هآرتس: خطة الجنرالات لاعادة المخطوفين غير قابلة للتنفيذ
هآرتس 17/9/2024، ران غورن: خطة الجنرالات لاعادة المخطوفين غير قابلة للتنفيذ
مؤخرا تم عرض على الجمهور خطة باسم “خطة الجنرالات”، التي وضعها وسوقها الجنرال (احتياط) غيورا آيلاند. بين قوسين يجب القول بأنه وراء هذه الخطة المدوية يقف جنرالات وعمداء قلائل فقط، في حين أن مئات الجنرالات الاحتياط ومفتشو شرطة سابقين ورؤساء اقسام سابقين في الشباك والموساد يرون حل آخر لانهاء الحرب واعادة المخطوفين.
غيورا آيلاند، الذي هو شخص ذكي ومحلل وبليغ والذي حصل على مكانة مقدرة في البرامج التلفزيونية، قال إنه في العصر الحديث فان الضغط العسكري بواسطة تدمير القوات والسلاح والبنى التحتية غير ناجع مع الانظمة الديكتاتورية. في المقابل، هي تتأثر جدا من ضائقة شعبها، خشية أن تُحرض هذه الضائقة على انتفاضة شعبية ضد حكمها. منذ اشهر غيورا آيلاند يقترح وقف المساعدات الانسانية كأداة ضغط على يحيى السنوار. ومؤخرا ترجم نظريته الى خطة تفصيلية تركز على شمال القطاع.
آيلاند يؤسس خطته على قيام الجيش بتطويق كل الفضاء في شمال ممر نتساريم، وعلى أنه بقي في شمال القطاع فقط 300 ألف مدني وبضعة آلاف من مقاتلي حماس. على ضوء ذلك هو يقترح أن يتم اعطاء المدنيين هناك انذار للاخلاء في غضون اسبوع في ممر آمن بمراقبة الجيش الاسرائيلي عبر ممر نتساريم الى وسط وجنوب القطاع. بعد ذلك يتم فرض حصار كامل على المنطقة بدون ادخال التموين من أي نوع – غذاء ودواء وكهرباء ومياه. حسب قوله هذا عمل مشروع يتفق مع قوانين الحرب. افتراضه هو أنه ازاء تجويع المدنيين الذين سيبقون في شمال القطاع سيخضع الديكتاتور السنوار ويقوم بالتوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار بشروط مريحة لاسرائيل، التي اساسها اعادة المخطوفين.
في خطة آيلاند، “خطة الجنرالات”، يتجسد “تناقض لفظي”، جملة تتكون من عناصر متناقضة. حيث أنه في نهاية المطاف اذا استجاب المدنيون للانذار وقاموا باخلاء شمال القطاع فان موضوع الضغط الناجع سيتلاشى، والحصار سيتم فرضه فقط على مقاتلي حماس الذين صعوباتهم وموتهم لا تؤثر في يحيى السنوار. ولكن حتى لو تجاهلنا التناقض المتأصل وافترضنا أن معظم المدنيين سيرفضون الانذار النهائي وسيبقون في اماكنهم فان “خطة الجنرالات” هي خطة مقطوعة عن الواقع وغير قابلة للتنفيذ.
سنبدأ بالسطر الاخير: لا يوجد وضع ستوافق فيه الولايات المتحدة على تطبيق هذه الخطة. الادارة الامريكية التي اثبتت في السابق الى أي درجة هي حساسة بخصوص ضائقة المدنيين في قطاع غزة، والتي اجبرت اسرائيل مرة تلو الاخرى على ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع، لن توافق على عملية تعارض بشكل صارخ سياستها، بالاحرى في ظل فترة الانتخابات القريبة. ايضا رؤساء الدول الاوروبية والرأي العام في هذه الدول سيرفضون تماما هذه الخطوة. اضافة الى ذلك لا شك أن كريم خان، المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، سيجد في كتاب القوانين مادة تعارض المادة التي استند اليها آيلاند، وسيثبت أن الحرمان من الاحتياجات الاساسية، الى درجة التجويع حتى الموت للسكان في منطقة محتلة هو جريمة حرب، وربما حتى جريمة ضد الانسانية.
افتراض آيلاند بأن الديكتاتوريين في العصريين يتأثرون فقط من ضائقة السكان، لا ينجح في امتحان الواقع، على الاقل بخصوص السنوار. فهو لم يغير موقفه ازاء عشرات آلاف المدنيين القتلى، وتهجير 2 مليون شخص من بيوتهم واسكانهم في مدن خيام، ومن ضائقة العيش الصعب في الصيف الحار وتحت الامطار في الشتاء. على ضوء تجربة 11 شهر من الحرب لا يمكن الافتراض بأن فرض الحصار على شمال القطاع وتجويع مئات آلاف المدنيين الذين سيبقون هناك، ستقنع السنوار بالتوقيع على اتفاق بشروط مريحة لاسرائيل، بما في ذلك اعادة المخطوفين. اضافة الى ذلك ربما كرد على خطة تجويع المدنيين سيتشدد في مواقفه ويعاقب اسرائيل بواسطة قتل عدد آخر من المخطوفين.
الى جانب كل ما قيل فان رأيي هو أن هزيمة العدو بواسطة تجويع المدنيين لا يتناسب مع اخلاق اليهود ونهج الجيش الاسرائيلي حتى لو كان العدو يتصرف بوحشية غير انسانية مع المخطوفين، وحتى لو كان لذلك تسويغ قانوني في قوانين الحرب. يجب على الحكومة وعلى الجيش الحفاظ على مستوى الاخلاق في الدول والمجتمعات المتنورة وعدم الهبوط الى اعماق الانفاق المظلمة لوحشية حماس ورئيسها.
“خطة الجنرالات” تم طرحها كأفضل طريقة، وربما الوحيدة، من اجل اجبار السنوار على اعادة المخطوفين. ولكنها غير واقعية. الطريق الصحيحة لاعادة المخطوفين تمر في اتفاق وقف الحرب. السنوار يطلب انهاء الحرب وضمانات دولية لعدم استئنافها، اضافة الى استمرار حكم حماس في القطاع. هذه نقطة الانطلاق بالنسبة له، لكنها ليست بالضرورة موقفه النهائي. يمكن الافتراض بأنه يمكن التوصل الى اتفاق مع حكم فلسطيني آخر، يشمل تمثيل مدني لحماس على اساس خطة نتنياهو – بايدن الاصلية، قبل أن تضاف اليها شروط نتنياهو المعيقة. هذا الاتفاق يجب العمل على التوصل اليه بتصميم ومرونة. والى حين التوقيع على الاتفاق، بدلا من منع ادخال المساعدات الانسانية فانه يجب على الجيش الاسرائيلي المساعدة في توفيرها.