ترجمات عبرية

هآرتس: حرب شاملة، بدون حملة برية حاليا

هآرتس 24/9/2024، عاموس هرئيل: حرب شاملة، بدون حملة برية حاليا

حتى بدون اعلانات رسمية، في هذه الاثناء، فان اسرائيل وحزب الله انتقلا في يوم الاثنين فعليا الى مرحلة الحرب الشاملة. هذه الاقوال تبدو صحيحة حتى لو كان حتى الآن لا يظهر جنود اسرائيليون يجتازون الحدود نحو لبنان، وكذلك حتى وإن لم يطبق حزب الله حتى الآن تهديداته باطلاق صواريخ نحو تل ابيب الكبرى.

التغير الرئيسي في الوضع تبشر به موجة هجمات اوسع لسلاح الجو منذ صباح أمس. حتى الساعةالتاسعة مساء نشر من لبنان عن  350 قتيل تقريبا، ومئات المصابين وعدد كبير من مخازن القذائف والصواريخ لحزب الله التي دمرت في عمليات القصف.

هذه ليست ارقام يمكن لحزب الله استيعابها، ايضا الكثير من القتلى هم من المواطنين، وفي المساء هاجم سلاح الجو بيروت في محاولة لتصفية قائد كبير في حزب الله، قائد الجبهة الجنوبية علي الكركي. حزب الله رد باطلاق النار على محيط حيفا، وبعد ذلك على المدينة نفسها ووادي عارة ومستوطنات في الضفة الغربية. ولكن من المرجح الافتراض بأنه سينجر بعد ذلك الى اطلاق صليات اشد في عمق اراضي الدولة. كثيرون في الجانب الاسرائيلي يأملون ذلك ويعتقدون أن هذه بالضبط هي الفرصة لهزيمة حزب الله. في الملخص نحن صعدنا على المسار السريع للحرب حتى لو يبلغونا عن ذلك بشكل رسمي.

في وقت قريب من بداية الهجمات صباح أمس اعلن المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، دانييل هجاري، بأن سلاح الجو يقصف اهداف عسكرية نشرها حزب الله في القرى في جنوب لبنان، وطلب من السكان الذين يعيشون قربها الاخلاء. في الظهيرة وجه هاجري تحذير مشابه للسكان في البقاع اللبناني. في مرمى الهدف يوجد مشروع بدأ فيه حزب الله قبل حرب لبنان الثانية في 2006 (تعرض لضربة اولى في حينه في عملية “وزن نوعي”) – نشر منهجي لصواريخ المدى المتوسط والبعيد، بعضها دقيق ويعود الى المخزون الاستراتيجي الاهم لحزب الله في قرى في ارجاء الدولة. منصات اطلاق هذه الصواريخ تم وضعها على الشرفات وفي اقبية البيوت استعدادا لاحتمالية الاضطرار الى تشغيلها. الاستخبارات الاسرائيلية جمعت بجهد كبير معلومات عنها، ويبدو أنه منذ صباح أمس تم ضرب هذه الاهداف. وزير الدفاع يوآف غالنت قال مساء أمس بأنه تم تدمير عشرات آلاف الصواريخ والصواريخ الدقيقة.

صدى الانفجارات وتحذيرات هجاري فعلت فعلها. في الظهيرة بدأت حركة جماعية للسكان من جنوب لبنان ومن البقاع نحو منطقة بيروت. الشارع الرئيسي بين صور وبيروت احتلته السيارات التي تتحرك نحو الشمال كل المسارات الستة حتى على حساب المسارات التي تتجه نحو الجنوب. موجة الهجمات الكثيفة التي لم يشاهد مثلها في لبنان منذ الحرب السابقة قبل 18 سنة جاءت استمرارا لاحداث الاسبوع الماضي، هجوم البيجرات المتفجرة واجهزة الاتصال وبعد ذلك تصفية القائد الكبير في حزب الله ابراهيم عقيل و15 قائد في قوة النخبة الرضوان في بيروت.

إن زيادة الضغط العسكري الاسرائيلي تزيد من تخبط رئيس حزب الله، حسن نصر الله. اسرائيل تعلن بأنها تريد الفصل بين جبهة لبنان وما يحدث في قطاع غزة، واجبار حسن نصر الله على وقف النار دون صلة بما يحدث في المواجهة مع حماس. وهي ايضا معنية بابعاد رجال حزب الله الى شمال نهر الليطاني والمس بشكل كبير بالقدرات العسكرية التي راكمها حزب الله لمدة عشرين سنة وعلى رأسها قدرات الاطلاق.

حسن نصر الله في خطابه في الاسبوع الماضي اعلن بأنه لا ينوي التوقف عن الهجمات على طول الحدود، لكن الآن الوضع مختلف، وهو يجب عليه التقرير اذا كان سيستخدم كل ترسانة السلاح الموجودة في حوزته واطلاق صليات ايضا نحو مركز البلاد. مايكل يانغ، محلل في مركز “كارنيغي” في بيروت كتب أمس بأن اسرائيل تريد التسبب في مغادرة جماعية للسكان من جنوب لبنان ومن البقاع. وحسب قوله فان حزب الله قدر بالخطأ أن الاطلاق أمس نحو الكريوت كان خطوة تهديدية بما فيه الكفاية لردع اسرائيل عن مواصلة التصعيد. ولكن تبين أن هذا كان تقدير خاطيء. 

“في كل عملية تصعيد فان اسرائيل تصعد اكثر وتخلق معضلة امام حزب الله. واذا استخدم حزب الله الصواريخ الدقيقة فهذا سيقود الى حرب شاملة وتدمير لبنان، وحسن نصر الله سيعتبر المسؤول عن ذلك. حزب الله ومحور المقاومة يجب عليهم اعادة فحص استراتيجية وحدة الساحات المتبعة، والتي سيتم تحييدها اذا تمكنت اسرائيل في كل مرة من التصعيد الى مستوى اعلى”، كتب يانغ. اسرائيل في هذه الاثناء تظهر وكأنها غير مستعجلة للقيام بعملية برية في جنوب لبنان. وحتى الآن لم يتم الاعلان عن تجنيد واسع للاحتياط. الجهود الهجومية هي لسلاح الجو بالاساس. القوات البرية تعمل على الدفاع الى جانب منظومة الدفاع الجوي. هذا بالطبع يمكن أن يتغير لاحقا.

المفاجيء بشكل خاص في هذه الاثناء هو الصمت الامريكي الى مستوى اللامبالاة. مساء أمس اعلن البنتاغون عن ارسال قوات اخرى الى الشرق الاوسط ازاء التصعيد في لبنان. ولكن من غير المفهوم لماذا لا تحاول الادارة الامريكية اطلاق مبادرة سياسية مستعجلة وملحة في الوقت الذي فيه كل المنطقة على شفا الاشتعال. ربما أن واشنطن تقول لنفسها بأنه طالما أنه لا توجد عملية برية اسرائيلية فان الامور تحت السيطرة. هذا خاطيء. فحصاد الدماء مرتفع جدا الى درجة أنه سيكون من الصعب جدا السيطرة على ارتفاع اللهب حتى بدون دخول الجيش الاسرائيلي الى الاراضي اللبنانية.

غطرسة في القيادة العليا

بصورة استثنائية توجد الآن مقاربة موحدة في القيادة السياسية – الامنية في اسرائيل. قبل اسبوعين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اجرى نقاش شديد مع غالنت وقيادة الجيش حول سلم الاولويات بين لبنان وقطاع غزة. في الوقت الذي توسل فيه غالنت والجيش من اجل انهاء القتال في قطاع غزة والسعي الى صفقة تبادل ووقف اطلاق النار، نتنياهو رفض ذلك. وهو ايضا عارض اقتراحهم بالتركيز على القتال في لبنان. وعندما غير نتنياهو موقفه فقد قام بانعطافة حادة (ابواقه تساوقت وفق ذلك). محور فيلادلفيا، اساس وجودنا، تم نسيانه (حتى لو ان القوات لم تنسحب منه)، الآن نتنياهو يريد تصعيد واضح مع حزب الله. غالنت ورئيس الاركان تحفظا، لكن في نهاية المطاف اقتنعا بالتساوق معه. الآن هؤلاء الثلاثة مستعدون للمخاطرة بحرب شاملة استمرارا للخطوات الهجومية التي تتبعها اسرائيل.

وحدة الآراء في القيادة العليا هي أمر مشروع. المقطع الاكثر خطرا هو الغطرسة، الى درجة النشوة التي تسيطر منذ أمس على المستوى السياسي الاعلى. بصورة مقلقة اصداء مشابهة تسمع في الجيش الاسرائيلي وكأن مذبحة 7 اكتوبر والمفاجأة التي انطوت عليها لم تحدث أبدا. نتنياهو يستمع الى دائرة صغيرة من المستشارين، الذين هم ضباط كبار سابقين في الجيش ولديهم مواقف صقورية. هذه المجموعة تعتقد أنه فقط بواسطة استخدام القوة الزائدة فانه سيكون بالامكان فرض اتفاق على حزب الله. هذا ايضا من حقها. الامر الذي يفضل تجنبه هو التفكير بأن النجاحات غير المسبوقة التي راكمها الجيش الاسرائيلي وجهاز الاستخبارات الاسرائيلية في الهجوم ستؤدي بالضرورة الى وضع مشابه في حالة الدفاع.

الحرب ليست مباراة كرة قدم. فلا توجد انتصارات يمكن للعدو أن يحقق فيها صفر اهداف. حزب الله يوجد في هذه الاثناء في وضع متدن، لكن مثلما نشر هنا لفترة طويلة فانه من الافضل عدم الاستخفاف بقدرته على ضرب الجبهة الداخلية في اسرائيل، وحتى في نقاط مؤلمة وفي اماكن لم نستعد لها من البداية. ونفس الامر يجب أن يقال ايضا حول القرار، اذا تم اتخاذه، بشأن حملة برية للجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى