هآرتس/ ذي ماركر: من الصين الى فرنسا: سباق تسلح جديد وخطير يلتهم اوراق صناعة السلاح

هآرتس/ ذي ماركر 11/12/2024، دافيد ناجي: من الصين الى فرنسا: سباق تسلح جديد وخطير يلتهم اوراق صناعة السلاح
الشرق الاوسط يوجد في الوضع الاكثر قابلية للانفجار اكثر من أي وقت مضى. الحرب بين روسيا واوكرانيا اصبحت في السنة الثالثة. وكل لحظة ستمر منذ أداء الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب لليمين، هي لحظة يمكن أن تندلع فيها حرب تجارية بين الدولتين العظميين، الصين والولايات المتحدة. العالم غير مستقر وهو يشبه العالم متعدد الاقطاب الذي أدى الى الحرب العالمية الاولى أكثر مما يشبه العالم ثنائي القطب الذي ساد في فترة الحرب الباردة.
ربما من الصحيح تسمية ذلك عالم ثلاثي القطب على خلفية سباق التسلح والتكنولوجيا الذي لا يتوقف عن التطور بين الدول العظمى الثلاثة، الولايات المتحدة، الصين وروسيا. سباق ثلاثي ترافقه مواجهات اقليمية اخرى هو في الاصل ثابت أقل من العالم ثنائي القطب. ويمكن اضافة الى ذلك الشروط المريحة نسبيا الآن لتطور الصراعات امام الشروط التي كانت سائدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، هذا حسب مؤشر السلام العالمي للعام 2024 في معهد الاقتصاد والسلام، الذي يصنف الدول حسب مستوى السلام فيها على قاعدة ثلاثة معايير رئيسية: شعور السكان بالأمان، وجود واستمرار مواجهات داخلية ودولية ومستوى العسكرة في الدولة.
مؤشر العسكرة العالمي في المركز الدولي لابحاث الصراعات في بون في المانيا يدمج فيه مقارنة بين النفقات الامنية للدول مقارنة مع الناتج الخام الاجمالي وبين النفقات على الصحة، ويدمج بين نسبة رجال الجيش من بين السكان أو الذين يوجدون في الخدمة شبه العسكرية وبين نسبة الاطباء. المؤشر يأخذ ايضا في الحسبان نسبة السلاح الثقيل (الدبابات والغواصات والطائرات والمروحيات) للفرد.
حسب هذا المؤشر فانه في 2023 كان هناك ارتفاع في متوسط العسكرة العالمي، كانت مواجهات اكثر والكثير من الناس ماتوا في الحروب (153 ألف شخص في 2022 مقابل 171 ألف في 2023). هذه هي السنة التي فيها ايضا تجاوزت اوكرانيا اسرائيل واصبحت الدولة الاكثر عسكرة في العالم. اسرائيل الآن توجد في المكان الثاني بعد أن كانت في المكان الاول في الاعوام 2006 – 2021، بالاساس لأنها هي الاولى عالميا في نسبة مشاركة المواطنين في الجيش (الارقام صحيحة حتى نهاية 2023). في مؤشر العسكرة توجد روسيا في المكان 10، الولايات المتحدة في المكان 25، ايران في المكان 28، الصين في المكان 103، رغم أنها لاعب رئيسي في سوق السلاح حيث تصدر لروسيا ولدول كثيرة في المنطقة التي كانت ذات يوم تسمى الاتحاد السوفييتي.
في هذه الاثناء هناك 56 مواجهة نشطة في ارجاء العالم، وهو الرقم الاعلى منذ الحرب الباردة. عدد قليل من الصراعات تنتهي باتفاق سلام أو انتصار حاسم، واذا شئتم نصر مطلق. نسبة النصر المطلق انخفضت من 49 في المئة في سبعينيات القرن الماضي الى 9 في المئة في العقد السابق، ونسبة الصراعات التي انتهت باتفاق سلام انخفضت من 23 في المئة الى 4 في المئة في نفس الفترة.
متوسط مؤشر السلام العالمي انخفض في 2023 مقارنة مع العام 2024، 0.5 في المئة – الانخفاض الـ 12 في الـ 16 سنة الاخيرة. عدد الدول التي هبطت في المؤشلا، 97 دولة، هو الاعلى منذ البدء في قياس هذا المعطى قبل 18 سنة. ايسلاندا تتصدر مؤشر السلام بصورة متتالية منذ 2008، وهي توجد في المكان الاول في هذه السنة ايضا. بعدها تأتي ايرلندا، استراليا، نيوزيلندا، سنغافورة، وسويسرا تنهي الخماسية الاولى. اليمن هي الدولة الاخيرة في هذا التصنيف، الذي يشمل 163 دولة. تأتي بعدها السودان، جنوب السودان وافغانستان، اوكرانيا في المكان 159، روسيا في المكان 157، سوريا في المكان 156 واسرائيل في المكان 155.
في هذا العالم المحارب فان المطلوب فقط هو اضافة تكنولوجيا السلاح المتطورة في مجال السايبر والذكاء الصناعي والقدرة على تحديد مكان الغواصات في اعماق المحيطات بعيدا عن الشواطيء، وسيكون لدينا عالم تنفق فيه الدول المزيد على الأمن وتزدهر فيه تجارة السلاح. من اجل فهم من الذي يزدهر بالضبط ومن يشتري، يمكن النظر الى النمو في مبيعات شركات السلاح والتغيير في تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في 2024 في المجلة الامنية “اخبار الدفاع”. 9 شركات من الـ 10 شركات السلاح الكبرى في العالم سجلت نمو في ايراداتها في العام 2023 مقارنة مع العام 2022. المداخيل من بيع السلاح والخدمات العسكرية للشركات المئة الكبرى بلغت 632 مليار دولار في 2023 – ارتفاع 4.2 في المئة – مقارنة بالعام 2022، حسب المعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم.
على خلفية الطلب المتزايد لمنظومات السلاح المتطورة التي تحتاج الى استثمارات كبيرة في التطوير فان الصناعات الامنية قامت بعملية دمج بين الشركات الكبيرة، التي أدت الى السيطرة على عدد من اللاعبين الافراد في هذه الصناعة. جزء من ذلك يعود للتكنولوجيا المتقدمة في تطوير الطائرات القتالية المتقدمة والصواريخ التي سرعتها اكبر من سرعة الصوت وحلول السايبر التي ترتكز الى الذكاء الصناعي.
رغم ذلك، المعهد نشر في الملخص السنوي للعام 2023 بأن منتجي السلاح الاصغر كان اكثر نجاعة في الرد على الطلب الذي وجد على خلفية الحرب في قطاع غزة وفي اوكرانيا والتوتر في شرق آسيا وخطط اعادة التسلح في ارجاء العالم. المعهد اشار الى أن 75 في المئة من الشركات سجلت ارتفاع في المبيعات، وأكد على أن معظم الشركات التي كان لها نمو في المبيعات توجد في النصف الثاني في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم.
ربما هذا يفسر لماذا شركة السلاح الكبرى في العالم، لوكهيد مارتن الامريكية، سجلت ارتفاع متواضع، 2 في المئة، في مداخيلها من السلاح. ايضا السهم في شركة السلاح الامريكية الكبرى ارتفع سعره فقط 19 في المئة منذ بداية السنة بعد أن انخفض في الشهر السابق على خلفية مبيعات اضعف من التوقعات. هذا يعتبر نقص في الاداء مقابل مؤشر “اس آند بي 500” الذي ارتفع 27 في المئة منذ بداية السنة، وربما أن توقعات المستثمرين بشأن العائد على السلاح في العالم يمكن رؤيتها بشكل افضل في مؤشر اسهم الدفاع والطيران في شركة اس آند بي، الذي ارتفع 38 في المئة منذ بداية السنة.
بعض الاسماء الاخرى، الاقل امريكية، تبرز عند النظر الى تصنيف شركات السلاح الكبرى في العالم في العام 2024. في المكان الثاني في التصنيف توجد شركة الصناعات الجوية في الصين، التي في 2023 كانت في المكان الرابع (الذي قفزت اليه من المكان الثامن في 2022)، بعد قفزة 45 في المئة في المداخيل السنوية من بيع منظومات سلاح.
رغم العقوبات المفروضة على روسيا إلا أنه حسب عدد من التقارير فان الصناعات الجوية الصينية تبيع لروسيا اجزاء وقطع غيار للطائرات القتالية الروسية، سوخوي 35. وهي ايضا توفر السلاح للزمرة العسكرية في مينمار. ورغم القيود الدولية على تجارة السلاح في مواثيق مختلفة إلا أن تقارير كثيرة لمنظمات تفحص هذا المجال تظهر أن تطبيق هذه المواثيق غير دائم، والسلاح يستمر في الوصول ايضا الى دول خرقت حقوق الانسان أو فرض عليها حظر السلاح. بين الاسود والابيض يوجد الكثير من الرمادي، وشركات خاصة، الى جانب شركات سلاح صينية تعمل ايضا في المجالات المدنية، متهمة في حالات كثيرة بأن المعدات المدنية التي تصدر بالاساس لروسيا، تستخدم ايضا لاغراض عسكرية.
المعدات ثنائية الاستخدام مثل شبه الموصل الضروري لانتاج منظومات السلاح المختلفة، معدات الملاحة، قطع غيار الطائرات وآلات التصنيع الدقيقة (سي.ان.سي)، تمر في شبكة متشعبة من الشركات الوهمية وتصل من الصين الى روسيا، حسب بحث اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الذي يتابع البيانات التجارية. هكذا فان الصين توفر الموارد الضرورية لتحقيق قفزة كبيرة في انتاج السلاح الروسي، التي حتى بداية السنة ستضاعف قدرتها الانتاجية الشهرية للصواريخ بعيدة المدى. بغض النظر عن ذلك فان نصف صادرات الصين من السلاح تقريبا يذهب الى دولة واحدة هي باكستان، من اجل دعم صراعها مع الهند.
من الاسماء الاخرى البارزة هناك، شركة احواض السفن الصينية لبناء الغواصات، التي للمرة الاولى دخلت الى قائمة الشركات العشرة الكبرى للسلاح في العالم، بعد زيادة 19 في المئة على ايراداتها من بيع المعدات العسكرية. وقد اعلنت الشركة مؤخرا بأنها تقوم ببناء غواصة بدون ملاح، بطول 40 متر ويمكنها حمل 12 صاروخ توربيد، اضافة الى مقاتلات والغام وغواصات صغيرة بدون ملاح. من اجل المقارنة فان طول الغواصة غير المأهولة لشركة صناعة الفضاء الاسرائيلية “الحوت الازرق”، حوالي 10 امتار.
لكن ليس كل شيء يسير على ما يرام. ففي 2023 الزيادة في ايرادات الشركات الصينية التسعة في قائمة شركات السلاح المئة الكبرى في العالم التي بلغت 103 مليار دولار، كان الاقل منذ 2019 (نمو 0.7 في المئة في المتوسط)، في جزء منه بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين في السنوات الاخيرة، لكن يوجد اسباب اخرى. مثلا، الصناعات الجوية في الصين سجلت مداخيل كبيرة من بيع الطائرات بدون طيار، لكن في مرات كثيرة تم توجيه الانتقاد لجودة المنتج والدعم السيء، حتى لو كان أقل مما في السابق.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook