ترجمات عبرية

هآرتس – صندوق انتخابات في المسجد الاقصى

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 18/4/2021

” معارضو محمود عباس يطالبون بالتصميم على اجراء الانتخابات في القدس حتى اذا عارضت اسرائيل ذلك. ويقولون إنه لا يجب قبول الفيتو الاسرائيلي على اجراء الانتخابات “.

       هل ستقرر هذا المساء اللجنة التنفيذية في م.ت.ف “تعليق” (عمليا الغاء) الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني، بذريعة أن اسرائيل لا تنوي تمكين اجراء الانتخابات في شرقي القدس؟ أو ربما سيصدر هذا القرار في وقت لاحق من هذا الاسبوع، كما يبدو، بمعزل عن الجهة التي من شأنها أن تمثل كل الشعب الفلسطيني (حتى في الشتات)، وهي في الواقع قشرة اخرى نزيهة للحكم الاستبدادي لمحمود عباس؟. في الاسبوع الماضي زادت حمى التخمين حول هذا الشأن، التي بدأت تقريبا فور اعلان عباس في كانون الثاني بأن الانتخابات ستجرى في 22 أيار، ومرة اخرى زادت بعد أن تبين أن معظم التوقعات تظهر أن قائمة حماس ستكون الاكبر لأن 36 قائمة تنوي التنافس في الانتخابات، منها قائمتان لاعضاء نشطاء في فتح، وتتنافس مع فتح الرسمية (مؤيدي أبو مازن).

       إن مسألة مشاركة الفلسطينيين من سكان القدس في الانتخابات للبرلمان الفلسطيني تشكل اختبار مدمج. بواسطته يمكن فحص أمرين: (عدم) استعداد عباس ومؤيديه في فتح للسماح بعملية ديمقراطية وحدود رغبة السلطة الفلسطينية في العمل خلافا لاملاءات اسرائيل. كذلك هي تسمح بفحص قدرة، ليس فقط رغبة، التنظيمات الفلسطينية الاخرى على ضعضعة سيطرة عباس على السياسة الفلسطينية، والاصعب من ذلك هو قياس الشعور بالانتماء في اوساط الجمهور الفلسطيني – المقدسي للنظام السياسي في جيوب السلطة الفلسطينية، واستعداده وقدرته على تحدي النظام الاسرائيلي من خلال التعبير عن مشاركته في هذا النظام السياسي.

       اسرائيل لم تجب حتى الآن – بالرفض أو بالايجاب – على طلب السلطة الفلسطينية بالسماح لحوالي 90 ألف فلسطيني مقدسي الذين سجلوا، بالتصويت في صناديق الاقتراع في المدينة. طالما أن شخصية رفيعة مقربة جدا من عباس تعلن أنه “لا توجد انتخابات بدون القدس، أو تجري مظاهرات “عفوية” تحت هذا الشعار، فان هذا الامر يفسر كتمهيد لطريق الاعلان عن تعليق – الغاء الانتخابات: في الاسبوع الماضي حدث هذا بتواتر كبير.

       من يؤيدون عباس يطالبون أن تضغط اوروبا على اسرائيل لضمان اجراء الانتخابات في القدس. هكذا مثلا قال في الاسبوع الماضي جبريل الرجوب لسيفان كون بورغسدورف، ممثل الاتحاد الاوروبي في شرقي القدس. وكذلك هذا ما يتوقع أن يقوله وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، لوزارات الخارجية الاوروبية. المتشككون ومن سمعهم خفيف يسمعون هنا رسالة مخفية: “ستقع المسؤولية على الاوروبيين (الذين يؤيدون العملية الديمقراطية) اذا وضعت اسرائيل عقبات امامنا، التي بسببها سنضطر الى الغاء – تعليق الانتخابات”.

       لكن لماذا بعد 26 سنة على التوقيع على الاتفاق الانتقالي (الذي صادق على تصويت فلسطيني، حتى لو كان رمزي، في مكاتب البريد في القدس) يجب على السلطة أن تكون ملتزمة باطار تستخف به اسرائيل طوال الوقت، وكان يجب أن يستبدل في 1999؟ في نهاية المطاف، ايضا التوجه الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي هو انحراف عن هذا الاطار. لماذا بالضبط عندما يدور الحديث عن انتخابات يجب انتظار موافقة اسرائيل؟ الشرطة والشباك في القدس لا يفوتون أي فرصة لاعتقال فلسطينيين، وفض اجتماعات وقمع نشاطات شعبية يقومون بها. اذا كانت الانتخابات مهمة جدا ودليل على الديمقراطية الفلسطينية، مثلما رد عباس ومؤيديه، يمكن تحويلها الى أداة في النضال ضد الاحتلال.

       “محظور أن نترك لاسرائيل أن تفرض فيتو على الانتخابات الفلسطينية”، قال مصطفى البرغوثي، رئيس حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، ونشطاء في تنظيمات اخرى، الذي سجلوا كمتنافسين في الانتخابات. إن التصميم على اجراء الانتخابات ايضا في القدس، خلافا لرغبة اسرائيل، يمكن أن يبعث المقاومة الشعبية للحكم الاجنبي وأن تعيد تأهيل النشاطات الوطنية ما فوق الفصائلية، وأن تعيد القدس الى الخطاب كمدينة فلسطينية وحقيقة أن الامر يتعلق بمنطقة احتلت في 1967، وحتى تحدي ادارة بايدن وربما ايضا الدول العربية التي تقوم بعملية تطبيع مع اسرائيل.

       المشكلة ليست تقنية، أوضح النشطاء: يمكن وضع صناديق اقتراع في المسجد الاقصى وفي كنيسة القيامة وفي مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الاونروا” وفي المدارس، ويمكن السماح بتصويت الكتروني ووضع المزيد من صناديق الاقتراع خارج المدينة. في الشهر الذي بقي على موعد الانتخابات، التنظيمات الفلسطينية، وعلى رأسها السلطة، يمكنها ويجب عليها تشجيع المقدسيين على التجرؤ على القدوم للتصويت. واذا حاولت اسرائيل التخريب في العملية الديمقراطية التي ستكون مصورة تلفزيونيا في كل العالم، هي ستكون الخاسرة وهذا سيضر بصورتها وسيشكل هذا دافع لتجديد التضامن. الجميع يتذكرون أن المقدسيين نجحوا في 2017 في تحقيق ازالة البوابات الالكترونية التي وضعتها الشرطة على بوابات الاقصى: لقد رفضوا الدخول الى ساحة المسجد وتظاهروا وصلوا بجموعهم خارجه. وعرضوا اسرائيل كمن لا تلتزم بحرية العبادة، الى أن اضطر نتنياهو الى اصدار أوامره لرفع البوابات. منذ ذلك الحين فان هذا النجاح شكل مثالا لقوة النضال الشعبي الجماهيري (خلافا للعمليات المسلحة للافراد)، والحاجة اليه من اجل تغيير ميزان القوى. ولكن ايضا اذا لم يقم عباس وفتح بالغاء الانتخابات، فان السؤال سيبقى مفتوحا: هل سيعتقد المقدسيون أن التصويت للبرلمان الفلسطيني هو أمر مهم مثل الدفاع عن مبدأ ديني، وأنه يستحق المخاطرة من اجله بالتعرض للتنكيل الاسرائيلي وأنه يساهم في تحقيق الهدف الوطني. الاجابة يمكن أن تكون مؤلمة جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى