هآرتس: رغم أن حماس هي التي قامت بشن الحرب، إلا أنها تحمل اسرائيل المسؤولية
هآرتس 3/12/2024، نحاميا شترسلر: رغم أن حماس هي التي قامت بشن الحرب، إلا أنها تحمل اسرائيل المسؤولية
29 تشرين الثاني هو من الايام المهمة جدا في اسرائيل. في هذه السنة مر هذا اليوم بدقيقة صمت وبدون احتفالات، ربما لأنه توجد على الاجندة الآن مواضيع اكثر اهمية مثل مستقبل وقف اطلاق النار في الشمال ومصير المخطوفين في غزة.
في يوم الجمعة الماضي صادف مرور 77 سنة على قرار الامم المتحدة بشأن خطة التقسيم التي أدت الى انهاء الانتداب البريطاني واعلان دافيد بن غوريون (بعد نصف سنة) عن اقامة “الدولة اليهودية في ارض اسرائيل، دولة اسرائيل”. منذ ذلك اليوم نحن نعيش في حروب متواصلة، التي في كل مرة تغير صورتها وطابعها. المذبحة في 7 اكتوبر هي واحدة منها، وقد تسببت في ضعضعة اصغر المعتقدات لدينا. هل يوجد من نتحدث معه في الطرف الآخر، وما هو حقنا في هذه البلاد؟.
حتى 7 اكتوبر كثيرون منا آمنوا بأنه يمكن ويجب التوصل الى اتفاق، ليس فقط مع السلطة الفلسطينية، بل ايضا مع حماس. 7 اكتوبر اثبت أننا كنا مخطئين. فمع حماس لا يوجد ما يمكن التحدث عنه. لأن الحديث عن منظمة جهادية ارهابية تريد القضاء علينا ووراثة البلاد.
قتل المدنيين في غلاف غزة والاغتصاب وقطع الاعضاء واحراق عائلات على قيد الحياة، كل ذلك يثبت ذلك. ميثاق حماس من العام 1988، الذي يعلن عن التزامها بالقضاء على اسرائيل هو دليل آخر. فبالنسبة لهم لا يوجد لليهود أي حق في هذه البلاد، ونحن بالنسبة لهم لم نكن موجودين هنا في أي يوم، ولم تكن هنا مملكة شاؤول وداود، أو الهيكل الأول والثاني. بالنسبة لهم نحن مجرد غزاة.
صحيح أن العالم اعترف وبحق بالتاريخ اليهودي وحقوق الفلسطينيين، ونحن نرى ذلك جيدا في خطة التقسيم. ولكن في حين أن قيادة الاستيطان اليهودي وافقت على الخطة فان العرب رفضوها. غداة القرار قاموا بشن هجوم على الاستيطان اليهودي الذي اصبح غزو جماعي بعد اعلان الاستقلال في أيار 1948.
العرب كانوا على ثقة بأنهم سينجحون في القضاء على الاستيطان اليهودي الصغير، لكن الجيش الاسرائيلي فاجأهم وانتصر عليهم. ومثلما يحدث في حروب كثيرة فان مئات آلاف العرب اضطروا الى ترك بيوتهم واصبحوا لاجئين. من ناحيتهم هذه هي النكبة، ونحن نتحمل سببها. ولكن هذه الكارثة هم الذين تسببوا بها لانفسهم. لا يمكن شن حرب والخسارة فيها، وفي نفس الوقت أن تصبح أنت الضحية. لأنه من الواضح لو أننا خسرنا ببساطة لما كنا الآن موجودين.
الفلسطينيون يسمون الدمار الحالي والقتلى في غزة بـ “النكبة 2”. ولكن في هذه الحالة لسنا نحن الذين تسببنا بالكارثة. الهجوم الوحشي في 7 اكتوبر بادرت اليه حماس. وهكذا فقد تسببت بالكارثة لنفسها. حماس كانت على ثقة من أن حزب الله سينضم للهجوم، وايران ايضا، وسيحتفلون معا بتدمير اسرائيل، لكنها كانت مخطئة في ذلك.
سلطة حماس في غزة كان يمكنها أخذ التاريخ الى اتجاه مختلف كليا. فبعد انسحاب اسرائيل من القطاع في 2005 سنحت الفرصة. وحماس كان يمكنها اختيار الحياة وليس الموت. كان يمكنها التركيز على تطوير السياحة والفنادق والمطاعم على شاطيء غزة الجميل. كان يمكنها تشغيل الدفيئات التي قام سكان غوش قطيف بتركها (بدلا من تدميرها). كان يمكنها الاستثمار في البنى التحتية والتكنولوجيا والهايتيك. وبالتالي، تحويل غزة الى قصة نجاح على شاكلة سنغافورة.
لكن حماس اختارت الدم والنار. اختارت التسلح والعودة لاطلاق الصواريخ نحونا وحفر الانفاق، على حساب سكان غزة الذين يتمرغون في الفقر. حماس حولت غزة الى ديكتاتورية حمساوية لها هدف رئيسي واحد وهو القضاء على اسرائيل.
الآن بعد أن تم تدمير معظم قوتها العسكرية فقد حان الوقت لأن تغير قيادة حماس الاتجاه والعمل من اجل سكان غزة الذين يعانون من ازمة انسانية شديدة. حماس يجب عليها الاعتراف بسقوطها، والتنازل عن السلطة، والتوصل الى اتفاق لانهاء الحرب واعادة المخطوفين، الامر الذي سيمكن من اعمار قطاع غزة وانقاذ السكان هناك. للاسف، المرجح اكثر هو أنها ستختار استمرار القتال واتهام اسرائيل بـ “النكبة 2″، بالضبط كما اختار العرب بعد 29 تشرين الثاني.