ترجمات عبرية

هآرتس: حكومات إسرائيل “تشرعن” الضم الزاحف

هآرتس: حكومات إسرائيل “تشرعن” الضم الزاحف 2022-10-10، بقلم: شاؤول ارئيلي وسيفان هيرش هفلر وجلعاد هيرش بيرغر

النبأ، الذي يقول، إن الإدارة المدنية تدفع قدماً بخطة ستمكن من شرعنة عشرات من بؤر مزارع الرعاة في الضفة الغربية، يكشف مرة أخرى الفجوة الكبيرة بين رؤية معظم الجمهور لمفهوم “الوضع الراهن” أو “استمرار الوضع القائم” وبين ما يحدث فعلياً على الأرض. تتعارض تصريحات الإدارة الأميركية عن التزامها الحفاظ على احتمالية حل الدولتين مع خطط حكومات إسرائيل، سواء خطط بنيامين نتنياهو أم خطط حكومة التغيير، التي ليست سوى ضم زاحف يقود إسرائيل إلى واقع دولة واحدة مع منظومتين لقوانين غير المساواتية.

كيف يبدو الوضع الراهن على الأرض؟ تتناول عمليات الحكومات في العقد الأخير خمسة مجالات أساسية:

– توسيع المستوطنات القائمة. حسب بيانات حركة “السلام الآن” فإنه بين الأعوام 2011 – 2020 صادقت حكومات نتنياهو على مناقصات لبناء 1350 وحدة سكنية بالمتوسط في السنة. كانت سنوات الذروة في فترة رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة (اكثر من 3 آلاف وحدة في كل سنة في الأعوام 2017 – 2018). حطمت حكومة نفتالي بينيت المتوسط السنوي وصادقت على مناقصات لبناء 1550 وحدة سكنية في سنة توليه الحكم. ليس من نافلة القول الإشارة إلى أن معظم المناقصات تمت المصادقة عليها في مستوطنات معزولة وليس في “كتل” قريبة من الخط الأخضر.

– خطط البناء. كان المتوسط في عقد نتنياهو تخطيط 5292 وحدة سكنية في السنة في المستوطنات. ووصلت حكومة بينيت إلى 7292 وحدة سكنية. وقد سبق أن طُلب تدخل مباشر من قبل الإدارة الأميركية من اجل تأجيل النقاش في الإدارة المدنية بشأن الدفع قدما بالبناء في منطقة “إي1” قرب “معاليه أدوميم”. البناء على الأرض تم التعبير عنه أيضا بعدد السكان. في عقد نتنياهو ازداد عدد الإسرائيليين في المستوطنات من 325.601 إلى 451.257 مستوطنا (زيادة 38 في المئة). من المهم الإشارة إلى أن جميع حكومات إسرائيل منذ العام 1967 صادقت على توسيع المستوطنات، لأسباب مختلفة وفي نطاقات متغيرة. عمليا، في كل “عملية سياسية” وفي كل تشكيلة لم تحافظ الحكومات على “الوضع الراهن”، بل عملت على مواصلة السياسة المشجعة لتوسيع المستوطنات القائمة.

– البؤر الاستيطانية غير القانونية. في عقد حكومة نتنياهو وصل عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى الذروة، 130 بؤرة. وفي فترة بينيت أضيفت 6 بؤر أخرى. قامت حكومات نتنياهو بتبييض 21 بؤرة استيطانية غير قانونية، وحولت بعضها إلى مستوطنات مستقلة مثل “رحاليم” و”بروخيم”، ومعظمها إلى أحياء قانونية في المستوطنات القائمة، حتى لو كانت هذه الأحياء مقامة بعيدا عن المستوطنات الأم.

لم تبق حكومة بينيت متخلفة. فقد قامت بشرعنة 3 بؤر استيطانية غير قانونية. إذا تمت المصادقة على خطة شرعنة المزارع غير القانونية فإن حكومة لابيد، ومن المرجح من ستأتي بعدها، يمكن أن تحطم الرقم القياسي في “الشرعنة”، 30 – 40 من البؤر الاستيطانية من بين الـ 70 بؤرة القائمة في الضفة. في تموز بشرت “القناة 7” بأن وزيرة الداخلية، اييلت شكيد، أعطت توجيهات لوزارة الداخلية للاعتراف بسكان البؤر غير القانونية لغرض احتساب منح التوازن للسلطات المحلية في “يهودا” و”السامرة”. كل ذلك خلافا لتوجيهات المستشار القانوني السابق، مني مزوز، الذي منع تحويل مساعدات مالية حكومية في العام 2004 إلى مستوطنة غير قانونية في أعقاب تقارير مراقب الدولة التي ذُكر فيها تمويل حكومي بعشرات ملايين الشواكل لمراكز في البؤر الاستيطانية.

من المهم أن نذكر أنه في حين أن نسبة المنح للسلطات المحلية في إسرائيل تبلغ 40 في المئة من ميزانية السلطة المحلية فإنه في منطقة “يهودا” و”السامرة” يمكن أن تصل إلى 70 – 80 في المئة من ميزانية السلطة المحلية. واحيانا، خلافا للمعايير التي تم تحديدها، يدور الحديث دائما عن المجالس التي تصوت للأحزاب الدينية المسيحانية. تستخدم هذه الميزانية، التي سرقت فعليا من السلطات في إسرائيل، بصورة معينة لتقديم خدمات للبؤر غير القانونية.

– المواصلات. بدأت حكومة نتنياهو في تطبيق “خطة رئيسة للمواصلات” في “يهودا” و”السامرة”، التي يمكن أن تصل إلى ميزانية تبلغ 13 مليار شيكل. شوارع مثل شارع عابر حوارة في “السامرة” وشارع عابر العروب في “يهودا”، التي هدفت بالأساس إلى خدمة جزء صغير جدا من المستوطنين، تكلفة كل شارع منها هي ملايين الشواكل. المبرر الرسمي لهذه الخطة هو الحاجة إلى تحسين منظومة المواصلات الفلسطينية، إلى جانب الإسرائيلية، لكن التعمق في الخطة يوضح بأنه إلى جانب تخفيف العبء الفلسطيني فإن النية هي خلق منظومة شوارع سريعة تربط جميع المستوطنات المعزولة وتشجع على الهجرة إليها. هل هذا هو الوضع الراهن؟ حقيقة لا.

لم توقف حكومة بينيت الخطة، بل صادقت على استمرار جميع المشاريع التي كانت قيد التنفيذ. في الشهر الماضي، تم تدشين اربعة مفترقات للطرق في “يهودا” و”السامرة” في محاور المواصلات التي تقع في مناطق الاستيطان اليهودية. إسرائيل ابريات، وهو ضابط ركن المواصلات في الإدارة المدنية، قال في حينه لـ”واي نت”، إنه “في الأشهر الأخيرة نشاهد زخما كبيرا في استكمال مشاريع المواصلات الكثيرة التي نقوم بتنفيذها بالمشاركة مع وزارة المواصلات في منطقة يهودا والسامرة”.

– شبكة المياه. صادقت حكومة نتنياهو على خطتين رئيستين لزيادة توفير المياه للضفة بتكلفة ملياري شيكل تقريبا. خطة لـ”يهودا” وخطة لـ”السامرة”. الادعاء الرسمي كان الحاجة إلى مساواة في توفير المياه للإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة. فعليا، هذا الأمر يمكن من توسيع المستوطنات والزيادة المستقبلية للمزارع والبؤر الاستيطانية غير القانونية.

– هدم بيوت الفلسطينيين في مناطق “ج”. في عقد نتنياهو، هدمت إسرائيل بالمتوسط 447 منزلاً في السنة بنيت دون ترخيص من الإدارة المدنية. وهدمت حكومة بينيت 641 منزلا في سنة حكمها. يجب الذكر بأن حدود مناطق (أ وب) التي فيها صلاحية التخطيط والبناء هي للفلسطينيين لم تتغير منذ 25 سنة (منذ الاتفاق المرحلي)، وهي الفترة التي تضاعف فيها عدد السكان الفلسطينيين. أيضا 52 في المئة من المناطق “ج”، التي معظمها قريبة من البلدات العربية، هي بملكية خاصة فلسطينية، ومعظم البناء غير القانوني فيها كان هناك، أي أن “الوضع الراهن” في الضفة هو وضع غير ثابت كما يظهر، بل هو تقدم ديناميكي، دون أي تصريح رسمي، لتوسيع الاستيطان اليهودي، وفي الوقت ذاته إبعاد الفلسطينيين.

ما هو موقف الجمهور الإسرائيلي اليهودي بشأن الوضع الراهن؟ ماذا يعني هذا المفهوم بالنسبة له؟ في الاستطلاعات التي أجريناها في الأعوام 2018 – 2022 وجدنا أن نسبة الدعم لاستمرار الوضع القائم كانت ثابتة ومتدنية، 10 في المئة. ولكن في الاستطلاع الأخير الذي اجري في حزيران 2022 تمت مضاعفة الدعم ووصلت إلى 20 في المئة. هنا يطرح سؤال ما الذي يميز من يؤيدون مقاربة “الوضع الراهن”، أي استمرار الوضع القائم؟ هل بالنسبة لهم القصد هو واقع ثابت أم واقع متغير وديناميكي، لكن بشكل غير رسمي؟

يتبين أن من يؤيدون يدركون جيدا معنى “استمرار الوضع القائم”. وقد وجدنا أن معظم المؤيدين يعتبرون انفسهم متدينين وأصحاب مواقف يمين – وسط. الكثيرون منهم أيضا يؤيدون الضم، لكنهم يخافون من التداعيات الاقتصادية والأمنية للضم أحادي الجانب. وهم يعتقدون أن سيطرة إسرائيل على “المناطق” هي أمر مهم لأسباب أمنية، لكنهم يعارضون دولة ثنائية القومية ويخشون من الاختلاط مع السكان الفلسطينيين. من يؤيدون الوضع الراهن (أو استمرار الوضع القائم) معنيون بوضع اليد على “المناطق”، دون تحويل السيطرة عليها إلى سيطرة رسمية ودون دفع ثمن الضم. بكلمات ابسط، هم يعكسون بمواقفهم سياسة “الضم الزاحف”.

يبدو أنه في السنوات الأخيرة تمثل حكومات إسرائيل الأقلية (نحو الخُمس فقط) في الجمهور الإسرائيلي، التي على قناعة أنه يمكن ومن المرغوب فيه أن تكون مع وتشعر بـ” لا”، أي تعزيز سيطرة إسرائيل على “المناطق” قطرة قطرة، دون حاجة إلى الإعلان عن الضم الرسمي. عمليا، يدور الحديث عن عملية ضم مهمة، تمت خلافا لموقف أغلبية الجمهور الإسرائيلي – اليهودي (62 في المئة في الاستطلاع الأخير) الذي يريد الانفصال عن الفلسطينيين باتفاق أو بعملية أحادية الجانب، وهي تجر دولة إسرائيل إلى مناطق بعيدة عن حلم الصهيونية في دولة ديمقراطية مع أغلبية يهودية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى