هآرتس / فقط بعثة مصالحة تجلب الهدنة

هآرتس – بقلم ايال ايرليخ – 14/6/2018
منذ 18 سنة وأنا اتجول هنا مع هذه الهدنة. وهي فكرة تولدت لدي خلال اتصالاتي كرجل اعمال مع شركاء في الدول العربية. والتفكير بواقعهم. الحديث يدور عن اسلوب محترم لتحييد النزاعات الدموية في المجتمع العربي، التي طورتها وكيفتها مع الواقع السياسي لنا خلال عدد لا يحصى من المحادثات مع خبراء في اوساط جيراننا، لقد فهمت الى أي درجة موضوع الشرف هو اساسي في فهم الثقافة الفلسطينية. كتبت عن ذلك كتاب وقابلت زعماء في الطرفين وذهبت الى الاوروبيين والامريكيين الذين يجرون هذه المنطقة – والى الجميع.
ولكن فكرة الهدنة اقوى من اليأس الشرق اوسطي كما يبدو وهي تعود من حين لآخر وتطرح نفسها المرة تلو الاخرى. بشكل خاص الآن حيث الوضع بين اسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة يسارع نحو انفجار آخر، لن يحل شيء. هذا وقت جيد للعودة ووضع الموضوع على الطاولة – على الاقل بالصورة التي فيها رأينا أنا وشريكي في الطريق اياها. الشريك – وهذا مهم – كان عالم النفس الفلسطيني المتوفى د. اياد السراج من غزة. هناك اهمية كبيرة لأن السراج موقع على الخطة، لأنه بالنسبة لمعظم الفلسطينيين كان شخصية مثالية، بطل قومي، وحظي بتقدير كبير من كل الفصائل والمعسكرات. هذه الخطة سياسية كتبت من قبل فلسطيني فخور الذي كان نصب عينيه في المقام الاول مصلحة ابناء شعبه.
السراج كان انسان فريد ونشيط جدا. طبيب نفسي، ليبرالي وشخص له رؤية، تحفظ من العنف والكراهية. وضمن امور اخرى، انشأ في العام 1993 ممثلية حقوق الانسان في فلسطين، وكذلك شبكة عيادات للصحة النفسية التي تعمل حتى الآن في غزة. لقد كان رجل شجاع لم يتردد في انتقاد فساد ياسر عرفات ورجاله. في اعقاب ذلك تم حبسه في غزة في 1995 ومر بتعذيب شديد خلال اسابيع.
في السجن في غزة التقى مع الكثير من اعضاء قيادة حماس، الذين اصبحوا يحترمونه منذ ذلك الحين. في 2007 بعد أن سيطرت حماس بالقوة على القطاع لم يتردد في توجيه انتقاد علني للحركة وادعى أن الانقسام هو كارثة للشعب الفلسطيني. بفضل مكانته الخاصة لم تتجرأ حماس على المس به وسمحت له بمواصلة العمل بحرية.
السراج فاز بجائزة “أولف بالما” السويدية للعام 2010، عن نضاله الدؤوب من اجل المصالحة والسلام بين اسرائيل والفلسطينيين. سنواته الاخيرة حتى موته في 2013 استثمرها في محاولة للدفع بالمبادرة. وأعرف بالتأكيد أنه نجح في اقناع قادة حماس للموافقة عليها.
في الثقافة العربية يوجد نظام تقليدي لحل النزاعات الدموية. نظام فعال لا مثيل له، جاء الى العالم قبل الاسلام بآلاف السنين. استخدام حكيم لهذا النظام يمكن أن يمهد الطريق لحل النزاع. في اساسه تقف بعثة المصالحة: بعثة رجال محترمين ليسوا طرف في النزاع كل هدفهم هو التوصل الى وقف لسفك الدماء.
مبادرتنا تقترح اتفاق مؤقت لمدة ثلاثين سنة، سيتم التوصل اليها بوساطة نشطة من بعثة مصالحة. البعثة يجب أن تتكون من 7 – 10 وزراء خارجية وشخصيات محترمة اخرى لها شهرة دولية. الهدف الفوري للمبادرة هو تشخيص الزعيم الدولي الذي سيوافق على أن يكون “القاطرة” لكل العملية. هو سيكون من يبلور حوله بعثة من الشخصيات المحترمة، ويقنع المجتمع الدولي بأن يعطي فرصة للعملية. وصول بعثة المصالحة الى منطقتنا ستشكل حدث اعلامي كبير في ابعاده.
النتيجة يمكن أن تكون احدى اثنتين: اتفاق صغير – اتفاق موضعي يتطرق الى غزة فقط، أو “اتفاق كبير” اوسع يتطرق الى غزة ومناطق الضفة الغربية. على كل الاحوال، من الواضح أن المصلحة الاسرائيلية هي أن يتم ارفاق كل اتفاق سياسي يتم التوصل اليه مع الفلسطينيين (سواء اتفاق صغير أو كبير) باتفاقات سياسية هامة واختراقية مع دول الخليج. الطموح يجب أن يكون بالطبع التوصل الى اتفاقات سلام كاملة، ولكن ايضا اتفاقات سياسية اقل من السلام سيتم الترحيب بها
في اساس الخطة يجب أن يقف استعداد حماس للتنازل عن معظم سلاحها. وكذلك استعداد لوقف كل نشاط معادي ضد اسرائيل مدة ثلاثين سنة. في المقابل سيحصل الفلسطينيون على امكانية مساعدتهم في اعادة اعمار غزة، وأن يقيموا فيها دولة حديثة توفر للسكان حياة ازدهار اقتصادي وامني. على حماس الموافقة ايضا على تعاون وطني مع فتح، يمكنها من الحديث بصوت واحد امام حكومة اسرائيل. هدف التفاوض مع اسرائيل سيكون التوصل الى اتفاق سياسي يمكن من اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة. اتفاق سياسي طويل المدى الذي هو ليس اتفاق سلام.
الخطة تقترح كما قلنا استخدام افكار وفلسفة النظام التقليدي العربي في حل النزاعات الدموية، القائم على بعثة المصالحة. فعليا بعثة المصالحة هي شرط لازم في الثقافة العربية لحل النزاعات الدموية. لا توجد مصالحة بدون تدخل نشيط من بعثة المصالحة. حسب رأي مبلوري الخطة فان استخدام هذا النظام يؤدي الى تأييد شعبي ساحق للفلسطينيين للعملية.
هم يثقون بالعملية ويعرفون هذا النظام، الذي يتوجه اليهم بلغة الاحترام.