ترجمات عبرية

هآرتس: حقل الألغام الذي ينتظر ترامب في الشرق الأوسط لم يتم تحييده بعد

هآرتس 30/6/2025، تسفي برئيلحقل الألغام الذي ينتظر ترامب في الشرق الأوسط لم يتم تحييده بعد

اتفاقات ابراهيم هي الآن الحلم القابل للتحقق، والذي من شأنه حل جميع النزاعات في الشرق الاوسط. الاتفاقات هي “الصفقة الكبرى” التي تنتظر فنان الصفقات الذي يجلس في البيت الابيض، ولم يسجل حتى الآن انجازه السياسي الاول منذ أداء اليمين كرئيس للولايات المتحدة. حسب ترامب يمكن التقدير بان دول اسلامية بعيدة مثل اندونيسيا والباكستان وماليزيا وبنغلاديش، ودول قريبة ايضا مثل سوريا ولبنان والسعودية، تنتظر بصبر وهي تحمل الحقائب الجلدية التي توجد فيها اوراق اعتماد السفراء. الاسرائيليون يشمون الآن رائحة الزيت المحروق الذي يتم قلي الفلافل فيه، ويفحصون اسعار الفنادق في جدة وفي الرياض، ومسارات التزلج على الجليد في شمال لبنان. لكن المسافة القصيرة الى هذه الاماكن يجب ان تتغلب على العقبات المليئة بالالغام التي ما زالت تهدد تحقق هذا الحلم.

في الايام القريبة القادمة ستجتمع الحكومة اللبنانية من اجل مناقشة مسودة العمل التي طرحها في الاسبوع الماضي المبعوث الامريكي توم براك، التي تطلب فيها الولايات المتحدة من لبنان اتخاذ قرار عملي بشأن نزع سلاح حزب الله. القرار المبدئي تم اتخاذه، سواء في خطاب الفوز للرئيس اللبناني جوزيف عون أو في تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام. الجيش اللبناني ينشغل منذ وقف اطلاق النار مع اسرائيل في مصادرة سلاح حزب الله جنوب الليطاني، وحسب عون فقد سيطر على 80 في المئة من القواعد التي كان يسيطر عليها حزب الله.

لبنان حصل ايضا على “موافقة” محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، على نزع سلاح الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين وخارجها، ورؤساء التنظيمات في المخيمات اعلنوا عن استعدادهم للتعاون مع الحكومة اللبنانية. عون، الذي عين نفسه كجهة حصرية مسؤولة عن تنفيذ هذا التعهد يتمسك بالموقف الذي يقول ان نزع السلاح يجب أن يكون من خلال الحوار مع حزب الله لمنع المواجهات العنيفة التي يمكن ان تؤدي الى الحرب الاهلية.

لكن واشنطن غير مستعدة للانتظار الى حين اجراء هذا الحوار ونجاحه. اذا كانت الرغبة هي اجراء الحوار، قال براك، فيجب أن يتم اجراءه على الفور في اطار جلسة للحكومة بمشاركة وزراء حزب الله الذين سيعطون موافقتهم.

حتى الآن من غير المعروف هل وكيف ستتم ادارة هذه الجلسة، لكن الرئيس اللبناني يضع شرط اساسي بحسبه أي عملية للحكومة اللبنانية سيتم الرد عليها بخطوة من قبل اسرائيل. أي أن قرار الحكومة بنزع السلاح يجب الرد عليه بانسحاب جزئي لاسرائيل من الخمسة مواقع التي يسيطر عليها الجيش في لبنان، في حين أن تنفيذ القرار يجب الرد عليه بالانسحاب الكامل من قبل اسرائيل.

واشنطن تهدد بأنه اذا لم تستجب الحكومة اللبنانية لطلباتها فانها ستنسحب من لجنة الرقابة على تطبيق وقف اطلاق النار، أي أن الولايات المتحدة ستطلق يد اسرائيل لتفعل ما تريد في الاراضي اللبنانية، واليونفيل ستقوم باخراج قواتها، ولبنان لن يستطيع الحصول على المساعدات الاقتصادية التي هو بحاجة اليها بشكل ملح. نتيجة لذلك هي بالفعل ستصبح دولة معزولة ولن تكون لها فرصة لاعادة الاعمار. من السابق لاوانه تقدير كيفية تصرف الحكومة وما اذا كان حزب الله سينضم للقرار الذي يعني التنازل عن اداة الضغط الاساسية التي توجد له ولايران في لبنان والتحول الى حركة سياسية.

لكن سلوك حزب الله في هذه القضية توجد له اهمية كبيرة تتجاوز حدود الدولة. فهو سيشير الى الاستراتيجية التي تنوي ايران تبنيها تجاه وكلاءها، والطريقة التي تخططها لتطوير مراكز نفوذها في المستقبل. هل ستواصل العمل بواسطة التنظيمات المسلحة التي شكلت دول صغيرة داخل دول سيادية، أو انها ستتوجه لبناء لنفسها نفوذ سياسي يقوم على اساس التعاون مع الحكومات بدون تهديدات عسكرية. في العراق مثلا، ايران وافقت مبدئيا على دمج المليشيات الشيعية التي تدعمها في الاطار العسكري – الوطني. ولكن لبنان هو دولة رئيسية بسبب قوة حزب الله العسكرية ومكانته كتنظيم ادار ونسق نشاطات الوكلاء الآخرين. هكذا، ايضا حتى لو اصبح حزب الله حركة سياسية الا أن له تاثير كبير على قرارات الحكومة، وبالتاكيد في كل ما يتعلق بالتطبيع مع اسرائيل.

قضايا صغيرة

في سوريا القصة مختلفة كليا. فالرئيس الجديد احمد الشرع اغلق بنجاح طرق وصول ايران، عسكريا وسياسيا. وبالتالي، حرم حزب الله من قناة تزويده الاكثر اهمية. الشرع اعلن بانه غير معني بمواجهة مع اسرائيل، وحتى انه لم يستبعد انضمام سوريا بـ “بشروط مناسبة” لاتفاقات ابراهيم. وهو حتى الآن قال معظم “الاقوال الصحيحة”، وحصل على مقابل قيم، الذي وجد تعبيره ليس فقط بالمصافحة الدافئة مع الرئيس ترامب، بل رفع العقوبات عن سوريا.

فقط بقيت قضية صغيرة، “هضبة الجولان”. وحتى قبل ذلك مصير المناطق التي سيطرت عليها اسرائيل اثناء الحرب في جنوب الدولة وفي هضبة الجولان السورية. وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر اوضح في الاسبوع الماضي بانه لا يوجد ما يمنع انضمام سوريا للاتفاقات اذا تنازلت عن هضبة الجولان. هكذا فقد عمل ساعر على تحليل مشاركة الشرع، الذي فقط حتى قبل بضعة اسابيع كان يعتبر جهادي اسلامي خطير.

نظريا، يمكن لاسرائيل وسوريا التوقيع على اتفاق سلام وابقاء قضية ترسيم الحدود الى المفاوضات المستقبلية بينهما. ولكن اذا صممت اسرائيل على استمرار سيطرتها على الاراضي السورية بعد قولها بان هضبة الجولان ليست محل للتفاوض، لان ترامب نفسه اعترف بسيادة اسرائيل فيها، وأن الفلافل في دمشق يمكن أن يحترق قبل تمكن الزبون الاسرائيلي الاول من الاستمتاع بها.

جائزة اخرى كبيرة تقريبا سقطت في حضن اسرائيل عشية الحرب في غزة. اذا كانت قبل الحرب قد طلبت السعودية من اسرائيل ومن امريكا فقط خطوات “لتحسين ظروف حياة الفلسطينيين”، فهي منذ ذلك الحين غيرت مواقفها. خلال الحرب في غزة وضعت المملكة الاعتراف بحل الدولتين، الذي سترافقه خطوات عملية نحوه كشرط اساسي لموافقتها على اقامة علاقات مع اسرائيل. السعودية التي قادت الجهود الدبلوماسية العربية لانهاء الحرب في غزة تملك في يديها اداة نفوذ قوية على الرئيس ترامب، على شاكلة تعهد باستثمارات تبلغ تريليون دولار في الولايات المتحدة في فترة ولايته. تنفيذ هذا الاستثمار لا يرتبط في الحقيقة باقامة الدولة الفلسطينية، لكن من يطمح الى انجاز سياسي فانه يدرك أن هذه الامور مرتبطة ببعضها البعض.

بالنسبة لحكومة اسرائيل التي تديرها مجموعة مسيحانية راديكالية، فان التطبيع لا يعتبر هدية قيمة مثل التي من اجلها يجب التنازل عن حلم العودة الى قطاع غزة، حتى لو كانت ستضمن جائزة نوبل لترامب أو ستعزز شعبية نتنياهو الجماهيرية. هذه المجموعة يوجد لها سلم اولويات خاص بها الذي بالضرورة لا يتساوق مع مصلحة دولة اسرائيل. لسعادتها الكبيرة، ترامب نفسه لم يظهر حتى الآن أي ميل لدعم حل الدولتين. سيكون من المثير رؤية كيف ان الرئيس، الذي لم ينجح حتى الآن في لي ذراع نتنياهو من اجل انهاء الحرب في غزة، سيقنع السعودية بالاكتفاء بترتيبات انسانية في القطاع كبديل عن حل القضية الفلسطينية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى