هآرتس: غولان هو الشخص الصحيح لاعادة ترميم اسرائيل

هآرتس – ديمتري شومسكي – 4/2/2025 غولان هو الشخص الصحيح لاعادة ترميم اسرائيل
قاعة بيت فابزنر في مدرسة هرئيلي في حيفا، الذي استضاف في يوم الاحد في الاسبوع الماضي لقاء الجمهور مع عضوة الكنيست نعمة لازيني ومع رئيس حزب الديمقراطيين يئير غولان، كانت مليئة ومكتظة ولم يبق فيها أي مكان، بالحيفاويين والأمل. بصفتي حيفاوي فخور شعرت بالرضا من أن الديمقراطيين قرروا البدء في حملتهم الجماهيرية في مدينتي، في حين أن أملي الشخصي، كمؤرخ، وجدته بالذات في الاقوال البسيطة والصحيحة لغولان قبيل نهاية اللقاء، التي تحدثت عن التاريخ. لو كنت مؤرخا، قال غولان، كنت سأقول بأنه الآن انتهى عهد الاكاذيب وبدأ عهد الحقيقة. الحقيقة الواحدة والوحيدة، قال في رده على ملاحظة للجمهور، وهي أنه لا يوجد حقائق بديلة.
أنا تساءلت: من أين يستقي غولان الشجاعة والقوة كي يضع على الطاولة الادعاء الذي للوهلة الاولى يبدو مقطوع عن الواقع. ولكن بنظرة عميقة يتبين أنه دقيق ومقنع؟، لأنه كما يبدو نحن غارقون حتى الرقبة في مستنقع الاكاذيب الترامب – بيبية، الذي لا ينوي تركنا والذهاب الى مكان آخر. ولكن المؤرخين يعرفون أنه في لحظة ازمة كهذه تنبثق بعض براعم التجديد.
يبدو أن غولان يستطيع الشعور والترديد بشكل واضح ونقي لحظة الحقيقة التاريخية التي تمر على اسرائيل في هذه الاثناء، لأنه هو نفسه يجسد في شخصيته – ايضا جسد بأمانه في ظهوره في اللقاء المذكور اعلاه – حقيقة سياسية مركبة والقليل من التناقض. ولكنها في نفس الوقت حقيقة اصيلة وحادة، التي يمكنها اختراق اعماق الروح الوطنية الاسرائيلية.
من ناحية اخرى، بدون قول كلمة “احتلال”، فان غولان هو يساري بكل معنى الكلمة. توجد له لغة رجل اليسار، حساسيته وروحه. هذا كان واضح في اسلوبه وقوة اقواله عن المساواة المدنية بين اليهود والعرب، في الدولة التي يجب قيادتها في ظل فظائع قانون القومية، عن المساواة في الفرص وتجديد دولة الرفاه، عن التعليم الديمقراطي الذي يجب تعليمه لابناء اسرائيل (تعليم ديمقراطي، أكد، على تعليم ديمقراطي وليس “تعليم المدنيات” الغامض والمحايد”)، وعن الانفصال عن الفلسطينيين كمحطة مؤقتة في الطريق الى اتفاق الدولتين. اليساريون الذين يشككون في علاقة غولان مع معسكر اليسار، أنا كنت أحدهم لفترة طويلة في عهد ميرتس، يجب عليهم المشاركة في اللقاءات العامة معه كي يبقوا وراءهم التشكك.
من ناحية اخرى، غولان هو رجل الواقع الامني – القومي الاسرائيلي. هو لا يخفي حبه الكبير للجيش الاسرائيلي. (“جيشي الحبيب”، قال بألم بسبب الضربة التي تعرض لها الجيش في 7 اكتوبر). هو يدرك أنه في المجتمع الذي يعيش في حالة ما بعد الصدمة الوطنية يجب فقط “التحدث عن الأمن”. وفوق كل ذلك، بمرافقة غولان لا يمكن عدم الشعور بالثقة بأنه اذا امسك بدفة السلطة فان حدود اسرائيل ستكون محمية اكثر بكثير مما هي في فترة الأمان المصطنع والمتهور لحكومة اليمين.
هل الحديث يدور عن حقيقة لا اساس لها من الصحة؟ ألا يمكن أن يكون عندنا أمان كامل ويسار كامل؟ صحيح أن اليمين البيبي عمل بجهد خلال السنين كي يغرس في وعي الجمهور الرؤية حول الربط التام بين “اليمين” و”الأمن” بشكل عام وبين نتنياهو والأمن بشكل خاص، رغم أنه حتى قبل كارثة 7 اكتوبر الواقع اثبت مرة تلو الاخرى كذبة هذه الرؤية. من جهة اخرى، في اوساط اجزاء من اليسار هناك شك واضح بـ “الجنرالات”، لا سيما الآن، على خلفية همجية الجيش الاسرائيلي في حرب 7 اكتوبر.
لكن الحقيقة الواحدة والوحيدة هي أنه حتى الآن يوجد في اسرائيل جمهور واسع يلتزم بشكل عميق، سواء بالقيم الديمقراطية الليبرالية أو قيم الأمن القومي. هذا الجمهور كان ويستمر في أن يكون القلب النابض لشعب اسرائيل. ولكن هذا القلب محطم الآن في اعقاب الضربة المدمجة التي تسبب بها الكهانيون البيبيون (الانقلاب النظامي)، والمسلمون الوطنيون (7 اكتوبر). لا شك أنه ما زال يمكن اعادة ترميم هذا الجمهور.
غولان هو الشخص الصحيح لقيادة عملية الترميم. وهو المرحلة الحيوية في الطريق الى اعادة اسرائيل الى مسار العقلانية الوطنية، ومن هناك، عندما يأتي الوقت المناسب، الى المسار المأمول، أي العملية السياسية.