هآرتس: فقط يجب ان لا يأتي النصر المطلق، لان نتنياهو بحاجة الى حرب أبدية
هآرتس 26/11/2025، تسفي برئيل: فقط يجب ان لا يأتي النصر المطلق، لان نتنياهو بحاجة الى حرب أبدية
لقد مرت فترة طويلة منذ سمع تعبير “النصر المطلق”. هذا التعبير المثير، الذي تحول من مجرد قول الى احد مباديء الايمان، تلاشى كليا، ولم يعد صالحا حتى كنكتة. يبدو أننا ادركنا بشكل متاخر بان النصر المطلق هو بعيد المنال، بل هو يهدد النظام بشكل مباشر، وبالتالي فانه لا يجب تحقيقه. لأن ذلك يعني أن الحرب انتهت وان جميع اهدافها تحققت، وانه يمكن العودة الى الحياة الطبيعية، حيث يتمتع المواطنون بـ “اوقات فراغ” يمكنهم فيها تخيل المستقبل وبث الأمل والايمان بالتغيير والقدرة على التغيير، مثل تغيير النظام.
لو ان النظام كان يمكنه لانطلقت صافرات الانذار على مسامع المواطنين في كل ساعة ولعرضت خريطة على الشاشات تشير الى المواقع التي يحتمل حدوث قصف فيها، ولفعلت تطبيق قيادة الجبهة الداخلية من اجل تذكير المواطنين بانه حتى لو ظهر كل شيء هاديء ألا أننا في حالة حرب، وانه لا يمكن ولا يجب أن يكون لها تاريخ انتهاء. الامر لا يقتصر على الرغبة في توسيع الاراضي الوطنية والسيطرة على السكان وعلى المناطق التي تم احتلالها، بل الهدف هو السيطرة الكاملة على وعي المواطنين بضرورة الحرب.
على سبيل المثال الحرب في غزة. هل يستطيع أي احد تحديد متى واذا كانت ستنتهي أصلا؟ في البداية حددوا ثلاثة اهداف لها: القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس، ابعادها عن الحكم في غزة، واعداد الظروف لاعادة المخطوفين. فيما بعد اضيف هدف آخر وهو اعادة سكان المنطقة الشمالية الى بيوتهم سالمين. باستثناء اعادة المخطوفين، الهدف الذي عانى من المماطلة والافشال المتعمد، فانه لم يتحقق أي هدف آخر، ليس لانه كان من المستحيل تحقيقه. كان يمكن القيام بازاحة حماس عن الحكم لو أنه لم يتم اثقالها باعباء ثقيلة، تتمثل في معارضة مشاركة السلطة الفلسطينية غير المفهومة في قطاع غزة. كان يمكن ان تؤدي هذه الخطوة الى تشكيل حكومة بديلة والسماح بدخول القوة متعددة الجنسيات والبدء في اعادة اعمار القطاع. ولكن حماس ما زالت تسيطر على نصف القطاع تقريبا، وهي تستعيد قوتها العسكرية بالتدريج، والقوة متعددة الجنسيات ما زالت فكرة نظرية. النتيجة هي استمرار القتال بدون تحديد موعد نهائي.
في الشمال السكان يجدون صعوبة في العودة الى بيوتهم، لان تهديد حزب الله لم يتم رفعه بعد. اسرائيل تدعي وبحق بان الجيش اللبناني لا ينفذ التزامه بنزع سلاح حزب الله. لذلك، هي تقول بان الحرب يجب أن تستمر. الى متى؟ اذا كان الهدف هو جمع كل صاروخ وقذيفة ورشاش ومسدس وقنبلة توجد في يد حزب الله فان المضمون هو ان تستمر الحرب الى الابد، وهكذا ايضا عدم وجود امن لسكان الشمال. ولكن هل هي حقا تستطيع ان تضمن ان اسرائيل ستنجح في تنفيذ نزع السلاح، أو انه ايضا هنا الحديث يدور عن خدعة تهدف الى ترسيخ الوعي بالحاجة الى الحرب وتدجين سكان الشمال المحطمين وجعلهم يؤمنون بان أمنهم يتعلق بذلك؟.
تعويد الجمهور على وضع تكون فيه الحرب الدائمة ضرورة وجودية، هو امر حيوي للنظام، ليس فقط لتنمية والحفاظ على الخوف الذي سيبعد أي فكرة من اجل استبداله – بل ان المجتمع الخائف والمذعور يمنح النظام الشرعية والقوة لاحداث تغييرات عميقة في صورته واقتلاع قيمه وسحق الاسس الديمقراطية في الدولة وترسيخ اعتماد الجمهور على الحاكم، لانه هو وحده القادر على ضمان الامن وتحقيق النصر المطلق.
اسرائيل اصبحت موجودة عميقا في داخل عملية تحولها الى نسخة مشوهة من نفسها. هي على وشك فقدان الامل في التغيير والايمان بحاجتها اليه. لان المعركة على رسم ملامح “اليوم التالي” – التي وعدت بحساب طويل وحاسم لمنفذي الدمار – استبدلت في اسرائيل بضبط النفس والخضوع. وهذه القيم ستبقى لاننا في “حالة حرب”، لكن يجب عدم فقد الصبر لان هذا اليوم سيأتي على الفور بعد “النصر المطلق”.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook



