هآرتس: ضد هجوم تكتيكي في ايران
هآرتس 10/10/2024، عومر بارليف: ضد هجوم تكتيكي في ايران
عشية ما يلوح كهجوم اسرائيلي في ايران، ردا على النار نحو اسرائيل قبل رأس السنة، يجدر بنا النظر الى المواجهة المباشرة بين الدولتين والتفكير بعمق بنتائجها، وفي اعقاب ذلك – على ما سيأتي.
في جولتي القتال المباشرتين الاخيرتين والوحيدتين حتى الآن، كانت يد اسرائيل هي العليا. في الهجوم الاول اطلقت ايران على اسرائيل نحو 500 سلاح من انواع مختلفة، وكانت النتيجة صدا شبه مطلق للهجوم. في الهجوم الثاني حاولت ايران استخلاص الدرس من الفشل وركزت على اطلاق نحو 180 صاروخ بالستي. هذا الهجوم ايضا تحطم على الحائط الحديدي الذي نصبته اسرائيل.
لا يدور الحديث فقط عن نصر تكتيكي اسرائيلي، بل عن نصر ذي مغزى استراتيجي. فالقدرة الهجومية المباشرة والاساسية لايران كانت ولا تزال في منظومة المسيرات، الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، منظومة تكبدت هزيمة بينما القدرة الهجومية الاسرائيلية بقيت مجهولة. انجاز اسرائيلي استراتيجي آخر، هام بقدر لا يقل عن الانجاز العسكري، هو تبلور تحالف دولي، بقيادة الولايات المتحدة ومع دول عربية للمساعدة في الدفاع عن اسرائيل. هذا دليل آخر على قوة التهديد ليس فقط على اسرائيل بل على كل الشرق الاوسط، بل وما وراءه، وعلى اهمية بلورة تحالف ضده في اوساط دول المنطقة والولايات المتحدة.
الانجاز الاسرائيلي هو هائل وقد تحقق في الدفاع وليس في الهجوم. بعد الهجوم الايراني الثاني يمكن السؤال اذا كان الرد فقط لغرض الرد هو خطوة صحيحة من ناحية استراتيجية. فهل بعد جولتين توجد حاجة للهجوم؟ هذه اسئلة يجب أن نطرحها اذا ما قررنا أن الخطوة التالية لاسرائيل يجب أن تكون استراتيجية وليس تكتيكية. في نظري، هجوم مضاد من شأنه أن يبقى في المطارح التكتيكية وفي واقع الامر المس بالردع الاسرائيلي اكثر مما في تعظيمه.
اذا هاجم الجيش الاسرائيلي بشكل مقنن ومحدود كي يمنع التصعيد، فاننا سنضيع الانجاز الدفاعي. واذا هاجم بشكل واسع بنى تحتية عسكرية ومدنية فستكون ايران ملزمة بالرد، واسرائيل ستجد نفسها في نوع آخر من حرب الاستنزاف الطويلة، الضارة والخطيرة، لهجمات وهجمات مضادة. شرك ليس مجديا الوصول اليه وهو من شأنه أن يسحق الانجاز الاسرائيلي المتمثل بتعزيز الردع.
وعليه فان الموضوع الوحيد الذي ينبغي أن يكون على الطاولة هو استراتيجي: برنامج النووي الايراني، امكانية التهديد الوجودي الوحيد على دولة اسرائيل. الحكومة والجيش ملزمان بالتركيز على هذا فقط. بشكل استراتيجي شامل وليس بشكل تكتيكي، وبالتأكيد عدم استعباد الصراع ضد هذا التهديد برد تكتيكي فقط.
متفق عليه في اوساط معظم العاملين في المهنة أنه لاجل الحاق ضرر ذي مغزى بالقدرة النووية لايران هناك حاجة الى تعاون وثيق مع الولايات المتحدة. تعاون كهذا عشية الانتخابات في الولايات المتحدة ليس ممكنا اغلب الظن، لكن يحتمل أن يكون ممكنا بعد الانتخابات هناك.
ليس واضحا اذا كانت الولايات المتحدة بعد الانتخابات ستتفضل للانضمام الى هجوم على منشآت النووي في ايران، لكن واجب على اسرائيل أن تحاول هذا. حتى ذلك الحين – كل خطوة هجومية اخرى لنا ضد ايران ستكون جوابا تكتيكيا فقط على هجومها الفاشل.
لقد شهد النظام في طهران القوة العسكرية لاسرائيل في الدفاع ضده واستوضح قدرتها الهجومية في قطاع غزة، في لبنان وفي اليمن، حيث تجتث اسرائيل اذرعه الطويلة. وعليه فلا حاجة لاسرائيل أن تفكر عن هنا والآن وتقوم بالامر ذاته مرة اخرى. عليها أن تنظر الى الامام، الى التهديد الحقيقي.
*وزير الامن الداخلي وقائد سييرت متكال سابقا ومؤلف كتاب “ترتيبات أمن في ميدان المعركة المستقبلي”