ترجمات عبرية

هآرتس: عودة ترامب لا تبشر بالخير، حتى لليمين

هآرتس 14/11/2024، يئير غولان وتشيك فرايلخ: عودة ترامب لا تبشر بالخير، حتى لليمين

هذه ايام حزينة وخطيرة للمجتمع الدولي، للولايات المتحدة ولاسرائيل، الحليفة المقربة. الولايات المتحدة انتخبت كرئيس شخص يعتبر من قبل مقربيه فاشي، لا يصلح أن يكون رئيس، والذي توجد لديه علامات على تدهور المعرفة. وكنرجسي فانه شخص متقلب ويرغب في الانتقام، ولا نعرف أي ترامب سنلتقي في هذه المرة، لا سيما عندما يكون متحرر من الاعتبارات السياسية والتوازنات والكوابح التقليدية. دونالد ترامب سيطر في السابق على المحكمة العليا ومضمونة له اغلبية في مجلس الشيوخ، ويبدو ايضا في مجلس النواب، أي أن لديه سيطرة على السلطات الثلاثة، وهذا هو حلم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

يتوقع لاسرائيل وللادارة الامريكية اجندة مليئة بالقضايا الحاسمة. وخلافا للرأي السائد، بشكل عام لا يتوقع أن تكون فترة ذهبية لاسرائيل مع ترامب. والمجالات التي ستحصل على فترة ذهبية كما يبدو، فان الامر لن يكون بالضرورة في صالحنا. فالتزامه لنتنياهو هو التزام نفعي بالاساس.

ترامب غاضب من يهود امريكا، الذين لم يعترفوا بجميله وقاموا بالتصويت للحزب الديمقراطي. هو حتى الآن يحقد على نتنياهو لأنه تجرأ على تهنئة جو بايدن عند فوزه في حينه. في ولايته الاولى قام ترامب بأمور مهمة من اجلنا، من بين ذلك الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، هضبة الجولان واتفاقات ابراهيم. اضافة الى انجازات صعبة، ابرزها الانسحاب من الاتفاق النووي، خلافا لبايدن، الذي يعتبر رفيق الروح لنتنياهو، فان ترامب لن يعارض مواصلة الانقلاب النظامي. وهكذا ستتم ازالة عائق من امام تدهور الديمقراطية في اسرائيل، الامر الذي سيفاقم الفجوة مع يهود امريكا، الدعامة الرئيسية لاسرائيل. 

في العام 2028 ستنتهي رزمة المساعدات لعشر سنوات. خطط بناء الجيش الاسرائيلي تقوم على الافتراض بأننا سنحصل ليس فقط على رزمة اخرى، بل ستكون اكثر اهمية. ولكن ترامب والحزب الجمهوري يتحفظون من المساعدات الخارجية، لا سيما بدون “مقابل مناسب”، أي الخضوع لمواقفهم. اسرائيل تعتبر في الحقيقة استثناء في موضوع المساعدات، لكن الافتراض بأن استمرارها وزيادتها أمر مضمون لم يعد مؤكد. بروحية ترامب فان هذه المساعدات سيتم تقليصها. مسألة حاسمة هي هل سيستمر التعاون الاستراتيجي الذي وجد مع بايدن، بما في ذلك القتال المشترك ضد الهجمات من ايران. من شبه المؤكد أن ترامب سيظهر عدم الاهتمام بالشرق الاوسط والقضية الفلسطينية. هذا ربما يبدو مريح، لكن هذه الراحة لها ثمن باهظ. فهو سيستخدم علينا ضغط اقل فيما يتعلق بالمستوطنات وحقوق الانسان، ومن المرجح أن لا يعارض الاحتلال المتواصل في غزة والضم الفعلي. ترامب سيميل ايضا وسيعود لفرض قيود على العلاقة بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، بما في ذلك تقليص المساعدات واغلاق الاونروا، وسيظهر التشكك حول عودة السلطة الفلسطينية الى غزة ونضوج الفلسطينيين لدولة مستقلة، الامر الذي يعتبر جنة عدن بالنسبة لليمين في اسرائيل.

اضافة الى ذلك ترامب يتوقع أن يعمل بقوة على انهاء القتال في غزة وفي لبنان، بدون الاهتمام الزائد بمصالح اسرائيل من اجل اعادة الاستقرار الى المنطقة وتقليص خطر الانجرار الى مستنقع الشرق الاوسط. اذا قدر ترامب أنه توجد فرصة لانجاز شخصي، اعتباره الوحيد، فهو يمكن أن يعود الى “صفقة القرن” التي عرضها في ولايته الاولى لتسوية النزاع.

لكن حتى هذا الاقتراح سيضعه في مواجهة مع الحكومة، بكونه بالفعل حل الدولتين (30 في المئة من اراضي الضفة الغربية يمكن أن تبقى في أيدينا). السعودية في المقابل، يمكن أن تعتبر ذلك استجابة كافية لطلب اقامة الدولة الفلسطينية مقابل التطبيع، وترامب سيستخدم الضغط من اجل الموافقة على الصفقة التي يعتبرها انجاز كبير.

للمفارقة، في مواقف ترامب تكمن ايضا فرصة من ناحية معسكر الوسط – يسار. لأنه عندما سيواجه معارضة الحكومة للصفقة (التي رفضت قبل فترة من قبل الفلسطينيين) سيتضح له بأن هذا المعسكر، ليس اليمين، هو شريكه، اذا كان يرغب في الاثبات بأنه هو فقط القادر على ايجاد حل للنزاع. ترامب، المتمرد على المسلمات، يمكنه ايضا أن يظهر الاستعداد لفحص نماذج اخرى لحل النزاع، مثل الانفصال المدني (وليس العسكري) عن الضفة الغربية كمرحلة مؤقتة وطويلة قبل الاتفاق الدائم، أو كونفيدرالية بين الاردن وفلسطين تشمل معظم الضفة الغربية وكل قطاع غزة. 

استعداد ترامب لاقامة حلف دفاع مع السعودية والاعتراف بالمشروع النووي المدني فيها – الانجازات التي كان بايدن لاعطائها اياها مقابل التطبيع – غير معروف. اذا وافق على ذلك فستسنح الفرصة لاقامة معاهدة موازية وحتى اكثر شمولية مع اسرائيل. في كل الحالات يجب العمل على احباط امكانية أن يكتفي ترامب باتفاق منفصل مع السعودية.

ايران يتوقع أن تضع ترامب امام تحديات صعبة، سواء بتسريع المشروع النووي أو مواصلة اطلاق الصواريخ والتدخل في ساحات مختلفة. يبدو أن ترامب يمكنه اجراء مفاوضات مع ايران من موقف قوة، لكن مشكوك فيه اذا كانت ايران ستوافق على اتفاق نووي جديد بعد انسحاب ترامب من الاتفاق السابق. ومشكوك فيه ايضا اذا كانت ايران، التي تدرك تحفظ ترامب من التدخل العسكري ما وراء البحار، ستخشى من هجوم عسكري. 

هكذا سيبقى ترامب فقط مع العقوبات الاقتصادية كوسيلة سياسية، واسرائيل يمكن أن تجد نفسها تقف وحيدة امام ايران، بدون الدعم والتعاون الاستراتيجي لبايدن، لكن ستكون لها حرية العمل لوحدها. ايضا في الشمال يتوقع أن يعطي ترامب اسرائيل يد حرة شريطة أن لا تتدهور الامور الى حرب اقليمية تجبر امريكا على التدخل. نحن ولدنا من اجل الحرية، لكن ليس لحرية كهذه.

ترامب ايضا سيقلص أو سيقوم بسحب القوات الامريكية من سوريا والعراق، الامر الذي سيعتبر انجاز كبير بالنسبة لايران، وسيزيد حرية العمل لها ولروسيا والصين. وهكذا ستتمكن ايران من التركيز على الدفاع أمام الجيش الاسرائيلي والاستثمار اكثر في تطوير القدرات الهجومية. 

اليمين في امريكا وفي اسرائيل حصل على غايته، لكنه يمكن أن يندم. المخلص لم يأت.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى