هآرتس / روسيا والسعودية تحولتا الى – حليفتين من وراء ظهر كارتل النفط

هآرتس – بقلم انشل بابر – 22/6/2018
ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان لم يلاحظ في يوم الخميس الماضي كمن يشاهد منتخبه الوطني يتكبد خسارة فادحة من المنتخب الروسي. ابتسامته العريضة اثناء جلوسه الى جانب الرئيس الروسي بوتين في مقصورة الشرف في ستاد لوجنيك في موسكو كانت كشخص حظي بشيء ثمين اكثر من كأس العالم لكرة القدم. فعليا المباراة الافتتاحية للمونديال بمشاركة منتخبي الدولتين شكل فقط ذريعة للقاء بين محمد بن سلمان وبوتين.
موظفون روس تحدثوا لوسائل الاعلام بعد مغادرة الامير روسيا، صادقوا على انه تم التوصل الى اتفاق بشأن سياسة مشتركة للنظامين، قبيل لقاء منظمة الدول المصدرة للنفط “اوبيك” في بداية الاسبوع القادم في فيينا. منذ الآن، قالوا، إن العلاقة بين روسيا والاوبيك “ستكون مؤسسة”. ليس مؤكدا أن هذا التأسيس سيكون مرض لكل اعضاء المنظمة.
اوبيك هي كارتل هدفه ضمان حصة من السوق للدول الاعضاء فيه وزيادة ارباحهم من النفط. نجاحه متعلق بتحقيق تنسيق واجماع بين الاعضاء. ولكن اعتبارات جيوسياسية يمكنها المس بالتعاون – في هذه الحالة العداء العميق بين دولتين من الدول المنتجة الرئيسية، السعودية وايران.
في العام 2016 بعد انخفاض مستمر لاسعار النفط الى ما تحت 30 دولار للبرميل توصل اعضاء اوبيك مع دول اخرى الى تنسيق خطواتهم مع المنظمة ومنها روسيا، واتفقوا على تحديد التصدير. بفضل الزيادة المتواصلة للنشاط الاقتصادي العالمي، فان الخطة نجحت واسعار النفط ارتفعت مرة اخرى الى اكثر من 70 دولار للبرميل. الآن يريد عدد من هذه الدول برئاسة السعودية وروسيا زيادة التصدير. الدولتان تخشيان من فقدان الشريحة السوقية لدول اخرى، اساسا للولايات المتحدة التي زادت بشكل كبير قدرة انتاجها وتصديرها للنفط قبل انتاج النفط من الصخور الزيتية. ممثلو روسيا والسعودية يقولون إن الطلب على النفط في العالم مرتفع بما يكفي لزيادة الانتاج، دون أن يتأثر السعر بصورة جوهرية. الانخفاض في الاسعار تنوي الدول استيعابه عن طريق زيادة الانتاج، لكن ليس كل اعضاء اوبيك يستطيعون زيادة الانتاج.
ايران التي تواجه عقوبات صارمة جديدة من ادارة ترامب في اعقاب الانسحاب من الاتفاق النووي تفقد طلبات بحجم مئات آلاف البراميل يوميا. الحليفة فنزويلا واقعة في ازمة اقتصادية وسياسية شديدة أدت الى هبوط انتاج النفط وانسحاب شركات دولية للطاقة. بالنسبة لهذه الدول حتى انخفاض بسيط نسبيا في اسعار النفط هو ضرر كبير لمدخولاتها، بدون قدرة على تعويضه من خلال زيادة الانتاج. سوية مع العراق وليبيا التي تعاني من مشكلات في الانتاج هي تصمم على معارضة الخطة الروسية – السعودية في مؤتمر فيينا. لقاء بوتين ومحمد بن سلمان في موسكو بشر بحلف جديد بحيث تكون هذه الدول عاجزة امامه. هل الحلف الجديد يبشر بنهاية حلف آخر، الحلف بين روسيا وايران الذي عقد في ساحات القتال في سوريا؟.
اتفاق مؤقت
في جهاز الاستخبارات الاسرائيلي تسود حتى الآن نظريتان حول قوة التحالف بين موسكو وطهران واحتمال دق اسفين بينهما. المتشككون يخشون من أن بوتين يعتبر الايرانيون شركاء استراتيجيون وأن الروس يريدون مواصلة التعاون معهم من اجل توسيع وجودهم في الشرق الاوسط. في المقابل، هم يعتقدون أن روسيا ستسمح لايران بتحقيق حلم “الهلال الشيعي” – ممر بري تحت سيطرة حلفاء ايران، يمتد على طول الطريق الى شاطيء البحر الابيض. امامهم يقف الذين قالوا إن محور ايران – روسيا ليس اكثر من اتفاق تكتيكي ومؤقت، سيبقى موجود فقط طالما أن الروس يحتاجون الى لحم المدافع للمليشيات الشيعية في سوريا لانقاذ نظام الاسد. مع استقرار النظام، قالوا، فان مصالح روسيا وايران لن تكون متساوقة. الآن يبدو أنهم كانوا على حق.
قبل ستة اسابيع كان بنيامين نتنياهو ضيف شرف في مسيرة النصر السنوية في موسكو. هذه كانت اشارة على دعم روسيا لمطالب اسرائيل ابعاد القوات الايرانية عن الحدود. هذا الدعم تم التأكيد عليه بصمت روسيا على هجمات اسرائيل ضد الاهداف الايرانية في سوريا. هكذا لا تتصرف حليفة ايران، إلا اذا كان بوتين قد اعطاها اشارات بأنها ربما شريكة تكتيكية في كل ما يتعلق بدعم الاسد، لكن اسرائيل هي الحليفة الاستراتيجية.
استضافة محمد بن سلمان في مقصورة الشرف في المونديال هي اشارة اخرى تنذر بالسوء بالنسبة لايران، منها يمكن الاستنتاج أن ايران ليست في قلب مصالج روسيا الاستراتيجية. بوتين مصمم على تحسين مكانة روسيا كدولة عظمى. محمد بن سلمان مستعد للجلوس على كرسي العرش وما يعتقد أنه سيكون بضعة عقود من ادارة المملكة، هو يريد وضع السعودية كدولة عظمى رائدة في الشرق الاوسط.
الزعيمان ينويان استخدام موارد الطاقة التي بحوزتهما كوسيلة لبناء قوتهما الجيوسياسية من خلال تنفيذ خطط لتقليص اعتماد اقتصاد بلادهما على النفط. انظمة الاوبيك تقيد برامجهما. محمد بن سلمان يعتبر ايران عدو يهدد مكانة النفوذ الرئيسية للسعودية.
حلف ثلاثي
في الشهر الماضي اثناء زيارة نتنياهو لموسكو كان محمد بن سلمان في ذروة جولة طويلة في الولايات المتحدة. اضافة الى لقائه مع الرئيس ترامب وشخصيات كبيرة في ادارته تضمنت جولته ايضا لقاءات مع زعماء منظمات يهودية. بن سلمان كان مسرورا لاضافة اسمه الى قائمة الداعمين لخطة السلام المتوقعة لترامب. ومع ذلك من الصعب رؤية كيف أن خطة السلام الامريكية التي رفضها الفلسطينيون حتى قبل نشرها، تنجح في تحقيق حل اقليمي. ولكن هذا بالطبع ليس الهدف الرئيس لمحمد بن سلمان.
دعم السعودية لخطة السلام من شأنه أن يكون المقابل الذي يعطيه ولي العهد في اطار محاولته لخلق حلف ثلاثي يتكون من الدول الثلاثة الاكبر انتاجا للنفط في العالم – روسيا والولايات المتحدة والسعودية. هذا الحلف الثلاثي سيفيد بوتين وولي العهد اكثر من الاطار القديم لاوبيك، وسيبعد ايران ويدفعها الى الزاوية. في هذا الحلف الثلاثي توجد مزايا اقتصادية وسياسية ايضا بالنسبة لبوتين وترامب، حيث أنه سيمكنهما من ضمان حصة من السوق واستقرار اسعار النفط من خلال التنسيق بينهما. التنسيق مع روسيا والسعودية يتوقع أن يعزز ترامب ايضا الذي يستعد لحروب تجارية مع اوروبا وربما ايضا مع الصين. الجائزة الكبرى من ناحية بوتين هي دخول الولايات المتحدة الى حلف دولي جديد من شأنه أن يضعضع التحالفات التقليدية لامريكا مع الناتو والاتحاد الاوروبي، التي ينسب اليها بوتين تهمة انهيار الاتحاد السوفييتي. الآن يبدو أنه يريد ضعضعة اوبيك ايضا.
الخاسرون من الحلف الجديد هم باقي اعضاء الاوبيك، لا سيما ايران وفنزويلا والعراق وليبيا. من الحلف يتوقع أن يخسر ايضا الاتحاد الاوروبي الذي ضعف بسبب الانقسام الداخلي، النقاشات السياسية، الانسحاب المتوقع لبريطانيا في السنة القادمة والتوتر مع ادارة ترامب. كذلك دول الشرق الاقصى التي اقتصاداتها القوية متعلقة بالنفط، يمكن أن تتضرر. الرابحون يمكن أن ينضم اليهم نتنياهو المعني بكل تطور يضعف ايران والاتحاد الاوروبي الذي زعماءه يصرون على الابقاء على الاتفاق النووي وأن يكون لهم دور في الموضوع الفلسطيني. القمة في نهاية الاسبوع يتوقع أن يكون لها تداعيات بعيدة المدى اكثر من اسعار النفط في السنوات القريبة القادمة.