ترجمات عبرية

هآرتس: حرب وجود سياسية

هآرتس 24/1/2025، يوسي فيرتر: حرب وجود سياسية

لا يجب على المرء أن يكون خبير كبير في السياسة أو في الطب كي يدرك أن بنيامين نتنياهو كان يفضل التنازل عن المرحلة الثانية في صفقة انقاذ المخطوفين. هذا الامر يشكل وجع رأس بسيط: هو مرتبط بانسحاب كامل من قدس اقداسنا، محور فيلادلفيا، وتحرير عدد كبير من المخربين الذين يوجد في سجلهم الدموي عشرات المؤبدات. وبالاساس هو مرتبط بالفعل السياسي المنبثق عن ذلك: خطر واضح وفوري لحل الحكومة.

انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا يمكن أن يحدث في الأيام الـ 43 حتى 50، بين 2 – 9 آذار. حتى نهاية الشهر الحالي يجب تمرير الميزانية، وإلا فان الحكومة ستسقط. اذا طبق بتسلئيل سموتريتش تهديده بالانسحاب فربما الحل سيأتي حتى قبل ذلك. ينضم لهذه الثغرة أيضا قانون الاعفاء. لقد تجلى الخلاف المفتوح بين الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع إسرائيل كاتس في هذا السياق في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، حيث جلس بجانب رئيس شعبة القوة البشرية، الجنرال دادو بار حليفه، الذي شرح بالتفصيل وبشكل احترافي من جهة الاحتياجات الملحة، ومن الجهة الأخرى عدم جدوى العقوبات التي يدور الحديث عنها، وكاتس، مكفهر الوجه، ظهر عليه أن غير راض عن هذا العرض.

يمكن القول إنه للمرة الأولى منذ تشكيله قبل سنتين، الائتلاف يمر بحدث صادم وهام. 24 شهر ولم يهدد هذا الائتلاف أي شيء سيء. سواء عندما اشتعلت الشوارع بالاحتجاج التاريخي ضد الانقلاب النظامي، أو عندما ذبح حوالي 1200 مدني وجندي، واغتصبوا واحرقوا واختطفوا خلال ساعات الى قطاع غزة، وليس حتى في ظل الحرب التي استمرت تقريبا 15 شهر في القطاع، التي تحولت منذ فترة الى مراوحة زائدة في المكان، والتي تكلفنا حياة الجنود. كم هو مخيف ويثير السخرية أن تكون الاحتمالية الملموسة لاطلاق سراح جميع الأشخاص الـ 94 من الاسر هي وحدها التي تهدد كراسي رئيس حكومة الفشل وشركاءه.

نتنياهو يعرف أنه عند بداية انسحاب قوات الجيش من محور فيلادلفيا فان وسائل الاعلام ستحتفل بالمؤتمر الصحفي التاريخي الذي عقده في 2 أيلول (الذي جاء كرد على الصدمة والاحتجاج بعد العثور على جثث المخطوفين الستة)، الذي وصف فيه ترك محور فيلادلفيا بأنه جحيم أمني سيضمن بالتأكيد حدوث 7 أكتوبر آخر. الخارطة الضخمة وصور الصواريخ والاوصاف الدراماتيكية لما سيحدث اذا، لا سمح الله، حدث ذلك. هذا المشهد استهدف أن يدق المسمار الأخير في خطة بايدن – بيبي من شهر أيار، التي كانت لا تزال تتنفس بصعوبة. أي وجه سيكون للمقدم اذا قمنا بالانسحاب بعد بضعة أسابيع من هناك. 

على فرض أن نتنياهو يمكنه العيش مع هذا الاحراج. ولكن عند اسقاط الحكومة والذهاب الى الانتخابات في الصيف سيكون اقل قدرة على التعايش. في الشهر القادم يمكن أن يلتقي مع الرئيس دونالد ترامب في واشنطن، وهو اللقاء الذي سيحسم مصير الصفقة. نتنياهو سيقول له بأن تطبيق الصفقة سيعمل على اسقاط الحكومة، وهو سيطلب الرحمة والاهتمام به وليس بالمخطوفين. 

سموتريتش من ناحيته توقف عن الاهتمام به، بالتأكيد بعد أن حاصره بن غفير من اليمين، وقام بالانسحاب من الحكومة. ومنذ ذلك الحين يقوم بتطويقه ويعرضه ككذاب يتمسك بالكرسي. شرط رئيس حزب الصهيونية الدينية يظهر أنه قاطع: استئناف القتال في غزة أو اسقاط الحكومة.

كل ما اغدقه عليه نتنياهو لم يجعله يلين تهديده. حتى ولو إضافة سريعة ومتسرعة لهدف آخر “في اهداف الحرب” بعد نقاش قصير وغير جدي في الكابنت. “المس الشديد بمنظمات الإرهاب في يهودا والسامرة وتعزيز الدفاع والامن فيها، مع التأكيد على الحفاظ على أمن الحركة وعلى المستوطنات”، ارتجال كلاسيكي لنتنياهو. الآن من كثرة الأهداف لم نعد نرى الحرب.

في موازاة ذلك نتنياهو ينتظر عودة الابن المارق بن غفير. حقائب حزب قوة يهودية قام بنقلها الى وزير السياحة حاييم كاتس، وهذا إشارة استخذاء للمستقيل.

الخوف الدائم الذي يلقي بظلاله على الأمل في اوساط عائلات المخطوفين من المرحلة الثانية يجد التعزيز السلبي من رئيس الحكومة ومحيطه. يجب الانتباه: عندما يرسل المتحدثون بلسانه ولسان وزرائه كي يعدوا بأن محور فيلادلفيا لن يسقط مرة أخرى، فانه بذلك يعرض للخطر إعادة المخطوفين الـ 14 الأخيرين في النبضة الحالية، الذين سيتحررون في اليوم الـ 42 من وقف اطلاق النار. الجمهور المليء بالامل الذي منحوه إياه عند بداية تطبيق الصفقة وعودة المخطوفات الثلاث الأوائل، على قناعة بأن الـ 33 مخطوف سيتحررون بالتأكيد. اذا وضعت مرة أخرى اعتبارات بقاء نتنياهو في المقام الأول فان هذا يمكن أن ينتهي بخمس المخطوفين الباقين فقط وبمأساة فظيعة.

القدرة على الاقناع

المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية تم صدها بانغلاق لا يحتمل، مرة تلو الأخرى، على يد الحكومة في كل منبر ممكن. الوزراء مجندون لهذا الهدف، رغم أنه في كل استطلاع فان دعم الجمهور لتشكيل لجنة التحقيق الرسمية واسع وثابت، إلا أنهم يرددون البند 1 في صفحة رسائل مكتب رئيس الحكومة: لجنة التحقيق يجب أن يكون متفق عليها من قبل معظم الشعب. البند 2 يقول إنه لا يمكن الاعتماد على نائب رئيس المحكمة العليا، اسحق عميت. والبند 3، “لجنة التحقيق يتم تشكيلها فقط بعد انتهاء الحرب”، الخ.

في هذا الأسبوع تمت إضافة اليها بند جديد: “نحن سنشكل لجنة تحقيق مع ممثلين عن عائلات المخطوفين والعائلات الثكلى، هكذا فقط سنصل الى معرفة الحقيقة”، قالت الوزيرة غيلا غملئيل، التي جاءت الى الكنيست من اجل من قبل الحكومة على مشروع قانون قدمته اوريت فركش هكوهين (المعسكر الرسمي). المذبحة في 7 أكتوبر وصفتها غملئيل بأنها “احدى الحالات الأكثر صعوبة التي مرت على الشعب اليهودي منذ الكارثة”. وأضافت بأن “كل الفحوصات سيتم القيام بها بشكل ممتاز”. ووبخت المعارضة بالقول: “ليس كل شيء سياسة”. اقوال مضحكة بشكل خاص، ومن المؤسف أن تكون حزينة جدا. في مقابلة مع راديو 103 اعترفت غملئيل بأنها وبحق أيدت تشكيل لجنة رسمية، ولكنها تراجعت عن رأيها. “لقد اقنعوني”، قالت. ماذا يمكن القول. 

غملئيل هي من الوزراء الذين تحدثوا في بداية الحرب بصورة قاطعة لصالح تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهكذا أيضا كان نير بركات، آفي ديختر وميكي زوهر. جميعهم قاموا بتغيير جلودهم. جدعون ساعر (بنسخته السابقة) بالتأكيد كان يفضل وصفهم بـ “خرقة بالية”. ناهيك عن النظام البيئي البيبي، بقيادة القناة 14، الذي يأخذ الذريعة البائسة، “محظور السماح للمحكمة بالتدخل”، ويصنع منها مأكولات مقرفة كالعادة. بعد أسبوعين تقريبا يمكن للحكومة أن تعطي الرد للمحكمة العليا بخصوص الالتماسات التي قدمتها عدة منظمات واشخاص (مثل معهد زولت وحركة “طريقنا” والأب الثاكل يزهار شاي)، الذي طلبوا معرفة لماذا لا تجري النقاش في موضوع تشكيل لجنة التحقيق. في هذه الاثناء نتنياهو عالق. ضغط العائلات الثكلى، بقيادة “مجلس أكتوبر” غير السياسي، لا يترك الائتلاف، خاصة لا يترك القلائل فيه الذين ما زال لديهم القليل من الضمير والحس السليم – عدد من أعضاء الكنيست من الليكود وشاس. في هذه الاثناء مشروع قانون الغبي المبتذل اريئيل كلنر (الليكود) لتشكيل لجنة سياسية، عالق.

تلوث حكومي

البشرى الجيدة في قائمة المرشحين الثلاثة لاستبدال رئيس الأركان، كما قال لي شخص كان حتى وقت متأخر في مركز جهاز الامن، هي أن لا أحد منهم سيكون “داني ليفي لنتنياهو وكاتس”. من الجهة الأخرى، الاستقالة ستمكنهم من التاثير على إيجاد هيئة اركان صورتها مريحة اكثر لهم. سلسلة طويلة من المناصب سيتم اخلاءها، وكما هو معروف فانه لا يمكن تعيين جنرالات بدون موافقة وزير الدفاع.

المقارنة بالمفتش العام للشرطة، الذي تم تعيينه في اعقاب علاقاته الحميمية مع الوزير ومع زوجة رئيس الحكومة، ليست صدفية. بين بيان استقالة هليفي ونشر قائمة الثلاثة: ايال زمير، تمير يدعي وامير برعام، تم طرح أيضا اسم السكرتير العسكري لرئيس الحكومة رومان غوفمان. حاملو البشرى هم عدد من المراسلين المقربين من رئيس الحكومة، الامر الذي يدل على أن نتنياهو قد تسلى بهذه الفكرة الحالمة. لقد اطلق بالون اختبار، الذي اخرج الهواء منه. خلافا للسكرتاريين العسكريين لنتنياهو، الذين اجتازوا مقابلات قبول لدى “ركيزة حياته”، في هذه الحالة الوحيد الذي جلس بجسده امام المرشحين هو كاتس (هذا ليس لأن فرع ميامي للعائلة لا يحاول التنقيب). على كل الأحوال هو سيكون وزير الدفاع الأقل استقلالية في هذه العملية في كل الأوقات. من غير المستبعد مثلا أنه سيصعب على المرشحين بالسؤال عن “مظاهر الرفض في اعقاب تشريع قانوني” (قانون الاعفاء).

عندما كان غادي ايزنكوت رئيسا للأركان فقد اضطر الى مواجهة لفترة طويلة تلوث سياسي عام على صورة قضية اليئور ازاريا. هليفي واجه مثل هذا التلوث، لكنه اصعب بكثير، بفضل حكومة الكارثة. أي شخص معيب ومصاب بالصرع، من سموتريتش وبن غفير وحتى آخر من يطلقون الهراءات في وسائل الاعلام، قام بشتمه واستهزأ به. اليمين لا ينسى له “التسامح” مع الذين اعلنوا بأنهم سيتوقفون عن التطوع اذا لم يتم وقف الانقلاب النظامي. الموقف الرسمي لهليفي الذي سيكون بالتأكيد أيضا موقف المرشحين لوراثته، هو العمل ضد كل مظاهر الرفض مهما كانت. ولكن الواقع ليس أوراق مواقف؛ الواقع المشوه لكاتس ومن ارسله أسوأ بكثير. هما سيرغبان في معرفة أن المرشحين لهذا المنصب سيفضلون محاربة “الرافضين” من “اخوة في السلاح” على الرافضين الحقيقيين – الشركاء في الائتلاف من شاس ويهدوت هتوراة.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى