ترجمات عبرية

هآرتس: رغم التصريحات، في الحكومة وفي الجيش يفضلون الامتناع عن حرب في الشمال

هآرتس 26/7/2024، عاموس هرئيل: رغم التصريحات، في الحكومة وفي الجيش يفضلون الامتناع عن حرب في الشمال

52 دقيقة كانت مدة خطاب رئيس الحكومة في الكونغرس الامريكي، و52 مرة قام الجمهور، على الاقل الجمهوريين، على أرجله وصفق له. حتى الآن واشنطن ستبقى بدون تغيير ايضا في الاسبوع القادم وكذلك القدس. نتنياهو في الحقيقة رتب الامور وتلاعب بها بحيث يحظى بنهاية اسبوع في الولايات المتحدة، حيث مدد غيابه عن البلاد لاسبوع كامل تقريبا في ذروة الحرب. ولكن عندما سيعود الى البلاد في يوم الاحد ستنتظره المشاكل التي يجد صعوبة أو لا يريد حلها: استمرار الحرب في القطاع، صفقة المخطوفين العالقة، خطر اشتعال حرب شاملة مع حزب الله في الشمال.

في الوقت الذي يتعثر فيه الائتلاف بسب التوتر مع احزاب اليمين المتطرف فان نتنياهو يقوم بتأخير بشكل متعمد المفاوضات حول الصفقة. ورغم التفاؤل الذي نثره على ابناء عائلاتهم الذين رافقوه في رحلته. التقدم في المفاوضات يمكن أن يتأثر الآن ايضا بنقص الاهتمام من الجانب الامريكي. طاقم الرئيس جو بايدن كان في حالة ذعر في الاسابيع الاخيرة ازاء ما ظهر كرفض منه للانسحاب من المنافسة على الرئاسة. جهات رفيعة في الادارة خشيت من أن تصميم بايدن العجوز سيمهد الطريق لفترة ولاية ثانية لترامب الذي لا يخفي حلمه بأن يصبح الديكتاتور الاول في تاريخ الولايات المتحدة.

اعلان انسحاب بايدن ونقل الشعلة لنائبته كمالا هاريس، بث روح الحياة في الحزب الديمقراطي. في هذه الاثناء يبدو أن معظم الديمقراطيين متوحدين حول ترشحها غير المثير للحماس. السؤال هو كم هي الجهود والموارد التي يمكن لبايدن في آخر ايام رئاسته تكريسها لضمان ارثه في مجال السياسة الخارجية في الشرق الاوسط – وقف اطلاق النار، اعادة المخطوفين وربما ايضا تطبيع بين اسرائيل والسعودية.

في موقع اكسيوس وفي صحيفة “واشنطن بوست” تم النشر عن لقاء ثلاثي في دولة الامارات بين ممثلي الدولة المستضيفة وجهات رفيعة امريكية واسرائيلية. وقد كانت على الاجندة افكار لترتيبات اليوم التالي للحرب في القطاع. وحسب التفاصيل التي وصلت للصحيفة فقد كان على الاجندة تعيين نوع من لجنة ادارة دولية، وتحتها مدير فلسطيني يكون المسؤول عن اعادة اعمار القطاع. المرشح الرئيسي لهذا المنصب هو رئيس الحكومة الفلسطيني السابق سلام فياض. هذه الخطوة يمكن أن تكون مدعومة بقوة امنية متعددة الجنسيات، بعضها من دول عربية واسلامية الى جانب شركات حماية خاصة امريكية. دولة الامارات غير متحمسة للتعاون مع القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. في المقابل، هي تعمل على الدفع قدما بالشريك المخضرم من القطاع، محمد دحلان (طرحت ايضا فكرة اطلاق حليف دحلان من السجن، مروان البرغوثي، وطرده الى الخليج).

اضافة الى ذلك يجري نقاش حول حلول تكنولوجية لمراقبة ما يحدث في محور فيلادلفيا على الحدود المصرية في رفح. حسب تقديرات الشباك فان الامر سيحتاج بضعة اشهر من اجل تركيب وسائل المراقبة على الحدود. في المقابل، هناك وثيقة تمت بلورتها في قيادة المنطقة الجنوبية، أعجبت نتنياهو الذي يؤيد البقاء الاسرائيلي الدائم في المحور. بخصوص معبر رفح فقد تم التحدث عن تواجد رمزي لجسم يرتبط بالسلطة الفلسطينية الى جانب استئناف التفويض لقوة مراقبين اوروبية، التي فشلت في مهمتها هناك بعد الانفصال في العام 2005.

حقيقة أن حماس تتعرض لضغط شديد هي حقيقة غير قابلة للنقاش. هذا يحدث ازاء استمرار الحرب ومعاناة السكان والمس بقدرات حماس. في هذا الاسبوع نشرت حماس منشور فيه نوع من الاعتذار للجمهور الفلسطيني. “نحن نعرف حجم ألمكم نتيجة الدمار المنهجي وحرب الابادة”، كتب في المنشور. الجيش الاسرائيلي يستمر في استخدام الضغط. فاضافة الى استمرار عمليات الفرقة 162 في رفح عادت هذا الاسبوع الفرقة 98 الى خانيونس، في عملية تم فيها انقاذ خمس جثث لمخطوفين. بالنسبة لسكان المدينة هذا كان يعني المزيد من الاخلاء القسري والسريع الى اماكن بديلة لا يوجد فيها شعور بالأمان الحقيقي.

من غير اللطيف قول ذلك، لكن اعادة المخطوفين بهذا الشكل مريحة للحكومة، بدون مفاوضات وبدون تقديم تنازلات يصعب تحملها وبدون شهادات عن الفظائع التي مروا بها في أسر حماس. ولكن ما زال هناك حتى الآن 115 اسرائيلي في القطاع، الذين اكثر من نصفهم يبدو أنهم ليسوا أحياء. 

لا يمكن اعادتهم جميعا بالقوة. فللمرة الاولى منذ تشرين الثاني يوجد اجماع نادر في المستوى الامني لصالح الصفقة بذريعة أن حماس قامت بتليين موقفها وأن أي تأخير آخر سيكلف حياة المخطوفين. هذه هي الصورة التي سيواجهها نتنياهو في بداية الاسبوع القادم. ولا يوجد أي يقين بأنه هو نفسه سيقرر تليين مواقفه. كبار الشخصيات، على رأسها وزير الدفاع يوآف غالنت، سيتعين عليها التقرير الى أي درجة تريد كشف اختلاف المواقف بينها. حتى الآن رد الجمهور لامبالي بشكل كبير. وبدون استيقاظ القيادة الامنية والجمهور الواسع فانه مشكوك فيه أن يتم الدفع قدما بالمفاوضات.

خوف مزدوج

التأخير في التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة يؤثر بصورة مباشرة على استمرار الحرب في الشمال. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، تعهد بمواصلة اطلاق الصواريخ على اسرائيل طالما استمر القتال في القطاع. وعدم قدرة اسرائيل على وقف اطلاق الصواريخ والقذائف المضادرة للدروع والمسيرات، وحقيقة أن البلدات قرب الحدود فارغة منذ تشرين الاول الماضي، كل ذلك يزيد خيبة الامل في الحكومة وفي الجيش. النتيجة هي مناوشات يومية يصعد فيها الجيش الاسرائيلي قليلا هجماته، لكنه يحذر من القيام بخطوات يمكن أن تؤدي الى الحرب الشاملة، وحزب الله يرد وفقا لذلك. لكن الاضرار المتراكمة للهجمات في لبنان، كما نشر هنا منذ بداية المواجهة، لا تترجم الى انجازات استراتيجية. القيادة في اسرائيل لا تعثر على طريقة اخرى لاعادة السكان الى بيوتهم، باستثناء الحرب الشاملة أو وقف كامل لاطلاق النار، وهي الخيارات التي تمتنع عن القيام بها.

خوف الضباط مزدوج وهو يتعلق بفترتين منفصلتين، الفترة القريبة والوضع الاقليمي خلال بضع سنوات. في الواقع الحالي، رغم الابعاد المؤقت لرجال قوة النخبة “الرضوان” عن الجدار فانه لا توجد لدى اسرائيل قدرة على ضمان ابعادهم عن المنطقة الى الأبد. وحتى لو تم التوصل الى اتفاق سياسي بوساطة امريكية إلا أنه لا توجد طريقة للتأكد من أن حزب الله سيبقى في شمال الليطاني. في 2006، بعد حرب لبنان الثانية، تم اتخاذ القرار 1701 في مجلس الامن الذي نص على شرط مشابه، لكن هذا الشرط لم يتم تنفيذه على الاطلاق وتم خرقه من قبل حزب الله خلال بضعة ايام. الخطأ في هذه المرة سيكون أكبر ازاء البنية التحتية التي اقامها حزب الله قرب الحدود. البنى التحتية فوق الارض تعرضت للضرر الشديد، لكن اسرائيل حتى الآن لا تعرف حجم ما يختفي تحتها. اطلاق النار من قبل حزب الله رغم المس الشديد بمعنويات اسرائيل، ما زال محسوبا وحتى محدودا. حزب الله لم يجند كل قوات الاحتياط لديه ولم يستخدم سلاح استراتيجي مثل الصواريخ الدقيقة للمدى البعيد. استخدامه للموارد هو استخدام حذر.

مثلما في قطاع غزة، رغم التغطية الاستخبارية المتطورة في الشمال، يصعب استبعاد الشك الذي يخلق فجوة مقلقة بين ما عرفته اسرائيل وبين الواقع الذي يوجد تحت الارض. حزب الله استعد خلال 18 سنة بصورة ستمكن قوة الرضوان من “القفز” الى الانقضاض على الحدود عند الحاجة. في 2018 كشفت اسرائيل ودمرت في عملية “درع الشمال” ستة انفاق هجومية تم حفرها تحت اراضيها. هناك شك اذا كانت تعرف بالضبط أين تمر كل الانفاق الدفاعية في جنوب لبنان، وكيف سيتم بشكل مؤكد صد أي هجوم فوق سطح الارض، مثل الذي نفذته حماس في 7 تشرين الاول. طالما أن البنية التحتية قائمة فقد بقي فقط خطر الهجوم المفاجيء. مع اتفاق وبدون حرب، هل القيادة يمكنها أن تقول للسكان بثقة أنه لا يوجد أي خطر يهدد حياتهم اذا عادوا الى المستوطنات على الحدود؟. 

من يؤيدون الحرب يعتقدون أن مستوى استعداد وحدات الجيش البري في الخدمة النظامية وفي الاحتياط هي الاعلى منذ عقود، في اعقاب التجربة التي تراكمت في غزة وزيادة التدريبات على سيناريو لبنان. ايضا غياب المدنيين على جانبي الحدود سيسهل القتال وسيقلص عدد المصابين غير المشاركين في القتال. بدون هجوم لاسرائيل فان حزب الله يمكن أن يستمر في التسلح بوتيرة ونوعية تسبق ما يحدث في الجيش الاسرائيلي. اذا تسلحت ايران بالسلاح النووي فان المحور الشيعي سيستكمل عملية من نوع حركة الشطرنج ضد اسرائيل.

ادعاءات من يعارضون الحرب في الوقت الحالي معروفة. يوجد للجيش الاسرائيلي حاجة الى ادارة اقتصاد الذخيرة (الارسالية المشهورة التي قامت بتأخيرها الادارة الامريكية)، الجيش النظامي والاحتياط يجب أن يستيقظوا من التآكل والعبء الذي ارتبط بالحرب في الاشهر التسعة والنصف الاخيرة. هناك ايضا الخطر الواضح على الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي لم تجرب في أي يوم المواجهة مع ترسانة صواريخ وقذائف كثيفة مثل التي يمتلكها حزب الله. 

ما تتم رؤيته من هناك

المراسل العسكري المخضرم ديكستر بلكنس نشر في هذا الاسبوع في مجلة “نيو يوركر” انطباعه من رحلة اجراها على جانبي الحدود بين اسرائيل ولبنان. في الرحلة من بيروت نحو الجنوب كتب بلكنس، “المنطقة آخذة في الفروغ من السكان كلما اقتربنا باتجاه اسرائيل، وعلامات الدمار تصبح اكبر. في القرى الشيعية في جنوب لبنان شاهد اخلاء لانقاض البيوت التي تضررت من الهجمات الاسرائيلية. لافتات كبيرة تخلد قتلى حزب الله، ومقبرة تم تخصيصها لتمكين حزب الله من دفن القتلى الجدد. في قرية ارميش، المسيحية المارونية، القريبة من الحدود (مقابل مستوطنة متات)، السكان ابلغوا بلكنس كيف أنهم طلبوا من رجال حزب الله الابتعاد بعد أن هاجم سلاح الجو مبنى استخدمه الحزب لاطلاق الصواريخ على اسرائيل. القرية الشيعية القريبة، عيتا الشعب، المسيحيون لا يتجرأون على الاقتراب منها بسبب خطر القصف الاسرائيلي، البعض منهم يخشون من أن يجر حزب الله لبنان الى حرب شاملة.

الدكتور شمعون شبيرا، الخبير الاسرائيلي في شؤون حزب الله، قال إنه يجب الانتباه للعلاقة بين ما يحدث في لبنان وباقي اجزاء المحور الراديكالي. اطلاق المسيرات من اليمن نحو تل ابيب، وبعد ذلك الهجوم الجوي الكثيف الذي قامت به اسرائيل في ميناء الحديدة، كل ذلك يعكس حسب قوله مرحلة جديدة في تطورات الحرب في المنطقة. “ايران اجتازت العقبة الكأداء في نيسان، في هجوم الصواريخ والمسيرات على اسرائيل، والآن انضم الحوثيون في هجومهم القاتل الاول، ايضا المليشيات الشيعية تطلق المسيرات في كل اسبوع، لكن في هذه الاثناء جميعها تم اعتراضها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى