هآرتس: حكم فلسطيني في غزة قبل القوة الدولية

هآرتس 24/12/2025، ليزا روزوفسكي: حكم فلسطيني في غزة قبل القوة الدولية
قطر تضغط على الولايات المتحدة من اجل انشاء في اسرع وقت آلية حكم فلسطينية في قطاع غزة، حتى قبل تشكيل قوة الاستقرار الدولية. في إدارة ترامب يميلون الى إقامة سلطة كهذه من خلال الادراك بان هذه مرحلة ضرورية لترسيخ حل لقطاع غزة. في الأسبوع الماضي، بعد لقاء مع رئيس حكومة قطر محمد آل ثاني، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، نشر المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، بيان جرى فيه التحدث عن ضرورة وجود جسم حكومي فلسطيني في غزة.
ويتكوف أكد في بيان صادر باسم جميع المشاركين على ضرورة السماح بانشاء هيئة حكم في غزة، تحت سلطة غزية موحدة، لحماية المدنيين والحفاظ على النظام العام. قطر تحث الامريكيين على تشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية في اسرع وقت ممكن – ويفضل ذلك قبل وصول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى ميامي في الأسبوع القادم، وذلك لتولي الإدارة في القطاع فعليا.
كلمات “قوة الاستقرار الدولية” غابت عن البيان الذي نشره ويتكوف. تعبيرات أخرى لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في هذا الشأن توضح انهم في الولايات المتحدة ادركوا ان قوة الاستقرار يمكن تشكيلها فقط في مرحلة لاحقة. في موازاة بيان ويتكوف نشر أيضا بيان منفصل، تركي، الذي فيه تم التأكيد على انه في اللقاء في ميامي “تمت مناقشة ترتيبات ستضمن ان غزة سيتم حكمها على يد الغزيين”. الامريكيون في الواقع ما زالوا لا يتحدثون بهذه الصيغة، لكن يبدو انهم هم أيضا يفهمون انه لن يكون حل لغزة بدون مشاركة مباشرة وكثيفة من جهات حكم غزية.
بالنسبة لقطر، التي يبدو انها تتفق مع تركيا ومصر، فان انشاء حكومة فلسطينية لادارة القطاع ونشر آلاف ضباط الشرطة التابعين للسلطة الفلسطينية في القطاع، الذين سيتم تدريبهم في مصر والأردن، هي الخطوات العاجلة واللازمة لضمان عدم انهيار وقف اطلاق النار. اما انشاء قوة حفظ الاستقرار الذي يعتمد كما هو معروف على وجود آلية واضحة لنزع سلاح حماس، فان قطر تقترح تاجيله الى مرحلة لاحقة.
مصدر إقليمي رسمي مطلع على محادثات المرحلة الثانية قال لـ “هآرتس” في الأسبوع الماضي بأن تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية هي الطريقة الوحيدة لتمكين حماس من التخلي عن الحكم في قطاع غزة ونقله الى جهة فلسطينية. وأضاف هذا المصدر بان هذه الاقوال تاتي حتى قبل البدء في الحوار الطويل والمعقد حول نزاع سلاح حماس. وذكر المصدر في سياق الحديث بأن “قوة الاستقرار الدولية يجب ان تعمل كآلية اشراف (على نزع سلاح حماس)، بينما يجب ان تعمل الحكومة (حكومة التكنوقراط) والشرطة في غزة كوسيط بين قوة الاستقرار وبين ما يحدث على الأرض في غزة.
حسب نفس المصدر فان مصرح حولت لإسرائيل قبل شهر بضع عشرات الأسماء لمرشحين فلسطينيين من اجل اشغال لجنة التكنوقراط. قائمة أخرى مقلصة اكثر للاسماء، كما يقول المصدر، حولت من قبل الولايات المتحدة مؤخرا. على الأقل حتى نهاية الأسبوع الماضي فان إسرائيل حسب هذا المصدر، لم ترد. وفي ميامي تمت مناقشة السبل لحث إسرائيل على المصادقة على قائمة الأسماء.
روبيو تطرق لهذه المسالة في مؤتمر صحفي عقد في ذلك اليوم وقال: “حتى أمس احرزنا تقدم في إضافة أسماء أخرى الى أعضاء لجنة التكنوقراط. وشدد على “ضرورة” انجاز المرحلة الأولى في خطة ترامب التي تتضمن حسب قوله، انشاء مجلس السلام الفلسطيني ولجنة التكنوقراط. وأضاف روبيو بانه “بعد ذلك بفترة قصيرة سيتم انشاء قوة الاستقرار الدولية”. وفيما يبدو انه استسلام للموقف الثابت لدول كثيرة وللواقع نفسه أضاف بان الولايات المتحدة مدينة للدول التي أظهرت استعدادها للنظر في الانضمام الى قوة الاستقرار ببعض “الإجابات الإضافية”، بما في ذلك فيما يتعلق بولاية هذه القوة وآلية تمويلها.
فكرة لجنة التكنوقراط الفلسطينية المستقلة عن السلطة الفلسطينية وحماس طرحتها من البداية مصر في خطة وضعتها كبديل لخطة ترامب للترحيل وبرنامج الريفييرا في بداية هذه السنة. مصر أيضا تروج امام الأمريكيين لنهج “العمليات المتوازية” في غزة، وهو ما يتعارض تماما مع المصالح الإسرائيلية كما ترى ذلك الحكومة في إسرائيل. فبينما يحاول نتنياهو ربط أي تقدم في القطاع بانهاء المرحلة الأولى في خطة ترامب، أي إعادة جثة المخطوف ران غوئيلي، ونزع سلاح حماس، فان مصر تصمم على احراز تقدم على عدة مسارات متوازية: البدء في إعادة الاعمار بشكل مبكر غرب الخط الأصفر، حتى لو كانت حماس ما تزال في الحكم، وإدخال قوات فلسطينية بديلة الى القطاع حتى قبل موافقة واضحة من قبل حماس على نزع سلاحها وما شابه.
حسب مصدر إقليمي آخر تحدث مع “هآرتس” في الفترة الأخيرة: “المطالبة بنزع سلاح حماس باعتباره الامر الأول الذي يجب فعله، ليست عملية. يجب النظر الى نزع السلاح كعملية. الإسرائيليون يريدون ان يكونوا غير عمليين لانهم يريدون انهيار كل هذا الامر (وقف اطلاق النار) لاسباب سياسية داخلية”.
لقد اظهر السفير الفرنسي في إسرائيل فريدريك غورنس، الذي أجريت معه مقابلة في بودكاست صحيفة “هآرتس” باللغة الإنجليزية، وجهة نظر مشابهة. فقد قال: “في عام 2007 خلعت شرطة السلطة الفلسطينية (في غزة) الزي الرسمي وارتدت زي حماس. والحقيقة هي اننا بحاجة الى فعل الشيء نفسه الآن، ولكن في الاتجاه المعاكس. نحتاج الى تزويد عناصر حماس بسلاح اقل خطورة، وتحويلهم الى شرطة شوارع”. غورنس واصل حديثه وقارن هذا الوضع بإعادة دمج المقاتلين في المنظمات الإسلامية في الجزائر وفي لبنان: “يجب إيجاد وظائف لهم في الشرطة المحلية واعادتهم. لقد تخلصتم بالفعل من القيادة ولم يبق منها الا القليل، لكن الان لا بد من العمل الميداني، وهو عمل ليس بطولي ومليء بالتنازلات”. وفيما يتعلق بالسلاح الثقيل الذي يشمل، حسب غورنس، صواريخ آر.بي.جي التي يجب التخلص منها، قال: “المصريون يعملون على ذلك بجدية كبيرة”. ومشكوك فيه أن ينظر نتنياهو الى غزة بهذه النظرة المتفائلة. والسؤال الأهم هو الى أي مدى سيحاول – والى أي مدى سينجح – وقف هذا القطار الدولي السريع بقيادة قطر في لقائه مع ترامب.



