هآرتس: صفقة القرن الجديدة: العفو مقابل السلام

هآرتس 14/11/2025، كارولينا ليندسمان: صفقة القرن الجديدة: العفو مقابل السلام
ما يحاول دونالد ترامب ان يفعله واضح: استغلال القوة الفريدة الموجودة لدى بنيامين نتنياهو، فقط له على قاعدته، من اجل ان يقوده الى تحقيق حلم سياسي متماهي مع اليسار، الذي في أساسه كيان سياسي على شاكلة أوسلو. ترامب يبحث عن صفقة تاريخية على اسمه؛ نسخة محدثة لـ “صفقة القرن”. هو لا يغني اغنية “تخيل”، لكنه بالتأكيد شخص مصاب بجنون العظمة على الصعيد الجيوسياسي، ويريد ان يكون اكثر شهرة من ييشو والبيتلز. ومن اجل فعل ذلك فهو بحاجة الى شريك يمكنه حشد “الشعب” له.
ترامب يعرف ان نفوذ نتنياهو على معسكر اليمين هو كبير جدا عندما يدور الحديث عن الحرب، لكنه غير كاف عند الحديث عن السلام. ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش شريكان في الحرب وليس في السلام. اذا كان الامر يتعلق باحتلال غزة فعندها سيتساوقان معه باندفاع. اطلاق سراح مروان البرغوثي وإقامة كيان سياسي فلسطيني في القطاع؟ سيقولان له، سنراكم في صناديق الاقتراع. وبصفته شخص يتمتع بنفوذ سياسي مشابه وله جمهور مخلص لا يعاقب عن تناقضات سياسية، يدرك ترامب ان قوة نتنياهو الحقيقية ليست أيديولوجية، بل قبضته على الشعب. هو الوحيد في النظام السياسي الحالي الذي يقدر على قيادة مؤيديه الى أي مكان. افضل الاقتباسات ضد نتنياهو هي اقتباسات نتنياهو نفسه ضد خصومه السياسيين في مواقف مشابهة (“هذا رئيس حكومة غارق حتى رقبته في التحقيقات”؛ اذا كان مفهوم المسؤولية له أي معنى فانه يجب على رئيس الحكومة الذهاب). ولكن قاعدته تنسى كل شيء.
مريام ادلسون في الواقع صديقة لنفتالي بينيت، وقد يكون بينيت اكثر يمينية من نتنياهو، لكن الشعب لن يتبع بينيت أبدا. الامر ليس مسالة يمين او يسار، بل مسالة فيسيولوجية سياسية، ثقة تنبع من الداخل. هكذا يعرف ترامب ان الشخص الوحيد القادر على اقناع مؤيدي نتنياهو بخطوة سياسية بروحية حل الدولتين هو نتنياهو، ولذلك وبخ ترامب يئير لبيد في خطابه في الكنيست. في أوقات الحرب لا حاجة الى لبيد. اما في أوقات السلام – ماذا يهمك يا بيبي، ما رايك ان تكون لطيف معه اكثر قليلا. انظر كيف احمر وجه الصبي خجلا، حتى ان نتنياهو ضحك. وأشار ترامب لهما: ستكونان معا في طاقمي للسلام.
هو يدرك ان لبيد والرؤساء المناهضين لبيبي لا يمكنهم بيع للناخبين الانضمام الى نتنياهو. انظروا الجثة السياسية الملقاة جانبا لبني غانتس. من هنا نحن سنصل الى العفو. ترامب لا يحاول مساعدة صديق، بل يحاول هندسة مصالحة وظيفية، ليس عاطفيا أو أيديولوجيا، بين المناوئين لبيبي والبيبيين، من اجل تشكيل حكومة بدون اليمين المتطرف، تستطيع ان تدفع قدما السلام مع الفلسطينيين.
مثلما ادرك ان الرهائن قد تحولوا من رصيد لحماس الى عبء يبرر استمرار الحرب، هو يدرك أيضا ان محاكمة نتنياهو قد تحولت من رصيد سياسي للمعارضة الى عبء على كل النظام. ليس بسبب ادانة وشيكة أو لان المحاكمة تستهلك وقت نتنياهو الثمين، بل لانها تغلق مجاله السياسي للمناورة وتقيده باليمين المتطرف. وبالتالي تغلق أيضا المجال امام الفرص السياسية.
ترامب يعرض دعم رئاسي ورعاية دولية للعفو، وساطة امام معارضة ووقود سردي لـ “تغيير الاتجاه”، ومساعدة سياسية لنتنياهو في كسر ارتهانه للمتطرفين اليمينيين. العفو ليس منة شخصية لنتنياهو، بل ثمن لتغيير التوجه السياسي. ليس ثمن للتقاعد، بل ثمن لوقف الانقلاب وفتح مساحة سياسية جديدة. هل سيحدث ذلك؟ الامر يعتمد على ترامب وحده. فاذا نجح في اقناع هرتسوغ بان ما هو موجود على المحك هو السلام مع الفلسطينيين.



