ترجمات عبرية

هآرتس: خياران مريران في حال غياب خطة لليوم التالي

هآرتس 2023-11-29، بقلم: أيهود باراكخياران مريران في حال غياب خطة لليوم التالي

بعد مرور شهرين على الحرب نحن نقترب من نقطة الحسم. توجد للجيش الإسرائيلي إنجازات واضحة في شمال القطاع، لكن «حماس» بعيدة عن التفكك في الجنوب وهي تحافظ على قدرات أيضاً في الشمال. استكمال هدف تدمير القدرة العسكرية والسلطوية لـ»حماس» ضروري بدرجة كبيرة جداً حتى إزاء المعارضة، إذا كنا نرغب في هذه الجولة الصعبة. لكن ذلك يحتاج إلى أشهر طويلة وربما أكثر. الساعة العملية والساعة السياسية غير متزامنتين. الشرعية الدولية للعمل آخذة في النفاد بسرعة، والتوتر حتى أمام الولايات المتحدة يتراكم في الغرف المغلقة ويمكن أن يتفجر. رئيس الحكومة، المسؤول عن المزامنة وعن الحصول على الوقت المطلوب، فشل في ذلك، الأمر الذي يوصلنا إلى نقطة حسم.
هناك تأخير وفقدان للزخم ينبعان من صفقة المخطوفين، لكن ذلك مبرر. فإطلاق سراح المخطوفين ليس أهم من تدمير «حماس»، لكنه ملح أكثر ويجب إعطاؤه الأولوية العليا. فشل نتنياهو في قيادة الحرب يكمن في إقصاء الإدراك بأنه في الحالة التي أمامنا لا يمكن تحقيق الانتصار دون أن يكون هناك موقف واضح حول «اليوم التالي» وخطة عمل للتطبيق. هذا الموقف يمكن من تقدير العوامل الحيوية وكيف يجب العمل أمامها الآن، من أجل أن تكون هناك في الوقت المناسب من أجل «اليوم التالي». الولايات المتحدة ومصر والأردن والشركاء في اتفاقات أبراهام والسعودية – هذه هي العوامل الحيوية. وفقط من سيعمل أمامها بنجاح ستكون له احتمالية للوصول إلى شرعية دولية وإقليمية لاستكمال تدمير «حماس».
يصعب تقبل اقتراحات نتنياهو لأن طروحات كثيرة جداً من التي رعاها وتفاخر بها تحطمت في 7 تشرين الأول. 1- «حماس هي الذخر والسلطة هي العبء». 2- يمكن «إدارة النزاع» دون اتخاذ أي قرارات حاسمة وصعبة. 3- يمكن عقد السلام مع السعودية والعالم العربي وتجاهل الفلسطينيين. 4- «نتنياهو هو مستوى آخر»، هل هذا حقيقي، مع بوتين، أوباما، بايدن، السنوار؟ 5- هل نتنياهو هو «السيد أمن»، الذي قال «عندما يشم الإرهاب الضعف فإنه يرفع الرأس؟».
هناك شكوك كبيرة في قلوب كل من يعرفونه وينظرون إليه الآن حول أهليته لإدارة معركة مركبة كهذه. ومن الجدير أيضاً بمؤيديه أن يكرسوا لحظة للتفكير: هل حقاً الحديث يدور عن شخص مؤهل لهذه المهمة؟
نتنياهو يتجاهل معايير علاقات الثقة مع البيت الأبيض من أجل تحقيق أهداف إسرائيل. الولايات المتحدة نشرت في المنطقة قوات بحجم غير مسبوق من أجل ردع إيران و»حزب الله» ودعم إسرائيل، كجزء من الوقوف ضد «محور المارقين» – إيران، سورية، «حزب الله»، «حماس» وأشباهها – الذي يعمل بدعم من روسيا. الولايات المتحدة ترى «اليوم التالي» بمفاهيم قوة عربية من وسط دول المحور المعتدل التي تم ذكرها آنفاً، التي بعد تدمير «حماس» وضمان ترتيبات أمنية ستأخذ السيطرة من يد إسرائيل لفترة معينة، يجلبون خلالها «سلطة فلسطينية 2» (معززة) ويساعدونها في بلورة سيطرتها على القطاع. حسب رؤية جو بايدن هذه خطوة أولى في الطريق لحل الدولتين. لذلك، هو مستعد لدعم إسرائيل، عسكرياً واقتصادياً، بقطار جوي وفي مجلس الأمن وفي لاهاي.
نتنياهو مقيد بحلف غير مقدس مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مشعلَي النار اللذين يحاولان أيضاً إشعال الضفة الغربية، وهما أيضاً يوفران له الحماية من المطالبة بعزله على الفور. ولكن بالأساس هما يستغلان اعتماده عليهما من أجل فرض رؤية استئناف سيطرة إسرائيل بالكامل وتحمل المسؤولية عن قطاع غزة. هذه العملية تعني وبترجيح كبير الغرق في مستنقع غزة والنزاع والخسائر لسنوات، وأزمة مع الإدارة الأميركية، وتعريض للخطر العلاقات مع مصر والأردن واتفاقات أبراهام وفرصة التطبيع مع السعودية.
يبدو أن الحديث يدور عن أفق بعيد، لكن جوانب اليوم التالي تحتاج من الآن التنسيق والثقة، حتى لو كان ذلك من وراء الكواليس مع الولايات المتحدة وجيراننا. لا يمكن إقامة علاقة كهذه مع الحكومة الحالية لأنه، مثلما في أوساط معظم الجمهور الإسرائيلي، لا يوجد في واشنطن وفي العواصم في المنطقة أي شخص يصدق أقوال نتنياهو. وبالتأكيد ليس التعهدات الباهتة التي ستعطى في الغرف المغلقة حول مواقف إسرائيل المستقبلية في الوقت الذي يكون فيه المطلوب من الجيران خطوات مؤلمة وفورية. في ظل غياب هذه العملية فربما نحن نسير نحو الفشل في المعركة. وربما سنجد أنفسنا أمام الاختيار بين رهان إستراتيجي وحشي، في أساسه جنون العظمة النرجسي لنتنياهو وأحلام مسيحانية لبن غفير وسموتريتش، أو تراجع كبير تحت الضغط الدولي وحوض إستراتيجي مكسور.
كثيرون سيقولون: عن ماذا تتحدثون؟ في 7 تشرين الأول عرفنا أخيراً أننا سنعيش إلى الأبد على حد السيف وأن كل العرب «حماس». لا توجد أي جدوى من الغرق في الأوهام. هذا أمر غير دقيق. الغضب والمطالبة بالانتقام أمور إنسانية ومفهومة، لكنها ليست مرشداً جيداً للسياسة. الجيل الذي أنتمي إليه شاهد عشرات السنوات من الحروب المتكررة والصعبة وعدداً لا يحصى من العمليات، من بينها مع مصر والأردن. نحن كشباب لم نعتقد أننا سنرى سلام مع هاتين الدولتين. الآن السلام مر عليه 45 و30 سنة على التوالي، وصمد في اختبارات قاسية وهو يشمل التعاون العميق أكثر مما يعرفه الجمهور.
إضافة إلى ذلك المنطق الفولاذي الظاهري، الذي يجعل الطيبين يفكرون بأن أَمنَنا مقرونٌ بالسيطرة الكاملة والدائمة لإسرائيل على قطاع غزة، سيقودهم إلى الحاجة للسيطرة على لبنان وبعد ذلك على سورية وربما على كل المنطقة. الاستنتاج هو أن الحكومة برئاسة نتنياهو ستؤدي إلى الإضرار الكبير بمكانة إسرائيل الإستراتيجية، وإلى حرب لا توجد نقطة نهاية لها. هذا ضرر عظيم. نتنياهو يجب عليه أن ينهي دوره قبل أن تصبح نتائج ضعفه غير قابلة للإصلاح. في الظروف الحالية نحن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية واسعة دون نتنياهو وبن غفير وسموتريتش. فقط هذه الحكومة، التي ستعمل بمسؤولية وتصميم وتكون خالية من الاعتبارات الغريبة والمشوهة، يمكنها توجيه إسرائيل نحو إنهاء الحرب بانتصار.
المجتمع الإسرائيلي، الذي تجلى بكل قدراته المدهشة عندما اختفت الحكومة تقريباً، وقادة وجنود الجيش الإسرائيلي الذين استيقظوا بسرعة وهم يعملون بشجاعة ونجاعة أمام العدو الذين هم مصدر الثقة في مستقبلنا. هم وأنتم، عائلات القتلى والمخطوفين، مجموعة المخلين وكل المتطوعين في الشعب – تتوقعون من القيادة السياسية أن تنهض هي أيضاً، وأن تفعل ما هو صحيح، وأن تصعد من جديد على الطريق التي توصل إلى أهداف الحرب، ترميم الأمن والثقة وفتح فصل جديد أفضل لمستقبل إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى