ترجمات عبرية

هآرتس: ضرورة الاعتراف بالهزيمة

هآرتس 2023-12-23، بقلم: هيلل شوكن: ضرورة الاعتراف بالهزيمة

نحن لن ننتصر. حتى لو كنا معاً. المعركة الحالية في غزة على حقنا بوطن قومي في أرض إسرائيل خسرناها في 7 أكتوبر. كل يوم إضافي في العملية البرية فقط يعزز الفشل. عندما ستنتهي هذه المعركة الحالية، كما هو متوقع خلال بضعة أسابيع في أعقاب الضغط الدولي، فإن إسرائيل ستكون في وضع أصعب من الوضع الذي دخلت فيه إلى هذه الحرب في أعقاب الهجوم الوحشي لـ»حماس». هل يمكن أن ينبت من داخل الفشل أي شيء جيد؟ هل ربما نهاية النزاع؟
في 16 تشرين الأول أعلن «كابينيت» الحرب في إسرائيل عن أهداف الحرب: تدمير سلطة «حماس» وقدراتها العسكرية وإزالة التهديد الإرهابي من القطاع على إسرائيل، وبذل الجهود الكبيرة لحل قضية الرهائن، وحماية حدود الدولة ومواطنيها. في نهاية المعركة لن نحقق أي هدف من هذه الأهداف.
في هذه الأثناء الاستطلاعات تشير إلى أن سلوكنا في غزة يعزز مكانة «حماس» في أوساط الفلسطينيين، ليس فقط في غزة بل في الضفة الغربية أيضاً. ومن لم يكن يرغب بـ»حماس» في قطاع غزة سيحصل عليها أيضاً في مناطق السلطة الفلسطينية. وما ظهر للكثيرين كأقصى الجهود من أجل تحرير المخطوفين، نجح بشكل جزئي عند تحرير أقل من نصفهم، وكل يوم إضافي للحرب يعرض للخطر حياة معظم الذين بقوا في الأسر. إذا كانت هناك صفقة من أجل تحريرهم فعندها إلى جانب أنه سيطلب منا تحرير كل السجناء الفلسطينيين في إسرائيل والذين «أيديهم ملطخة بالدماء»، فنحن سنضطر أيضاً إلى الانسحاب من القطاع والتعهد بإنهاء الحرب. قادة «حماس» ليسوا أغبياء. فهم لن يوافقوا على أقل من ذلك. أصدقاؤنا الذين يقومون برعاية الصفقة سيتعين عليهم تقديم ضمانات بألا تهاجم إسرائيل فيما بعد.
مكانة إسرائيل الدولية تدهورت الآن إلى حضيض غير مسبوق، يعرض للخطر ليس فقط علاقاتها مع أصدقائها، لا سيما الولايات المتحدة، بل أيضاً مع الجاليات اليهودية في أرجاء العالم، ويحول الإسرائيليين إلى منبوذين في الخارج. أيضاً مكانتنا أمام دول المنطقة ضعفت بشكل دراماتيكي. وخلافاً للاعتقاد الذي بحسبه «حزب الله» خائف من شن الهجوم، إسرائيل هي الخائفة. ضعفنا أمام «حزب الله» تأكد بشكل صارخ عندما فهم الرئيس الأميركي الوضع وقام بإرسال وبسرعة قوة عسكرية كبيرة إلى البحر المتوسط.
رغم القوات الأميركية الرادعة إلا أن مبعوثي إيران ينجحون في الإزعاج. فـ»حزب الله» حول آلاف سكان الشمال إلى لاجئين في بلادهم، والحوثيون ينجحون في قطع علاقة إسرائيل البحرية من الجنوب. بذلك إسرائيل تضطر إلى التسليم بما اعتبرته في 1956 و1967 ذريعة لإعلان الحرب. دون تبرير الهجوم البربري للفلسطينيين على بلدات النقب الغربي، يجب أن نعتبره الذروة الحالية للنضال الوطني الفلسطيني العنيف ضد مجرد وجود دولة إسرائيل كوطن للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. خلال 75 سنة من وجودها نجحت إسرائيل في وقف طموحات الفلسطينيين لتصفيتها وتقرير المصير لفلسطين كدولة سيادية في المنطقة التي توجد بين النهر والبحر. في البداية بوساطة الحكم العسكري للفلسطينيين داخل الخط الأخضر مع صد الهجمات من خلف حدود الهدنة. وبعد ذلك بوساطة السيطرة العسكرية على سكان المناطق التي تم احتلالها في حرب الأيام الستة، الضفة الغربية وقطاع غزة.
السنوات الكثيرة التي مرت لم تضعف الفلسطينيين. قوة معارضتهم لمجرد وجود إسرائيل تجبي من الطرفين ثمناً دموياً واقتصادياً آخذاً في الازدياد. من أجل ألا تصبح المعركة الحالية سابقة لأعمال عنف أكبر وضمان الوطن القومي للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، فإنه يجب عليها اعتبار إلغاء المعارضة الفلسطينية لمجرد وجودها هدفاً سامياً إستراتيجياً لسياستها.
الحركة المسيحانية في إسرائيل تأمل تحقيق، «بعون الله»، هذا الهدف من خلال طرد جميع الفلسطينيين من القطاع ومن الضفة الغربية. حسب رأيهم فإن القتل الكثيف في قطاع غزة وأعمال شغب المستوطنين في الضفة الغربية، التي ترتكب برعاية الجيش والشرطة الإسرائيليَّين، استهدفت «تشجيع» الفلسطينيين على الهجرة إلى خارج حدود المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، وهي الخطوة التي تعني التطهير العرقي لخمسة ملايين فلسطيني. يصعب تخيل أن العالم، الذي في القريب سيجبر إسرائيل على وقف القتال في غزة إزاء عشرات آلاف القتلى والمصابين والتدمير المادي والإنساني بوحشية، سيسمح بهذا الحل.
فشل حرب يوم الغفران ونجاح المصريين في اجتياز القناة عملت على إعادة الكرامة لمصر وأدت إلى التوقيع على اتفاق السلام. اعتراف إسرائيل بالهزيمة في المعركة الحالية، كما ذكر أعلاه، سيساعد في إعادة الكرامة الوطنية للفلسطينيين، التي تم سحقها خلال 56 سنة. هذا كما يبدو هو المرحلة الحيوية في العملية التي ستؤدي إلى وقف القتال في غزة وإلى صفقة التبادل التي سيتم فيها إطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين مقابل جميع المخطوفين، الذين مصيرهم مرهون بالفترة التي ستمر إلى حين اعتراف إسرائيل بهذا الواقع. إسرائيل ستضطر إلى الاعتراف بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة ذات سيادة وإجراء المفاوضات مع أي قيادة يقومون باختيارها حول إنهاء النزاع على أساس قرارات الأمم المتحدة والمبادرة السعودية. هل يمكن أن كارثة 7 أكتوبر تبشر بأفق جديد في الشرق الأوسط؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى