هآرتس: فقط اتفاق سياسي مع لبنان هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم في الشمال

هآرتس 2/12/2024، يغيل ليفي: فقط اتفاق سياسي مع لبنان هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم في الشمال
مشكوك فيه اذا كانت حرب لبنان الثالثة قد ساهمت في تعزيز أمن اسرائيل، في ظل الفراغ الحكومي الذي نشأ في جنوب لبنان. مهم مثلا رؤية ماذا سيكون رد سكان الجنوب الشيعة الذين سيعودون الى القرى المدمرة. هل سينجحون في كبح مشاعر غريزة الانتقام أو ترجمتها الى المس بجيرانهم اليهود؟ من المرجح ايضا أن يجد حزب الله طريقة لزيادة قوته مرة اخرى، حتى لو لم يكن ذلك بالشكل الذي توقعته اسرائيل. الاعداء يختفون فقط عن طريق السياسة.
لكن عدم اليقين لا يعفي الحكومة من قول الحقيقة للجمهور. يوجد امام اسرائيل ثلاثة اساليب عمل بديلة. الاول، الذي يبرزه المتحدثون بلسان الحكومة، هو تطبيق وقف اطلاق النار بشكل حثيث لمنع تهريب السلاح لحزب الله، واستئناف تواجده في جنوب نهر الليطاني. يجب التعامل مع ذلك بجدية. النغمة البارزة في الخطاب الاسرائيلي بعد 7 اكتوبر هي عدم ضبط النفس. بنيامين نتنياهو يتم انتقاده من الوسط – يسار بسبب ضبط النفس قبل الحرب، مثلما يتم انتقاده بسبب موافقته على وقف الحرب في لبنان بدون تكريس الجهود على الهدف الجديد الذي يتمثل بتصفية حزب الله. لذلك، من المرجح الافتراض بأن أي عملية لحزب الله يتم تفسيرها كخرق ستتطلب الرد بالقوة الى أن يتم جعل حزب الله يستأنف اطلاق النار. اذا كان هذا هو السيناريو المتوقع فانه يجب على الحكومة الوقوف امام سكان الشمال والشرح لهم بنزاهة بأن حياتهم حكم عليها أن تكون مثل حياة سكان غلاف غزة في السابق. يجب الافتراض أن السكان الفقراء سيفضلون العودة الى بيوتهم، وسيكون هناك من سيطالبون باعادة التوطن في الوسط.
البديل الثاني هو أنه بالتدريج سيتشكل من جديد نظام للردع المتبادل. وهو النظام الذي تطور منذ انسحاب اسرائيل في العام 2000، ومكن منذ ذلك الحين من ازدهار الشمال. هذا النظام تم الحفاظ عليه بالاساس في يد حزب الله رغم اعداده للهجوم، وبقي رغم خطأ حزب الله في صيف 2006 عندما قام باختطاف الجنود الاسرائيليين، وهو الخطأ الذي اشعل حرب لبنان الثانية. هذا السيناريو لم يكن ليتحقق لو أنه كانت توجد حكومة اكثر مسؤولية. ايضا الجولة الحالية كان يمكن انهاءها بدون تدمير الشمال ومئات القتلى، لو أن اسرائيل عرفت فقط كيف تنهي الحرب في قطاع غزة في الوقت المناسب، في الوقت الذي كان فيه حزب الله يخشى توسيع القتال.
نظام الردع المتبادل يحتاج الى استيعاب الخروقات غير الجوهرية، واستبعاد أي تفكير بالحرب الوقائية عندما ستتعزز مرة اخرى قوة حزب الله. هذا النظام يحسب دائما ثمن الرد: جر سكان الشمال الى جولة قتال اخرى، التي ستعرض للخطر الذين نجحوا في اعادة ترميم انفسهم، التي بالتدريج ستصل الى تل ابيب. ولكن مجرد معرفة أن اسرائيل القوية خائفة يثير الآن المعارضة في اوساط معظم الجمهور اليهودي في اسرائيل.
البديل الثالث يقول بأن اسرائيل ستعمل على تسوية الخلافات مع لبنان، ربما حتى في اطار اتفاق اقليمي واسع، وهكذا سيتم تسريع اندماج حزب الله في النظام السيدسي الجديد في لبنان. هذا السلوك مناقض للعقلية الاسرائيلية بعد 7 اكتوبر، وايضا العقلية التي سبقتها. حيث أنه في نهاية المطاف اسرائيل ساهمت في تقويض سياسة لبنان حتى منذ السبعينيات، لكن يبدو أن هذا البديل هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم.
على أي حال، لقد حان الوقت لقول الحقيقة للجمهور، حتى لو كانت بضاعة غير مطلوبة في الوقت الحالي.