ترجمات عبرية

هآرتس: رغم انجازات الحرب، هرتسي هليفي يترك لوريثه جيش غارق في ازمة شديدة

هآرتس 22/1/2025، عاموس هرئيل: رغم انجازات الحرب، هرتسي هليفي يترك لوريثه جيش غارق في ازمة شديدة

وقف اطلاق النار في قطاع غزة، والبدء في تحرير المخطوفين، تعطي الضوء لتطورات اخرى التي تأخر بعضها لفترة طويلة. أمس اعلن رئيس الاركان هرتسي هليفي، وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنكلمان، استقالتهما من المنصب وانهاء الخدمة في الجيش الاسرائيلي. “أنا سأحمل هذا الفشل طوال حياتي”، قال هليفي. في هذه المرحلة تحمل المسؤولية الشخصية وترجمتها الى خطوات عملياتية هي دور القيادة العسكرية العليا فقط. السياسيون الذين يلتصقون بالكراسي لا يخطر ببالهم القيام بخطوة مشابهة. ولكن ربما أن هليفي وفنكلمان وضباط آخرين سيحذون حذوهما سيحددون علامات هذه الطريق، اضافة الى اعادة المخطوفات الاوائل. من اللحظة التي خفتت فيها عاصفة الحرب فان اسرائيل بدأت على الاقل في الاعداد لعملية محاسبة للنفس ومراقبة الذات واعادة التأهيل. 

الاستمرارية تعتمد على مسألة هل يمكن تمديد وقف اطلاق النار مع حماس، وهو الهدف الذي لا يعني الحكومة على الاطلاق. ولكن بداية الاصلاح تتعلق بشيء آخر: تشكيل لجنة تحقيق رسمية، تحقق بشكل مستقل في اسباب الفشل وفي الحرب. في هذه الاثناء رئيس الحكومة نتنياهو يدير معركة صد في محاولة لمنع اتخاذ مثل هذا القرار بكل الطرق. ربما أن استمرار الهدوء النسبي في الجبهات المختلفة يمكن العائلات الثكلى التي تطالب بتحقيق مستقل من الحصول على الدعم والتعاطف مع نضالها العادل.

هليفي ارسل استقالته لرئيس الحكومة نتنياهو ولوزير الدفاع اسرائيل كاتس أمس في الظهيرة. الموعد وصيغة الرسالة لم تكن معروفة للجنرالات في هيئة الاركان، لكن نيته كانت واضحة منذ فترة طويلة. رئيس الاركان كان ينوي الاستقالة في شهر آذار الماضي بعد استكمال عملية التحقيقات في الجيش. في هذه الاثناء ضغط عليه كاتس كي ينشر هذه التحقيقات في نهاية كانون الثاني. وقف النار في لبنان، وبعد شهر ونصف في غزة، منح الوقت للتركيز على ذلك. في حين أن الـ 42 يوم التي تم تخصيصها للمرحلة الاولى في صفقة التبادل، تنتهي قريبا من موعد الاستقالة الذي اعلن عنه، 6 آذار.

في بيان قصير لوسائل الاعلام في اليوم السادس للحرب تحمل هليفي المسؤولية عن الكارثة وألمح بأنه سيستخلص الدروس الشخصية خلال الحرب. في تلك المرحلة لم يكن يستطيع معرفة أن الحرب ستطول الى هذه الدرجة بسبب تضافر ظروف التي بعضها يقع على عاتق المستوى السياسي، وبعضها يقع على عاتق الجيش. رئيس الاركان هو شخص صاحب ضمير، وعرف أنه لا يوجد امامه خيار. حتى بكونه صاحب مهنة عسكرية فانه فهم أنه ليس فقط أن الخلل وقع في ولايته، بل ان جزء كبير منه ملقى عليه. هليفي هو الذي ادار مع رئيس الشباك رونين بار المشاورات في ليلة 6 – 7 اكتوبر، عندما تراكمت اشارات استخبارية مقلقة في الجبهة الجنوبية. على رأسها كان النبأ حول كثير من نشطاء حماس الذين يفعلون بطاقات هواتف اسرائيلية في الهواتف المحمولة. 

هليفي هو الذي قرر الاكتفاء بخطوات حذر محدودة، بدلا من أن يجعل قيادة المنطقة الجنوبية والاستخبارات العسكرية تقف على اقدامها من اجل استقبال الشر. هذه كانت عملية ساذجة بالطبع. كل المؤامرات التي يطلقها اتباع نتنياهو المجانين بشأن “خيانة من الداخل” هي مجرد اختراعات. رئيس الاركان قدر أن الاشارات ضعيفة جدا، وأنه حتى الصباح سيتم الحصول على معلومات اخرى تمكن من تحديد اذا كان الحديث يدور عن انذار حقيقي.

النهاية معروفة: آلاف الصواريخ التي اطلقت على اسرائيل في الساعة 6:29 صباحا وآلاف المخربين الذين اجتازوا على الفور بعد ذلك الجدار من القطاع في حملة ذبح فظيعة في المواقع العسكرية والبلدات في غلاف غزة، فاجأت جهاز الامن. “لو أنهم فقط اعطونا انذار لنصف ساعة لكانت الامور ستنتهي بشكل مختلف كليا”، هكذا تذمر قائد كتيبة في لواء غولاني، الذي قتل عشرات من جنوده في المعارك في اليوم الاول. قادة آخرون يتفقون معه في رأيه. هذه النتيجة كان يمكن ويجب تجنبها، حتى في الساعات المعدودة بين المشاورات الهاتفية وبداية الهجوم. ضباط كبار نسبوا بعد ذلك خطأ هليفي الى المنشأ العسكري له، دورية قيادة هيئة الاركان ومنظومة العمليات الخاصة، وقالوا بأنه هناك تسيطر على الاغلب مقاربة الحد الاقصى من المعلومات والحد الادنى من كشف المصادر. رجال العمليات الخاصة اعتادوا على اعداد عمليات لاشهر طويلة، بأكبر قدر من السيطرة على صورة المعلومات قبل اتخاذ القرارات، وهم يخشون دائما من أن عملية مبكرة وغير محسوبة ستكشف للعدو عمق الغطاء الاستخباري الاسرائيلي وتؤدي الى “احراق” (خسارة) المصادر. 

في الايام التي اعقبت الكارثة تجول هليفي في هيئة الاركان، حيث كان هناك غيمة غضب تلفه وصليب مجازي من مشاعر الذنب على ظهره. كان يمكن تخيل القلق على وجهه، لكنه في نفس الوقت قاد عملية صحوة الجيش – الاستعداد السريع في الشمال من اجل صد امكانية حدوث هجوم مفاجيء لحزب الله (قيادة الحزب قررت بعد تردد عدم الانضمام لحماس)، والاستعداد قبل الدخول البري لاحتلال القطاع (حيث كان تحت مسؤوليته فنكلمان)، في نهاية تشرين الاول 2023. ومثلما أنه مسؤول عن الفشل الفظيع في يوم المذبحة فهو ايضا الذي قاد الانجازات العسكرية في غزة، وخاصة في الحرب ضد حزب الله في لبنان التي تصاعدت في الصيف الاخير. 

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى