هآرتس: فتوى محكمة العدل في لاهاي هي خطوة مهمة في الطريق الى انهاء الاحتلال

هآرتس 21/7/2024، ايال غروس: فتوى محكمة العدل في لاهاي هي خطوة مهمة في الطريق الى انهاء الاحتلال
اثناء عمله كمستشار قانوني للحكومة قال مئير شمغار (الذي اصبح بعد ذلك رئيس المحكمة العليا) بأن “الاحتلال هو وضع واقعي”، الذي في ظل غياب أي بديل سياسي أو عسكري يمكن من ناحية قانونية أن يستمر بشكل غير محدد بزمن. قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي أول أمس رفض هذا الموقف ومعه الادعاء القانوني الاسرائيلي بشأن “مؤقتية” الاحتلال، التي تسمح له بأن يواصل العثور على تسوية. تجدر الاشارة الى أنه تم التخلي عن هذا الادعاء بدرجة كبيرة، حتى من قبل الحكومة الحالية التي تعبر عن الرغبة في السيطرة على المناطق الى الأبد وليس بشكل مؤقت. ولكن قانونيا كان هذا الاساس لسيطرة اسرائيل على المناطق. الفتوى الاستشارية التي تناولت الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة التي تسمى في القانون الدولي “الاراضي الفلسطينية المحتلة” نصت على أنه في حين عدم وجود قيد زمني على الاحتلال فانه لا يمكن أن يكون صورة من السيطرة غير المحددة زمنيا. “الاحتلال يجب أن يكون مؤقت”، أكدت المحكمة. هذا وضع مؤقت جاء نتيجة احتياجات عسكرية، ولا يعطي السيادة للدولة المحتلة. اضافة الى ذلك يجب على الدولة المحتلة ادارة المنطقة لصالح السكان المحليين.
المحكمة قامت بقلب كل حجر في الطريق من اجل التوصل الى استنتاج بأن اسرائيل تقوم بخرق هذه القوانين. فقد قامت بفحص الطريقة التي فيها سياسة الاستيطان لاسرائيل، التي تخرق الحظر الذي يوجد في ميثاق جنيف على الدولة المحتلة لنقل سكانها الى الاراضي المحتلة، هي جزء من نظام يضم على الاقل جزء من المناطق لاسرائيل. هذا الضم ينعكس في أن اسرائيل تفرض القوانين بصورة جزئية في الضفة الغربية (بالنسبة للمستوطنين والمستوطنات)، وفي شرقي القدس (الذي تعتبره المحكمة جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة). المحكمة قالت إن سياسة الضم تناقض مباديء القانون الدولي التي تطالب بأن يكون الاحتلال مؤقت، وتحظر على الدول السيطرة على مناطق جغرافية بالقوة.
المصادرة الواسعة للاراضي من قبل اسرائيل، وسياسة المياه المميزة، تعتبر سلب للفلسطينيين وتخرق واجب ادارة المنطقة لصالح السكان المحليين. المحكمة تطرقت ايضا الى سياسة التخطيط المميزة لاسرائيل وهدم بيوت الفلسطينيين. وحقيقة أن اسرائيل لا تقوم بمنع أو معاقبة عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين احتلت مكانا رئيسيا في تحليل الطريقة التي تخرق فيها اسرائيل واجبها في العمل من اجل السكان المحليين.
المحكمة تطرقت ايضا الى السياسة والتشريعات المميزة لاسرائيل في المناطق. فقد قالت إن سياسة اسرائيل هي تمييز بنيوي وتخرق حظر “التصنيف” (الفصل) أو “الابرتهايد”، كما تم تعريفه في الميثاق الدولي لمنع التمييز العنصري. ولكنها لم تحدد اذا كان الوضع هو “فقط خرق لحظر الفصل أو أنه يصل الى مستوى الابرتهايد”. ربما هذه الضبابية متعمدة وتعكس الرغبة في التوصل الى اتفاق واسع بين القضاة على صيغة القرار.
كل ذلك قاد المحكمة للتقرير بأن استمرار الوجود غير المحدد زمنيا والضم وتمييز اسرائيل في المناطق، يخرق حق الفلسطينيين في تقرير المصير، ويخرق حظر امتلاك منطقة جغرافية بالقوة. لذلك، جوهر القرار واضح جدا وهو أن التواجد المستمر لاسرائيل في المناطق غير قانوني، وأنه يجب عليها العمل على انهاء هذا التواجد “في أسرع وقت” ووقف “على الفور” أي نشاطات استيطانية جديدة. التناقض بين هذين التأكيدين واضح. من جهة، المحكمة رفضت قول أن اسرائيل يمكنها مواصلة السيطرة في المناطق بشكل غير محدد زمنيا، وأن الاحتلال يمكن أن يستمر الى أن يوجد حل سياسي أو عسكري بديل أو التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين واسرائيل. في المقابل، المحكمة لم تأمر اسرائيل بانهاء الاحتلال بشكل فوري، بل “في أسرع وقت”، وهذه صيغة ربما حتى أنها تعكس تسوية بين القضاة.
لكن هذه الضبابية لا يمكنها اخفاء جوهر ما أكدت عليه المحكمة وهو أن الاحتلال ليس “وضع واقعي” فحسب، بل هو ايضا وضع “معياري”. الاحتلال الاسرائيلي الذي يتميز بالمستوطنات وتجريد السكان المحليين من ممتلكاتهم وممارسة الضم وحرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير، كل ذلك يخرق المعايير التي توجد في مركز قوانين الاحتلال، لذلك يجب انهاءه. قانونيا اسرائيل لم تعد تستطيع الادعاء بأن “الاحتلال مؤقت” وأنه يمكن أن يستمر الى حين التوصل في المستقبل غير المنظور الى اتفاق. حقيقة أن اسرائيل لا تتصرف في المناطق كما هو مطلوب وأنها تقوم بضمها (على الاقل فعليا) وتجريد السكان المحللين من ممتلكاتهم وطردهم، الذين تخضعهم لنظام تمييزي، هي حقيقة غير جديدة. ولكن الآن اعطيت مصادقة قانونية بأن هذا الوضع غير قانوني ولا يمكن أن يستمر “الى حين التوصل الى اتفاق”.
في العام 1971 عندما قررت المحكمة الدولية بأن استمرار وجود جنوب افريقيا في ناميبيا غير قانوني، كتبت “المحكمة تعترف بأن قول “وضع غير قانوني” لا يؤدي بحد ذاته الى انهائه. هذا القول يمكن أن يكون فقط الخطوة الاولى، الحيوية، في الجهود لانهاء الوضع غير القانوني”. هذه الاقوال تدوي وهي ذات صلة ايضا الآن.