هآرتس: رسائل حماس في ذكرى الحرب تكشف الفجوة العميقة بين الحركة والواقع في قطاع غزة
هآرتس 8/10/2024، جاكي خوري: رسائل حماس في ذكرى الحرب تكشف الفجوة العميقة بين الحركة والواقع في قطاع غزة
رسائل حماس في يوم السنة لـ 7 اكتوبر ركزت على محاولة تبرير الهجوم، عرض الانجازات العسكرية والايضاح بأنها لا تزال مستقرة. قادة المنظمة والناطقين بلسانها كرروا المرة تلو الاخرى القول بأن “طوفان الاقصى” كان خطوة واجبة في ضوء العدوان والقمع الاسرائيليين ضد الفلسطينيين، الأسرى والمسجد في القدس. المعاناة الرهيبة لاكثر من مليوني نسمة يعيشون في منطقة ليست جديرة بالحياة دحرت الى الهوامش. من ناحية حماس الغاية – حرية الشعب الفلسطيني واستقلاله – تبرر كل وسيلة.
ما برز اكثر من بين كل هذه الرسائل كانت الفجوة بينها وبين الواقع. فمع أن نار حماس تسببت أمس بتشغيل الصافرات في وسط البلاد، لكن من الصعب القول بأنها تحدت الجيش الاسرائيلي، الذي اعلن بعد وقت قصير عن الهجوم على منصة الاطلاق. وليس مثلما في جولات القتال السابقة في القطاع، فان نار الصواريخ معناها عقاب جماعي للسكان: من يسكن في المنطقة التي اطلق منها سيتلقون مزيد من الاوامر للاخلاء، وبعده تأتي الغارات المكثفة والقصف من الجو ومن البر ومزيد من القتلى والمزيد من التردي في الوضع الانساني.
بيان حماس الرسمي، مثل تصريحات خالد مشعل، تضمن دعوة لانضمام الضفة الغربية للكفاح وتوحيد الصفوف ضد اسرائيل في العالم العربي والاسلامي. هذه الدعوة هي الاخرى لا اساس لها في الواقع. فتوقع حماس لاشتعال في الضفة يشدد الضغط على اسرائيل، خاب: في هذه الاثناء اسرائيل هي التي تشدد الضغط في ظل تهديد صريح لسحق السلطة الفلسطينية. اجتياحات على طول وعرض الضفة اصبحت أمرا عاديا والحواجز التي نصبت فيها تمنع حتى المسيرات غير العنيفة احتجاجا على ما يجري في القطاع.
أمل حماس يوجد في لبنان، غير أن الحرب باتت تدور في دولة لا تقرب الحرب في غزة من نهايتها. حزب الله وإن كان لا يزال يصر على وحدة الساحات ويتمسك بالمعارضة لكل تسوية لا ترتبط بوقف النار في القطاع، لكن أحدا في لبنان أو في غزة يمكنه أن يتوقع حتى متى وبأي قدر سيواصل عمل ذلك.
الناطق بلسان الذراع العسكري لحماس، أبو عبيدة، اوضح بأن المنظمة تعتزم مواصلة حرب الاستنزاف ضد اسرائيل. لكن رغم محاولة بث احساس بأن الامور كالمعتاد، عمليا المعركة ترتدي شكل حرب عصابات استنادا الى هجمات موضعية للخلايا على القوات الاسرائيلية. تواصلها منوط بحجم وسائل القتال التي تضعها حماس تحت تصرفها؛ وبقدرتها على تلقي المساعدة اللوجستية في الوقت الذي يحاصر فيه القطاع من كل صوب.
في هذا الوضع، الورقة الاخيرة في يد حماس هي المخطوفون الاسرائيليون الاحياء. ليس صدفة أن قال أبو عبيدة أن في المنظمة يجتهدون للحفاظ على حياة المخطوفين، لكنه حذر من تكرار حادثة رفح التي قتل فيها ستة مخطوفين في محاولة لانقاذهم. ويأتي التحذير لحث الجمهور في اسرائيل على الضغط على الحكومة، لكن في حماس ايضا باتوا يفهمون بأن هذا الضغط لا يؤثر كثيرا على بنيامين نتنياهو.
سكان غزة يسمعون هذه الاقوال ويفهمون بأن ليس لقادة حماس أي خطة عملية تؤدي الى التغيير، وأن وقف النار في المستقبل القريب ليس على جدول الاعمال، وأن الاهتمام انتقل الى اماكن اخرى. تخوفهم، بعد سنة كلفت حياة اكثر من 40 ألف فلسطيني، هو أن تبقى الحرب تدار حتى في السنة الثانية، وأن عدد المقتولين فقط هو الذي سيتغير حتى ذلك الحين.