هآرتس: عواقب تجاهل إسرائيل قرار مجلس الأمن الاخير؟
هآرتس 27/3/2024، بقلم حن معنيت: عواقب تجاهل إسرائيل قرار مجلس الأمن الاخير؟
تجاهل إسرائيل لقرار مجلس الأمن الداعي لوقف إطلاق النار في غزة قد يشجع دولاً على فرض عقوبات عليها. هكذا قال خبراء في القانون الدولي، ووفق قولهم فإنه على الرغم من أن مجلس الأمن نفسه لا يتوقع فرض عقوبات على إسرائيل، لكن القرار، الذي يضاف إلى إجراءات قانونية دولية أخرى تجري ضد إسرائيل، قد يعطي دعماً لدول مختلفة لقطع علاقاتها مع إسرائيل ووقف التجارة معها، وهكذا يعزلها سياسياً واقتصادياً.
“الدول، وليس مجلس الأمن، هي التي فرضت عقوبات على روسيا عقب غزو أوكرانيا، وهذه العقوبات شملت قطع علاقات اقتصادية وقطع علاقات الطيران وفصلها عن المنظومة المصرفية”، قالت دكتور تمار أوستفسكي برانديس من الكلية الأكاديمية كريات اونو. “هذه وسائل جدية، ستجد إسرائيل صعوبة كبيرة في الصمود أمامها. قرار مجلس الأمن والأوامر ضد إسرائيل من محكمة العدل في لاهاي والرأي القانوني الاستشاري الذي على وشك أن تعطيه المحكمة في لاهاي بخصوص التداعيات القانونية لنشاطات إسرائيل في “المناطق” [الضفة الغربية]، كل ذلك يخلق صورة دولة لا تحترم القانون الدولي”.
البروفيسور الياف ليبليخ من جامعة تل أبيب، قدر أنه إذا لم تمتثل إسرائيل لقرار مجلس الأمن فستزداد عزلتها في العالم. “عدم الامتثال سيودي بدول أخرى إلى فحص فرض عقوبات على إسرائيل، مثل التوقف عن تزويدها بالسلاح”، قال.
مع ذلك، يعتقد الدكتور روعي شاين دورف، النائب السابق للمستشار القانوني للحكومة في الشؤون الدولية، أن الساحة الدولية تعتبر “كل هذا سياسة”. وحسب قوله “إذا أرادت بعض الدول، يمكنها العمل ضد إسرائيل كما فعلت قبل القرار أيضاً”.
قرر مجلس الأمن الإثنين الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان، وإطلاق فوري لسراح المخطوفين المحتجزين لدى حماس. رغم أن القرار لا يربط وقف إطلاق النار مع تحرير المخطوفين. اتخذ القرار بقوة الفصل السادس في وثيقة الأمم المتحدة، التي مع الفصل السابع تعطي لمجلس الأمن صلاحية لتسوية النزاعات الدولية. مع ذلك، وفي حين أن الفصل السابع يعطي مجلس الأمن صلاحيات إنفاذ ملزمة، مثل صلاحية فرض العقوبات على دولة والسماح باستخدام القوة العسكرية ضدها، فإنه هناك خلافاً في القضاء الدولي حول القرار الذي يُتخذ بقوة الفصل السادس. حسب أحد المواقف، فإن القرارات التي تتخذ استناداً للفصل السادس ربما تكون ملزمة. وهذا يتعلق فيما إذا كانت هذه القرارات مصوغة كـ “قرار” أو “توصية”. حسب موقف آخر، تعدّ فإن القرارات التي تتخذ استناداً للفصل السادس بمثابة توصيات دائماً. لم يتم القول فيما إذا كان القرار الذي اتخذه المجلس الإثنين توصية أم قراراً. وحسب الولايات المتحدة مثلاً، هذا قرار غير ملزم.
الخبراء الذين تحدثوا مع “هآرتس” منقسمون حول مسألة إذا كان القرار ملزماً قانونياً لإسرائيل أم أنه ذو طابع إعلاني فحسب. دكتور تمار مغيدو من الجامعة العبرية فسرت بأن “هناك نقاشاً قديماً حول ما إذا كان المطلوب أن يشير مجلس الأمن في قراره أنه اتخذ حسب الفصل السابع كي يكون القرار ملزماً، وهل المطلوب استخدام مفهوم “يقرر” حتى يتم تفعيل الإلزام”. حسب مغيدو، فإن “الممارسة السائدة في العقود الأخيرة كانت قد اعتبرت القرارات التي لم يُشر فيها إلى استنادها للفصل السابع، هي قرارات ملزمة إذا استخدمت فيها أفعال “مطالبة” أخرى، مثل الحالة مدار الحديث “يطالب”. ولكن قد تجادل إسرائيل بكل الطرق وتقول إن القرار غير ملزم”.
حسب ليبليخ، معنى القرار قانونياً هو طلب مجلس الأمن بوقف فوري لإطلاق النار، وأيضاً طلب تحرير غير مشروط للمخطوفين، وخلافاً للأصوات التي تسمع في إسرائيل فإن قرارات مجلس الأمن التي تصاغ بمثل هذه اللهجة تكون ملزمة. “ستقول إسرائيل إنها طلبات يرتبط بعضها ببعض، لكن كثيرين في المجتمع الدولي سيقولون إنها واجبات مستقلة، لذا فالمطلوب وقف فوري لإطلاق النار حتى نهاية شهر رمضان دون صلة بتحرير المخطوفين”.
من جهة أخرى، يقول شاين دورف إن القرار غير ملزم قانونياً لأنه اتخذ استناداً للفصل السادس. وأكدت أوستفسكي أنه في كل الحالات “هذا لا يعني أنه قرار غير مهم أو ليس له تداعيات؛ فهو يشير إلى ما يتوقع من الطرفين ويؤثر على الطريقة التي تحسب فيها الدول خطواتها أمام إسرائيل”. ويوافق شاين دورف على أن القرار تطور مهم لأنه “يعكس اتفاقاً سياسياً ودبلوماسياً بأن المطلوب وقف لإطلاق النار”. وهو يشير إلى أن “القرار صيغ بشكل متعمد بصورة تمكن من تفسيرات مختلفة حول مسألة إذا كان وقف إطلاق النار متعلقاً أو غير متعلق بتحرير المخطوفين”.
وتقول مغيدو أيضاً إن مجرد القرار حول وقف إطلاق النار للمرة الأولى منذ بداية الحرب، هو خطوة مهمة من ناحية قانونية. وهي توافق أيضاً على أنه “يمكن الجدل حول تفسيره. وهل حقيقة أن المطالبة بوقف إطلاق النار في شهر رمضان أشير إليها في الفقرة نفسها مع المطالبة بإطلاق سراح المخطوفين المحتجزين في القطاع، يعني بأنهما يتعلقان ببعضهما، أم أن المطالبة بوقف النار مستقلة، ولذلك هو ملزم دون صلة بمسألة إذا كان سيتم إطلاق سراح المخطوفين”.
وثمة تطور مهم آخر، وهو أن الولايات المتحدة لم تلجأ للفيتو وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب لمنع اتخاذ قرار في مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار، واكتفت بالامتناع عن التصويت. حسب الخبراء، فإنه لقرار الفيتو ثمناً لإدارة بايدن، سواء داخلياً أو دولياً. والقرار الأمريكي بعدم استخدام الفيتو في هذه المرة يعتبر رسالة لإسرائيل بأنه لا يمكنها الاعتماد على أن الولايات المتحدة ستفشل أي قرارات في مجلس الأمن ضدها. “الفيتو الأمريكي ليس مورداً غير قابل للنفاد. ثمة رسالة تقول بأن الدعم المطلق وصل إلى النهاية، وأنه إذا لم تتغير الأمور فيما بعد من ناحية إصغاء إسرائيل للولايات المتحدة فربما تكون قرارات أصعب تجاهها”، قال ليبليخ.
رغم المخاطرة بالعقوبات واستمرار العزلة الدولية جراء قرار مجلس الأمن، سارعت الحكومة للرد عليه بصورة عدائية. هكذا قال وزير الخارجية الإسرائيلي كاتس، إن إسرائيل لن توقف إطلاق النار. “سندمر حماس ونواصل القتال حتى عودة آخر المخطوفين إلى البيت”، قال كاتب. وحسب ليبليخ فإن “رد وزير الخارجية يعكس استخفافاً كبيراً بالهيئة الأهم في المجتمع الدولي، التي تعتمد عليها إسرائيل أيضاً في كل ما يتعلق بالوضع في لبنان. هذا سلوك غير مقبول ويضع إسرائيل خارج المعسكر”.
انتقدت هوستفسكي أيضاً رد الحكومة على القرار وقالت: “بدلاً من أن تعمل الحكومة على الدفع قدماً لتفسير للقرار يكون أقل إشكالية من ناحية إسرائيل، ويمكن فعل ذلك، فاللغة ضبابية وألقت الولايات المتحدة لنا حبل النجاة هذا، يعلن وزير الخارجية بأن القرار لن يغير أي شيء في السلوك. لذا، سيعزز انطباعاً بأن إسرائيل غير ملزمة بالقانون الدولي”.