ترجمات عبرية

هآرتس ذي ماركر: وقف المساعدات الامريكية عن اسرائيل سيجعل الشرق الاوسط مختلفا

هآرتس ذي ماركر 14/5/2025، حجاي عميت: وقف المساعدات الامريكية عن اسرائيل سيجعل الشرق الاوسط مختلفا

جولة زيارات دونالد ترامب في الشرق الاوسط التي بدات امس، بدأت بالاعلان عن صفقة ضخمة لبيع السلاح للسعودية بمبلغ 142 مليار دولار. من اجل معرفة حجم الصفقة يكفي القول بانه في الاعوام 1950 – 2022 اشترت السعودية سلاح امريكي بمبلغ 164 مليار دولار بالاجمال. 

هذه الصفقة لا يتوقع ان تكون الاعلان الاخير في جولة زيارات الرئيس. صفقة السلاح مع السعودية هي جزء من اتفاق اقتصادي اوسع بين الولايات المتحدة والسعودية، التي ستشمل ايضا استثمارات سعودية في الولايات المتحدة بمبلغ 600 مليار دولار. اضافة الى السعودية ترامب سيزور ايضا اثنان من الزبائن الكبار لشركات السلاح الامريكية، قطر واتحاد الامارات. مجمل مشتريات هاتين الدولتين للسلاح الامريكي في الاعوام 1950 – 2022 بلغ 70 مليار دولار.

قطر والسعودية هي الآن من الدول الاربعة الاكبر التي تستورد السلاح في العالم، بعد اوكرانيا والهند. كل واحدة منهما مسؤولة عن 6.8 في المئة من الاستيراد العالمي. السعودية وحدها كانت الهدف الذي وصل اليه 12 في المئة من تصدير السلاح الامريكي في 2020 – 2024. 

بين الاعوام 1950 – 2022 اشترت اسرائيل سلاح امريكي بمبلغ 53 مليار دولار. ولكن مشترياتها لم تكن “اموال حقيقية” من ناحية الادارة الامريكية، بل مشتريات تمت بالاساس بواسطة المساعدات الخارجية، اموال حولتها الولايات المتحدة لاسرائيل.

الفجوة بين مئات المليارات، التي تكتنف صفقات سلاح جديدة مع السعودية، قطر واتحاد الامارات، والتي تنضم الى سلسلة كبيرة من الاتفاقات التجارية بين هذه الدول والولايات المتحدة – وبين حقيقة ان ترامب ينظر الى اسرائيل على انها مبتلعة لاموال المساعدات وكعبء عليها، هي عامل اساسي في سبب عدم اشراك ترامب لاسرائيل في المفاوضات حول انهاء الحرب في غزة.

الانضمام الى الخطاب الانعزالي للجمهوريين

في جلسة الكابنت في يوم الاحد تطرق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى اعتماد اسرائيل على المساعدات الامنية الامريكية. “نحن نحصل على 4 مليارات دولار تقريبا للسلاح”، قال. “اعتقد اننا سنصل الى وضع سنفطم فيه عن ذلك، مثلما فطمنا عن المساعدات الاقتصادية”. لكن يجب الحذر من تفسير اقوال نتنياهو على اعتبار انها عملية فعلية لتغيير الطريقة التي تدار فيها ميزانية الدفاع في اسرائيل.

اتفاق المساعدات الامنية بين امريكا واسرائيل سينتهي في نهاية 2028. وممثلو الطرفين حتى الآن لم يبدأوا التناقش في المساعدات القادمة. ولأن اتفاق المساعدات يسن كقانون في الكونغرس، فانه يصعب وحتى من غير المحتمل، تغييره في المنتصف. جهات رفيعة في الحكومة الاسرائيلي، التي تتعامل بالعلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة، فسرت هذه الاقوال لرئيس الحكومة ليس كاعلان عن خطوات متوقعة، بل كمحاولة لنتنياهو للانضمام الى الخطاب الجمهوري الانعزالي.

في مجموعة “لنجعل امريكا عظيمة مرة اخرى” في ادارة ترامب، كما تسمى من قبل من يتناول العلاقات الخارجية لاسرائيل مع الولايات المتحدة، تعمل حركة انعزالية قوية لـ “امريكا اولا”، التي تعتبر المساعدات العسكرية لدول العالم بشكل عام ولاسرائيل بشكل خاص، ظاهرة اشكالية. بعض الجهات الجمهورية في الادارة تتحدث عن وقف المساعدات. لذلك فان نتنياهو حاول في اقواله بث لهذه الجهات اعلان نوايا بعيد المدى، وليس خطة لتنفيذ عملية حقيقية لتقليص المساعدات في الفترة القريبة.

هذه الخطوة، “فطام” اسرائيل من الاعتماد على المساعدات الامريكية، ستكون مقرونة بألم كبير لاقتصاد اسرائيل، ويمكن أن تؤثر على كل الشرق الاوسط.

على حساب الامريكيين

ان حجم المساعدات الامريكية العادية لاسرائيل، التي تحددت في اطار الخطة متعددة السنوات للاعوام 2019 – 2028، يبلغ 3.8 مليار دولار في السنة. وهي المساعدات المسؤولة عن 15 في المئة من ميزانية الدفاع في اسرائيل.

لكن احداث السنة والنصف الاخيرة اوضحت بانه في حالة حرب شاملة فان اسرائيل بحاجة الى مساعدات امريكية اكبر بكثير، وهي حقا تحصل عليها ايضا. طوال السنة الاولى للحرب انفقت الولايات المتحدة 23 مليار دولار على مساعدات لاسرائيل ونشاطات تتعلق بالحرب، تقريبا ستة اضعاف المساعدات العادية التي تحصل عليها اسرائيل منها. 

الحديث لا يدور فقط عن مساعدات مالية مباشرة. المخازن التي امتلكتها امريكا في اسرائيل والتي تم فتحها في الحرب، شملت سلاح وذخيرة بمبلغ 4.4 مليار دولار.  اسرائيل تم تزويدها بمنظومات دفاع مثل الصواريخ بمبلغ 4.5 مليار دولار، ومنظومة القبة الحديدية والذخيرة لها بمبلغ 1.2 مليار دولار. الولايات المتحدة سرعت انتاج القنابل لصالح اسرائيل بمبلغ مليار دولار تقريبا، وعززت القوات الامريكية التي واجهت الحوثيين بمبلغ 5 مليارات دولار. 

عشرات الاف القنابل والمواد المتفجرة والبنادق والصواريخ المضادة للدبابات والقنابل الثقيلة، جميعها تم ارسالها عن طريق الجو الى اسرائيل. بالاجمال، 70 في المئة من تمويل نشاطات اسرائيل الاخيرة في الحرب تم تمويله من الولايات المتحدة. حجم المساعدات الامريكية الحالي هو الذي مكن اسرائيل من ادارة الحرب لسنة ونصف بدون ان تسعى الى اتفاق وبدون التحدث عن المستقبل بعيد المدى لقطاع غزة. ومكن حتى اسرائيل من ادارة الحرب في عدة جبهات في نفس الوقت مع الاعلان عن التطلع الى “الانتصار المطلق”. باعادة صياغة لنظرية “السور الحديدي” لزئيف جابوتنسكي، السور الذي ترتكز عليه نظرية الامن الاسرائيلية الآن، هو بالفعل سور من الدولارات الامريكية.

اذا كانت اسرائيل تطمح الى ادارة الحرب الحالية بدون هذه المساعدات، أي على حسابها، فهي كانت ستجد نفسها في هذه الايام غارقة في ديون ضخمة، التي كان من شانها ان تدخلها الى ازمة اقتصادية عميقة، ورفع الفائدة بشكل حاد على ديونها، وتسخير اقتصادها لسنوات كثيرة. 

شروط حالمة

ايضا الشروط المالية للمساعدات السنوية العادية التي تعطيها الولايات المتحدة لاسرائيل هي شروط حالمة. لقد كان لاسرائيل خط نقدي مرن وقابل للوصول اليه. في معظم الحالات التي حصلت فيها على بضاعتها التي كانت بحاجة فورية اليها، دفعت ثمنها بعد ذلك. المساعدات الثابتة يتم تحويلها بدفعة واحدة في بداية السنة المالية. وهي العملية التي توفر على الدولة دفع الفائدة. اسرائيل حتى تنفذ طوال سنوات صفقات ضخمة لشراء الطائرات والمروحيات، مع الاعتماد على المساعدات التي ستأتي في السنوات القادمة.

اضافة الى الاعتماد المالي لاسرائيل على الولايات المتحدة فان كل سلاح الجو الاسرائيلي (طائرات ومروحيات وقذائف) يرتبط تكنولوجيا بالصناعات الامريكية. ايضا كل سلاح الجو الاسرائيلي يرتكز الى التمويل الامريكي أو التطوير المشترك لشركات اسرائيلية وامريكية.

حدود واضحة لقدرات اسرائيل

حرب السنة والنصف الاخيرة كانت الدليل الدامغ على اعتماد اسرائيل على الولايات المتحدة، عسكريا واقتصاديا. ولكن بالذات خطوات ترامب في الفترة الاخيرة ذكرت اليمين بانه اذا كانت اسرائيل معنية بوجود سياسة يمين انعزالي، بدون التطلع الى اتفاقات وبدون الخوف من تغيير السياسة بسبب الانتقال من ادارة جمهورية الى ديمقراطية وبالعكس، فانها لا تستطيع السماح لنفسها بمثل هذا الاعتماد. 

لذلك، خلال الحرب بدات اسرائيل بخطوات لانتاج سلاح مستقل، التي قادها ايال زمير في منصبه السابق كمدير عام لوزارة الدفاع. في اطار هذه الخطوات تم فتح خطوط جديدة لانتاج ذخيرة المدافع وذخيرة لسلاح الجو في جنوب اسرائيل. اضافة الى ذلك توجد حدود واضحة لقدرة اسرائيل على ان تكون مستقلة في انتاج السلاح والتصرف وكانه لا توجد لها حدود مالية. “اسرائيل لا يمكنها انتاج طائرة اف 35، هي ايضا محدودة في انتاج بضع مئات من الاجزاء التي تشتريها من الولايات المتحدة. ايضا حتى لو طورت قدرة انتاجها في اعقاب الحرب فهي بحاجة لذلك الى قدرات تكنولوجية غير موجودة لديها”، قال مصدر في الصناعات الاسرائيلية.

لن يسارع الى اخراج السوط

رغم الاصوات الانعزالية في الولايات المتحدة إلا أن القرارات الامريكية في الكونغرس لتقديم المساعدات لاسرائيل خلال الحرب اتخذت باغلبية ساحقة، 90 في المئة. هذا يدل على انه في الساحة السياسية يجب ان تحدث عمليات عميقة قبل تنفيذ تقليص المساعدات لاسرائيل. 

اذا كان هناك تهديد على اسرائيل فهو لا ينبع من الكونغرس، بل من ادارة ترامب نفسها. العلاقة بين نتنياهو وترامب وصلت الى الحضيض. حسب احاطات البيت الابيض في الفترة الاخيرة فان “ترامب يئس من نتنياهو”. وحسب الاحاطات من محيط نتنياهو فان سلوك البيت الابيض فيما يتعلق باسرائيل هو “فوضى” كبيرة.

رغم ذلك، في اسرائيل قدروا في هذا الاسبوع بان ترامب لن يسارع الى التهديد بوقف المساعدات لاسرائيل. اضافة الى ذلك مصدر في وزارة الخارجية قال “اذا تم اخراج سوط تقييد المساعدات الامنية لوزارة الدفاع فانه سيكون من غير المنطقي معارضة مطالبهم”. لكن هذه القدرة على اخراج السوط هي احدى مشاكل اعتمادنا العسكري والاقتصادي عليهم. هي تتسبب في أنه في لحظة الحقيقة، الرئيس الامريكي دائما القول لنا: “اوقفوا الحرب. نقطة”.

الجهات التي تنشغل بالعلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة قالت امس بأن تنازلنا عن المساعدات الامريكية هو أمر غير صحيح وغير منطقي. وان اسرائيل بحاجة الى ان تعمل الولايات المتحدة كركيزة استراتيجية لها. وحسب قولها ايضا فان المساعدات التي تحصل عليها الدولة من الولايات المتحدة تؤدي الى ان يشعر الامريكيين بانهم ملزمون باسرائيل. هذه الجهات قالت ايضا بانه اذا اوقفت الولايات المتحدة استثمار في اسرائيل فانه سيقل ايضا اهتمامها بمصيرنا. ومثلما حددت ذلك هذه الجهات فان “الاستثمار في المساعدات هو الذي يجعل الامريكيين شركاء لاسرائيل”.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى