ترجمات عبرية

هآرتس – شيء ما لا يستقيم، لقد حان الوقت للتغيير

هآرتس – بقلم  ايتان ادراس وروبين غال – 14/4/2021

ربما حان الوقت لتغيير الفكرة المنظمة التي أدت الى اقامة الدولة. لأنها ترتكز منذ سنوات على نفس الاجندة، ويبدو أنها لم تعد تعمل “.

ليس في كل يوم تستيقظ أمة على فرصة لاجراء تغيير. بشكل عام، ضئيلة هي الفرص التي تمنح للأمم من اجل اعادة تعريف نفسها من جديد. وربما هذا ما تحتاج اليه اسرائيل جدا في الوقت الحالي. في السنتين الاخيرتين منح مواطنو الدولة اربع فرص كهذه في الجولات الانتخابية الاربعة التي فرضت عليهم بشكل قسري. وكأن شيء ما رسم علم الدولة بصورة عكسية وحول الوانه من ازرق ابيض الى اسود غامق. وفي جولة الانتخابات الاخيرة ابتلع مرة اخرى كل الاوراق. ربما يجب الاستيقاظ وتغيير الطريقة. تغيير الفكرة المنظمة التي أدت الى قيام الدولة قبل 73 سنة، التي يبدو أنها لم تعد تعمل.

شيء ما لا يستقيم في الطريقة التي ترتكز منذ سنوات على نفس الاجندة، التي بدلا من أن تقود الشعب الى مستقبل مزدهر، على أسس اجتماعية من الاحترام المتبادل والتضامن، بالذات يعمق الشرخ والاستقطاب داخل المجتمع الاسرائيلي. اضيفوا الى ذلك وباء الكورونا وستحصلون على ازمة اقتصادية، اجتماعية – ثقافية، التي بدأت تهدد استقرار الوجود الصهيوني، والتي من المشكوك فيه أن يكون الآباء المؤسسون للدولة قد فكروا فيها.

الحاجة الى اعادة فحص مسائل اساسية قيمية ومسائل تتعلق بالانظمة، والتي تتعلق بمستقبل الدولة، الحاجة هي ضرورية اكثر من أي وقت مضى وحتى أنها حاسمة بالنسبة لاسرائيل، ربما في هذا الوقت بالذات مع انخفاض حدة المرض.

الفكرة المنظمة التي أدت الى اقامة الدولة هي الصهيونية. كحركة قومية ايديولوجية تؤيد اقامة دولة يهودية في ارض اسرائيل، قامت في نهاية القرن التاسع عشر حيث قيمها كانت مغروسة في نظريات قديمة، مغروسة في تقاليد دينية وفي الافكار القومية التي ازدهرت في حينه في اوروبا. في بدايتها كانت اهدافها العودة الى صهيون، تجميع الشتات وترسيخ سيادة يهودية مستقلة. بنيامين زئيف هرتسل، الذي اعتبر كمن وضع فكرة الصهيونية الحديثة، رآها كمجموعة كبيرة من الافكار، من بينها ايضا السعي الى الكمال الروحي والاخلاقي.

منذ اقامة الدولة في 1948 واصلت الحركة الصهيونية تأييد هذه الخطوط من خلال الحفاظ على أمن الدولة، لكن في الهجمات الاخيرة، سواء كان هذا في ظل ازمة الكورونا أو بسبب صراعات سياسية وتقديم لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة، اتسعت الفجوات في خارطة الحركة الصهيونية، ولم يعد بالامكان تجاهل حقيقة أن ثلث مواطني الدولة تقريبا، بالاساس العرب والمتدينين، غير متماهين في هذه الاثناء مع قيمها.

التحديات التي تواجهها الدولة تدعو الى فحص عميق للنماذج التي تشكل وجه المجتمع في اسرائيل. هذه مهمة صعبة، تحوي في طياتها ايضا فرص غير مسبوقة، تشمل تشخيص “افكار منظمة” جديدة لصورة الدولة في العقود القادمة. هذه المهمة تصدت لها 32 شخصية معروفة، نساء ورجال، رواد في مجالات مختلفة من كل اطراف الطيف السياسي وذوي خلفيات وعقائد ومواقف واعمار مختلفة. بمحادثات شخصية معمقة مع كتاب المقال شاركت هذه الشخصيات افكارها ومخاوفها وأملها حول مستقبل دولة اسرائيل. في هذه المحادثات اشاروا الى “الفكرة المنظمة” والقيم المهمة (بالنسبة لهم) التي عليها يجب أن يرتكز المجتمع في اسرائيل في العقود القادمة.

على الرغم من تنوع من اجريت معهم المقابلات والآراء التي تم طرحها، إلا أن من بادروا للمشروع (طاقم من الباحثين في مؤسسة شموئيل نئمان لابحاث السياسات الوطنية، الذي اضافة الى كتاب المقال ضم ايضا رئيس المؤسسة، البروفيسور زئيف تدمر، الذي كان رئيس التخنيون سابقا، والبروفيسور عيراد يفني، مدير عام مؤسسة شموئيل نئمان)، لاحظوا وجود قاسم مشترك. المحادثات، كما تبين، أدت الى التكتل حول مباديء وثيقة الاستقلال، مع التركيز على الظروف الضرورية التي تمكن من تحقيق قيمها: الامن والمناعة والصلابة وبلورة انظمة واستقرارها وقواعد لعب (طريقة انتخاب تقود الى استقرار الحكم وتقليص القوة الزائدة للمجموعات الهامشية)؛ تحديد العلاقات بين السلطات (فصل، توازن وكوابح)، وتعزيز مكانة المستوى المهني. رغم المعضلات الكثيرة وتنوع الآراء، إلا أنه كان واضح للجميع بأنه توجد مواضيع نموذجية بحاجة الى الفحص والتحديث من اجل الحفاظ على مستقبل مستقر لدولة اسرائيل:

جهاز التعليم. نحن نحتاج الى نظام تعليم من اجل تفكير انتقادي، وقيم، والعيش مع خلافات وتنمية قدرة استيعاب لمجموعات وثقافات مختلفة. هناك حاجة الى ضمان تعليم المواضيع الاساسية لكل اولاد اسرائيل، خاصة اللغة العبرية واللغة الانجليزية والرياضيات. وما يتفق عليه الكثيرون هو الحاجة الى تعزيز التعليم والتربية على التراث الثقافي اليهودي في اندماج مع ثماره الاسرائيلية، وبالطبع، الحاجة الى تعزيز مكانة المعلمين.

اليهودية والديمقراطية. هناك اتفاق واسع (يضم ايضا عرب اجريت مقابلات معهم) بخصوص اهمية هذا الدمج، رغم أنه يظهر احيانا تناقضات. الكثيرون اشاروا الى اهمية قانون العودة، والى غياب ذكر قيمة المساواة في قانون القومية، الذي يحتل اهمية عميقة في اوساط المجتمع الدرزي. المساواة والحفاظ على حقوق الانسان مثلما تم التعبير عنها في وثيقة الاستقلال، هي من خصائص اليهودية التي تخلق الربط بقيم الديمقراطية الليبرالية وتعزيز القيم الاجتماعية.

وقد تم التأكيد على الفصل بين الديمقراطية القومية المتطرفة والديمقراطية الليبرالية. “الديمقراطية القومية المتطرفة بضم “اليهودية” ستفرغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي”، قال احد المشاركين في المشروع.

اقتصاد سوق تقليدي. الازمة تخلق تغيير نموذجي بالنظر الى وظائف الدولة في منح شبكة امان محدثة لمواطنيها. المعنى هو ملاءمة دولة الرفاه مع الواقع الجديد الذي يشمل معدل حياة طويل الى جانب زيادة عدد السكان الذي يؤدي الى عملية تمدن كبيرة. اضافة الى ذلك، من يؤيدون حماية البيئة وتغييرات في العالم والطاقة يشيرون الى أنه يتوقع حدوث صراع كبير على الموارد، وهو صراع ليس بالذات صراع ايديولوجي، بل على طبيعة السلوك.

الحوكمة. معنى هذا هو البحث عن الجيد المشترك، رفض الاصولية وتعزيز التكتل. أي الحفاظ على حلم مشترك، مع وضع مصلحة المجموع فوق المطامح السياسية المختلف عليها. هذه المقاربة تسمح بدمج ثقافات وتعامل معقول ومتسامح مع العوامل المغايرة في المجتمع مثل جزء من المجتمع الاصولي والمجتمع العربي.

اسرائيل في الشرق الاوسط. هناك ازدواجية قيمية في التعامل مع الثقافة الغربية والديمقراطية ومع التقدم التكنولوجي، الى جانب الاعتراف بجيرتنا مع دول الشرق الاوسط، التي لا يمكن تجاهلها وتجاهل المعنى الجيوسياسي للقرب منها. لذلك، يجب علينا الحفاظ على توجه غربي – هناك ايضا تفوقنا نسبي – الى جانب الاندماج الفعلي في المنطقة. ومن تم اجراء المقابلات معهم في المشروع اعتقدوا أنه يجب البحث عن طرق لتطوير العلاقات مع الدول الكبيرة الثقافية في المنطقة، مثل ايران وتركيا ومصر. معظمهم (ليس جميعهم) اشاروا الى أن ايجاد حل (ربما كونفيدرالي) للنزاع مع الفلسطينيين هو مهم في شبكة العلاقات في المنطقة والاستقرار الداخلي لدولة اسرائيل، لكن كان هناك اتفاق بأنه “يصعب أن نكون متفائلين في هذه الاثناء بخصوص بلورة حل قابل للحياة”.

اسرائيل بين الشعوب. العولمة الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية، تلزم اسرائيل بفحص النماذج القائمة في علاقاتنا مع القوى الدولية المختلفة.

تحليل المقابلات قاد الباحثين الى الاستنتاج بأن هناك قاسم مشترك كبير جدا حتى في اوساط اصحاب مواقف متنوعة ومختلفة. وأنه يمكن ايجاد اساس مشترك لفكرة منظمة، على اساس مباديء وثيقة الاستقلال، التي يمكن أن تجسر الفوارق والانقسامات التي تميز في هذه الاثناء المجتمع الاسرائيلي. تقريبا كل الشخصيات التي أجريت معها المقابلات، تتفق على أن الوضع القائم يقوض الاسس التي قامت عليها الفكرة الصهيونية مثلما تم تعريفها من قبل الآباء المؤسسين. وأن الحاجة الى بلورة افكار منظمة هي حاجة واضحة وفورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى