هآرتس: شريط اجرامي لتسع دقائق أوضح ان نتنياهو يخاف وانه لم يعد هناك حدود لن يجتازها
هآرتس 24/11/2024، يوسي فيرتر: شريط اجرامي لتسع دقائق أوضح ان نتنياهو يخاف وانه لم يعد هناك حدود لن يجتازها
في منتهى السبت وفي نهاية الاسبوع تم فيه احصاء عشرة قتلى، في معظمهم جنود لم يحصلوا على تغريدة أو تطرق من رئيس الحكومة، عرض بنيامين نتنياهو فيلم مدته تسع دقائق، وهي طويلة بلغة الافلام. المضمون تطاول وحشي، تشويه يثير الاشمئزاز وتحريض اجرامي ضد الجيش والشباك والشرطة والنيابة العامة. هذا يتضح مما فعله أمس.
الفيلم تناوله هو فقط. هو لم يتطرق الى انقضاض عشرات المستوطنين على من كان سكرتيره العسكري، قائد المنطقة الوسطى آفي بلوت. هكذا سار الامر: وزير الدفاع المثير للشفقة، اسرائيل كاتس، صرح أنه لن يكون هناك بعد الآن اعتقالات ادارية لمشبوهين بالارهاب اليهودي، من تم توجيه هذا التصريح اليهم يعملون كما طلب منهم، ورئيس الحكومة يدعمهم بصمت، بعد أن بارك الكثير من الوزراء هذا التمييز العنصري. بعد ذلك يتباكون على مذكرات الاعتقال من لاهاي.
نص نتنياهو حمل كل علامات التعريف الواضحة من مدرسته: تلاعب ممنهج، اكاذيب، نقل رسائل اجرامية لابناء عائلة متهم معين، الذي يخاف التحدث عنه (هكذا، كما قلنا، فعل ايضا بالنسبة لملفات الآلاف فوق منصة الكنيست)، ومحاولة لاشعال القاعدة العنيفة التي هاج ممثلوها في المحكمة ضد جهاز انفاذ القانون. كل المركبات في الطبخة المعروفة.
ظهوره بث الخوف مما سيأتي. ومثلما عرفنا في السابق في عدد غير قليل من مفترقات الطرق، عندما كان يشعر نتنياهو بالحبل على عنقه، عندها لا توجد حدود لن يجتازها. مثل مجنون ملاحق وضع يده على مشعل النار وارسل السنة اللهب على كل من يقف امامه. الخطر الذي يشكله نتنياهو على الديمقراطية في اسرائيل وعلى مؤسسات الدولة اصبح معروفا جيدا. ليلة أمس التقينا بتجسيد آخر له، اكثر خطورة مما كان في السابق. في خضم الحرب يشن هجوم شامل على رؤساء الاجهزة التي تدير الحرب وعلى المسؤولين عن الانجازات التي يتفاخر بها.
المقام هنا ضيق لاحصاء جميع التشويهات والاكاذيب وانصاف الحقائق التي نثرها في كل الاتجاهات. بدون الانزلاق الى تحليل نفسي رخيص يمكن فقط التساؤل حول ما الذي يفكر فيه شخص، الذي هو مستعد للكذب بهذه السهولة، بصورة طبيعية كهذه، وهو يطلق النار على ظهر رئيس الاركان ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس الشباك، وبالطبع المستشارة القانونية للحكومة والمدعي العام، الذين يرافقون التحقيق مع ايلي فيلدشتاين وشركاءه. وضعه النفسي المتفاقم هو مشكلتنا جميعا.
من أين سنبدأ؟ نتنياهو قال إنه لم يتم التحقيق في أي تسريب باستثناء التسريب الذي تورط فيه رجال مكتبه. هذا كذب: رئيس الشباك السابق يورام كوهين قال مساء أمس في “قابل الصحافة” بأنه منذ بداية الحرب اجرى الجهاز 15 تحقيق في تسريب الاسرار، جميعها في الجيش الاسرائيلي وبناء على طلبه. نتنياهو عدد تسريبات سابقة جميعها من اجهزة امنية، والقاسم المشترك بينها هو هوية المسؤول عنها، أي رئيس الحكومة.
وقد قال إن الوثيقة التي نشرت في صحيفة “بيلد” الالمانية لم تكن معروفة لديه، واتهم الاستخبارات العسكرية “امان” باخفاء المعلومات عنه لفترة طويلة. كذب: من لائحة الاتهام يتبين أن فيلدشتاين كانت لديه المعلومات منذ شهر حزيران، وأن الصديق يونتان اوريخ عرف أن هذه المعلومات يجب أن تصل الى الرئيس. الادعاء بأن “امان” امتنعت بصورة ممنهجة عن ارسال لنتنياهو وثائق استخبارية هو ادعاء يثير الاشمئزاز وخطير. هذا هدر دم حقيقي.
كم من السهل عليه الكذب، هذا نعرفه. من حصل على مشاهدة فيلم “افلام بيبي” رأى بعيونه المتعبة الكاذب الافضل في التاريخ وهو يفعل ذلك في كل جملة يقولها، بصورة طبيعية يتميز بها فقط الكاذبون المزمنون. امس دافع عن العاملين في مكتبه، تقريبا جميعهم تم التحقيق معهم في القضية. “هم يدفعون الثمن”، تباكى. للتذكير، قبل يومين فقط نشر بار بيلغ في “هآرتس” أن مقربين، وهما اوريخ واسرائيل اينهورن، عملا في السابق على بناء حملة اعلامية لقطر، التي كما هو معروف تؤيد حماس وتمولها. ولو أن ذلك حدث في مكتب نفتالي بينيت لكنا سمعنا من نتنياهو بأن “بينيت قام بتمويل حماس”. اضافة الى حملة بروحية غبليس.
بعد ان انهى التحريض والتشهير توجه لما كان حقا مهم بالنسبة له، البث للمتهم فيلدشتاين بأن قلبه معه، وقام بمدحه وتمجيده، وجعله بطل حقيقي لاسرائيل. وصرخ بأن الامر يتعلق بـ “وطني صهيوني!” وكأنه احد المتظاهرين الذين عملوا باسمه في المحكمة. أي تعاطف هذا الذي يأسر القلب ازاء شخص حتى منذ فترة غير بعيدة تنكر له بشكل فظ، ونفى كل علاقة له به وقال بوقاحة (بالاساس بغباء برهن على ذعره) إن هذا الشاب الذي عمل كمتحدث باسمه في الشؤون الامنية ليس موظفا في مكتبه. وعندما ادرك الامكانية الكامنة للضرر قام بتحويل كامل للتوجه وبشكل مضحك، على امل أن المديح والتوجه المباشر لابناء العائلة (الذين يهمونه مثل قشرة الثوم) سيمنع الابن من قول الحقيقة، وربما حتى يصبح شاهد ملكي، كما هو التقليد في المكتب الاكثر اجرامية في تاريخ الدولة، بروحية وعلى شكل الزعيم.
مرة تلو الاخرى توجه الى “المواطنين الاعزاء”. فقد فاجأهم بالقول إن لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين وضد جندي الاحتياط غير موجهة ضدهم – وبالطبع له – بل الى “معسكر كامل”. هذه كانت رسالة واضحة للمعسكر، كي يقوم ويفعل أي شيء. “هي تستهدف منعه من هزيمة الاعداء”. والمح بأن النيابة العامة والشباك يريدون القضاء عليه من اجل مساعدة حماس وحزب الله والاعداء والاشرار الذي هبوا للقضاء علينا. أي “الخونة”. محققو الشباك وصفهم نتنياهو بأنهم “ملثمين”، انقضوا على بيت المشبوهين تحت جنح الظلام كما هو سائد في مثل هذه التحقيقات، وكما هو معروف له جيدا. “هذه المصيدة”، قال، “لم تردعني. وأنا اريد ايضا أن لا تردعكم”.
العيون التي استهدفها فيلم الرعب هذا هي عيون رونين بار. خطوة عنيفة بشكل خاص، لكنها ليست الاولى، في طريق نتنياهو للتخلص من رئيس الشباك. بار حافظ على النزاهة عندما تصرف وفقا للبروتوكولات والقانون في قضية فيلدشتاين ولم يخضع كي يستطيع نتنياهو التهرب من تقديم شهادته في المحكمة. الآن يوجه المتهم المذعور ضربة تلو الاخرى التي مهمتها الرئيسية هي اعداد الرأي العام لليوم الذي سيحصل فيه بار على كتاب الاقالة، كما فعل مع يوآف غالنت. الديكتاتور لم يعد يحسب أي حساب، سواء للاحتجاجات أو الاجراءات القضائية المضادة المحتملة. ولكنها بالضبط وبقوة مضاعفة، يجب عليها الوقوف في طريقه الى بار، وبعد ذلك الى المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook