هآرتس: رهن بيد السـنـوار
هآرتس 2023-12-25، بقلم: تسفي برئيل: رهن بيد السـنـوار
قرار مجلس الأمن الداعي إلى زيادة حجم المساعدات الإنسانية للقطاع، لكن دون الدعوة إلى وقف إطلاق النار، أثمر حتى الآن تصريحاً واضحاً لحماس الذي بحسبه «لن تكون أي مفاوضات على تبادل سجناء فلسطينيين ومخطوفين إسرائيليين حتى الوقف المطلق لإطلاق النار»، حسب أقوال حسام بدران، العضو الرفيع في المكتب السياسي لحماس.
في المقابلة التي أجراها مع موقع «الحدث» أوضح بدران أن «إسرائيل لم تنجح في تحرير أي مخطوف بالقوة، والحركة لن توافق على أي وقف مؤقت لإطلاق النار، لكنها ستوافق على إجراء مفاوضات بعد وقف العدوان».
عرض سابق لإسرائيل لوقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام مقابل إطلاق سراح حوالى 35 مخطوفاً إسرائيلياً تم رفضه من قبل حماس، لكن رغم أنه يبدو أن المفاوضات عالقة فإنه يتوقع أن تأتي في هذا الأسبوع إلى مصر بعثة للجهاد الإسلامي برئاسة زياد النخالة لفحص احتمالات أخرى، بعد زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في يوم الأربعاء الماضي لمصر من إجل إجراء محادثات حول استئناف صفقة المخطوفين ومناقشة إدارة غزة بعد انتهاء الحرب.
تريد حماس في هذه الأثناء تحدي رؤية إسرائيل التي تقول إن زيادة النشاطات العسكرية في القطاع ستجبر حماس على أن توافق على إطلاق سراح المخطوفين، وإن تقوض بذلك أيضاً تفسير إسرائيل الذي أعطي لصفقة إطلاق سراح المخطوفين السابقة والتي بحسبها فقط القوة الزائدة هي التي أدت إلى ذلك.
هذا الموقف يهدف إلى تشكيل صورة انتصار حماس كنقيض لصورة انتصار اسرائيل.
أي أنه إذا كان حسب معادلة إسرائيل إطلاق سراح المخطوفين مرهون بالضغط العسكري الكبير الذي سيؤدي إلى تحقيق هدف مزدوج، فإن حماس تسعى إلى معادلة بحسبها استمرار العملية العسكرية بأي حجم، فقط تفشل تحقيق هدف إسرائيل، وأنه يجب على إسرائيل التنازل عن التطلع إلى تدمير البنى التحتية لحماس إذا كانت تريد الحصول على المخطوفين.
في الصفقة السابقة أجرت حماس المفاوضات بوساطة قطرية ومصرية على مستوى تكتيكي، التي معناها أيام معدودة لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الأنسانية بما في ذلك الوقود مقابل قائمة معينة من المخطوفين.
الآن يبدو أن حماس تعتبر المخطوفين ورقة مساومة. فحسب رأيها المخطوفون يمكن أن يحققوا لها أكثر من الغذاء والوقود وبضعة أيام تكون متحررة فيها من إطلاق النار لإعادة التنظم، وحتى أكثر من إطلاق سراح عدد كبير من «السجناء المهمين» الفلسطينيين.
هذه الرؤية تم التعبير عنها بشكل علني في التصريحات التي يصدرها قادة حماس مثل هنية ومشعل وبدران، الذين يؤكدون في الحقيقة على أنه لا توجد «خلافات» بين الذراع العسكرية التي تعمل على الأرض وبين الذراع السياسية. لكن اللعبة وشروطها يديرها يحيى السنوار، حسب الطريقة التي يقرأ فيها الوضع على الأرض ويقدر قدراته العسكرية على مواصلة الحرب.
لا يوجد أي يقين بأن هذه الطريقة هي الطريقة نفسها التي تراها قيادة حماس الخارج.
هكذا تكون لدينا مفاوضات موازية، التي فيها على مستوى القيادة زعماء حماس الخارج يجرون مفاوضات على مستقبل الحركة السياسي، ويجرون مفاوضات مع كبار قادة فتح حول شروط حماس للانضمام إلى «م.ت.ف»، وحول تشكيل جسم حكومي موحد حتى دون إجراء الانتخابات.
هم يعتمدون على دعم الجمهور الذي تم التعبير عنه ليس فقط في استطلاعات الرأي العام، بل أيضاً على تصريحات لحركة فتح، التي دون استثناء توضح أن حماس كانت وستكون مركباً رئيساً في أي بنية حكم فلسطينية.
يحيى السنوار غير مشارك في هذه الاتصالات. وحسب تقارير «المقربين» فإنه يتشكك بأن قيادة حماس، بالأساس إسماعيل هنية، يسعون إلى تحقيق مكاسب سياسية على حسابه. قبل الحرب أجرى السنوار معاركه السياسية مع القيادة عن طريق تشكيل تحالف وإبعاد خصوم سياسيين من المناصب التي شغلوها في غزة.
طموحه كان وما زال، طالما أنه على قيد الحياة، وراثة هنية كرئيس للمكتب السياسي من خلال انتخابات للقيادة، التي في هذه الأثناء يتم التخطيط لها في العام 2025.
الآن هو يضطر إلى خوض حرب مزدوجة. فيجب عليه الحفاظ على بقائه وبقاء المنظمة في غزة، حتى لو بحجم أقل بكثير ووضع مكلوم. وفي المقابل، تحقيق «صورة انتصار» تضمن مكانته السياسية في قيادة حماس بعد انتهاء الحرب.
قيادة حماس الخارج ترى واقعاً مختلفاً، بحسبه فإنه بسبب الحرب يمكن أن تفقد ذخرها الجغرافي الأكثر أهمية للحركة وهو السيطرة على قطاع غزة، التي أعطتها مكانة «دولة منافسة» للدولة التي توجد في الضفة الغربية وقيادة «م.ت.ف».
دون قطاع غزة فإنه في أي تشكيلة حكومية جديدة سيتم تشكيلها فإن حماس ستضطر إلى الاكتفاء بمكانة ضئيلة نسبياً، كفصيل فلسطيني آخر، أكبر من فصائل أخرى نسبياً، لكن دون المكبس الغزي الذي استخدمته في عشرات اللقاءات الفاشلة التي جرت فيها محاولة لعقد المصالحة بين الحركتين.
حماس طلبت لنفسها في السابق نصيباً بلغ نصف عدد الوزراء في الحكومة الفلسطينية.
في الأصل نصيب كهذا أيضاً في الوظائف الرفيعة والميزانية، ليس أقل من 40 في المئة من الأعضاء في «م.ت.ف»، إذا اندمجت فيها.
هذه القيادة، التي جزء منها حسب ادعائها لم تكن مشاركة في القرارات التي اتخذت في قطاع غزة لشن الحرب على إسرائيل، تجد الآن أن مستقبلها السياسي وورقة مساومتها أمام حركة فتح تواصل كونها معتمدة على سلوك السنوار، وبالأساس على الصورة التي سينجح فيها أو يفشل في ترجمة قضية المخطوفين إلى إنجاز في صالحه هو وفي صالح حماس.
إسرائيل في المقابل ترى صورة وضع أحادية الأبعاد، بحسبها أن حماس لن تكون موجودة بعد الحرب ويحيى السنوار ستتم تصفيته والقطاع سيديره «أحد ما» الذي هو غير معروف حتى الآن.
وإلى أن تكشف هويته فسيكون القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر. لكن في داخل هذه الصورة فإنه يوجد 129 مخطوفاً في الأسر يمكن أن يغيروا مسار الحرب، إلا إذا قررت حكومة إسرائيل شطبهم من قائمة أهداف الحرب وأعلنت أنها تتنازل عنهم وتتوقف عن تسويق إطلاق سراحهم كنتيجة محتملة لزيادة قوة المعركة العسكرية.
قضية المخطوفين لا يمكن أن تعتبر «معضلة» تقتضي اتخاذ قرار حاسم واختيار قرار من قرارين صعبين. حكومة إسرائيل ملزمة في المقام الأول أخلاقياً وإنسانياً، وبالتأكيد سياسياً، بإطلاق سراح جميع المخطوفين.
طلب السنوار، وحماس بشكل عام، هو وقف إطلاق النار، ليس لأسبوع أو أسبوعين، بل بشكل كامل، يدل على أنه يعتبر المخطوفين رهائن سيضمنون ليس فقط وجوده الجسدي، بل مستقبل الحركة الذي هو مرهون الآن بيده.
من الأفضل عدم البدء في تخيل ما الذي سيحدث للمخطوفين إذا توصل إلى استنتاج بأنه لم يبقَ لديه ما يواصل القتال من أجله، أو أن المخطوفين لا يلعبون الدور الذي أعده هو نفسه لهم.