هآرتس/ ذي ماركر: نقترب من جبل الجليد

هآرتس/ ذي ماركر 2023-11-01، بقلم: دِفنه ميئور: نقترب من جبل الجليد
لم تكن روسيا وتركيا والصين في أي يوم حليفة طبيعية لإسرائيل. روسيا، حتى في نسختها كاتحاد سوفياتي، سلحت خلال عقود أعداء إسرائيل بشكل مباشر، تركيا تقيم علاقات، باردة وحتى كراهية متقدة، في ظل حكم أردوغان، على رأس اهتمامات الصين خلق محور عالمي يغلق الطريق أمام الولايات المتحدة بوساطة الروافع الاقتصادية التي تخدمها في بناء القوة العسكرية والإستراتيجية.
كل ذلك تصاعد فقط منذ اندلاع الحرب في الجنوب، التي ينظر إليها العالم كما يبدو على أنها صراع إسرائيلي – فلسطيني. روسيا وتركيا وقفت بشكل رسمي إلى جانب ألد أعدائنا الذين عرفناهم، المنظمة الإرهابية “حماس”. ربما أن الصين حازمة أقل في دعمها، لكن من أعطته الولاء كان يمكن رؤيته في السنة الماضية عندما أخذت تحت جناحها، في إطار مشروع “الحزام والطريق”، أيضاً إيران، واستضافت ممثلي “طالبان” في الشهر الماضي في احتفال العقد على هذا المشروع الذي يمتد في أرجاء العالم. برعاية الحكومة يتم في الصين نشر دعاية مناهضة لإسرائيل في الشبكات الاجتماعية.
حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة خرجت في السنة الأخيرة بعدم مسؤولية وحكمة ضد الإدارة الأميركية، وقامت بمغازلة محرجة وضارة أمام روسيا بوتين وصين شي جينبينغ.
بعد الصدمة القاسية، في 7 تشرين الأول، فإنه من الواضح للجميع من الذي يقف إلى جانبنا وعلى من يمكن الاعتماد: في المقام الأول الولايات المتحدة برئاسة الرئيس جو بايدن، وبعد ذلك الحلفاء الغربيون للولايات المتحدة. ولكن لن تكون حصانة في أي يوم: هناك عمليات جيوسياسية مصيرية تحدث في السنوات الأخيرة في العالم، وتخلق معارضة متزايدة لمصالح الولايات المتحدة ومعها إسرائيل.
التقسيم الواضح أصلاً هو بين الصين والولايات المتحدة، لكن هناك أكثر من ذلك بكثير في حركة الكتل وفي القفز عن بنود عدد من اللاعبين الكبار. توجد تغييرات كبيرة أيضاً في داخل حلفاء إسرائيل الحاليين، الذين يمكن أن يضعف دعمهم لها في السنوات القادمة. في عالم ما بعد بايدن فإن الاعتماد على وقوف ساحق جداً للولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل يمكن أن يكون خاطئاً. بناء على ذلك، مع الأخذ في الحسبان الردود الصادمة ضد إسرائيل التي تظهر في أرجاء العالم – ليس فقط الإسلامي أو المستبد، بل داخل أفضل الدول الديمقراطية الغربية، بما فيها أجزاء واسعة من الطبقة السياسية – الإستراتيجية التي سنتبعها أمام الفلسطينيين في جهودنا لتخفيف وربما حل ما بدأ يظهر كحرب المئة سنة – ستكون حاسمة لوجودنا.
هجوم إيراني
إن احتلال يهودا والسامرة وغزة معارض للقانون الدولي وهو غير أخلاقي. وهو يقوض قوة إسرائيل ويضعفها – مثلما ظهر بشكل جيد في الأحداث الدموية في 7 تشرين الأول. ويقوض قدرة دفاعها عن نفسها. ولكن صبغ المعركة الحالية بألوان نضال فلسطين – إسرائيل/ احتلال فقط هو أمر مضلل. خلف هجمات “حماس” و”حزب الله” تقف إيران، ويد روسيا تحرك هي أيضاً باستمتاع كبير طبخة السم. إيران توجد لها نية علنية لتدمير إسرائيل، والحرب الحالية هي هجوم متعدد الجبهات، يشمل الهجمات من اليمن التي توجد خلفها إيران، حسب مصادر استخبارية وسياسية نشرت مؤخراً في وسائل الإعلام الدولية. “حماس” هي بيدق، والسكان الواقعون تحت الاحتلال في غزة هم الوقود لشعلة إيران ومصالحها. الحرب تدفع بروسيا قدماً في نضالها ضد الولايات المتحدة والغرب الديمقراطي في جبهة أوكرانيا وفي جبهة الطاقة. وفوقها جميعاً تحلّق روح الصين التي يمكنها فرك الأيدي بفرح: حربها ضد الولايات المتحدة هي حرب اقتصادية وباردة حتى الآن، لكنها لا تعارض اللاعبين المستعدين لسكب النار والصواريخ والجنود أمام مصالح الدولة المعادية بعيداً عن حدود الصين نفسها.
رغم كل ذلك، رغم المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية ودول ديمقراطية أخرى في الوقوف إلى جانب إسرائيل في نضالها ضد إيران، إلا أن إسرائيل توجد في شرك قوي.
ما بعد العالم متعدد الأقطاب
من الوضع الذي كانت توجد فيه دولة عظمى واحدة، أعطت الرعاية وزعامة اقتصادية وعسكرية لكل الباقي، فإن العالم بدأ في الانقسام إلى كتل تنجذب إلى أقطاب جديدة. بتقسيم أولي يظهر لنا عالم ثنائي الأقطاب فيه الولايات المتحدة والدول الغنية والديمقراطية في جهة، والصين في الجهة الأخرى مع دول دكتاتورية مثل روسيا وإيران وهنغاريا والدول الفقيرة التي تعتمد على دعمها الاقتصادي.
القطبية الجديدة ليست حادة في تقسيمها، وهذا أمر إشكالي أكثر للولايات المتحدة وإسرائيل كنتيجة لذلك. الهند (التي شعبها يظهر دعمه الواسع لإسرائيل في الشبكات الاجتماعية) تغازل المجموعتين، رغم أنها ديمقراطية، ربما بسبب أنها ديمقراطية يقودها رئيس حكومة مستبد ووطني متطرف.
إسرائيل لا يوجد أمامها خيارات كثيرة، عملية وأخلاقية، هي ملتزمة تجاه الولايات المتحدة. ولكن الدعم غير المحدود الذي أظهره تجاهها الزعماء، بما في ذلك في إيطاليا وفرنسا، الذين جاؤوا لزيارتها أثناء إطلاق الصواريخ، لا يجب النظر إليه كأمر طبيعي لأسباب داخلية وخارجية.
العملية الحيوية والوقت المناسب
اللاساميون كما يبدو لن نقنعهم حتى بعملية سلام، وإيران لن تصبح صديقة لإسرائيل طالما أنها محكومة على يد متطرفين متوحشين يقمعون ويذبحون حتى أبناء شعبهم. فلماذا أصلاً يجب محاولة إيجاد حل للفلسطينيين وللاحتلال؟ الإجابة هي أنه دون ذلك سنجد صعوبة في التواجد كدولة مستقرة وطبيعية في فضاء الشرق الأوسط، وبشكل عام في العالم.
مبرر واحد يوجد على بعد بضعة كيلومترات من أي مركز سكاني في إسرائيل، أي في المناطق المحتلة – هناك يوجد أشخاص ليست لهم مكانة ولا يرون الآن أي أمل في المستقبل. وهناك توجد أرض يمكن استخدامها كقاعدة للصواريخ والإرهابيين الذين سينغصون علينا حياتنا لأجيال.
على المدى البعيد إدارة الدولة في حالة عدم يقين أمني في وقت أزمة مناخ وتغييرات ديموغرافية، زيادة سريعة للسكان غير المنتجين وغير المتجندين مقابل شيخوخة السكان الذين يتحملون العبء ستكون معقدة أكثر. حتى عندما كانت قصة نجاح مزدهرة وتثير الحماسة في عقودها الأولى، إسرائيل لم تكن في وضع مثالي، لكن تقدمها كدولة إقليمية عظمى تحوّل إلى تقدم خارجي وسطحي ويتعلق بمصالح مثل اتفاقات سلام اقتصادية مع دول ثرية لم نتحارب معها في أي يوم، في الوقت الذي فيه في الداخل مر جهاز الحكومة بالفساد والتعفن، ما أضر بشكل كبير المجتمع.