبارات ووسائل الاعلام الغربية. وفقا لذلك تغيرت ايضا طبيعة التصريحات العلنية للنظام. الايام الاخيرة وفرت سلسلة طويلة من التصريحات، من الزعيم الاعلى علي خامنئي ومرورا بكبار قادة حرس الثورة وقادة كبار آخرين بشأن انتقام قريب من اسرائيل.
في المقابل، جهات اسرائيلية رفيعة حذرت ايران من رد فوري في مثل هذه الحالة. مصادر اسرائيلية ذكرت بأنه في ظل غياب منظومة دفاع جوي تعمل – هذا نتيجة حقيقية للهجوم الاخير – فان ايران ستجد صعوبة كبيرة في الدفاع عن نفسها. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قال في الاسبوع الماضي في احتفال تخريج دورة ضباط للجيش الاسرائيلي بأن اسرائيل ضربت “البطن الرخوة” لايران والآن توجد لها حرية عمل اكثر من أي وقت مضى في الهجوم هناك. “نحن يمكننا الوصول الى كل مكان في ايران حسب الحاجة”، تفاخر المصدر.
بالنسبة للولايات المتحدة التي تعزز قدراتها الدفاعية والهجومية في الشرق الاوسط (ضمن امور اخرى وصلت الى قطر قاذفات ثقيلة من نوع “بي 52”)، وحذرت ايران من أنها لن تتمكن من كبح رد اسرائيل اذا تمت مهاجمتها. كما نشر في وسائل الاعلام الامريكية فانهم في الادارة الامريكية يقدرون بأن رد ايران سيأتي في هذه المرة من العراق في محاولة لطمس قليلا المسؤولية المباشرة للنظام في طهران عن الهجوم. المليشيات الشيعية التي تمولها ايران في العراق تمتلك صواريخ بالستية ومسيرات وصواريخ كروز. حتى الآن اطلقت مسيرات قليلة نسبيا من العراق نحو اسرائيل. يبدو أن هذا هو السلاح الرئيسي الموجود لديها. هي تستطيع أن تخرج الى حيز التنفيذ هجوم كبير نسبيا، بروحية هجوم 1 تشرين الاول، وان كان هذا سيكون مقرون كما قلنا بثمن تصعيد كبير من ناحية طهران.
في جهاز الامن يقدرون أن ايران قيدت نفسها في الرد، في موعد ما زال غير واضح، ازاء خطورة الضربة التي تكبدتها في الهجوم وبسبب الخوف من أن ضبط النفس سيفسر كضعف في نظر الجمهور في الداخل. استعداد اسرائيل – امريكا يمكن أن يضمن نجاح نسبي في الاعتراض، وحتى الآن الخطر هنا كبير – ورد اسرائيلي الى جانب استغلال الفرصة للمس بموارد استراتيجية ايرانية اخرى، يمكن ايضا أن يطيل ويقوي ويزيد تبادل اللكمات بين الطرفين، الذي يستمر بين حين وآخر منذ اكثر من شهر.
الامر الذي لن يتحقق كما يبدو في نافذة الفرص حتى الانتخابات هو عقد اتفاق لانهاء الحرب في لبنان. الادارة الامريكية ارسلت الى المنطقة مبعوثين، ونشرت توقعات متفائلة، لكن يبدو أن الفجوة في مواقف الطرفين ما زالت جوهرية. هناك الكثير من التفاصيل الصغيرة التي يجب اغلاقها، لكن هناك عائق اساسي يتعلق بطلب اسرائيل اعطاء الجيش حق التنفيذ بالقوة، في حالة أن لبنان خرق الاتفاق (مثلا، اذا عاد رجال حزب الله الى المنطقة في جنوب نهر الليطاني). ورغم أن الجيش الاسرائيلي يعتقد بأنه يقترب من انهاء العملية الاساسية التي خطط لها، تدمير البنى التحتية لحزب الله في خط القرى الاول قرب الحدود، فهناك شك اذا كان يمكن التوصل الى وقف لاطلاق النار في الفترة القربية. الجهود ستتواصل ايضا في فترة “البطة العرجاء”، الشهرين والنصف بين الانتخابات ودخول الرئيس أو الرئيسة الجديد الى البيت الابيض في 20 كانون الثاني القادم.
مصادر اجنبية
محكمة الصلح في ريشون لتسيون مددت أمس اعتقل أحد المتحدثين باسم نتنياهو وهو ايلي فيلدشتاين، واعتقال مشبوهين آخرين، في قضية تسريب المعلومات الاستخبارية من الجيش الاسرائيلي الى مكتب رئيس الحكومة ومن هناك الى وسائل اعلام اجنبية. المحكمة ازالت جزء من اوامر منع النشر في هذه القضية، لكنها ابقت على حالها لمدة بضعة ايام السرية على اسماء عدد من المشبوهين. مشتبه فيه آخر في هذه القضية تم اطلاق سراحه.
القضية التي يتم التحقيق فيها من قبل الشباك تركز على الاشتباه في اخراج معلومات استخبارية حساسة بشكل خاص بملكية الجيش بدون صلاحية. المعتقلون متهمون بنقل المعلومات الى المتحدث، التي حسب الاشتباه نقلت الى وسائل اعلام اجنبية في محاولة للتأثير على مواقف الجمهور الاسرائيلي بخصوص المفاوضات مع حماس حول تحرير المخطوفين. التقدير هو أنه تم تسريب معلومات استخبارية خام من داخل الجيش الاسرائيلي، وجرى تلاعب عليها بحيث تم تشويه جزء من التفاصيل، كجزء من حملة وعي (حرب نفسية) التي وجهت الى الجمهور في البلاد. جهاز الامن يدير عدد غير قليل من حملات الحرب النفسية والتاثير، لكن هذه يمكن أن توجه موجهة للعدو أو لدول اجنبية، وليس من اجل تضليل المواطنين الاسرائيليين.
لكن تحقيق الشباك يركز على موضوع واحد فقط وهو كشف معلومات خام حساسة، التي كان يمكن أن “تحرق” مصادر المعلومات للاستخبارات. هذا هو الفرق بين هذه القضية وبين حالات اخرى من التسريبات، التي تناولت في معظمها اما مواد استخبارية اخرى أو بروتوكولات نقاشات سرية في الطرف الاسرائيلي. الامر الذي اثار الجيش هنا وجعل رئيس الاركان يطلب تدخل الشباك في التحقيق هو الخوف من الاضرار بالمصادر. وللمفارقة فان التحقيق تناول ايضا اشخاص جزء من وظيفتهم هو حماية سرية المعلومات.
منذ تفجر القضية نتنياهو ومؤيدون ومن يخدمونه يُسمعون الادعاء بأن الامر يتعلق مرة اخرى بتطبيق انتقائي تجاهه، الجميع يسربون، بما في ذلك الخصوم السياسيين له وكبار قادة جهاز الامن، لكن فقط هو الذي يلاحقونه وفقط رجاله ينكلون بهم. الجزء الاول من الادعاء يبدو أنه صحيح. هناك عدد كبير من التسريبات اثناء الحرب، ووسائل الاعلام بالتأكيد لا يجب أن تشتكي من ذلك. ولكن تحقيق الشباك يرتكز الى الضرر الذي كان يمكن أن يلحق بمصادر حساسة، الى درجة تعريض للخطر هدف مركزي من اهداف احرب (اعادة المخطوفين)، وربما تعريض حياة المخطوفين انفسهم للخطر. في حين أن وسائل الاعلام ايضا يجب أن تكون قلقة من الاحتمالية المعقولة بأن هذه المعلومات تم تشويهها، وأن هذا الامر هو جزء من عملية حرب نفسية موجهة لمواطني اسرائيل. هذا هو لب القضية. جهود الدعاية والخداع التي تتم ممارستها الآن لا يجب أن تطمس ذلك.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook