ترجمات عبرية

هآرتس: علاقات قطر في مكتب نتنياهو هي استثمار بهدف القدرة على الوصول

هآرتس 3/4/2025، تسفي برئيل: علاقات قطر في مكتب نتنياهو هي استثمار بهدف القدرة على الوصول

“علاقاتنا كانت مدهشة في فترة ولايتي الاولى، وهي ستكون اقوى في هذه المرة”، هذا ما اعلنه الرئيس الامريكي دونالد ترامب عندما التقى مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حاكم قطر، في ايلول قبل شهرين على الانتخابات الرئاسية في امريكا. “الامير اثبت أنه زعيم كبير وقوي لبلاده، التي يدفع بها قدما على كل المستويات بسرعة غير مسبوقة. هو شخص يريد السلام في الشرق الاوسط وفي كل العالم”، هكذا مدح الرئيس الضيف.

ليس فقط ترامب، بل ايضا الرئيس السابق جو بايدن كانت لديه اقوال دافئة عن قطر وحاكمها، وفي العام 2022 منح الدولة المستضيفة للقاعدة الامريكية الاكبر في الشرق الاوسط مكانة الحليفة الكبيرة غير العضوة في الناتو. يبدو أننا سنرى كيف سيكون ذلك، لأن هناك مبالغة كبيرة جدا في التقارير التي نسبت تشغيل رجال مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للحاجة الى تحسين صورتها في واشنطن. لقد كان لقطر وما زال مكان جيد جدا في صحيفة “تريبيون” الامريكية. من بين دول الخليج والدول العربية بشكل عام كانت السعودية هي التي بحاجة الى تحسين صورتها في الولايات المتحدة بعد قتل الصحافي جمال الخاشقجي، حيث أن تهمة التنفيذ القيت على ولي العهد محمد بن سلمان من قبل المخابرات الامريكية.

ليس دائما كانت العلاقات بين ترامب وقطر جيدة. ففي أيار 2017 اتهم ترامب قطر بتمويل ودعم الارهاب. تلك كانت سنة صعبة بشكل خاص بالنسبة لقطر التي عانت من الحصار والعقوبات الاقتصادية من قبل الجارة السعودية واتحاد الامارات والبحرين، وانضمت اليها مصر. ولكن كالعادة الرئيس الامريكي بعد نصف سنة، بخطوة ظهرت كصفعة للرياض وأبو ظبي، ترامب بالذات مدح علنا قطر بسبب نضالها ضد الارهاب وبسبب طموحها الى السلام. 

ليست اسرائيل هي التي وقفت في حينه وراء هذا الانقلاب، بل وزير الخارجية الامريكي، ريكس تريلسون (الذي سيقال فيما بعد) هو الذي آمن بأن المصالحة بين دول الخليج حيوية من اجل الدفع قدما بالمصالح الامريكية في الشرق الاوسط.

لكن المصالحة التي سعى اليها “فنان الصفقات” لم تنجح. هذه المصالحة نضجت فقط في العام 2021 بعد أن اكتفت الدول المقاطعة باعلان “ولاء” قطر، بدلا من الـ 13 طلب التي طلبت منها كشرط لرفع العقوبات. هذه الطلبات شملت، ضمن امور اخرى، توقف قطر عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وقطع علاقاتها مع ايران واغلاق قناة “الجزيرة” ووقف دعمها للارهاب.

قطر، التي طورت لها بؤرة في مكتب نتنياهو لم تقطع علاقتها مع ايران، الشريكة لها في حقل الغاز الاكبر في الخليج الفارسي، ولم تغلق قناة “الجزيرة” ولم تتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية. هي وتركيا ايضا أيدت الحكومة الرسمية في ليبيا ضد الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، المدعوم من قبل مصر واتحاد الامارات، اللتان لم تتوقفا عن التدخل في شؤون الدول الاخرى، قطر مولت ايضا مليشيات اسلامية متمردة في سوريا، وهكذا فعلت السعودية وتركيا ايضا، ومثل جاراتها من دول الخليج هي تعمل في اثيوبيا والصومال والكونغو، هذه فقط قائمة جزئية. 

القصة بين مصر وقطر اكثر تعقيدا. الرئيس حسني مبارك، حتى قبل ثورة الربيع العربي التي أدت الى عزله في شباط 2011، اعتبر قطر دولة شبه معادية، تحاول التنافس على القيادة التقليدية للعالم العربي، الذي وقفت في صدارته دولته، ومن وراء الكواليس عملت السعودية. “هذه دولة يمكن ادخال كل مواطنيها في فندق واحد”، استهزأ في حينه مبارك من قطر. التوتر بين الدولتين ازداد بعد اقتحام في العام 2008 اكثر من مليون فلسطيني الجدار في القطاع الى شبه جزيرة سيناء، ومبارك اتهم قطر بالمساعدة على العملية التي هددت الاستقرار في مصر. “أنتم تعيشون في بيت زجاجي. لا تتطاولوا على مصر وعلى دورها في خدمة القضية الفلسطينية”، قال مبارك في خطاب القاه امام القيادة العسكرية المصرية.

بعد ثلاث سنوات مبارك قال بأنه توجد لديه وثائق تدل على تدخل قطر في اندلاع ثورة الربيع العربي. وفي مقابلة مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية قال في حينه “هم يعملون فقط من اجل انفسهم والآخرين لا يهمونهم. وأنهم يستفيدون من حمايتهم للقاعدة الامريكية التي اقيمت على اراضيهم”. لكن الشرخ الكبير الذي أدى الى قطيعة طويلة بين الدولتين تطور بعد عزل واعتقال محمد مرسي، ممثل الاخوان المسلمين الذي انتخب كرئيس في الانتخابات الاولى بعد الثورة. 

بالنسبة لقطر التي خلال سنين اعطت الدعم والرعاية للاخوان المسلمين، واستضافت لديها من اعتبر الزعيم الروحي للحركة الشيخ يوسف القرضاوي، كان هذا انجاز سياسي وايديولوجي كبير جاء، الذي تم التعبير عنه على الفور بالمساعدات المالية الكثيفة بمبلغ 3 مليارات دولار ووعد باستثمارات بمبلغ 18 مليار دولار. ولكن النصر استمر سنة بالضبط. وفي 3 تموز 2013 تم اعتقال مرسي على يد الجيش برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي انتخب بعد سنة كرئيس لمصر. السيسي، الذي بدأ الحرب الضروس ضد حركة الاخوان المسلمين، اعتبر الحركة على الفور منظمة ارهابية، وأعاد سفير مصر من قطر. وبعد ذلك في 2017 كجزء من مقاطعة دول الخليج لقطر تم قطع العلاقات بين الدولتين.

لكن كل ذلك لم يمنع مصر من استضافة في 2014 قطر ودول اخرى للقاء الدول المانحة لاعادة اعمار قطاع غزة، الذي بادرت اليه مصر بعد عملية “الجرف الصامد”. قطر تعهدت في حينه بالاسهام بمليار دولار في مشروع اعادة الاعمار، والاتحاد الاوروبي تعهد بنصف مليار، في حين أن اتحاد الامارات والولايات المتحدة اكتفت كل واحدة منها بـ 200 مليون دولار.

منذ العام 2021، بعد انتهاء المقاطعة العربية لقطر، العلاقات بين مصر وقطر حظيت بدفء كبير، الذي وفر للسيسي جزء كبير لمشاريعه الضخمة التي بدأ في اقامتها ودهورت اقتصاد مصر الى شفا الافلاس. في 2022 وقعت مصر وقطر على عدة اتفاقات اقتصادية في اطارها استثمرت قطر 5 مليارات دولار تقريبا، مئات الشركات في قطر بدأت تعمل في مصر، وفي السنة الماضية تم التوقيع على عدة اتفاقات تستهدف توسيع حجم استثمارات قطر، لتصل الى 7 مليارات دولار في العام 2026. هذا اضافة الى الودائع الكبيرة التي وضعتها قطر في البنوك في مصر من اجل زيادة احتياطي العملة الصعبة فيها، وتمويل جزء من النشاطات الجارية في الدولة، والمساعدة في تمويل في اقامة ميناءين جديدين ومشروع عقارات ضخم في الشاطيء الشمالي في مصر، الذي يتوقع أن تكون قطر شريكة فيه.

مثل العلاقات بين قطر والولايات المتحدة فهكذا ايضا في كل ما يتعلق بعلاقات قطر مع مصر. مشكوك فيه أن الشيخ تميم أو رئيس الحكومة محمد عبد الرحمن بحاجة الى وساطة مستشاري نتنياهو كذراع تساعد على التنافس بين قطر ومصر، أو من اجل حملة تشويه ضد مصر لصالح قطر. الدولتان، كما اثبتت العلاقات السابقة بينهما، تعرفان كيفية غرس الابرة في عين الاخرى. عندما تكون العلاقات بين قطر وامريكا، لا سيما مع الرئيس دونالد ترامب، في ازدهار متواصل، وفي الوقت الذي فيه مصر ليست منافسة حقيقية وحتى تستند بشكل كبير على المساعدات من قطر، ولا يقل عن ذلك اهمية الاموال التي تأتي من عمل 150 ألف عامل مصري في قطر، فانه لا حاجة الى البحث عن ذريعة ملموسة ومباشرة لـ “استثمار قطر” في مكتب نتنياهو. الحديث يدور عن “استثمار من اجل القدرة على الوصول”، الذي كل دولة كانت ستكون مسرورة من الانضمام اليه لو أنها تستطيع ذلك. فهو بالتأكيد اقل من الملياري دولار التي استثمرتها السعودية في شركة “انفنتي” بملكية جارد كوشنر، صهر ترامب. ايضا قطر واتحاد الامارات استثمرت في نفس الشركة مئات الملايين.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى