ترجمات عبرية

هآرتس: : خطاب نتنياهو وضع حدا لآمال صفقة الأسرى

هآرتس 3/9/2024، يوسي فيرتر: خطاب نتنياهو وضع حدا لآمال صفقة الأسرى

الاشارة الاولى على فقدان الاعصاب الذي سيطر على بنيامين نتنياهو أمس جاءت في الصباح عندما تم الغاء جلسة الحكومة. الحكومة ليست صورة فوتوغرافية لـ “مرحبا، يا الصف الاول”، بل هي مجلس ادارة الدولة، وهي ليس من شأنها الذهاب الى اجازة عندما تكون هناك مأساة وطنية. هذا الحدث الغريب ذكر بغياب نتنياهو في الساعات التي اعقبت هجوم حماس في صباح 7 اكتوبر، والدلائل منذ ذلك الحين على عدم القدرة على أداء مهمته. 

ايضا أمس، بتأخير كبير، بعد فترة طويلة من الرئيس الامريكي ونائبته كمالا هاريس ورئيس الدولة ووزراء وسياسيين آخرين بارزين، نشر رئيس الحكومة فيلم فيديو. مضمونه كان يمكن أن يقوله في بداية الجلسة، وحينها كان يمكن أن يطلب من الوزراء الوقوف دقيقة صمت، لكنه اختبأ. 

سلوك نتنياهو يثير شكوك كبيرة بأنه في لحظة الضغط هذا الشخص لا يمكنه أداء وظيفته. وعندما يرجع الى نفسه يرجع ايضا الماكياج الثقيل والشعارات الفارغة والشر، يرجع الكذاب المتحايل. “من يقتل مخطوفين لا يريد صفقة”، حسب تعبيره. وكالعادة فان كل ما يجب عليه فعله من اجل تحريك حوار آخر في قاعدته هو عرض ادعاء مضاد يظهر فيه منطق داخلي، وماكنة السم ستتولى ما تبقى.

الاشارة الثانية على ذعره تم اعطاءها في وقت لاحق في اليوم عندما نشر مكتب رئيس الحكومة اعلان بخصوص محادثته الهاتفية مع عائلة الكسندر لوفنوف، وهو واحد من الاسرى الستة الذين قتلوا. كانت هناك كلمات لم نفكر في أن نسمعها منه، ” اعتذر”، “أطلب العفو” (لأنه لم ينجح في اعادة ابنهم الى البيت). حسب التقديرات فان 27 مختطف قتلوا بشكل متعمد أو بسبب قصف الجيش الاسرائيلي منذ الصفقة الاولى قبل تسعة اشهر. وهو لم يتمكن من قول أي شيء يرمز الى مسؤوليته عن مصير اشخاص بسبب اخفاقاته وجدوا انفسهم في يد حماس، بالضبط هو امتنع عن ذلك بشكل متعمد، وحتى أنه لم يعمل على الاتصال. “عفوا، عفوا، هي الكلمة الاصعب”، كما غنى التون جون. الآن فقط هو وجد الكلمات.

هاكم صفارة تهدئة لجميع الابواق ومطفئي النار، المحاربون الذين يجدون في احضانهم الدعم: لا توجد هنا معجزة طبية، الشخص المنغلق والساخر وعديم القلب لم يظهر أي مرونة ولم يصبح ايضا شخص انساني بين عشية وضحاها. ولكن جهاز قياس الزلازل السياسي خاصته ما زال حادا. فقد اكتشف تحول كبير في الصفائح التكتونية – المظاهرات التي تم تنظيمها في شوارع البلاد، وعلى رأسها المظاهرة امام وزارة الدفاع في تل ابيب التي ظهرت مثل ليلة غالنت في طور الامكان، قرار رئيس الهستدروت الاعلان عن الاضراب العام في الاقتصاد، والمبادرات التلقائية لمصالح تجارية خاصة تنازلت عن الارباح واغلقت ابوابها. اللحظة التي خشي منها كثيرا، التي فيها الألم سيتحول الى غضب، والتعب سيصبح طاقة، واللامبالاة ستختفي وشارع ايالون سيشتعل مرة اخرى، هذا المشهد قريب اكثر من أي وقت مضى. فقد هذا ما كان ينقصه.

خلال ذلك ولدت الحاجة الملحة لاستبدال المصطلحات. التعبير عن الاحاسيس ولفظ الكلمة التي يحظر قولها. لا يوجد أي شيء اصيل لديه. كل شيء مخطط له وتمت هندسته بشفافية مقرفة. صوته الفارغ غرق في بحر الصراخ والاحتجاج والبكاء الذي ساد في البلاد. ورغم أن الستة مخطوفين قتلوا قبل عقد جلسة الكابنت التي ستبقى الى الأبد في الذاكرة أو خلالها، فان قتلهم لا ينبع من القرار الاجرامي، البقاء في محور فيلادلفيا، إلا أن  اغلبية ساحقة في اوساط الجمهور، بما في ذلك اليمين، كانت تغلي من الغضب. 

المظاهرة في تل ابيب كانت كبيرة جدا، الاضراب العام، الجزئي، الذي بدأ صباح أمس انتهى في المساء. نتنياهو سيقول لنفسه: أنا بقيت على قيد الحياة، سنواصل قدما. ولكن محظور السماح بذلك. هذا هو الوقت المناسب للقيام بخطوات جذرية. عائلات الاسرى والناشطين من اجلهم مستعدون لذلك. لقد يئسوا من هذا الزعيم الوحشي، الذي سمته عيناف تسنغاوكر “السيد موت”، وكانت دقيقة في التسوية. لكنها لن تستطيع التأثير لوحدها. اذا بقيت احداث الامس احداث لمرة واحدة فان كابنت الدماء سيستمر في العمل.

في كل الحالات من الافضل عدم زرع الكثير من الآمال. غضب الجمهور الذي تم التعبير عنه في “ليلة غالنت” في السنة الماضية (اضافة الى ضغط كبير من امريكا)، أدى الى الغاء اقالة وزير الدفاع، لكن في حينه مصير الحكومة لم يكن على كفة الميزان. “ليلة غالنت 2” لن تدفع نتنياهو الى الصفقة، لأن بقاءه الشخصي والسياسي أهم بالنسبة اليه ألف مرة اكثر من حياة الاسرى.

وزير الدفاع يوجد على الجانب. وصراخه في الكابنت وأمس ايضا، من اجل تفضيل حياة الاسرى الذين يقتلون في كل اسبوع، وقعت على من ليس لهم قلب أو أذن. عدد من اصدقائه سخروا منه علنا، حتى قبل أن يستيقظ من مناورة التصويت على محور فيلادلفيا فقد حصلنا نحن وهو على دليل آخر يفطر القلب من كثرة مصداقيته. يصعب المبالغة في خطورة الوضع. الجيش والوزير المسؤول عنه يتوسلون من اجل التوصل الى الصفقة ووقف اطلاق النار. هذا ليس نتيجة للضعف أو بسبب الانهزامية، بل بسبب العقل والمسؤولية والقيم والانسانية. الزعيم يرفض. وجوقة المنافقين في الكابنت، الاقل وزنا وحكمة ومسؤولية في تاريخ الدولة، تدعم نتنياهو. ايضا في كتب التاريخ وفي فصول ظلامية في تاريخ دول هستيرية يصعب ايجاد مثل هذا الوضع. هم يعرفون أن المعادلة التي ساعدوا هم انفسهم على تسويقها بخصوص الاسرى تغيرت منذ زمن. فالضغط العسكري لا ينقذ الاسرى، بل هو يقتلهم. هذا غير فظيع، سيجدون معادلة اخرى. 

الاحتجاج الذي استيقظ أمس يعزز بشكل غير مباشر غالنت ايضا. الاغلبية الساحقة في الشعب، التي تريد عقد الصفقة وتضع على رأس سلم اولوياتها الاسرى، تقف من وراء الوزير وجهاز الامن. لذلك، محظور على أي شخص، بدءا بغالنت ومرورا بهرتسي هليفي وانتهاء نيتسان الون، التزحزح عن منصبه. في اسرائيل يوجد الآن مجلسين مصغرين للوزراء، المجلس الموضوعي والعقلاني للاخيرين والمجلس السياسي والدعائي لنتنياهو والمدمنين على السلطة. المشكلة هي أن الكابنت الثاني هو الذي يتخذ القرارات للعقلانيين، وفيه يوجد فقط اصبع واحدة، اصبع غالنت، التي تمثل المجلس الاول. 

الحكومة بالتشكيلة الحالية لن تصادق على الصفقة في أي وقت. ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وياريف لفين وميري ريغف وكل مجرمي الكابنت بدأوا من أمس في وصف المتظاهرين بأنهم كابلانيين، ووصف ارنون بار دافيد، رئيس الهستدروت المريح جدا لأي حكومة في كل الاوقات، بأنه يساري. والهرب الفظ الى منطقة الراحة، “نحن وهم”، كان متوقع منهم. هؤلاء الاشخاص الذين رغبوا في اغتيال الديمقراطية في اسرائيل وفشلوا في ذلك، يعملون الآن على التسبب بموت اشخاص من لحم ودم. وهم ينجحون في ذلك.

في خطابه عديم الفائدة في الكونغرس استل نتنياهو بابتسامة متغطرسة نكتة مبتذلة يتم نشرها في الشبكات منذ بداية الحرب، “رؤية المثليين وهم يتظاهرون من اجل حماس يشبه رؤية الدجاج وهو يتظاهر من اجل الدجاج المشوي في كنتاكي فرايد تشيكن”. وبنفس الوزن يمكن القول بأن ظهوره والتصريح بشكل مطول في اعلان التشهير والكذب وهو يضع الشريط الاصفر اشارة للمخطوفين، يشبه مشهد الرئيس التنفيذي لماكدونالد وهو يحتج من اجل انقاذ الابقار. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى