ترجمات عبرية

هآرتس: غياب التقدم في قطاع غزة يؤثر على حدود الشمال وإسرائيل قريبة هناك من فقدان السيطرة

هآرتس 3/6/2024، عاموس هرئيلغياب التقدم في قطاع غزة يؤثر على حدود الشمال وإسرائيل قريبة هناك من فقدان السيطرة

بعد القنبلة التي قام الرئيس الامريكي بالقائها في نهاية الاسبوع الماضي، فان اطراف المواجهة دخلت مرة اخرى في قطاع غزة في حالة الانتظار. بايدن، كما عمل رجاله على التوضيح منذ خطابه، في الحقيقة استند الى وثيقة تمت المصادقة عليها في مجلس الحرب الاسرائيلي وحصلت على موافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الاسبوع الماضي. اقتراح التقدم ارتكز على ما تم الاتفاق عليه في السابق بين دول الوساطة رغم أنه توجد فجوات في التفسير بخصوص الانتقال بين مراحل الصفقة المقترحة. بدرجة كبيرة فان عملية الادارة الامريكية استهدفت الصاق بنتنياهو في نظر الجمهور الاسرائيلي نفس التفاهمات التي وافق عليها في المحادثات خلف الكواليس. 

هذا لا يزعج نتنياهو، في عدة بيانات واحاطات في محاولة للحفاظ على مسافة آمنة من التفاهمات والتوضيح أنه ينوي مواصلة القتال ضد حماس الى حين تفكيكها وتدميرها، دون صلة باعادة المخطوفين. شركاؤه في الحكومة من اليمين المتطرف اصدروا بيانات رفضت خطاب بايدن وهددوا بالانسحاب من الائتلاف اذا تم قبوله. ايضا وزراء واعضاء كنيست من الليكود تحدثوا ضد التفاهمات، مع تجاهل أن رئيس الوزراء التزم بها في السابق. ومثلما في السابق فانه ربما قيادة حماس في القطاع ستحل هذه الورطة لنتنياهو. بدلا من تبني العرض الذي حسب الغمز الامريكي سيضمن لهم انهاء الحرب رغم تهديدات نتنياهو، فان حماس تمط الوقت كالعادة. مجلس الحرب عقد أمس في القدس وهو ما زال ينتظر الرد من غزة.

إن غياب التقدم في الجنوب ينعكس على تفاقم الوضع في الشمال. الولايات المتحدة تعول على وقف اطلاق النار في غزة كنقطة انطلاق لاتصالات كثيفة تؤدي الى وقف اطلاق النار لفترة طويلة بين اسرائيل وحزب الله في لبنان. ولكن في غضون ذلك فان النار في الشمال ما زالت مشتعلة. المواجهة مع حزب الله، كما يشعر بذلك مواطني اسرائيل، تشمل اضرار كبيرة ومنهجية لمواقع الجيش والمستوطنات على طول الحدود مع لبنان نتيجة اطلاق الصواريخ ومضادات الدروع والمسيرات. عدد الخسائر في الجانب الاسرائيلي غير كبير اذا أخذنا في الحسبان حجم اطلاق النار، لكن الاضرار المعنوية كبيرة. بالنسبة لكثير من الاسرائيليين فان الدولة اهملت وتخلت عن الحدود الشمالية وتركتها لحزب الله: ليس فقط أنه تم اخلاء 60 ألف مواطن، بل إن حزب الله يستمر في القصف في العمق الاسرائيلي (مؤخرا تسمع بشكل ثابت صافرات الانذار ايضا في عكا، اضافة الى الجليل الاعلى والجليل الغربي وهضبة الجولان). في الخلفية، لا يبدو أن هناك أي شيء مما يفعله الجيش ينجح في ردع حزب الله.

أمس اندلعت حرائق كبيرة في كتسرين، في وسط الجولان، بعد قصف من لبنان. لا يمكن نسيان العطلتين الاخيرتين اللتان قضاهما الزوجين نتنياهو في الصيف الماضي هناك، قبل بضعة اسابيع على اندلاع الحرب. في واحدة منهما اهتم رئيس الحكومة بالتقاط صورة وهو يضع نظارات بلون وردي، حتى لو كان في حينه من الصعب استيعاب الرسالة التي قام مستشاروه بتسويقها، حيث في الخارج تأججت النفوس حول الانقلاب النظام، الآن بنظرة الى الوراء، هذا ظهر كخداع مطلق.

في القتال في الشمال فان نسبة الخسائر في الطرف اللبناني أعلى بكثير (حزب الله أحصى في السابق 330 قتيل في صفوفه)، عدد المدنيين الذين تم اخلاءهم من منطقة الحدود ضعف العدد في الجانب الاسرائيلي. وحزب الله فقد الكثير من البنى العسكرية قرب الحدود. الكثير من الاسرائيليين شاهدوا وهم في حالة صدمة صور الدمار في قيادة اللواء القطري 769، بعد اصابتها بصاروخ بركان في نهاية الاسبوع الماضي. في نفس اليوم نشر في الانترنت فيلم من القرية الشيعية عيتا الشعب، قبالة موشاف زرعيت. الدمار هناك الذي تسبب به الجيش الاسرائيلي يُذكر بما حدث في غزة. عمليا، عدة مرات اسرائيل هي التي تهاجم في العمق، في منطقة البقاع في لبنان. وفي بعض الحالات فان القصف الشديد لحزب الله هو رد على احداث قتل فيها الجيش الاسرائيلي بالقصف مدنيين في لبنان. الطرفان يحاولان ايضا بشكل عام عدم المس بالمدنيين، وتركيز النيران على القوات العسكرية. هذا الامر لا ينجح دائما والامور لا تكون هكذا في حرب شاملة، التي سيكون فيها الدمار كبير جدا بدرجة لا يمكن تقديرها. 

الجمهور في اسرائيل غير مقتنع أن الجيش الاسرائيلي في وضع متفوق. الضغط الاعلامي على الحكومة وعلى هيئة الاركان من اجل “فعل أي شيء” يزداد. يمكن تفهم ذلك، والاخطر من ذلك هو وضع السكان. فقد تم الحكم عليهم بالنفي لثمانية اشهر بعيدا عن بيوتهم، وفي هذه الاثناء لا يوجد أي موعد هدف لعودتهم، باستثناء أمل غامض بأن الحل في غزة سيؤدي الى وقف النار وتسوية سياسية في لبنان. ولكن من يطالب باحتلال جنوب لبنان وهزيمة حزب الله يجب أن يأخذ في الحسبان التداعيات: العبء على القوات النظامية والاحتياط، التي تآكلت بعد القتال الطويل، والحاجة الى كمية كبيرة من السلاح الدقيق لتنفيذ خطط الجيش الاسرائيلي، والاضرار غير المسبوقة للجبهة الداخلية، بما في ذلك منطقة حيفا والكريوت وغوش دان. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اعلن أمس عن استكمال مناورة قيادات على مستوى هيئة الاركان، فحصت استعداد الجيش لحرب في المنطقة الشمالية. اضافة الى الاعدادات فان هذه محاولة اخرى لارسال اشارة لحزب الله. ولكن لا يمكن تجاهل الدلائل المتراكمة: نحن قريبون من فقدان السيطرة على الوضع على طول الحدود. 

نقاشات حرة في هذه الاثناء

حتى بدون حرب شاملة في الشمال فانه في هذه الاثناء مسألة العبء على وحدات الاحتياط اصبح قضية حاسمة في ادارة الحرب. الحكومة وهيئة الاركان لا تدرك بما فيه الكفاية حجم الصعوبات، وهي تتعامل مع جنود الاحتياط كمورد لا ينفد. عمليا، الجنود الذين تم استدعاءهم للجبهة للمرة الثالثة بانذار قصير، يشعرون كيف أن التسامح في البيت وفي مكان العمل آخذ في النفاد، ناهيك عن الثمن النفسي المرتبط بالخدمة الطويلة والخطيرة.

خطورة هذه الامور برزت اكثر على خلفية النقاشات أمس في المحكمة العليا حول التماسات ضد القانون الذي استهدف استمرار اعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية. المحامون من قبل الدولة وجمعيات للحريديين حاولوا تجنيد تعاطف القضاة لصالح وضع طلاب المدارس الدينية، الذين يتوقع تجندهم للجيش،أو على الاقل عدم التمتع بدعم مالي مبالغ فيه دون اعادة للدولة أي شيء في المقابل. في الجلسة ظهر بوضوح أن القضاة يحافظون على مشاعر التضامن مع الجنود في الخدمة النظامية وفي الاحتياط، المعروفة لهم بالتأكيد من محيطهم الخاص.

على هامش هذه الامور فان الاسئلة الشديدة التي طرحها القضاة على ممثلي الدولة (التي رفضت المستشارة القانونية للحكومة الدفاع عن هذه الحالة المشكوك فيها)، ذكرت بما اخرج مئات الآلاف الى الشوارع قبل مذبحة 7 تشرين الاول. لو أن نتنياهو وياريف لفين وسمحا روتمان واصدقاءهم حصلوا على غايتهم في التسعة اشهر، بين أداء الحكومة لليمين واندلاع الحرب، فان المحكمة العليا ما كانت ستكون قادرة على تحدي اجراءات التشريع في الحكومة وفي الكنيست. وحقيقة أن التغييرات في التشريع التي هدفت الى تشويه منظومة الكوابح والاتزان في الطريقة الديمقراطية، هي التي ما زالت تسمح بالنقاش الحر والعميق في هذه الاثناء. 

هذا ايضا هو السبب في أن اعضاء في “اخوة في السلاح” هددوا في حينه بوقف التطوع للخدمة في الاحتياط. من يؤيدون الانقلاب النظامي يمكنهم الاستمرار في البكاء والعويل على الضرر الذي تسبب به “رفض اليسار”، الذي بدونه كنا سنتمتع الآن بتجربة مزدوجة لحرب استنزاف مقرونة بنظام شبه ديكتاتوري. مع ذلك، هذا الخطر لم يختف كما يتبين من الاجراءات التي تتخذها الحكومة في كل اسبوع.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى