هآرتس: غالنت يعرض استخفافا مطلقا ويستفز نتنياهو علنا
هآرتس – يوسي فيرتر– 13/8/2024 غالنت يعرض استخفافا مطلقا ويستفز علنا نتنياهو
في لعبة التخمين التي تصيب الدولة بالهستيريا، من الذي سيهاجم أولا ايران أم حزب الله، فان الاجابة جاءت بالذات من وزارة الدفاع، أي من غالنت ونتنياهو. ليس مباشرة في الواقع، لكن من خلال التلميحات اللاذعة والثقيلة التي تم توجيهها لرئيس الحكومة على طول كل القطاع: تسريبات سياسية، اقتراح الهجوم الذي تم احباطه في 11 تشرين الاول الماضي، صفقة التبادل، وأخيرا حتى الآن مسألة “النصر المطلق” التي تنطوي على الواقع البيبي: اقوال الهراء.
اللدغة المسمومة التي وجهها وزير الدفاع لرئيس الحكومة جعلت اعضاء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست يتساءلون حول من الذي يريد أن يقصفه في البداية: الاعداء أم الشخص الذي يكرهه في المبنى المجاور. غالنت لم يحاول أبدا اخفاء الاهانة المطلقة لنتنياهو، رغم أنه في بداية الاسبوع كان هناك من لاحظوا علامة هدنة بينهما. فمكتب رئيس الحكومة اعلن بأن رئيس الحكومة لا ينشغل باقالة وزير الدفاع. والوزير اعلن بأنه يؤيد مبادرة رئيس الحكومة الى أن يعين بنفسه مأمور الخدمة المدنية. يبدو أن فصل جديد فتح، والآن يتضح أنه لا يوجد أي شيء حقيقي في الشائعة.
تصريحات غالنت في منتدى علني مثل لجنة الخارجية والامن كانت شديدة، ولكنها رمزية. تصريحات وزير الدفاع لم تستدع أي رد. اضافة الى ذلك فان الرد غير المتناسب يثير الهستيريا. فمكتب رئيس الحكومة اتهم غالنت بأنه يتبنى خط “مناويء لاسرائيل”، وبالتسامح والاستخذاء مع السنوار، والتنازل عن الرغبة في هزيمة حماس، أي الخيانة.
الحديث يدور عن صفة من صفات الديكتاتور. كل من لا يتساوق مع شعاراته فهو متآمر، يكره الدولة، وهو هدف للتشهير والتحريض (في بيبيستان) والاغتيال (في روسيا مثلا). امام التحديات الكثيرة التي يواجهها كان يتوقع من نتنياهو ضبط النفس والتجاهل أو اصدار بيان اكثر عقلانية. في نهاية المطاف هو رئيس الحكومة، لكنه لا يستطيع ضبط النفس.
غالنت قام بتحدي نتنياهو علنا. فقد قال له “هيا نراك وأنت تقيلنا”. نتنياهو لا يستطيع، هو يستطيع بالتأكيد في الوقت الحالي. فهو يخشى اكثر من غضب الشارع رد الامريكيين الذين يعتبرون غالنت الشريك الوحيد لهم في القيادة السياسية في اسرائيل. نتنياهو يحاول دفعه الى الاستقالة بألف وسيلة، لكن بدون نجاح. غالنت يتمسك بالمكتب في الطابق الـ 14، وقد اعتاد على القول لمقربيه “أنا لن افعل أي شيء آخر أهم في حياتي” (أي أن يكون وزير دفاع في فترة حرب). بالنسبة لبيبي ولمستشاريه ووزراء واعضاء كنيست يشكلون بصعوبة ضجة في الخلفية. هو يحتقرهم. في تصريحه امام اعضاء اللجنة اسمع غالنت تصريح آخر مهم وهو أن “الصفقة (انقاذ المخطوفين) ستمكن من انهاء القتال في الشمال”. واذا قمنا بتفسير اقواله كما هي فان غالنت مثل الامريكيين وجهاز الامن يسعى الى مخرج من الحرب. هو يعتقد أنه ستكون دائما امكانية لاستئناف القتال، لكن على الاقل بعد اعادة المخطوفين الى البيت.
حتى كتابة هذه السطور فان هجوم الرد لحزب الله وايران لم يأت بعد، لكن الخوف الوطني وصل الى رقم قياسي جديد في 9 آب العبري، ومعه جولة اخرى من الشائعات التي تغرق الشبكات الاجتماعية. الشجار الذي تم استئنافه في القيادة العليا عشية ما يمكن أن يتطور الى حرب اقليمية، يثبت مرة اخرى الى أي درجة لا يهم نتنياهو أن يزيد قوة اللهب في أي وقت، دون أي اعتبار لمصلحة الدولة الموجودة في حالة حرب.
الاهانة المستمرة لوزير الدفاع تؤثر ليس فقط في الداخل، بل في الخارج ايضا. فهي جزء من العوامل في “الردع” المتآكل والآخذ في التآكل، وهي جزء من شبكة علاقاتنا مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة. نحن نعيش في فقاعة حامض منفصلة بفضل الشرخ الداخلي، الانقلاب الهاديء ووسائل الاعلام التي لا تريد أن تتحدى شعب موجود في حالة تحدي اصلا. نحن لا نرى حقيقة أن ايران وحزب الله غير خائفين من مهاجمتنا.
العالم يتوسل لطهران؛ يضغط ولكنه لا يهدد. من ناحية ايران فان اسرائيل قد “بالغت” في الهياج، وهي تستحق وبحق الرد الذي يخططونه لها. معظم الاسرائيليين يميلون الى الاستخفاف بهذا التفسير: هل ايران ستقدم لنا المواعظ في حربنا المبررة، اليهودية المكابية؟. ولكن بالنسبة لكثيرين في الغرب فان اسرائيل بالتأكيد تجاوزت العتبة، سواء استخدام القوة أو المس بالمدنيين أو مواصلة الحرب التي لا تبدو نهاية لها. عندما رئيس الحكومة ووزير الدفاع يعرضان جبهة ضعيفة جدا أمام العالم، الذي منذ بداية الانقلاب النظامي يراقب التخريب في الدولة التي قامت حكومتها لتدميرها، فانه ليس من الغريب أن تكون هذه هي حالتنا.