هآرتس: حماس تُدحر جانبا، وبغياب بديل عصابات الجريمة المنظمة تجمع قوة ونفوذ

هآرتس 26/12/2024، نقلا عن نيويورك تايمز: حماس تُدحر جانبا، وبغياب بديل عصابات الجريمة المنظمة تجمع قوة ونفوذ
حازم اسلام، سائق شاحنة فلسطيني، هو من بين سائقي شاحنات المساعدات التي تمت مهاجمتها في الشهر الماضي من قبل سارقين مسلحين. حسب قوله فان احد السارقين قام باقتحام مقصورة السائق واجبره على السفر الى حقل قريب، وأن ينزل من الشاحنة أكياس الطحين التي تزن آلاف الكيلوغرامات. “هذا كان مخيف”، يتذكر اسلام (47 سنة) في مكالمة هاتفية من القطاع، ووصف كيف قام أعضاء العصابة باحتجازه مدة 13 ساعة الى أن انهوا سرقة معظم حمولة الشاحنة. “لكن الجزء الأسوأ هو أننا لم ننجح في توفير المواد الغذائية للسكان الجائعين في غزة”، قال.
وحسب اقوال الموظفين في المنظمات الإنسانية فان الهجوم الذي سرقت فيه تقريبا 100 شاحنة مساعدات للأمم المتحدة كان صعب بشكل خاص. ففي اعقابه، بسبب ازدياد اعمال سرقة شاحنات المساعدات، اعلن في بداية هذا الشهر فيليب لازاريني، رئيس وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة “الاونروا”، بأن الوكالة ستتوقف عن ارسال المساعدات الى قطاع غزة في معبر كرم أبو سالم.
بعد سنة وشهرين على بداية الحرب بعد هجوم 7 أكتوبر فان الازمة الإنسانية في القطاع آخذة في التفاقم. جورجيوس باتروبولس، شخصية كبيرة في منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والذي يعيش في رفح، قال إنه بالمقارنة مع بداية العام 2024، حيث جرت في حينه محاولات سرقة بمستوى قليل، في أحيان كثيرة كان ذلك من قبل الغزيين الجائعين، فانه الآن منظمات الإغاثة تواجه السرقة الممنهجة على يد عصابات جريمة منظمة. وحسب قوله فان الجيش الإسرائيلي لا يتدخل ولا يحاول منع عمليات السرقة في المناطق التي يسيطر عليها.
صورة الوضع التي تمثل سيطرة العصابات المسلحة على القطاع تستند الى عشرين مصدر، في إسرائيل وفي القطاع وفي الأمم المتحدة. موظفو منظمات الإغاثة، سكان في غزة ورجال اعمال فلسطينيين تحدثوا مع “نيويورك تايمز”، والصحيفة ايضا قامت أيضا بفحص مذكرات داخلية للأمم المتحدة حول هذه الظاهرة.
منذ دخول الجيش الإسرائيلي الى رفح في شهر أيار الماضي، الذي استهدف تدمير احد المعاقل الأخيرة لحماس تفاقمت اكثر ظروف العيش في المنطقة. هذا إضافة الى أن إسرائيل لا تسمح بدخول شاحنات المساعدات من شمال القطاع الى الجنوب.
النقص الكبير في الغذاء وغياب سلطة حاكمة والانفجارات التي جبت حياة عشرات آلاف الفلسطينيين – خلقت فراغ فوضوي، والعصابات تزدهر فيه. حسب اقوال السكان وموظفي منظمات الإغاثة فان العصابات تقوم بسرقة الطحين والوقود وسلع أخرى، توفرها المنظمات لسكان غزة، وتبيعها بأسعار خيالية. في جنوب القطاع ارتفع سعر كيس الطحين، 25 كغم، الى 800 شيكل، في حين أنه في شمال القطاع حيث هناك التشويش في المساعدات يشعر به بشكل اقل فان سعر كيس الطحين 40 شيكل.
أيضا في وسط القطاع توجد صعوبة في الوصول الى الغذاء الأساسي. في الشهر الماضي ماتت ثلاث نساء في اعمال الفوضى التي اندلعت قرب فرن في دير البلح، الذي كان يبيع الخبز بسعر مدعوم. بسبب تزايد اعمال العنف تم اغلاق حتى الآن جميع المخابز المدعومة من الأمم المتحدة في وسط القطاع وجنوبه. “الآن الطموح الأعلى للغزي العادي هو ببساطة الحصول على قطعة خبز”، قال عبد الحليم عواد، وهو صاحب مخبز في دير البلح. “لا يوجد شيء محزن أكثر م.
أصحاب شركات نقل في غزة وسائقي شاحنات وموظفين في منظمات الإغاثة قالوا إن عصابات كثيرة شاركت في سرقة قافلة المساعدات في الشهر الماضي. ولكن مصادر مطلعة على تنظيم الارساليات قالت إن من يقف من وراء سرقة الشاحنات هو شخص اسمه ياسر أبو شباب (35 سنة). وحسب قول هذه المصادر فان عصابته تسيطر على شرق رفح. ومن اجل تأكيد هذه الاقوال قال اسلام إن السارقين الذين قاموا باحتجازه اثناء عملية السطو على الشاحنة عرفوا انفسهم بأنهم تابعين لأبو شباب.
عوض عبيد، احد سكان رفح، قال للصحيفة بأنه حاول شراء الغذاء من رجال أبو شباب. “طلبت من واحد منهم كيس طحين لاطعام اولادي، لكنه رفع المسدس امامي”، قال. وحسب قوله هو لاحظ مسلحين يحرسون المخازن التي توجد فيها صناديق البضائع التي توجد عليها إشارة الأمم المتحدة.
أبو شباب نفى الادعاء بأنه هو المسؤول عن سرقة الشاحنات، لكنه اعترف بأن رجاله نهبوا ست شاحنات منذ بداية الحرب. وحسب قوله فان السرقة استهدفت توفير الغذاء لعائلته وجيرانه. وقال “كل شخص جائع يحصل على المساعدات”. واتهم حماس بالمسؤولية عن سرقة المساعدات. في حماس قاموا بنفي هذا الادعاء.
الهجمات على المساعدات وقطعها، الى جانب أسعار المواد الغذائية المرتفعة جدا، تقوض سلطة حماس في المناطق التي ما زالت تنشط فيها، لكن قواتها تحاول محاربة العصابات. في 25 تشرين الثاني الماضي اقتحم رجال حماس الحي الذي يعيش فيه أبو شباب وقتلوا اكثر من 20 شخص. وحسب اقوال أبو شباب فان شقيقه أيضا قتل في هذا الهجوم. في وسائل اعلام حماس الرسمية نشر أن رجالها قتلوا عشرين شخص من “عصابات السارقين الذين نهبوا المساعدات”.
الجريمة المزدهرة في المناطق التي توجد كما يبدو تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، تجر أيضا الادعاءات تجاه سلوك الجيش. سائقو شاحنات وموظفو إغاثة قالوا إنه طوال الوقت الجيش يغض النظر. “الجيش الإسرائيلي يظهر التسامح باستمرار تجاه السرقة بدرجة لا يمكن تصورها، في المناطق التي يبدو أنه يسيطر عليها بالفعل”، قال باتروبولس.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook