ترجمات عبرية

هآرتس: على الاسرة الدولية أن تحسم بين فرض انتداب في غزة وبين استمرار سفك الدماء في المنطقة

هآرتس 16/8/2024، جاكي خوريعلى الاسرة الدولية أن تحسم بين فرض انتداب في غزة وبين استمرار سفك الدماء في المنطقة

المفاوضات من اجل صفقة المخطوفين ووقف الحرب في غزة، التي تم استئنافها أمس في الدوحة هي مصيرية. فشل المحادثات يعني تأجيل أي اتفاق في قطاع غزة لبضعة اشهر على الأقل، وربما سيحسم مصير مخطوفين آخرين محتجزين هناك، ويضيف أسماء أخرى لقائمة القتلى الفلسطينيين التي تجاوزت أمس العدد 40 ألف. كل ذلك يجب أن نضيف اليه تهديد ايران وحزب الله حيث ربطا بين المفاوضات وبين هجوم محتمل ردا على عمليات الاغتيال في طهران وفي بيروت.

بعد عشرة اشهر الحرب في قطاع غزة الحرب لم تعد هدفا محددا أو نزاعا محليا. الحديث يدور عن حرب لها تأثيرات خطيرة على المنطقة، وخطر غير مسبوق في الشرق الأوسط منذ عشرات السنين، وربما أنه الخطر الأكبر منذ العام 1948. ولكن رغم كل ما هو موضوع على كفة الميزان فان سلوك المجتمع الدولي حول المحادثات واستمرار الحرب في القطاع يثبت انه، بالأساس الولايات المتحدة، لم يستخدم بعد كل الأدوات التي لديه من اجل انهاء الحرب.

كما يبدو يظهر أن كل الشرق الأوسط مرهون بقرار شخص واحد اسمه بنيامين نتنياهو. هل سيوافق على وقف الحرب أو لا وبأية شروط. ولكن نتنياهو مقيد باعتباراته السياسية وهو أسير للمتطرفين في ائتلافه. في نفس الوقت حماس غير مستعدة لـ “اتفاق استسلام”، في اطاره ستعيد المخطوفين بدون مقابل، حتى لو أنه لم يبق في القطاع بيت قائم وأيضا اذا تجاوز عدد القتلى  الخمسين ألف.

في هذا الوضع من الضروري أن يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية فعليا عما يحدث في القطاع كما فعل في عدد غير قليل من مناطق الحروب في العالم. صحيح أن الحديث لا يدور عن قصة نجاح كبيرة بالنسبة لهذه الدول العظمى، لكن القطاع الآن يختلف بشكل جوهري عن هذه الدول وبؤر التوتر في التاريخ الحديث. فهو ليس أفغانستان أو فيتنام، وليس الفالوجة في العراق ولم يتدهور أيضا الى وضع مقديشو في الصومال.

يجب الاعتراف بأنه لا يوجد لإسرائيل أي خطة واضحة بخصوص السيطرة في غزة في اليوم التالي للحرب. الوحيدون في الحكومة الذين توجد لديهم خطة كهذه هم من يؤيدون الضم والاستيطان، بن غفير وسموتريتش. في المقابل، رغم تصريح رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمس بأنه ينوي القدوم مع القيادة الفلسطينية الى غزة، إلا أن السلطة ليس لها قدرة على السيطرة في القطاع. عمليا، عباس أراد أن يكون دخوله اذا تحقق برعاية الأمم المتحدة. 

الحل الصحيح لهذا الوضع هو إعادة غزة الى فترة الانتداب. صحيح أن هذا يبدو كمدخل لتدخل كولونيالي آخر في حياة الفلسطينيين، لكن في الوضع القائم لا مناص من ذلك. عمليا، من يدير شؤون القطاع هي مؤسسات ومنظمات دولية، مثل الاونروا ومنظمة الصحة العالمية. سواء إسرائيل أو السلطة الفلسطينية، فانهما تتصرفان وتنسقان النشاطات امام منظمات دولية وامام الأمم المتحدة.

الولايات المتحدة، حتى عشية الانتخابات للرئاسة، توجد لها إمكانية لتجنيد عدد غير قليل من الدول برعاية الأمم المتحدة ومجلس الامن، وهي يمكنها التقرير وارسال الى غزة قوات دولية لفترة محدودة. المظليون الذين جاءوا الى بيروت في 1982 يمكن أن يأتوا الى القطاع تحت راية الأمم المتحدة، وهذا القرار سيلزم جميع الأطراف. القوة التي هي برعاية الأمم المتحدة ستشرف على إعادة اعمار القطاع وستسيطر على المنطقة بالتنسيق مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية. الانتداب سيكون محدد زمنيا، بالأساس سيكون دوره إعادة اعمار القطاع وترميم الساحة السياسية الفلسطينية، والرقابة على وقف اطلاق النار، بما في ذلك نشر القوات في محور فيلادلفيا ومعبر رفح والرقابة على آلية تحرير المخطوفين والأسرى، مع دول الوساطة والصليب الأحمر.

هذا القرار سيؤثر على الساحة السياسية الفلسطينية. كل الفصائل بما في ذلك حماس، سيتعين عليها المشاركة في عملية فلسطينية داخلية. وكل من يفكر بمستقبل غزة ومستقبل كل القضية الوطنية الفلسطينية (الرئيس عباس لن يبقى الى الابد في مكانه)، يجب عليه التفكير الآن بمسار جديد. أيضا في الساحة السياسية في إسرائيل انهاء الحرب سيتطلب اجراء تغييرات عميقة. اذا تم حقا اجراء الانتخابات بعد الحرب، للمرة الأولى بعد سنوات كثير، سيقف الموضوع السياسي في مركزها. في الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، سيضطرون الى التقرير هل سيسعون الى اتفاق معين أو الحكم على الشعبين لاجيال من سفك الدماء والنزاع الذي لا نهاية له.

في المجتمع الدولي يمكنهم الادعاء وبصدق أنه يتم بذل جهود لانهاء الحرب وتحديد بداية مسار سياسي يغير الواقع، ليس فقط في القطاع بل في كل الشرق الأوسط. بقي فقط سؤال واحد وهو هل العالم حقا يريد انهاء الحرب أم أنه معني فقط بادارتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى