هآرتس: سموتريتش اعلن عن الضم ويعتزم تنفيذه

هآرتس – عميره هاس – 4/9/2025 سموتريتش اعلن عن الضم ويعتزم تنفيذه
خلال العشرين سنة من نشاطه السياسي أثبت بتسلئيل سموتريتش انه يسعى الى تحقيق هدف، وأن له قدرة عالية لتحقيق نواياه. بدءا بنضاله ضد الانفصال ومرورا بوقوفه على راس جمعية “رغافيم” اليمينية وانتهاء بتعيينه كوزير مسؤول عن المستوطنات، كان أول من قال بصراحة منذ 7 أكتوبر 2023 بان اطلاق سراح المخطوفين ليس الامر الذي يحتل الأولوية الأولى – الكثير من مواقفه تحولت الى سياسة حكومية. لذلك، يجب التعامل بكل الجدية مع الخطة التي اعلن عنها سموتريتش امس في مؤتمر صحفي مع كبار قادة المؤسسة الاستيطانية: الضم الرسمي لـ 82 في المئة من أراضي الضفة الغربية.
هذه ليست مناورة انتخابية أو قلق من الاستطلاعات، بل هذه عقيدة منظمة. حسب اقوال سموتريتش فانه هو وإدارة الاستيطان في وزارة الدفاع، الجسم الحكومي الجديد الذي اوجده بشكل خاص لغرض الضم، عملوا في الأشهر الأخيرة على رسم خارطة السيادة. الضم سيكون للارض وليس للناس. وقد تم تخصيص للفلسطينيين، حسب هذه الخارطة، ستة جيوب ملونة باللون الأصفر، منفصلة عن بعضها (كل من مدينة الخليل، رام الله، اريحا، نابلس، طولكرم وجنين)، وهي مناطق العيش الذي يسمح للفلسطينيين بإدارة حياتهم الشخصية فيها، قال سموتريتش بدون ان يرف له جفن. أيضا “سيتم الحفاظ على أكثرية يهودية واضحة في دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية”.
بهذه الصراحة أوضح سموتريتش أيضا: “لا توجد لنا أي رغبة في فرض السيادة على السكان المعنيين بتدميرنا. الأعداء يجب محاربتهم وليس السماح لهم بالعيش برغد. لذلك، المبدأ الاسمى لفرض السيادة هو القدر الأعلى من الأراضي مع القدر الأدنى من السكان”. مع كل هذه الصراحة سموتريتش لم يكشف في المؤتمر الصحفي المصير الذي يخطط له للفلسطينيين الذين يوجدون خارج البقع الصفراء على الخارطة. مثل بيت لحم، سلفيت، قلقيلية وابوديس، والقرى الموجودة بين المدن وتجمعات الرعاة. هل هذه القرى تم حذفها من الخارطة بسبب تسهيل الرسم البياني؟.
يجب علينا عدم لوم سموتريتش بسبب هذا التجاهل بالخطأ. الاستهزاء بانه وزير مالية فاشل لا يتحدث الإنجليزية، أو انه سياسي لا تؤيده الاستطلاعات، تجاهل ويتجاهل نجاحه في الدفع قدما بخطط القطاع الاستيطاني – الديني القومي المتطرف الذي يمثله بإخلاص. في نهاية 2016، في مقابلة اجراها معه رفيت هيخت في “هآرتس”، عرض سموتريتش هدفه وهو استئصال أمل الفلسطينيين في إقامة دولة بين البحر والنهر. وقد عدد ثلاثة خيارات للفلسطينيين: الهجرة الجماعية الطوعية (المفضلة بالنسبة له)، بقاء في البلاد من يوافقون على ان يكونوا رعايا بدون حقوق وتطلعات قومية، وحرب إسرائيلية ضروس ضد من لا يوافقون على هذا المصير. “عندما دخل يهوشع بن نون الى البلاد” قال سموتريتش في المقابلة. “قام بارسال ثلاث رسائل لسكان البلاد – من يريد التسليم بوجودنا فليسلم، ومن يريد أن يذهب فليذهب، ومن يريد أن يحارب فليحارب. أساس استراتيجيته هو: نحن جئنا الى هنا، وهذه الأرض لنا. الآن تم فتح ثلاثة أبواب امام الفلسطينيين، ولا يوجد باب رابع. من يريد الذهاب، وهناك من يريد الذهاب، أنا ساساعده. عندما لا يكون لهم أمل ولن يعود لهم حلم فهم سيذهبون كما ذهبوا في 1948”.
في أيلول 2017 سبق وطرح رؤيته في مقال نشره في مجلة “هشيلوح”، وسماها “خطة الحسم”. من أقواله عن الحاجة الى “محو” حوارة أو المكانة المؤقتة للفلسطينيين من مواطني إسرائيل (“العرب هم مواطنو إسرائيل، في هذه الاثناء على الأقل”). نحن يمكننا الاستنتاج بأنه يحتفظ في جعبته بخطط تدميرية للفلسطينيين الذين لا تشملهم الجيوب الصفراء. ربما مثل الدفع قدما بقوانين “اخلاء – تهجير” مثل التي تم سنها في جنوب افريقيا، والتي ستجمع وتحشر حوالي ثلاثة ملايين فلسطيني واحفادهم في الـ 1000 كم مربع المنفصلة.
سموتريتش ليس سوبرمان. ولكنه نجح لان القطاع الذي يمثله بإخلاص منظم جدا ويعمل على تحقيق هدف. ولكن أيضا لان الكثير من الإسرائيليين اليهود اكتشفوا بانهم يكسبون ويمكن ان يكسبوا من استمرار الاحتلال وتجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم: من السكن الفاخر والرخيص، نسبيا مقارنة مع إسرائيل نفسها، ومن الدعم، ومن تحسين المكانة الاقتصادية – الاجتماعية المترتبة على ذلك، ومن الصناعة العسكرية ذات التكنولوجيا العالية ومن النجاحات المهنية العسكرية التي تستند الى السيطرة الدائمة على شعب آخر.
سموتريتش لم يخترع العجلة: هدف احباط إقامة دولة فلسطينية في المناطق التي احتلت في 1967 كان من نصيب الكثيرين في المعسكر المقابل (ظاهريا). اسحق رابين وشمعون بيرس عارضا اقامتها، أيضا اهود باراك. ان فصل سكان غزة عن سكان الضفة الغربية – الشرط الضروري لإحباط إقامة الدولة – بدأ في التسعينيات. المبدأ الأساسي الذي يتمثل بـ “اكبر قدر من الأرض مع اقل قدر من العرب”، هو أيضا ليس مبدأ اصيل. أحيانا بالغمز والاشارة واحيانا بشكل علني، كان هذا أيضا هو الدليل لحركة العمل الصهيونية قبل العام 1948 وبعده، وأيضا عندما طرحت خطط هندسة ديمغرافية مختلفة لغزة والضفة الغربية.
اتفاق أوسلو عرف من البداية كيف يبقي في الضفة مناطق واسعة في ايدي إسرائيل مع اقل قدر من الفلسطينيين. قطاع المستوطنين ومن يؤيدونه الذين يتمددون في المؤسسة الإسرائيلية “انقضوا منذ منتصف التسعينيات على هذه المهمة لمنع إعادة 61 في المئة من أراضي الضفة للفلسطينيين، من خلال البؤر الاستيطانية المتزايدة، العنف المتصاعد الذي يخلقونه بدون أي عقاب أو ردع، الضغط السياسي الشديد على الإدارة المدنية كي تمنع أي بناء فلسطيني وقوانين الضم التي تم الدفع بها قدما.
في قطاع غزة تنفذ إسرائيل منذ سنتين تقريبا الخيار الثالث للفلسطينيين، الذي رسمه سموتريتش: حرب تدمير وابادة، التي تسعى فقط الى “الحسم” حسب اقوال رئيس الأركان ايال زمير. واذا كانت الإدارة الامريكية في كانون الثاني 2024 قد تخلت عن خطة الهجرة الطوعية من غزة، التي اسمعها سموتريتش، فانه في هذه المرة يوجد له حليف أيديولوجي في البيت الأبيض، الذي نقل سكان غير بيض من اجل حلم ضخم، رأسمالي وعقاري، وكأنه مجرد مكعبات ليغو، يبدو له طبيعي جدا.
أيضا في الضفة الغربية السياسة المتبعة هي بروحية الخيار الثالث ليهوشع وسموتريتش، حتى لو كان بادوات اقل فتكا: في جنين وطولكرم اثبت الجيش بان الاخلاء والاستئصال والتدمير هي النموذج. في كل الضفة الغربية تم اعلان حرب اقتصادية لجعل السكان فقراء من خلال منع عملهم في إسرائيل وابعاد الرعاة والمزارعين عن أراضيهم؛ مصادرة أموال السلطة الفلسطينية بحيث ان القطاع العام اصبح يعيش على نصف راتب؛ مصادرة أموال من اشخاص افراد؛ حواجز على مداخل القرى والمدن بحيث أصبحت منفصلة الواحدة عن الأخرى؛ أي حركة من اجل العمل والدراسة والتجارة أصبحت مكلفة جدا وغير مجدية.
في كل ما يتعلق بالسياسة ضد الفلسطينيين فان سموتريتش هو ضمن التيار العام، لذلك فان خطة ضمه لا تعتبر هذيان.