هآرتس: شجاعة أم غباء؟ قرارات نتنياهو التالية هي ما ستكشف ذلك

هآرتس 15/6/2025، الوف بن: شجاعة أم غباء؟ قرارات نتنياهو التالية هي ما ستكشف ذلك
1- نتنياهو
خلال سنوات قالوا عنه بأنه جبان. وقالوا انه يعرف كيفية التحدث جيدا في التلفزيون أو رسم قنبلة نووية في الأمم المتحدة، لكنه لن يتجرأ في أي يوم على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وقالوا ان أمريكا لن تسمح لإسرائيل في أي يوم بالذهاب الى عملية تعرض للخطر قواتها وحلفاءها في الشرق الأوسط، وترفع الى ارقام قياسية اسعار النفط. بنيامين نتنياهو اثبت أمس لكل من استخف به بأن لديه الشجاعة على الذهاب الى حرب مبادر اليها ضد ايران، ونجح في الحصول على الدعم المطلق من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. بعد الفشل الفظيع في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر، فان نتنياهو يريد إعادة ضبط ارثه في 13 حزيران.
هذه هي حربه، الحرب التي يدعو اليها نتنياهو منذ سنوات. وقرار تعريض الجبهة الداخلية في إسرائيل لخطر بغير مسبوق لهجوم صاروخي من ايران، كان قراره هو نفسه، فقط قراره. الشخص الذي حذر وزير الدفاع السابق يوآف غالنت على الفور بعد 7 أكتوبر من ان الأبراج في محيط وزارة الدفاع ستنهار تحت نيران حزب الله، يراهن الآن على صمودها امام حرس الثورة. خلافا لسلوكه في الحرب في غزة، التي فيها نتنياهو يتهرب من المسؤولية ويختبيء وراء شركاءه سموتريتش وبن غفير أو الإدارة الامريكية، فانهنا في هذه المرة حصلنا على نتنياهو نسخة “أعطيت الأوامر والتعليمات وأنا وأنا وأنا”. بعد لحظة نتنياهو سيقول بانه سيستبدل وزير الدفاع ورئيس الأركان فقط من اجل أن يسير من سيرثهم في الطريق الى طهران. بالطبع اذا تعقد هذا الحدث فان رئيس الحكومة سيبحث عن اكباش فداء، الذين “لم يقوموا بايقاظه”؟.
دعم رؤساء المعارضة الذين بالتأكيد كانوا يريدون الظهور مع صور الدمار في نتاز واصفهان، يضع نتنياهو امام خيار: هل سينعطف نحو الوسط ويتصالح مع خصومه “الكابلانيين”، أو العكس، استغلال تصعيد الحرب من اجل تسريع الانقلاب النظامي والقمع الداخلي وعبادة الشخصية. سلوكه حتى الآن يبشر بانه سيختار المسار البيبي، كما فعل بعد 7 أكتوبر.
2- الجيش الإسرائيلي
يصعب التصديق بان الجيش الموثق في تحقيقات 7 أكتوبر – مرتبك، مهمل، يستخف بالعدو والاوامر ولا يقوم بحماية جنوده – هذا هو الجيش نفسه الذي هاجم بشكل مفاجيء على بعد مسافة كبيرة عن قواعده، بالتنسيق مع الموساد، ونجح في قتل القيادة الأولى في ايران وتدمير اكثر منشآتها حساسية بدون خسائر بشرية أو أعطال. يصعب فهم كيف تمكنت الاستخبارات، التي عجزت كليا عن فهم حماس وقدراتها التي توجد على بعد بضعة امتار عن الحدود، من العمل بنجاح ضد الجمهورية الإسلامية البعيدة.
النتيجة التي يمكن الوصول اليها هي انه في الخلاف بين “جيش الهايتيك وجيش الفرسان”، عنوان كتاب العميد احتياط غاي حزوت، ثبت امس مرة أخرى بان أفضلية الجيش الإسرائيلي تكمن في منظوماته التكنولوجية، سلاح الجو، الدفاعات الجوية، الاستخبارات والسايبر. الجيش البري يجد صعوبة في هزيمة حماس بعد عشرين شهر من القتال، وسلاح الجو حقق النجاحات العملياتية لإسرائيل ضد حزب الله وايران وحماية سماء الدولة من الهجمات الصاروخية (حتى لو كان ذلك بمساعدة أمريكية وإقليمية). انصار “العملية البرية” يقولون ان إضافة فرق وجنود ستمكن إسرائيل من القتال بقوة وبسرعة، وعدم الغرق في رمال متحركة مثلما في غزة. مشكوك فيه أن يكونوا على حق، حتى لو كان عشرات آلاف الشباب الحريديين سيخدمون في غولاني، طالما أن الجيش البري يتعرض لمشكلة انضباط عميقة، التي ازدادت في الحرب الحالية.
3- خامنئي
الحدث المؤسس للحرب بين إسرائيل وايران هو انتخاب ترامب للرئاسة الامريكية في تشرين الثاني، الذي قاد زعماء الطرفين المتخاصمين الى قرارات مصيرية. نتنياهو حسب شهادته فقد أمر الجيش الإسرائيلي في تشرين الثاني والموساد أيضا باعداد هجوم ضد المنشآت النووية واغتيال القيادة الأمنية في ايران. المرشد الأعلى علي خامنئي أمر في المقابل بتسريع تخصيب اليورانيوم الى مستوى شبه عسكري، وهي العملية التي بدأت في 5 كانون الأول.
نتنياهو آمن وأمل أن ينجح في جعل ترامب يميل لصالحه، اذا بلورت إسرائيل وتدربت على خطة عملياتية معقولة تستطيع تنفيذها لوحدها، على الأقل في مرحلة البدء. خامنئي قدر كما يبدو بأن الاقتراب من القنبلة سيحسن موقف ايران في المساومة في المفاوضات حول الاتفاق النووي الجديد. واذا لم يتم التوصل الى اتفاق فسيعطيها ذلك “توازن استراتيجي” أمام إسرائيل.
زعماء ايران اخطأوا بنفس الغباء الذي فشل فيها خصومهم الإسرائيليين قبل سنتين. نوايا العدو وقدراته كانت معروفة ومعلنة للايرانيين، بالتأكيد بعد ان أظهرت إسرائيل قدرة على العمل بشكل دقيق في لبنان وايران وسوريا. ولكن مثلما عمل نتنياهو امام حماس أيضا خامنئي آمن بان الطرف الثاني فقط يهدد ويتبجح ولن يتجرأ في أي يوم على العمل. بالتأكيد لم يخطر بباله ان كل رؤساء جيشه سيقتلون في ضربة افتتاح دقيقة. لذلك فقد رفض طلبات ترامب في المفاوضات حول الاتفاق النووي، مثلما تجاهل نتنياهو تحذيرات الاستخبارات بأن الحرب قريبة.
4 – المرحلة القادمة
الإجابة على سؤال الى اين نحن نسير من هنا تكمن في القرار الذي سيتخذه ترامب، اذا كان سيدخل القوات الامريكية أيضا الى الهجوم الى جانب إسرائيل، وليس فقط الدفاع عنها. خامنئي يهدد بمهاجمة القوات الامريكية، وربما حلفاءها أيضا، الامر الذي يعني ضمنا رفع أسعار النفط والاضرار باقتصاد الغرب. نتنياهو كان يريد بالتأكيد ان تطلق أمريكا القنابل التي تخترق الحصون واستكمال تدمير المنشآت النووية المحصنة في ايران، التي هي اكبر من قدرة الجيش الإسرائيلي. ومثلما في قرار الخروج للعملية، فان قرار توسيعها أو وقفها أيضا سيتم اتخاذه في البيت الأبيض في واشنطن وليس في القدس أو في طهران.
في كتابه “أفكار عن الحرب” كتب الباحث العسكري البريطاني بازيل ليدل – هارت بان الحدود بين الشجاعة والغباء دقيقة جدا. نتنياهو يسير الآن قرب هذه الحدود، ومن اجل ان لا ينزلق الى الطرف الغبي فعليه السعي الى نهاية سريعة وان لا يضع توقعات وطلبات لتفكيك أجهزة الطرد المركزي الأخيرة أو تغيير النظام في ايران. اذا وجدت إسرائيل نفسها في “حرب مدن” طويلة بين تل ابيب وطهران فان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي يمكنه اظهار صور إصابات دقيقة. ولكن المزيد من الإسرائيليين سيتساءلون ما اذا كان يجدر بهم العيش في دولة تضربها الصواريخ، والتي حكومتها تسعى الى أن تصبح نسخة إيرانية تتحدث العبرية.