ترجمات عبرية

هآرتس: فخ “الاستيلاء على الأرض” في غزة يضمن حربا أبدية

هآرتس – تسفي برئيل – 4/7/2025 فخ “الاستيلاء على الأرض” في غزة يضمن حربا أبدية

في النشرات الإخبارية تعرض صور لمن يعتبرون رؤساء “حماس الخارج”، من بينهم خالد مشعل، زاهر جبارين، خليل الحية وغيرهم، ومعظمهم لا يعنون أي شيء بالنسبة لمعظم مواطني إسرائيل. هؤلاء هم الأشخاص حسب الراي القاطع للمحللين الذين يجب قطع رؤوسهم اذا رفضت حماس الاقتراح الأخير للصفقة. وكأنه فقط في أيديهم يوجد مصيرهم، وتهديد حياتهم هو وسيلة الضغط المطلق.

قائمة “الزعماء الكبار” الذين قتلهم لم يدفع قدما بتحرير المخطوفين، على رأسهم إسماعيل هنية، نسيت. هكذا أيضا رؤساء الأركان وقادة الفرق ورؤساء أجهزة الاستخبارات وقادة الالوية والكتائب في حماس الذين قامت إسرائيل باغتيالهم بالجملة. خلفهم بقي نوابهم ورؤساء خلايا وقادة مناطق ومدراء انفاق ونواب شخصيات رفيعة ونواب نواب وكل أصحاب المناصب الذين يواصلون احتجاز المخطوفين وإدارة معارك حرب عصابات قاتلة ضد الجيش الإسرائيلي ويقررون متى وهل وباي طريقة ستتقدم الصفقة.

هنا توجد الصعوبة. اذا كانت تصفية رؤساء حماس الخارج هي الوسيلة لتحقيق تحرير المخطوفين فلماذا تطرح المطالبة بنفي رؤساء “حماس الداخل” من غزة كشرط آخر للموافقة على الصفقة؟ لماذا سيوافق رؤساء حماس في غزة على الانضمام الى اصدقائهم في حماس الخارج اذا كانت حياتهم في الأصل مهددة؟.

هذا ليس السؤال الوحيد. الى جانب نظرية التصفية، وهي النظرية التوأم، تقول بان مكبس الضغط على قطر ما زال لم يستخدم بكامل الثقل، وانه فقط التهديد بفرض عقوبات عليها – وهي التي تحمل الصفة الرسمية كحليفة كبيرة للولايات المتحدة، غير العضوة في الناتو، والتي توسطت بين ايران وامريكا من اجل التوصل الى وقف اطلاق النار، ورئيسها الشيخ تميم آل ثاني هو صديق شخصي للرئيس ترامب – سيثمر نتائج. 

قبل سنة تقريبا طلبت إدارة بايدن من قطر ابعاد قيادة حماس الخارج من أراضيها، وأعضاء في الكونغرس الأمريكي طلبوا فرض عقوبات عليها الى ان تعلن قيادتها بانها تنسحب من إدارة المفاوضات. بسرعة تبين انه بدون قطر لا يمكن اجراء المفاوضات مع حماس، وفي نفس الوقت تبين ان رافعة الضغط لقطر على حماس غزة وعلى قرارات القادة الميدانيين في حماس محدودة.

لقد تمت معرفة انه قطر يمكنها التوسط ولكنه لا يمكنها اتخاذ قرارات بدلا من حماس وباسمها، تاثيرها كان حقيقي عندما عملت كصراف الي رئيسي لحماس، حيث قامت بتمويل نشاطاتها وتشغيل جهازها المدني ودفعت رواتب الموظفين والمجندين وساهمت في إعادة اعمار غزة بعد كل عملية عسكرية لإسرائيل. كل ذلك كان باذن وصلاحية الحكومة الاسرائيلية. مثلها أيضا مصر كان يمكنها استخدام أداة تاثير طالما انها كانت تجلس على الصنبور الاقتصادي الذي قام بتغذية قطاع غزة وحماس من خلال معبر رفح. هذه الأداة تم وقفها بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا وعلى المعبر.

النتيجة الان هي ان الولايات المتحدة، بصورة غير مسبوقة، تجري مفاوضات مباشرة مع حماس ولم تسمع ضدها أي شكوى بسبب خرق المبدأ الأساسي الذي يقول بانه لا يتم اجراء مفاوضات مع منظمة إرهابية. حتى ان ترامب لم يعد يمكنه التهديد بفتح باب جهنم على غزة اذا لم توافق حماس على خطة الصفقة. جهنم تقف مكلومة امام ما يحدث في غزة. 

ادعاء اخر في نظرية الضغط يقول ان “نقل” السكان في غزة من الشمال الى الجنوب وتركيزهم في منطقة صغيرة، وهي العملية التي وصفت كسيطرة على 75 في المئة من القطاع، ستمكن إسرائيل من إدارة “حرب ضروس” ضد حماس، وهي متحررة من القيود المدنية، وان هذه العملية ستحرم حماس من السيطرة على الأرض وستبعد تهديدها. ولكن الجيش الإسرائيلي، حسب شهاداته، اصبح قريب جدا من السيطرة على الـ 75 في المئة وربما اكثر، والجنود يستمر قتلهم والمخطوفين ما زالوا في الانفاق، يتنفسون وجبة الاوكسوجين الأخيرة.

اذا كانت السيطرة على الأرض هي نقطة ارخميدس التي تمثل الضغط الذي سيحدثه الانقلاب، فما هي فائدة العملية التي ستنجم عن القضاء على قيادة حماس باستثناء اطلاق سراح الرهائن؟ الجواب المشوش على ذلك يقول بان هذه اهداف منفصلة. المس بقيادة حماس الخارج يرتبط بصفقة المخطوفين. والسيطرة على الأرض في المقابل، تستهدف ابعاد بقايا حماس وضمان امن سكان غلاف غزة. ولكن رئيس الأركان قدر في السابق بان “حماس ماتت”، وقيل لسكان الغلاف ان “المنطقة آمنة”، وأنه لا يوجد ما يمنع عودتهم الى بيوتهم.

هذا الادعاء لا يشمل فقط تناقض داخلي، بل هو يطرح رؤية استراتيجية خطيرة تقول بان تواجد الجيش الإسرائيلي في المناطق التي احتلها في القطاع هو الحل الشامل الوحيد وبعيد المدى للتهديد الأمني لحماس. هذه النظرية المحدودة تتجاهل ان التهديد الذي يتطور في غزة لا يستند فقط الى بقايا حماس او الامكانية الكامنة في سيطرتها المدنية في القطاع.

في غزة يعيش اكثر من مليوني شخص، الذين مروا ويمرون بالكارثة الأكثر قسوة في حياتهم وفي تاريخ الشعب الفلسطيني، التي لا يمكن قياسها بعدد القتلى الذي يتراوح 50 – 100 ألف شخص؛ مئات آلاف المصابين والمعاقين والايتام والارامل؛ او بتاثير الجوع الشديد والامراض وفقدان المستقبل الشخصي لجيل بأكمله. هذه الصدمة الوطنية لا يمكن ان تتعافى بمساعدة عشرات او مئات شاحنات المساعدات الإنسانية او رزم الغذاء، التي مقابل الحصول عليها دفع سكان غزة حياتهم. غزة هي الأرض الخصبة التي تنمو فيها المقاومة الوطنية، وهي فقط ستزداد وتتعاظم وتصبح كفاح مسلح، الذي سيتعين على إسرائيل محاربته بشكل دائم ودموي.

ربما ان هذه المقاومة لن تسمى حماس او الجهاد الإسلامي. فبدلا منهم ستنشأ تنظيمات، عصابات ومليشيات، لن تحتاج الى صواريخ بعيدة المدى أو مسيرات متفجرة. عندما يكون العدو بينهم فان السلاح الخفيف الموجود بكمية كبيرة والقنابل اليدوية والعبوات الجانبية المرتجلة ستكون هي وسيلة القتال الناجعة لهم. إسرائيل عندها ستكتشف، ليس للمرة الأولى، بان احتلال الأرض كان المرحلة الأكثر سهولة في الحرب، بالضبط مثل ما واجهه الجيش الأمريكي وبحق في أفغانستان والعراق ومثل ما واجهته إسرائيل خلال 18 سنة في لبنان.

يمكن الحلم بالطبع بـ “حل نهائي”، الذي سيطرد كل سكان القطاع الى “أماكن جميلة”، كما حلم الرئيس الأمريكي ترامب؛ والحلم بـ “الهجرة الطوعية” و”نقل جغرافي خارج الحدود” أو “فتح جدار الفصل مع مصر”. الاستطلاعات بالتأكيد “ستثبت” ان معظم سكان القطاع معنيون بالانتقال الى سويسرا، او على الأقل الى اندونيسيا. في نفس الوقت يجب التذكر أيضا بان هذه العملية يمكن ان تؤدي ليس فقط الى موت التطبيع مع السعودية، بل حتى ربما تصفية اتفاقات السلام مع مصر ومع الأردن.

الافتراض الواقعي يجب ان يعتمد على انه في المستقبل القريب سيواصل سكان غزة العيش في خيام وان دولة إسرائيل ستتحمل المسؤولية عن توفير احتياجاتهم، والجيش الإسرائيلي يجب عليه إدارة ما بقي من “نسيج حياتهم”. حتى الان إسرائيل فشلت بصورة جارفة في كل ما يتعلق بالمعالجة الإنسانية الأساسية. “صندوق المساعدة الإنساني لغزة”، الذي لا تؤكد إسرائيل على انها تموله، اقام مراكز توزيع للطعام التي أصبحت ساحات قتل؛ الخدمات الصحية هي مفهوم نظري في القطاع؛ وعصابات مسلحة عنيفة أصبحت “قوة حماية” برعاية إسرائيلية.

نحن ما زلنا نذكر التنبؤات الكاذبة التي بحسبها تحت الضغط الإسرائيلي سيثور الجمهور الفلسطيني ضد حماس وسيسقط حكمها. هل استعدت إسرائيل لاحتمالية ان نفس هذا الجمهور الفلسطيني، الذي لم يعد لديه ما يخسره، ولكنه مستعد لأن يُقتل من اجل الحصول على كيس طحين أو علبة تونا، سيخرج بجموعه ضد قوات الجيش الإسرائيلي؟ هذا هو معنى الفخ القاتل الذي يسمى “الاستيلاء على الأرض”. لا يوجد لإسرائيل أي خطة عمل أو خطة تترجم “الاستيلاء على الأرض” الى سيطرة مدنية محلية لن تلقي على إسرائيل المسؤولية عن إدارة القطاع. هي حتى لا تعرف كيفية إدارة القطاع اثناء وقف اطلاق النار، اذا تحقق، لكنها مستعدة لحرب أبدية.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى