هآرتس: حزب العمال البريطاني يبحث عن طريق وسط في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني
هآرتس 24/7/2024، دانييلا بيلد: حزب العمال البريطاني يبحث عن طريق وسط في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني
أي تفصيل في زيارة التعارف التي قام بها وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، في اسرائيل وفي مناطق السلطة الفلسطينية في الاسبوع الماضي، تم التخطيط له بعناية بهدف بث التوازن. صور المصافحة مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ورئيس الحكومة في السلطة الفلسطينية، محمد مصطفى، تم نشرها معا في نفس التغريدة. بياناته العلنية دعت الى وقف اطلاق نار فوري، وايضا تحرير فوري للمخطوفين. هو ايضا التقط صورة وهو يقوم باحتضان ابناء عائلات المخطوفين. وبعد ذلك في لقاء مع فلسطينيين في الضفة التقط صورة، الذين يعانون من اعمال عنف المستوطنين.
النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو نقطة خلاف سياسية في بريطانيا بشكل عام، وفي حزب العمال بشكل خاص، والحرب في غزة احتلت مكانة رئيسية في الانتخابات في 4 تموز. الزيارة كانت فرصة من اجل تحويل مقاربة حكومة بريطانيا الجديدة الى مقاربة متزنة ومنطقية أكثر.
رئيس الحكومة كير ستارمر يواجه ارث حكومة المحافظين، التي اعتبرت في اليسار في بريطانيا مؤيدة لاسرائيل بشكل اعمى وتؤيد ايضا لاستمرار الحرب. في نفس الوقت هو يبذل كل ما في استطاعته للابتعاد عن ظل سلفه في قيادة الحزب، جيرمي كوربن، الذي عرف ممثلي حماس وحزب الله بالتعريف البائس “اصدقائي”، وتمركز في الطرف الثاني – العداء الواضح لاسرائيل. بدلا من ذلك فان حكومة ستارمر تعلن بأنها تنوي اتباع سياسة خارجية مبنية على “الواقع – التقدمي”.
في مقال نشره لامي في بداية السنة الحالية في صحيفة “الغارديان” وصف سياسته الخارجية بأنها نموذجية، لكن بدون اوهام واهداف غير منطقية. “الاعتراف بأنه يجب الدفاع عن مصالح المملكة المتحدة من اجل تشكيل قوة خير”. في كل ما يتعلق بالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني اوضح لامي بأن “الواقع التقدمي يوجد له نفس الحلم بخصوص اوكرانيا واسرائيل وفلسطين. كل واحدة منها ستكون دولة ذات سيادة، آمنة ومعترف بها من قبل العالم وتعيش بسلام مع جيرانها”. طريقة تحقيق هذا الهدف أو الدور الذي يمكن للندن أن تلعبه في ذلك واضح بدرجة اقل.
موضوع “الاونروا”
القرار الاول الذي اتخذته بريطانيا هو استئناف تحويل الاموال للاونروا. الحكومة السابقة جمدت التمويل للمنظمة في كانون الثاني في اعقاب الاتهامات الاسرائيلية بأن موظفيها كانوا متورطين بشكل مباشر في مذبحة 7 تشرين الاول. في يوم الجمعة الماضي اعلنت الحكومة بأنها ستخصص ميزانية تبلغ 21 مليون جنيه استرليني للاونروا. لامي قال في البرلمان بأنه حصل على تعهد بأن الاونروا اتخذت خطوات “لضمان الحرص على الحيادية بأعلى مستوى”.
لندن تصرفت كما تصرفت الـ 16 دولة مانحة للاونروا، باستثناء الولايات المتحدة، حيث استأنفت تقديم المساعدات للاونروا. حتى أن المجموعة في البرلمان، “اصدقاء اسرائيل في حزب العمال”، ايدت هذه الخطوة وقالت بأنه يجب استئناف التمويل على خلفية الوضع الانساني في القطاع. ولكنها اشارت الى أنه يجب الحرص على اجراء فلترة شفافة ومتشددة اكثر تجاهها. استئناف التمويل للاونروا قال هـ.أ هيلر، الخبير الامني في شؤون الشرق الاوسط في صندوق كرنيغي للسلام الدولي في واشنطن وفي معهد رويال يونايتد سيرفس في لندن، إن “استئناف التمويل هو خطوة عملية ورمزية في نفس الوقت. وهو اعلان سياسي يرفض محاولة حكومة اسرائيل تغيير الوضع الراهن عن طريق تحييد مؤسسات مثل الاونروا والسلطة الفلسطينية”.
موضوع آخر هو هل سيتم عكس جهود الحكومة السابقة في معارضة تقديم لوائح اتهام بسبب جرائم الحرب ضد زعماء في اسرائيل من قبل محكمة الجنايات الدولية. في شهر أيار الماضي طلب المدعي العام الرئيس في المحكمة، كريم خان، تقديم اوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت. في الشهر الماضي عارضة وزارة الخارجية البريطانية هذا القرار وطرحت على المحكمة سؤال اذا كانت توجد لها صلاحية اصدار أوامر اعتقال لاسرائيليين.
يبدو أن حكومة ستارمر لن تستمر في معارضة الطلب. دبلوماسيون بريطانيون اعلنوا في السابق بأن الاعتراض “قيد الفحص”. النائب العام الجديد في المملكة المتحدة، ريتشارد هيرمر، وهو محامي متخصص في حقوق الانسان والقانون الدولي، طلب في السابق من اسرائيل العمل حسب القانوني الدولي في حربها على غزة.
تعليق رمزي
مجال آخر سيتم فيه استخدام الضغط على حزب العمال لفحص سياسته، هو بيع السلاح لاسرائيل. بريطانيا هي مزودة مهمة للسلام، لكن مبيعاتها لاسرائيل قليلة. ورغم ذلك سمعت منذ بداية الحرب في غزة دعوات، ليس فقط في اليسار، لتجميد تزويد السلام. لامي وعد في السابق باعادة فحص الاستشارة القانونية التي تم تقديمها للحكومة السابقة والتي بحسبها لا يوجد أي خطر، من خلال استخدام السلاح البريطاني الذي تم تزويده لاسرائيل، من خرق القانون الدولي.
هيلر عبر عن الشكوك الحذرة فيما يتعلق بامكانية حظر ارساليات السلاح. “لدي شعور بأن حزب العمال سيمتنع عن ذلك بسبب السياسة الهشة لمثل هذه الخطوة. ولكن في الحزب سيتم اجراء نقاش موسع في هذه الاحتمالية”، قال.
قضية الاجماع
السؤال الاكبر هو هل حكومة حزب العمال ستدفع قدما باعتراف احادي الجانب بالدولة الفلسطينية؟. هذا السؤال ما زال مفتوح. حزب العمال أيد حتى الآن التمسك بالاجماع للولايات المتحدة والحلفاء الآخرين الذين أيدوا التقدم نحو حل الدولتين، والامتناع عن الاعتراف الفوري أو المبكر بالدولة الفلسطينية. ولكن خطوة اسبانيا وايرلندا والنرويج، وهي الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية في شهر أيار الماضي، يشكل ضغط آخر على بريطانيا من اجل الانضمام لنادي الاعتراف الرسمي الآخذ في التوسع. المحللون يعتقدون أن هذا الامر كان سيكون مطلوبا لو أنه كان مرفق بتطلع سياسي لتسويق مبادرة، لكنه بعيد عن رأس سلم الاولويات.
مع ذلك، من غير المؤكد أن حزب العمال سيتخذ موقف متصلب أكثر فيما يتعلق بالمستوطنات ورؤساء اليمين المتطرف في اسرائيل، وهو موقف يوجد حوله اجماع، ويمكن الافتراض بأنه لن يثير أي معارضة.
حزب العمال يستمر في سياسته المعتدلة والمتزنة فيما يتعلق بالنزاع، رغم الغضب الذي وجه للحزب بسبب التأخر في ادانة العملية الاسرائيلية في غزة. ورغم أنه فقد اربعة مقاعد لمرشحين يؤيدون بشكل واضح الفلسطينيين، وانخفاض عدد المصوتين له في مناطق انتخاب فيها عدد كبير من المسلمين.
“هذا الموضوع لا يوجد على رأس سلم الاولويات. من الواضح أنه لم يكن لستارمر وحكومة الظل أي رغبة في الاقتراب من هذا الموضوع”، قال يو لابيت، وهو زميل كبير في مجلس اوروبا للعلاقات الخارجية، “هذه قضية تعمل على الانقسام، لا سيما على خلفية الارث السلبي لعهد كوبين، ولكن لا يمكن التهرب من النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، هذا درس تعلمته جميع الحكومات حتى الآن”.