ترجمات عبرية

هآرتس – شاؤول ارئيلي يكتب _ هكذا يقومون بضم اسرائيل للضفة الغربية

هآرتس –بقلم شاؤول ارئيلي – 11/6/2021

” القوميون المتطرفون المسيحانيون يعملون على تطبيق الحكم العسكري المتبع في المناطق في كل اسرائيل. لأنه فقط بهذه الطريقة يمكنهم دفع الفلسطينيين الى الخارج. بينيت قال إنه من اجل ارض اسرائيل الكاملة يجب تغيير شعب اسرائيل. وهو يركز على الاستيطان في قلوب الاسرائيليين الذين يعيشون داخل الخط الاخضر. وعلى من يخافون على مستقبل المشروع الصهيوني الادراك بأن الخط الاخضر قد تم اقتحامه مرة اخرى، لكن في هذه المرة نحو الغرب، وأن النضال الآن لم يعد على مستقبل المستوطنات، بل على مستقبل دولة اسرائيل، طابعها ونظام الحكم فيها “.

رسالة حاخامات الصهيونية الدينية المتطرفة – المسيحانية، التي فيها دعوا الى “فعل كل شيء من اجل منع تشكيل الحكومة”، وتوجيهات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لوزراء الليكود بمهاجمة وسائل الاعلام “المتعاونة مع اليسار”، تضاف الى احداث الارهاب الاخيرة في اسرائيل بين اليهود والعرب. كل ذلك هو تعبير عن عملية بدأت قبل عقد تقريبا، والتي فيها المجهولون المسيحانيون، في ظل حكم نتنياهو المهدد، يريدون قلب رأس على عقب النظام الديمقراطي في اسرائيل من اجل السماح بتوسيع حدودها. حسب فهمهم لن يكون بالامكان ضم الضفة الغربية طالما أن اسرائيل تطبق نظام ديمقراطي فيه يحتفظ الفلسطينيون بالمواطنة الاسرائيلية.

هم يركزون الجهود على محاولات لمحو الخط الاخضر في كل المجالات – مجال الوعي، المجال الاجتماعي والقانوني – وتحويل كل ارض اسرائيل الى ساحة النضال ضد الفلسطينيين، وتحويل الحكم العسكري الموجود في مناطق الضفة الى حكم فعلي لكل الدولة، الذي فيه يكون بالامكان دفع الفلسطينيين الى ما وراء نهر الاردن. بكلمات اخرى، في العقد الاخير اليهود الاسرائيليين الذين يجتازون الخط الاخضر غربا نحو اسرائيل، يفعلون ذلك للمرة الاولى ليس من اجل العودة الى دولتهم السيادية، بل من اجل احتلالها وتحويلها الى نظام يهودي.

في كتاب “هذيان الضم”، 2020، يصف حاغي آرليخ المحاولات الفاشلة التي قامت بها على مدى التاريخ دول المنطقة لتضم اليها دول ومناطق تحت شعارات وافكار لا تتساوق مع الواقع السياسي، الديمغرافي والمكاني: محاولة مصر لضم السودان تحت شعار “وحدة وادي النيل” (في القرن التاسع عشر)؛ محاولة المسيحيين في لبنان لضم مناطق اسلامية تحت شعار “لبنان الكبرى”، ووهم الفلسطينيين في اقامة دولة عربية من البحر الى النهر.

هكذا ايضا بخصوص هذيان “ارض اسرائيل الكاملة”. بعد اعادة شبه جزيرة سيناء لمصر في اتفاق السلام في 1979، واخلاء قطاع غزة وشمال السامرة في خطة الانفصال في 2005، بقيت اسرائيل مع حلم ضم الضفة الغربية (وهضبة الجولان). ولكن سياسيا، ديمغرافيا ومكانيا، اسرائيل فشلت مثل الدول العربية المذكورة اعلاه: معظم دول العالم تعترف بفلسطين كدولة مراقبة في الامم المتحدة وفي مؤسساتها، ولن يسمح أي نظام امريكي بعمليات ضم في الضفة. النسبة الديمغرافية في الضفة بين اليهود والفلسطينيين هي 14: 86، والنسبة المكانية هي 2: 98 لصالح الفلسطينيين. رغم الزيادة السنوية الثابتة في العقود الاخيرة التي تبلغ 14 ألف نسمة في اوساط الاسرائيليين في الضفة، إلا أن التوجهات متعددة السنوات تشير الى تراجع مشروع الاستيطان (الذي يوجد الآن على شفا ميزان هجرة سلبية)، وتشير الى تغير في التركيبة السكانية (40 في المئة اصوليين) والى تراجع مستمر في التصنيف الاجتماعي – الاقتصادي (ثلث السكان يتم تصنيفهم في العنقود رقم 1).

بناء على ذلك، منذ حوالي عقد، تحت اجنحة نتنياهو كرئيس للحكومة، نفتالي بينيت واييلت شكيد وبتسلئيل سموتريتش وغيرهم يقودون توجه معاكس – ضم اسرائيل للضفة الغربية. هذا غير مفاجيء. لأنه في العام 1988 كتب بوعز عبرون في كتابه “الحساب القومي” بأن المستوطنين لا يسعون الى الاندماج داخل السكان الفلسطينيين في المناطق و”هدفهم الحقيقي ليس استعباد العرب، بل طردهم. هكذا فان نجاحهم (في ضم المناطق) لن يؤدي الى أي اختلاط سكاني”. والاكثر اهمية، اضاف عبرون “كما اتضح (من حالات اخرى)… تعمل مجموعات السيطرة هذه جنبا الى جنب مع القوى الرجعية والدوائر العسكرية داخل “الوطن الأم” وتحاول القيام بانقلابات عسكرية وانشاء انظمة فاشية ورجعية في الوطن الأم… النتائج بالتالي يمكن أن تكون شرخ وطني، ديكتاتورية أو حرب اهلية وخراب في الارض الأم”.

من اجل تدمير الديمقراطية الاسرائيلية قام القوميون المتطرفون – المسيحانيون بوضع عدد من الاهداف. الهدف الاول هو المحكمة العليا، التي مهمتها تقييد التعسف السلطوي – على اساس قوانين الدولة الديمقراطية – الليبرالية وبروح وثيقة الاستقلال، مع احترام القانون الدولي، وخلال ذلك رفض النزوات المسيحانية ومنع المس بالاقليات. شكيد تتفاخر بأنها قادت مبادرة المس بصلاحية المحكمة العليا بذريعة “يبدو أنه في السنوات الاخيرة لم يكن صنع القرار في اجهزة الحكم في أيدي الشعب وممثليه المنتخبين في الكنيست، بل في يد النظام القانوني (مؤتمر المحامين في أيار 2015). 

الاساس القانوني لعملية الضم المعاكس بني من قوانين غير ديمقراطية، على رأسها قانون التسوية (الذي تم الغاءه) وقانون القومية وفقرة الاستقواء وقانون “الاستيطان الشاب” وغيرها. كل ذلك استهدف ضمان أنه في كل ارجاء ارض اسرائيل ستعطى اولوية مطلقة للاستيطان اليهودي (حسب بيانات حركة السلام الآن فان 99.76 في المئة من اراضي الدولة التي خصصت للاستيطان في الضفة الغربية تم تخصيصها لليهود)، وسيكون بالامكان مصادرة اراضي فلسطينية خاصة لغرض بناء مستوطنات لليهود (منذ قيام الدولة اقامت اسرائيل 930 بلدة لليهود في ارض اسرائيل ولم تقم أي بلدة للعرب)، وشرعنة عشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية.

الهدف الثاني هو انظمة التعليم. بينيت وشكيد وسموتريتش يعرفون أن مواقف الشباب السياسية ستؤثر على النظام السياسي وعلى الطابع والنظام في اسرائيل في السنوات القادمة. هم يريدون أن يطبقوا على كل الاولاد تعليم يهودي (ديني – مسيحاني) وصهيوني (قومي متطرف). وهذا يشمل “حب الوطن” الذي يقتضي ضم الضفة، واستمرار السيطرة على شعب آخر وانعزال دولي الى أن “نعود العالم”. هذا عالم تعليمي بسببه كتب يشعياهو لايفوفيتش التحذير الشديد التالي: “عندما يوافق شخص على فكرة أن “الدولة”، “الأمة”، “الوطن”، “الأمن” وغيرها، هي القيم العليا، والاخلاص دون شرط لهذه القيم هو واجب مطلق ومقدس، يكون قادر على تنفيذ كل حركة من اجل هذه المصلحة المقدسة، دون تأنيب الضمير”.

إن السعي نحو هذا الهدف يتمثل بتخصيص الموارد للتعليم الديني – القومي المتطرف – المسيحاني. وكما نذكر، سموتريتش كتب في 2011 في مقال بعنوان “نستحق اكثر” في مجلة “بشيفع”: “يجدر بالدولة أن تستثمر ميزانيات اكبر في تعليم الصهيونية الدينية. لماذا؟ لأنه على ابنائها القيت مهمة – قيادة شعب اسرائيل”. سموتريتش تعهد قبل الانتخابات الاخيرة بأنه اذا اصبح عضو في الحكومة التي ستشكل فانه سينفذ اصلاحات واسعة في التعليم، واعلن عن تخفيض بنسبة 30 – 50 في المئة لرسوم التعليم في المدارس الدينية الثانوية وفي المعاهد.

ايضا جدعون ساعر وشاي بيرون كانا شركاء في تخصيص الموارد للتعليم الديني – القومي المتطرف – المسيحاني. حسب معطيات وزارة التعليم، فانه في الاعوام 2012 – 2016 زادت الوزارة ميزانية طلاب المرحلة الثانوية الدينية بالنسبة الاعلى مقارنة مع القطاعات الاخرى، وبلغت الميزانية ذروة 33 ألف شيكل للطالب في السنة. هذا المبلغ اعلى 22 في المئة من الميزانيات المخصصة لطلاب المرحلة الثانوية الحكومية، واعلى 67 في المئة من الميزانيات المخصصة للطلاب العرب في المرحلة الثانوية.

الهدف الثالث: بينيت قال إنه من اجل ارض اسرائيل الكاملة (أي ضم المناطق) يجب تغيير شعب اسرائيل ودولة اسرائيل. هو واصدقاؤه يركزون على “الاستيطان في قلوب” الاسرائيليين الذين يعيشون داخل الخط الاخضر. حافلات اليهود الذين يثيرون الشغب، الذين جاءوا الى المدن المختلطة من المستوطنات، سبقتها الانوية التوراتية. امنون باري (مبادرات ابراهيم) كتب عن ذلك في منشور في الفيس بوك في الشهر الماضي: “في العنف بين العرب واليهود في الاسبوع الماضي، الانوية كانت الفصائل الطلائعية التي مهدت الطريق وقامت باعداد البنية التحتية واللوجستية لكتائب مستوطنين وكهانيين من اجل أن يقتحموا بشكل منظم المدن من اجل المس بالعرب. هذا شاهدناه في هذا الاسبوع، لا سيما في اللد، ولكن ايضا في يافا والرملة وعكا… في السنوات الثلاثة الاخيرة حول فقط للانوية الرائدة دعم حكومي بمبلغ 20.5 مليون شيكل… تحقيق معمق لمنظمة “مولاد” من العام 2014 يظهر أنه فقط في تلك السنة حصلت 68 نواة استيطانية وتوراتية على دعم بمبلغ 24 مليون شيكل. ومنذ ذلك الحين دعمهم ازداد اكثر. 

الهدف الرابع هو وسائل الاعلام. فهي لم تتمكن من تجنب قبضات نتنياهو وشركاءه وابواقهم. بعد أن بقي عدد من وسائل الاعلام غير خاضع لفسادهم ونفوذهم، “تم تعيين” يئير نتنياهو ليرسم اهداف على ظهور مراسلين مستقلين لا يسيرون في تلم الاستخذاء، التضليل، الحيونة والوطنية المصطنعة وما شابه. وقد رافق ذلك في الاحداث الاخيرة عدد لا يحصى من التهديدات ومحاولة المس برجال اعلام ارادوا الابلاغ عن تشكيل تنظيمات عنيفة لعصابات يهود خططوا للمس بالعرب. 

هذه الخطوات في النهاية ستقود الى اقامة دولة ذات نظام يهودي، لها خصائص توجد الآن في مناطق الضفة الغربية، أو في الحالة الاقل سوءا، على شكل نموذج للقدس الموحدة الاصولية القومية المتطرفة ذات الاغلبية غير الصهيونية، الفقيرة، المليئة بالعصابات العنيفة، والتي تعاني من مصادمات قومية وتطبق نظام مميز تجاه سكانها غير اليهود – الذين خلال سنوات معدودة سيتحولون الى اغلبية.

هذه التوجهات تدفع السياسيين الذين ينظرون للعالم كساحة يسيطر فيها وعي “الشعب المختار” ومنطق “اللعبة التي مجموعها صفر”، هذه مسيرة حكومية غير ديمقراطية، تقول: اذا لم تقنع فعليك أن تشهر وتسكت وتخرج الى خارج القانون. على من يهمهم مستقبل المشروع الصهيوني الادراك بأن الخط الاخضر قد تم اقتحامه مرة اخرى، لكن في هذه المرة نحو الغرب. الصراع لم يعد على مستقبل المستوطنات، بل على مستقبل دولة اسرائيل وطابعها ونظامها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى