هآرتس: عدو إسرائيل الحقيقي هو المليشيات العنيفة لشبيبة الراب

هآرتس – اهود أولمرت – 4/7/2025 عدو إسرائيل الحقيقي هو المليشيات العنيفة لشبيبة الراب
في الأسابيع الأخيرة كانت دولة إسرائيل في ذروة الحرب ضد عدو خارجي، ايران. خلال سنوات تم عرض ايران على انها التهديد الأكبر على سلامة وامن ووجود إسرائيل. فتعززها العسكري وقدرتها التكنولوجية المثيرة للانطباع وترسانة صواريخها البالستية واسطول المسيرات المتقدمة التي طورتها، وانتشار وكلاءها الواسع في الدول المحيطة بإسرائيل وتسلحهم بسلاح متطور، كل ذلك جعل ايران العدو الذي يشكل التهديد الفوري على إسرائيل. الخوف الرئيسي هو برنامج ايران لتطوير القدرة النووية والخطر من ان هذه القدرة كان يمكنها ان تصل الى انتاج قنبلة نووية واحدة، وربما اكثر، لم يختف كليا رغم الهجوم الجوي المدهش للولايات المتحدة.
قرار الكابنت الأمني برئاسة رئيس الحكومة، مهاجمة ايران، كان قرار مبرر وخرج الى حيز التنفيذ في وقت صحيح، بالقوة المطلوبة والوسائل المناسبة. بنيامين نتنياهو باعتبار انه من يتحمل المسؤولية العليا عن قرارات الحكومة ونشاطاتها، يستحق الفضل الكبير على مجرد اتخاذ هذا القرار، وقيادة العملية وادارتها والنجاح المدهش جدا. لا توجد حاجة الى التوسع في الحديث عن سلاح الجو الرائع وقادته والطيارين والمقاتلين والاستخبارات وجنود السايبر وكل وحدات الجيش التي عملت في ذلك – الذين جميعهم شركاء في هذا الإنجاز.
لكن الحرب في غزة مستمرة. هذه حرب زائدة، بدون هدف يمكن تحقيقه، والحكومة ليس لديها رؤية سياسية لليوم التالي بعد انتهاءها. الجميع يعرفون ما الذي تخشى منه الحكومة وما الذي يمنع إعادة المخطوفين وانهاء القتال الذي يراوح في المكان، ويكلفنا الكثير من الضحايا ويعرض للخطر حياة المخطوفين، ويضر كل يوم بالكثير من الفلسطينيين الأبرياء، غير المشاركين في الإرهاب ولا ينتمون لحماس. محاولة فرض الرعب على الجمهور الإسرائيلي وكأنه اذا لم تتم تصفية حماس كليا فانها ستشكل خطر على مستقبل الدولة، هي محاولة لا أساس لها.
على خلفية احتفال الحكومة ورئيسها بالانجاز العسكري المدهش ضد ايران، التي هي دولة عظمى عسكريا على المستوى الإقليمي وربما الدولي، وحقيقة انهم يعرضون ما بقي من حماس بعد تدمير غزة وتحويلها الى انقاض، وحسب بعض المعطيات التي يصعب دحضها، فقد قتل حوالي 60 ألف غزي، بينهم آلاف الأطفال والنساء، والكثيرين ما زالوا تحت الأنقاض، كخطر امني فوري على إسرائيل هو تضليل من اجل إخفاء عدم رغبة الحكومة في معالجة العدو الحقيقي الذي يهدد امن الدولة واستقرارها وعقلانيتها وسلامتها.
العدو الحقيقي لإسرائيل هو المليشيات الإرهابية العنيفة، الدموية، التي اخذت تسيطر بالتدريج في الضفة الغربية وتحول قوات الامن والشرطة والجيش الى احد اهداف الحرب التي تشنها ضد النظام المدني، الأمني والعسكري، في إسرائيل. شبيبة الرعب الذين تركزوا خلال سنوات بشكل غير قانوني على تلال مختلفة في الضفة الغربية، هم المسؤولون عن قتل 140 فلسطيني في الضفة منذ بداية السنة الحالية، الكثير منهم كانوا من الأطفال.
في الوقت الذي فيه اهتمام الجمهور يتركز وبحق على الحاجة الى إعادة المخطوفين على الفور ووقف الحرب التي تعرض حياتهم للخطر، فان عدو اكثر خطرا من كل الأعداء الخارجيين الذين نحاربهم، يهدد إسرائيل في الداخل، هذا العدو هو نفس هؤلاء الشباب العنيفين الذين لديهم لحى وسوالف ويضعون قبعات كبيرة ويتجولون في التلال والوديان وهم مزودين بالسلاح، الذي في حالات كثيرة اعطي لهم من قبل سادتهم السياسيين، مع المعرفة بانه لن يتم استخدامها في الدفاع عن المستوطنات، بل لمهاجمة الفلسطينيين في المناطق.
في الفترة الأخيرة استيقظ اهتمام الجمهور بهؤلاء الأشخاص المتوحشين لأنهم مرة أخرى هاجموا جنود الجيش الإسرائيلي، المسؤولين عن امن جميع المستوطنين. كالعادة نحن نصاب بالصدمة من المس برجال الشرطة والجنود. ولكن عندما في نفس الحادثة يتم احراق ممتلكات الفلسطينيين، ويتم تدمير حقول الزيتون وهدم البيوت واشخاص لم يفعلوا أي شيء يقتلون، نحن نرد بالصمت، ويظهر اننا نوافق على هذا الظلم. بكلمات أخرى، الشباب القتلة يظهرون كمشكلة في الخطاب الإعلامي والخطاب العام في إسرائيل فقط عندما يقومون بالمس بقوات امننا، لكن عندما يقومون بالقتل والاحراق والتدمير واثارة اعمال الشغب العنيفة ضد الفلسطينيين، فان افعالهم هذه لا تعتبر إشكالية.
منذ سنوات هذه المليشيات العنيفة اخذت تتبلور الى وحدات قتالية منظمة، كتائب الغضب في المناطق. على المدى القصير هدف عنفهم هو الفلسطينيين. بالطريقة العنيفة جدا وبدون شفقة ورحمة وبصورة منفلتة العقال.
يوجد في الضفة الغربية إرهاب فلسطيني، لا يمكن تجاهل ذلك. لا اريد الادعاء، لا سمح الله، بان الإرهاب الفلسطيني هو الرد المحتم على الإرهاب اليهودي. هذا غير صحيح. الإرهاب الفلسطيني كان موجود قبل فترة طويلة من تحول الإرهاب اليهودي الى تهديد حقيقي، ليس فقط على الفلسطينيين بل أيضا على دولة إسرائيل. الإرهاب الفلسطيني هو خطر حقيقي وفوري، ويقتضي عملية تصفية ناجعة، وهي جارية. في حالات كثيرة السلطة الفلسطينية وأجهزة الامن الفلسطينية تتعاون مع الشباك وتساعد على إيجاد المخربين المشاركين في قتل إسرائيليين أو الذين يخططون لتنفيذ عمليات. لكن لا يمكن لأي إرهاب فلسطيني تبرير الإرهاب اليهودي. فهو يستخدم الإرهاب الفلسطيني كذريعة لتنفيذ المهمة الأساسية للمستوطنين العنيفين – طرد جميع سكان الضفة الغربية وتنغيص حياتهم الى درجة الرغبة في الهرب، وهكذا فانه سيتاح تحقيق حلم ارض إسرائيل الكاملة للصهيونية العنيفة، المشوهة والقاتلة، التي تطورت عندنا بالتدريج، لكن بشكل ثابت، منذ حرب الأيام الستة، ولا سيما بعد أن قتل أحد ابناءها رئيس الحكومة اسحق رابين.
أيضا جمهور المستوطنين الواسع، رغم انه لا ينقض بالسلاح على القرى الفلسطينية، إلا أنه لا ينفصل عن الشباب العنيفين. في كل حالة يهاجم فيها المستوطنون الجنود ورجال الشرطة، وبالطبع الفلسطينيين، على الفور يهب المحللون في القنوات المختلفة، ممثلي الجمهور ورؤساء المجالس الإقليمية في المناطق وأعضاء كنيست، ويحاولون طمس حجم هذه الظاهرة والادعاء بان الامر يتعلق باقلية صغيرةى لا تمثل كل جمهور المستوطنين الذين يحترمون القانون ويعارضون كما يبدو العنف. ولكن هذا استعراض عبثي.
عندما رئيس مجلس إقليمي، وهو من المتحدثين البارزين والمؤثرين في المناطق، يقول ان الرد المناسب على القتل الاجرامي لسالا غاز هو احراق القرى، فهو بذلك يعبر عما يفكر فيه الكثير من المستوطنين.
إضافة الى ذلك مليشيات الفتيان، الذين لديهم سلاح وأدوات تخريب كثيرة، لا يمكنها التواجد بدون منحها المساعدة والدفاع عنها من قبل الغطاء المدني الذي تعيش فيه.
فتيان هذه المليشيات ليسوا الا الطليعة التي تختفي وراءها شريحة واسعة من المساعدين. هي منظومة كبيرة ومتطورة مع الخبرة، وهي ترتبط بكل مراكز الحكم وصنع القرار المدني والعسكري والأمني.
قرار وزير الدفاع الذي جاء على الفور بعد تسلم منصبه، الغاء الاعتقال الإداري لليهود في المنطق، لم يكن صدفيا. هو نتيجة منظومة جماهيرية عنيفة جدا، تؤيد من يثيرون اعمال الشغب العنيفين وتوفر بنية تحتية لافعالهم. فتيان الرعب هؤلاء ليسوا حفنة اشخاص متوحشين، بل هم طليعة لكل من يدفعهم ويعطيهم الالهام ويغطي عليهم.
المواجهات بين مثيري اعمال الشغب وقوات الامن هي كما قلنا ليست الهدف الأول والرئيسي لهم. في غالبية الحالات فان الحكومة والجيش والشرطة تغض النظر وتتجاهل جرائمهم، وعند الحاجة أيضا يغطون عليهم. عندما تحاول قوات الامن، حتى من اجل التظاهر، وقف مثيري اعمال الشغب، فانه لا توجد لهم أي مشكلة في الانقضاض على رجال الشرطة والجنود وكأنهم هم الأسوأ من بين الأعداء. هذه هي الثمرة المتعفنة لسياسة التغطية والاخفاء والتسليم من قبل كل أجهزة السلطة. يجب عدم الاندهاش من هذه الظاهرة، اذا اخذنا في الحسبان انه يوجد لهؤلاء المشاغبين ممثلين في المستويات العليا في منظومة الحكم. ايتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش، تسفي سوكوت، الموغ كوهين، عيديت سلمان وعميحاي شكلي، جميعهم يوجدون في مواقعهم من اجل إعطاء الإشارة لشباب الرعب بان هناك من سيهب للقيام بنضال جماهيري، حكومي وقانوني، للدفاع عنهم، شريطة أن لا يتوقفوا.
الادانات التي اسمعها ممثلو الحكومة في اعقاب المس بقوات الامن هي ضريبة كلامية مضحكة. هم لم يدينوا في أي وقت بشكل جدي قتل الفلسطينيين. هؤلاء يمكن قتلهم، ويفضل ان لا تتدخل قوات الامن. التجربة تظهر انه في معظم الحالات بعد الهجمات القاتلة ضد الفلسطينيين، بشكل مدهش لا يتم اعتقال المعتدين اليهود، بل يتم اعتقال الضحايا الفلسطينيين.
الى اين يؤدي كل ذلك؟ هدف عنف المستوطنين القادم ليس فقط قوات الامن، بل كل من هو غير مستعد للتسليم بجرائم الحرب التي تنفذ في المناطق. عندما تكون الضفة الغربية خاضعة لسيطرة إسرائيل المطلقة، وينشرون فيها قوات الجيش والشرطة، ومع ذلك كل يوم يقتل هناك فلسطينيون ويتم احراق وتدمير ممتلكاتهم، فان التسليم بعنف الاستيطان هو جريمة. في هذا السياق مؤسف جدا انهم في المنظومة السياسية، بما في ذلك رؤساء المعارضة بني غانتس، غادي ايزنكوت ويئير لبيد، لم تسمع ادانات أو احتجاجات قوية على عنف مليشيات المستوطنين.
اذا لم تدرك حكومة إسرائيل بان هذه المليشيات هي العدو الأكثر خطرا علينا، ولم تستخدم كل القوة لوقفها واعتقال وحبس ومحاكمة رجالها، فنحن، الذين نتفاخر بتمثيل قيمة الشفقة والتسامح والانضباط والرغبة في التسوية والسلام، سنكون هدفها القادم. فهذه المليشيات لن تتردد أيضا في اطلاق النار علينا، وسيكون هناك من يزودونها بالسلاح.