ترجمات عبرية

هآرتس: في أزمة سلاح الجو يفضل نتنياهو الولاء السياسي على الكفاءة العملياتية

هآرتس 13-8-2023، بقلم ألوف بن: في أزمة سلاح الجو يفضل نتنياهو الولاء السياسي على الكفاءة العملياتية

ثمة تفسير بسيط لموقف رئيس الحكومة إزاء أزمة سلاح الجو: يفضل نتنياهو الولاء على الكفاءة. يفضل أن يفقد الطيارون الذين أعلنوا عن وقف تطوعهم كفاءتهم ويخرجوا من سلاح الطيران حتى بثمن المس بالقدرة العملية للجيش. ومثل حكام دكتاتوريين آخرين، يبدو نتنياهو مسروراً بتطهير الجيش من ضباط لا يتماهون معه شخصياً وسياسياً، وإذا لجأوا إلى الاستقالة، فذلك أفضل.

من بداية الانقلاب النظامي، صرح نتنياهو تصريحات شديدة تجاه قيادة الجيش الإسرائيلي وتحفظ مما عرضه كموقف لين ومتساهل تجاه مظاهر رفض الخدمة في قوات الاحتياط، وتجاهل نداءات الضائقة بسبب المس بالقوة العسكرية. لقد أهان رئيس الأركان هرتسي هليفي وسد آذانه أمام قائد سلاح الجو تومار بار. من ناحية نتنياهو، تحذيراتهما المتزايدة من مس بالكفاءة التنفيذية تعادل تحريضاً للتمرد ضد الحكومة.

موقف نتنياهو ليس جديداً. من بداية حياته السياسية، رأى في قادة الجيش معارضين سياسيين وشخصيين. قائمة أعدائه في الثلاثين سنة الأخيرة تبدو مثل الكتاب السنوي لمنتدى رؤساء الأركان: من يتسحاق رابين مروراً بإيهود باراك، وأمنون شاحاك، ويتساحق مردخاي، وإريك شارون، وبوغي يعلون، وغابي أشكنازي، وشاؤول موفاز، وعامي أيالون، وبيني غانتس، ومائيير داغان، وغادي وايزون كوت، وحتى خصمه البارز في الحكومة الحالية، وزير الدفاع يوآف جالنت. عدد منهم تعاونوا معه إلى أن تم طردهم وتحولوا إلى أعدائه الألداء. أعداء نتنياهو المدنيين، إيهود أولمرت ويئير لبيد خريجا صحيفة “بمحانيه”، استندوا كثيراً إلى من يلبسون الزي العسكري.

لم يكن الخلاف على أمور شخصية، بل على السياسات أيضاً. في سنوات التسعينيات، عارض نتنياهو تدخل كبار الضباط في بلورة وصياغة اتفاق السلام مع الفلسطينيين وفي المفاوضات مع سوريا، ورأى فيها تعبيراً عن ميل القيادة العليا الأمنية نحو اليسار. عندما عاد إلى الحكم في العقد الماضي، ووجه بمعارضة شديدة من قبل القيادة الأمنية لفكرة قيام إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية في إيران، ولم ينجح في التغلب عليها. كبار قادة الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات يميلون إلى الإصغاء للرياح التي تهب من واشنطن. درس أغلبهم في كليات عسكرية وفي جامعات الولايات المتحدة، ويدركون دعم واشنطن جيداً، وأهميته لكل مكونات الردع والقوة التي تمتلكها إسرائيل.

حتى نتنياهو يدرك أهمية دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بدرجة لا تقل عن غالانت وباراك، ولكنه يفضل أنه يتشاجر علناً مع إدارات ديمقراطية (كلينتون، أوباما، بايدن) وتعزيز دعم “القاعدة” الدينية واليمينية من الداخل. في أوضاع كهذه، يسهل عليه عرض رؤساء جهاز الأمن كأشخاص انهزاميين أيدوا تسليم مناطق من أيام أوسلو وحتى الاتفاق الذي سيكون مع لبنان، وعارضوا الهجوم على إيران، وأيدوا الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى ويؤيدون تعزيز السلطة الفلسطينية ويخافون من محكمة “لاهاي”.

ولكن الخلاف الآن ليس على السياسة الخارجية والأمن، بل على السيطرة السياسية على الجيش وجهاز المخابرات. نتنياهو الذي سأل في الماضي مرشحاً لرئاسة جهاز الموساد: “هل ستكون مخلصاً لي؟”، واختار خصمه – ورفع حجم المراهنة. حكومته الحالية تعارض فكره جهاز خدمة عامة مهني يعمل طبقاً للمصالح الوطنية أو لسلطة القانون. من ناحيتها، الأغلبية الائتلافية تقرر وحدها، وأما الباقون فعليهم الامتثال أو الرحيل.

وهذا هو السبب في أنه حتى إذا ما أعطوه، فلم يكتف نتنياهو بطرد طياري الاحتياط، بل سيواصل تطهيراً عميقاً في صفوف جهاز الأمن. وسيواصل إلى أن يتصرف حتى منتدى هيئة الأركان والأجهزة الموازية له حسب ما تريده قاعدته وطبقاً لعبادة شخصية رئيس الحكومة – مثلما فعل الوزير بن غفير بقيادة الشرطة. وإذا تضررت كفاءة الجيش التنفيذية فسيكون نتنياهو مستعداً للمخاطرة بذلك.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى