هآرتس: خطة ترامب، نتنياهو وهرتسوغ

هآرتس 5/12/2025، كارولينا ليندسمان: خطة ترامب، نتنياهو وهرتسوغ
لقد سبق وكتبت ان العفو الذي يدفع به دونالد ترامب لاسحق هرتسوغ ليس مجرد بادرة حسن نية لصديقه بنيامين نتنياهو، بل هو جزء من خطة استراتيجية: تحييد المقاطعة لمعسكر “فقط ليس بيبي” لائتلاف برئاسة نتنياهو. الهدف هو تمكين نتنياهو من الانسحاب من الحلف القسري مع اليمين المتطرف من اجل ان يفتح من جديد الفضاء السياسي الذي اغلق امامه مع بدء محاكمته. ترامب فهم ان العفو هو المفتاح: هذا العفو سيحرك نتنياهو سياسيا من اجل ان يتحرك هو جيوسياسيا.
الكنيست وفرت في هذا الأسبوع الدليل على ذلك: اقتراح المعارضة تبني خطة العشرين نقطة مر بأغلبية 39 عضو بدون معارضين. الائتلاف ببساطة اختفى. التصويت كشف الحقيقة: المعارضة هي أساس ضروري لخطة ترامب؛ الائتلاف اليوم هو عائق. طالما ان بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير في كتلة نتنياهو فانه لا توجد عملية سياسية. ترامب يريد سيطرة مباشرة على الائتلاف ويبحث عن اغلبية أخرى في المعارضة.
في الوقت الذي نغرق فيه في الوحل المحلي، فان واشنطن أصبحت في المرحلة الثانية: لجنة تكنوقراط فلسطينية لادارة غزة، مجلس سلام إقليمي برئاسة ترامب، ابن سلمان وأوروبا، طوني بلير عاد الى العمل وسيتم فتح معبر رفح بصيغة تعيد السلطة الفلسطينية فعليا (!) الى القطاع.
لقد اعادتني حجج طلب العفو الذي قدمه نتنياهو الى 2016 و2017، عندما قاد نتنياهو تحرك مشابه ضد هرتسوغ – رئيس المعسكر الصهيوني في حينه – من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية تعزز السلام الإقليمي برعاية أمريكية ومصرية بروحية مبادرة السلام السعودية. نفس اللاعبين، نتنياهو وهرتسوغ وبلير والسلطة الفلسطينية، ونفس الحل الذي لا هوادة فيه وهو حل الدولتين. لقد تراجع نتنياهو بعد ان خلق ائتلافه اليميني ازمة عمونة، وتعرض هرتسوغ لانتقادات سياسية في معسكره بسبب استعداده للتعاون مع نتنياهو.
الان النغمة تتكرر. نتنياهو يكتب لهرتسوغ بان العفو ضروري بسبب “التطورات الاستثنائية في الشرق الأوسط” (الترجمة: المرحلة الثانية في خطة ترامب)؛ حول “التفاهمات مع الولايات المتحدة والدول العربية (الترجمة: اتفاقية مع السعودية مقابل مسار نحو دولة فلسطينية بقيادة السلطة الفلسطينية)؛ حول رأب الصدع (الترجمة: رفع المقاطعة في الطريق الى حكومة وحدة وطنية بدون بن غفير وسموتريتش)؛ حول الحاجة الى الحرية في التعامل مع النظام القضائي (الترجمة: الغاء الانقلاب من اجل تشكيل ائتلاف جديد وإعادة مجانين الليكود مرة أخرى الى الصندوق).
ترامب يريد نتنياهو كزعيم لمعسكر “فقط ليس بيبي” والليكود، من اجل تحقيق سلامه العظيم، المتألق والذهبي. كل شيء يأتي منه. لقد قال ترامب بصراحة لهرتسوغ في خطابه في الكنيست: “لماذا لا تعطيه العفو؟”. وكتب أيضا في رسالة رسمية: يجب ان يكون نتنياهو حر من اجل “عهد سلام”. ما كان نتنياهو ليقدم الطلب لو أنه لم يكن يعلم بان النتيجة محسومة مسبقا. ان دعوة الجمهور “للتعبير عن موقفه” في موقع مقر الرئيس هي فخر ديمقراطي. مثير للاهتمام حقا ما يفكر فيه “الشعب” بشان العفو عن “بيبي الملك”.
من يوجد لديه شك في ان الصفقة تسير بسرعة فان عليه الاستماع لنتنياهو. فجأة هو “لا يقوم بتفكيك السلطة الفلسطينية”، وفجأة اصبح هناك “فلسطينيون يريدون مستقبل في غزة”، وفجأة أصبحت محاكمته عبء يمنعه من “تحقيق السلام مع دول أخرى” (في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” امس). الفلسطينيون وبلير والسعودية وهرتسوغ ينتظرون منذ سنوات، لكن هذه المرة ترامب يوحد اللاعبين الرئيسيين في إسرائيل، في تحالف من اجل خطوة سياسية لن يستطيعا التحرر منها، مهما طالبت قاعدة كل واحد منهما.



