ترجمات عبرية

هآرتس: حزب الله يظهر حاليا الصبر لكنه يخطط لصراع على مكانته في لبنان

هآرتس 6/1/2025، تسفي برئيلحزب الله يظهر حاليا الصبر لكنه يخطط لصراع على مكانته في لبنان

“نحن نضبط انفسنا، لكن ذلك لا يعني أننا سنضبط انفسنا خلال الستين يوما (وقف اطلاق النار). ربما أن الصبر سينفد قبل انتهاء الستين يوما وربما سيستمر”، هذا ما اعلنه في يوم السبت الامين العام لحزب الله، نعيم قاسم. أمس رد عليه وزير الدفاع اسرائيل كاتس بتهديد وقال: “الشرط الرئيسي لتنفيذ الاتفاق هو الانسحاب الكامل لحزب الله الى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه وازالة البنى التحتية الارهابية من قبل الجيش اللبناني. هذا الامر لم يحدث حتى الآن”. واوضح كاتس بأنه اذا لم ينسحب حزب الله فانه “لن يكون اتفاق”. وقد انضم الى تبادل التهديدات هذا تقارير حول نية اسرائيل البقاء في الاراضي اللبنانية بعد الستين يوم، في حين أنهم في حزب الله يوضحون بأن “الحزب قام باستعادة قدرته وهو مستعد لمواجهة أي مس باراضي لبنان”.

المفهوم الاساسي في هذا الحوار هو “الخروقات” التي يتمسك كل طرف بها لاثبات براءته، ولكنها يمكن أن تدهور الاتفاق الى درجة الانهيار. لبنان قدم في الاسبوع الماضي قائمة تشمل 800 حالة، التي حسب رأيه ينطبق عليها تعريف خرق الاتفاق، من بينها هجمات لاسرائيل على مواقع في قرى جنوب لبنان، استمرار تواجد اسرائيل في 60 قرية في جنوب لبنان، منع عودة 160 ألف شخص الى بيوتهم والمس ببرج مراقبة الجيش اللبناني ومنشآت تابعة لقوة اليونفيل.

اسرائيل من ناحيتها اوضحت بأن مهاجمة اهداف في لبنان هي في اطار مبدأ “الدفاع عن النفس”، الذي تقرر في الاتفاق، والذي بحسبه هي مخولة بالعمل في اراضي لبنان كلما ظهر تهديد على أمنها وطالما أن الجيش اللبناني لا يستطيع مواجهة هذا التهديد. ولكن حسب ادعاء مصادر لبنانية فان الجيش اللبناني غير قادر على العمل في المناطق التي يوجد فيها الجيش الاسرائيلي، والنتيجة هي عملية خطيرة فيها اسرائيل بمجرد تواجدها تمنع انتشار الجيش اللبناني وتوفر لنفسها مبررا ثابتا للاستمرار في العمل في لبنان، وهكذا فهي تعيق تنفيذ الاتفاق.

مصدر عسكري اسرائيلي شرح أمس للصحيفة بأن “قدرة الجيش اللبناني محدودة. وهو لم يجند بعد آلاف الجنود الذين يمكنهم استكمال الانتشار في جنوب لبنان. ولكن بالاساس نحن لا نشاهد أي استعداد جدي لتفكيك البنى التحتية لحزب الله أو جمع سلاحه”. على سؤال هل الهدف هو جمع كل بندقية وكل باغة رصاص موجودة في جنوب لبنان، وما الذي سيعتبر اثبات جدية لبنان لنزع سلاح حزب الله، أجاب المصدر الاسرائيلي: “في هذه الاثناء لا يوجد أي قرار يحدد الى أي مستوى النزول في جمع السلاح أو تفكيك البنى التحتية. جنوب لبنان، ولبنان بشكل عام، هو مخزن كبير للسلاح، وليس فقط لحزب الله. يوجد سلاح ايضا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ولدى المواطنين العاديين يوجد “سلاح شخصي” وهكذا عصابات الجريمة. نحن ندرك أن قرار جمع قطع السلاح يعني بأنه يجب على الجيش الاسرائيلي التواجد في لبنان لاشهر كثيرة اذا لم يكن لسنوات. لذلك، نحن نركز على السلاح الثقيل، الرساسات ومخازن سلاح حزب الله والعثور على الانفاق، وبالاساس نتطلع الى رؤية نشاطات اكثر تصميما وكثافة من قبل الجيش اللبناني”.

عمليا، غياب تحديد اهداف دقيقة، أو استخدام المفهوم الغامض “تدمير البنى التحتية”، تعطي اسرائيل مجال مرونة واسع للعمل، على الاقل حتى انتهاء الستين يوم الاولى من وقف اطلاق النار. هذا من خلال الاستنتاد الى افتراض أنه طالما أن اسرائيل لا تهاجم اهداف لحزب الله في عمق الدولة فان الحزب لن يرغب في شن جولة جديدة.

حرية العمل هذه يمكن أن تعمل على تآكل شرعية الاتفاق في الجانب اللبناني، حيث حزب الله، الذي صادق على الاتفاق، يظهر الصبر وضبط النفس الذي يعطيه حكومة لبنان. لكنه يقول ايضا، كما اوضح قاسم، بأنه يجب على الحكومة اللبنانية المطالبة بحقوقها التي توجد في الاتفاق والعمل على وقف خروقات اسرائيل. أي أنه اذا لم تنجح الحكومة اللبنانية في فرض على اسرائيل تطبيق الاتفاق، فان حزب الله سيضطر هو نفسه الى الدفاع عن الدولة، هذه المرة ليس من اجل اهداف خارجية مثل الحرب في غزة أو كخدمة لايران، بل كعملية وطنية.

حسب رؤية حزب الله فان عجز الحكومة اللبنانية أمام تهديد اسرائيل سيثبت مرة اخرى ضرورة احتفاظ الحزب بسلاحه، ويؤكد على أن المطالبة بنزع سلاحه ليس فقط في جنوب لبنان، بل في كل ارجاء لبنان كما ينص القرار 1701، تعرض أمن الدولة للخطر. وللتأكيد على ادعائه فان حزب الله يقول للحكومة اللبنانية والجيش اللبناني بأنهم بدأوا السنة الجديدة باستعراض تنافسي يعرضون فيه الخضوع للرعاية الامريكية وشروط اسرائيل ويقدمون وثائق الاعتماد لواشنطن”، حسب ما كتب في مقال ابراهيم الامين، محرر صحيفة “الاخبار” المقربة من حزب الله.

الامين تطرق الى الحادثة في مساء يوم الخميس في مطار بيروت، التي فيها رجال امن المطار قاموا بتفتيش دقيق لطائرة وصلت من ايران، للاشتباه بأنه يتم تهريب فيها اموال لحزب الله. وقد كان في الطائرة دبلوماسي ايراني، رفض في البداية السماح بتفتيش حقائبه. ولكن في نهاية المطاف تبين أنه لم يكن فيها أي شيء مشكوك فيه. في الحقيقة هذه ليست المرة الاولى التي فيها رجال أمن المطار يقومون بتفتيش طائرة ايرانية. فقد كانت حادثة مشابهة في 15 تشرين الثاني عندما وصل الى بيروت مستشار علي خامنئي، لكن في حينه ارسل حزب الله مئات المتظاهرين الى المطار للاحتجاج على التفتيش. يبدو أن هذه حادثة هامشية بعيدة عن المواجهات الدموية في 2008، حيث في حينه قررت الحكومة حل شبكة الاتصال المستقلة لحزب الله واقالة رئيس قسم الامن في المطار بسبب علاقته مع الحزب والاشتباه بأنه قام بتركيب كاميرات مراقبة لمتابعة مدرج اقلاع. حتى الآن استعراض القوة هذا يمكن أن يشير الى نية حزب الله ادارة صراع على أي محاولة للمس بموارده المدنية والعسكرية. ناهيك عن المطالبة بنزع سلاحه في كل ارجاء الدولة، والتأكيد على شرعية سلاحه.

هذا لا يعتبر فقط نضال للحفاظ على قوته العسكرية. فهو يتعلق بترميم مكانته السياسية وفي اوساط الجمهور، التي تآكلت بشكل كبير نتيجة الحرب. اختبار القوة السياسية الاكثر اهمية، يتوقع أن يحدث في يوم الخميس القادم عندما سيعقد رئيس البرلمان نبيه بري جلسة لانتخاب رئيس الدولة، التي منذ تشرين الاول 2022 ليس لها رئيس يتولى منصبه. لا يوجد أي يقين بأن البرلمان، اذا تم عقده حقا، سينجح في انتخاب مرشح متفق عليه من بين المرشحين الستة. هذا المرشح بحاجة الى ثلثي اصوات اعضاء البرلمان في التصويت الاول، واذا فشل فسيكون بحاجة الى اغلبية مطلقة تقدر بـ 65 صوت. لا يمكن المبالغة في أهمية انتخاب الرئيس الذي من صلاحيته تعيين رئيس حكومة ثابت، وهي العملية الحيوية للبدء في عملية اعادة اعمار لبنان وانقاذه من الازمة الاقتصادية الشديدة المستمرة منذ خمس سنوات.

حزب الله أيد حتى الآن مقربه ومؤيده سليمان فرنجية. خصومه طرحوا عدة مرشحين من بينهم قائد الجيش جوزيف عون. ورئيس حزب “القوات اللبنانية” لسمير جعجع، الذي يطالب بنزع سلاح حزب الله، رشح نفسه. يوجد لعون غطاء دعم خارجي واسع يشمل، ضمن آخرين، الولايات المتحدة، السعودية وفرنسا، الذي يعتبر وعد كبير لتنفيذ القرار 1701 واعادة اعمار الدولة. 

المفاجأة هي أنه في نهاية الاسبوع الماضي اعلن حزب الله بأنه لن يستخدم الفيتو ضد ترشح عون خلافا لموقفه السابق. هذا الاعلان لا يضمن حتى الآن انتخابه، حيث يوجد عائق قانوني بحاجة الى التعديل اذا تم انتخابه، لأنه ما زال قائدا للجيش. ولكن في الاعلان حزب الله قدم نفسه كمن يعمل من اجل مصالح لبنان، وأنه لن يشكل أي عائق امام عملية انتخاب الرئيس. واذا لم يتم انتخاب رئيس فان ذلك لن يكون ذنبه. في المقابل، اذا تم انتخاب عون فان حزب الله يمكنه تحقيق لنفسه مكاسب سياسية على اعتبار أنه ساعد على انتخابه، وسيستخدمه لتعزيز مكانته في الحكومة الدائمة التي سيتم تشكيلها. وبالتالي، يمكن لحزب الله مواصلة التأثير بشكل جوهري في سياسة لبنان، بما في ذلك تطبيق القرار 1701 وفي أي اتفاقيات مستقبلية اخرى مثل ترسيم الحدود البرية بين اسرائيل ولبنان.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى